إذا صلُح التعليم.. صلحت بقية القطاعات
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
سالم البادي (أبومعن)
لا يختلف اثنان على أن التعليم هو البنية التحتية لأي دولة في العالم بل هو اللبنة والقاعدة الأساسية لانطلاقة مشاريع التنمية والبناء بالبلاد؛ فالاستثمار في التعليم كان له الأثر الكبير في نهضة الأمم والإنسانية ولنا في بعض الدول شاهد ودليل مثل: اليابان وكوريا والصين وسنغافورة وماليزيا وغيرها، وبسبب الاهتمام بالتعليم أصبحت دولا متقدمة تنمويًا واقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا وتقنيًا واجتماعيًا وصحيًا وصناعيًا وتجاريًا.
وقد أصبح قطاع التعليم مصدرًا أساسيًا ومنتجا للعامل البشري، فإذا صلح ونجح التعليم صلحت ونجحت بقية القطاعات وانتعشت.
وقبيل انطلاقة أبنائنا وبناتنا إلى مدارسهم مع بداية العام الدراسي الجديد؛ نود أن نعرج على المسيرة أو المنظومة التعليمية في سلطنتنا العزيزة عُمان خلال الفترة السابقة، ونُسلط الضوء على جوانب التقصير فيها؛ لإصلاحها وإعادتها إلى مسارها الصحيح، لنسموا ونرتقي بالقطاع التعليمي إلى مستويات أعلى ومعدلات أفضل وبمخرجات تعليمية مشرفة قادرة لبناء مستقبل أمتنا العمانية.
إن تطوير المنظومة التعليمية بالسلطنة أصبح أمرًا بالغ الأهمية، إذا ما أردنا بناء جيل متسلح بالعلم والمعرفة والثقافة، وننهض بوطننا إلى مصاف الدول المتقدمة، وهذا لا يتأتى إلا بتكاتف جميع سلطات الدولة ومنها السلطة التشريعية والتنفيذية المتمثلة في الحكومة (وزارة التربية والتعليم) وأن تتضافر جميع الجهود في الإسراع بتحسين وتطوير النظام التعليمي بالبلاد، والعمل بأسرع ما يمكن لتنفيذ رؤية "عمان 2040"؛ بما يخص هذا القطاع التعليمي والتركيز على الارتقاء بجودة التعليم وتعزيز فعالية العملية التعليمية، وتطوير المعلمين وتوفير فرص التعليم للجميع.
السنوات السابقة أثبتت عدم تقدُّم تصنيف السلطنة في مؤشر التعليم عربيًا وعالميًا، مع تقديرنا للجهود التي تهدف إلى مواجهة تحديات القطاع، وتحقيق نظام مستدام في جودة التعليم وفاعليته، وبالرغم من ذلك ظلت هذه الجهود غير مثمرة ولم تلبِ المعايير والمقاييس العالمية المطلوبة للارتقاء بالمنظومة العامة للتعليم التي قد نفخر بها كعمانيين.
فإذا أردنا أن نسير بخطوات حاسمة في بناء جيل مستقبلي متعلم مثقف متمكن، مع توفير فرص تعليمية عادلة ومتساوية لجميع الطلاب فلا بد من إعادة النظر من جديد لبناء قاعدة متينة على أرض صلبة قوية بمنظومة تعليمية تراعي كل العوامل الناتجة عن التطور السريع والمتنامي في العالم.
ما نحتاجه اليوم في هذا القطاع هو أن ندرك تماماً أننا أمام مفترق طرق، ومسارين لا ثالث لهما؛ الأول أن نبقى كما نحن ونستمر في تأخرنا وتخلفنا عن الركب، والثاني أن نكون شعلة مضيئة لأبنائنا تنير دروبهم ونكون جسور عبور يعبر من خلالها أجيالنا إلى غدٍ مشرق.
اليوم تعاني عملية التّعليم لدينا بالسلطنة من أزمات، وتحديات كبيرة ربما يرجع السبب الرئيسي إلى ضعف التخطيط الاستراتيجي للمنظومة التعليمية على مدى سنوات، والتي أثبتت إخفاقها في كثير من الجوانب، للأسف، ودليل ذلك الإخفاقات التي تطرأ دائمًا في بداية كل عام دراسي من نقص وتأخير في تسليم المستلزمات المدرسية، والتأخير في تهيئة البيئة المدرسية من معدات وأدوات، عوضًا عن المواصلات والنقل ونقص الكادر التعليمي، وزيادة القدرة الاستيعابية للمدارس وغيرها الكثير بسبب عدم تنفيذ رؤية مستقبلية واضحة وخطة شاملة ومستدامة للقطاع.
