أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، بأن الأمن العام أوقف مواطنا روسيا وزوجته أثناء محاولة خروجهما من لبنان عبر مطار بيروت، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل. 

ولفتت الصحيفة إلى أن التوقيف جاء إثر تعاون بين حزب الله والأمن العام اللبناني، حيث اشتبه الحزب بالموقوف الذي زار لبنان في أيام عاشوراء الماضية، وكان يتجول في أحياء الضاحية الجنوبية، وعند الاشتباه به، تمت ملاحقته، وعندها عمد الأمن العام إلى تتبع اتصالاته ومكان إقامته في أحد الفنادق، وعند محاولته الخروج من لبنان جرى توقيفه.

ووفق الصحيفة، فقد أقر المواطن الروسي الموقوف بأنه تم تجنيده من قبل الاستخبارات الإسرائيلية منذ وقت غير قصير، وأنه تلقى تعليمات بالتوجه إلى لبنان، وجرى تزويده بخرائط تخص أمكنة وتجمعات ومنشآت عائدة لحزب الله، وطلب إليه الذهاب إلى تلك العناوين وتفقدها وتصويرها إن أمكن.

وأقر أيضا بأنه زار الضاحية أكثر من مرة، وأنه كان يعمل على جمع معطيات لمطابقتها مع معلومات سابقة موجودة لدى مشغليه. وفي التحقيق مع زوجته، أقرت بمعرفتها بعمل زوجها وأنها تساعده في مهامه.

وأفادت الصحيفة بأن السلطات اللبنانية أبلغت السفارة الروسية لدى بيروت بالأمر، لإطلاعها على طبيعة التوقيف، قبل أن تتم إحالة الموقوف مع محاضر التحقيق إلى القضاء العسكري للادعاء عليه.
بدورها، قالت البعثة الدبلوماسية الروسية لوكالة "نوفوستي" "إن السفارة في لبنان على علم بالوضع الحالي فيما يتعلق باحتجاز مواطنين روس في لبنان وتتخذ الخطوات اللازمة لتوضيح الظروف التفصيلية من الجانب اللبناني".

وأضافت السفارة أنها تتخذ، وفقا للتشريعات الدولية والمحلية، إجراءات للوصول القنصلي إلى المواطنين الروس المحتجزين.

وكان مدير عام الأمن العام اللبناني بالإنابة اللواء الياس البيسري كشف توقيف شبكة تجسس لصالح إسرائيل، في مطار بيروت، مؤكدا أنها كانت تشكل خطرا على لبنان.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الامن اللبناني روسيا لبنان التجسس لصالح إسرائيل اسرائيل الأمن العام

إقرأ أيضاً:

هنا والآن .. في بيروت: القلق!

في بيروت، أصدقُ أنني عائد يتذكر. ولستُ ضيفًا على أحد. غير أن ذاكرة المدينة التي أحملها خَلدي وأحلم بها من الكتب والأفلام لا تعفيني هنا من صفة الغريب، خاصة حين يستفرد بي ليل بيروت البارد في أواخر فبراير، ليلها الذي لا يشبه ليل مسقط قط، إلا بانكشافه على واجهة بحر ناعس. وعلى الغريب في بيروت أن يتدبر أمره، أن يمشي لاعبَ سيركٍ بين الأضداد، فأي انعطافة غير محسوبة يمكن أن تكون تهمةً في هذا التوقيت التاريخي من عمر المدينة.

التوتر سمةٌ يومية تشم في هواء بيروت المزكوم بعوادم المحركات ورائحة السجائر المطفأة تحت أحذية المشاة على الرصيف. يمكنني أن أصرف انتباهي عن المشهد المألوف لمدمني النيكوتين القدامى، لكن عطش التدخين الذي يجتاح الشباب والصبايا في مقتبل العشرينيات مشهد يستدعي الملاحظة. صورة أخرى للقلق، قد تعكس التمرد واليأس ربما، لكنها في الوقت ذاته تشي برغبة جامحة في تهدئة جريان الدورة الدموية وسط ساعة الوقت العالقة في زحام المستديرة المتفرعة إلى جهات أربع مسدودة بالحركة العشوائية للسيارات والدراجات النارية.

أما الشتيمة فهي دارجة ومألوفة، وتثير أقل ما يمكن من حساسية الذوق العام المعتاد على تحطيم كل قواعد اللباقة التقليدية في الكلام. من الشتيمة تُصنع النُكات البذيئة التي يتبادلها الرجال والنساء على مائدة واحدة دون تحفظ، ودون أي اعتبار يُذكر للفارق النسبي في الحياء بين الذكر والأنثى. وبالشتيمة يحسم روَّاد المقهى جدالاتهم السياسية العقيمة ويفضّون السيرة. المهم في الأمر أن الشتيمة لدى اللبنانيين رياضة مفضَّلة لتحرير المكبوت من القلق والضغينة. وهي أسلوب لغوي خلَّاق لترويض غريزة العنف بدلًا من اللجوء إلى الأيدي أو سحب الأسلحة في الحالات القصوى.