وفيما يلي لدينا بعض المقترحات والأفكار التي قد تسهم في تطوير العملية التعليمية؛ ومنها:
إعادة دراسة وتقييم وتطوير التشريعات والقوانين والأنظمة واللوائح بالقطاع التعليمي والتربوي بالسلطنة بما يتواكب مع تقدم العلم والمعرفة والتقنيات المتطورة، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية. تطوير المناهج الدراسية من المرحلة المبكرة ووصولًا إلى مرحلة الدبلوم العام، حسب التطور العلمي والمعرفي الذي يتواءم مع متطلبات العصر الحديث، مع الحفاظ على الهوية العمانية والثوابت الدينية. إعداد ورسم خطط تنموية جديدة ومتطورة متكاملة مع جميع الجهات المعنية بالقطاع التعليمي تتواكب مع الإمكانيات المتاحة، ومراعاة الزيادة السكانية السنوية لكل المحافظات. ضرورة تهيئة البيئة التعليمية الجيدة للدراسة وفق أفضل التقنيات الحديثة والمتطورة والذكية، وإنشاء بيئة تعليمية محفزة ملهمة ومحفزة تشجع الطلاب على الاستكشاف والتعلم النشط، واختيار الموقع المناسب للمدارس، بحيث لا تكون بعيدة ولا تكون على الشوارع الرئيسية؛ بل قرب أو وسط المخططات السكنية. أهمية إشراك القطاع الخاص في المشاركة في التنمية التعليمية؛ كونه شريكًا أساسيًا في التنمية، والاستفادة من خبراته وتجاربه العلمية والعملية والمهنية والمعرفية والابتكارية. تعزيز الشراكة المجتمعية مع مؤسسات المجتمع المدني، وفتح قنوات اتصال وتواصل معها من أجل المساهمة في تطوير القطاع التعليمي والتربوي بالسلطنة. تشجيع ودعم دور المجتمع والأسرة في التعاون والمشاركة في العملية التربوية واستمرار التواصل بينها. تنمية قيادات التعليم من خلال تنفيذ برامج تدريبية مكثفة للمديرين والمشرفين التربويين لتطوير مهاراتهم القيادية ورفدهم بأحدث التقنيات والممارسات التربوية لتحفيز الإبداع والتفوق في المدارس، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب والمعلمين لتعزيز وتمكين صحة العقل والجسم والعاطفة، وهذا من منطلق أن أداء المعلم وجودته عنصر رئيسي في نجاح الطلاب. توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية من خلال توفير الأجهزة والموارد التكنولوجية وتهيئة البيئة المناسبة للتقنيات الحديثة من شبكات اتصالات، مع توفير تطبيقات تعليمية مناسبة للمناهج الدراسية. المواءمة بين التكنولوجيا والمناهج الدراسية بحيث تكون تكاملية بمعنى تكون التكنولوجيا هي أداة تعليمية مكملة للمناهج الدراسية.وكل ما ورد أعلاه قد يُساهم في رفع مستوى جودة التعليم وتعزيز المخرجات التعليمية والتقنية، وتمكين الكادر التعليمي والتربوي من أداء واجبهم ودورهم الوطني الكبير.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تعليمية ظفار تطلق مسابقة التميز الرياضي
أطلقت المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار، متمثلة بلجنة الرياضة المدرسية، مسابقة جديدة حملت اسم "التميز الرياضي"، تستهدف تفعيل النشاط الرياضي في مدارس الحلقة الثانية بالمحافظة.
وتأتي هذه المبادرة كجزء من جهود المديرية لتعزيز الأنشطة الرياضية المدرسية بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم، وتطلعات "رؤية عُمان 2040"، واستراتيجية الاتحاد العماني للرياضة المدرسية للفترة 2023-2027.
وتهدف المسابقة إلى تعزيز مشاركة المدارس في الأنشطة الرياضية بشكل مستدام، مما يسهم في تطوير مهارات الطلبة الرياضية وزيادة الوعي بأهمية الرياضة في تحسين الصحة العامة، وأوضحت الدكتورة ميزون بنت بخيت الشحرية، المديرة العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار ورئيسة لجنة الرياضة المدرسية، أن المسابقة تُعد مشروعًا لقياس وتفعيل النشاط الرياضي على مدار العام الدراسي، بما يعزز دور الرياضة كجزء أساسي من المنظومة التعليمية ويعود بالفائدة على الطلبة باعتبارهم محور العملية التعليمية.
وأضافت: إن المسابقة تهدف أيضًا إلى نشر ثقافة الوعي الرياضي والصحي في البيئة المدرسية، إضافة إلى تشجيع المدارس على المشاركة في البطولات المحلية التي تنظمها لجنة الرياضة المدرسية بالمحافظة، وتستهدف المسابقة تعزيز دور جماعات النشاط الرياضي داخل المدارس من خلال تنظيم دورات تدريبية وحلقات عمل للطلبة، بهدف صقل مهاراتهم وإبراز قدراتهم الرياضية، بما يمهد الطريق لمشاركتهم في البطولات الوطنية والدولية.
وجاء قرار إطلاق المسابقة استجابة للحاجة الملحة لتطوير الأنشطة الرياضية، خاصة في ظل العزوف الملحوظ من بعض المدارس عن المشاركة في البطولات السابقة، كما تأمل المديرية من خلال هذه المسابقة إعادة إشراك الطلبة المجيدين، الذين ترددوا في المشاركة خلال السنوات الماضية، وتوجيههم نحو تحقيق الإنجازات في المحافل الرياضية.
وتتضمن آلية التقييم أربعة محاور رئيسية تشمل تفعيل النشاط الرياضي داخل المدرسة، وقياس مستوى المشاركة في البطولات التي تنظمها لجنة الرياضة المدرسية، وتحقيق مراكز متقدمة في المسابقات، ودعم المنتخبات المدرسية بالمواهب الطلابية للمشاركات المركزية، حيث تهدف هذه المعايير إلى إبراز الجهود المتميزة للمدارس وتشجيعها على تطوير أنشطتها الرياضية بما يعزز من فرص الطلبة للوصول إلى المنتخبات الوطنية.