«قلق في بيروت» كان عنوانًا للفيلم التسجيلي الذي أنجزه المخرج اللبناني الشاب زكريا جابر خلال حصار كورونا. أستحضر أجواءه هنا من أحاديث صدفةٍ متفرقة مع الشباب البيروتيين. تسرد كاميرا زكريا جابر، مطعمةً بالسخرية السوداء، هاجس الهجرة اللحوح لدى جيل التسعينيات من اللبنانيين واللبنانيات المحبطين من انسداد الأفق الذي أعقب فشل ثورات الربيع العربي، ولاسيما الثورة السورية في الجوار، إضافةً لما تفاقم من أزمات داخلية أعلنت انهيار الدولة، بدءًا من أزمة النفايات عام 2015، التي أسست لحراك مدني تحت شعار «طلعت ريحتكن»، وفاقمتها أزمة انقطاع الكهرباء، وصولاً إلى احتجاجات تشرين عام 2019، التي أعلنت في رأيي أهم شعار سياسي طوره اللبنانيون على مدى السنوات الأخيرة: «كلن يعني كلن»! سيعلن هذا الشعار مرحلة اليأس النهائي في صرخة مُطلقة باسم جميع اللبنانيين، حتى الحزبيين منهم، ممن لم ينخرطوا في الحراك بصورة مباشرة. لكنه ليس يأسًا من السياسيين فقط، زعماء الطوائف وتجَّار الحرب السابقين، فالمسألة هذه المرة لا تتعلق بالأسماء والتشكيلات الوزارية المطروحة أو بالفراغ الرئاسي فحسب، بل هو يأس الجيل الجديد من السياسة برمتها كحلٍ مسعفٍ لمجتمع يتحلل في العنف والفساد.

عبارة «بدي فلّ» زفرة شائعة بين شباب التسعينيات في بيروت. يومًا ما، قبل ثلاثين سنة، اُعتبر جيل التسعينيات جيلًا ناجيًا من دوامة العنف التي شهدها لبنان منذ عام 1975 على الأقل، حتى الإعلان الشهير عن اتفاق الطائف في الثلاثين من سبتمبر عام 1989، الاتفاق الذي وضع حدًا لانقسام بيروت على نفسها إلى شرقية وغربية طيلة خسمة عشرَ عامًا، تلك الحقبة التي تُعرف اليوم باسم الحرب الأهلية اللبنانية، رغم أن توصيفها التاريخي على هذا النحو العام يخفي حقيقة أساسية؛ وهي الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 الذي بلغ حد احتلال العاصمة اللبنانية، فكان منعطفًا خطيرًا أعطى للعنف زخمًا جديدًا، كما سعَّر أكثر من حدة الاستقطاب الطائفي.

رغم التفاؤل الكبير بجيل التسعينيات، الناجي من الحرب الأهلية كما يوصف، والذي تفتح وعيه على مرحلة انحسار الوصاية السورية عن لبنان وشروع الدولة في إعادة إعمار الخراب وما تلاها من عودة بيروت إلى مدينة لاقتصاد الخدمات والسياحة والنشاط المصرفي، إلا أن فترة التفاؤل لم تدم طويلا، إذ سرعان ما اكتشف هذا الجيل نفسه وريثًا مشوهًا للماضي، قادمًا من نسيج اجتماعي متمزق، وذلك قبل أن ينخرط في السياسة من بوابة الانقسام السياسي الجديد عقب الاغتيال المدوي للرئيس رفيق الحريري، ما بين تياريّ الثامن من مارس، يقابله تيار الرابع عشر من مارس. وسوريا مجددًا، بين مواليها ومعارضيها، ستكون مرةً أخرى، حتى بعد خروج جيشها من لبنان، هي مفرق الانقسام الجديد بين اللبنانيين، الذي سيكون ضحيته الأولى والمباشرة الكاتب والصحفي اللبناني سمير قصير، أبرز وجوه الرابع عشر من مارس، وأحد عشاق بيروت الأقدمين: «نسألُ القاتل: أما كان في وسعك أن تكتب مقالةً في جريدة تثبت فيها أن سمير قصير على خطأ، ولا يستحق الحياة في لبنان، ولا في بلد آخر؟» هكذا كتب محمود درويش في رثائه.

في رحلتي اللبنانية الصغيرة، كان سمير قصير مرشدي الثقافي وسط شوارع بيروت وأحيائها. كتابه «تاريخ بيروت» كان مرافقي قبل إقلاع الطائرة من مسقط حتى النظرة الأخيرة من نافذة الطائرة، نظرة معلقة على بيروت التي تختفي خلف السحاب وتصبح أبعد فأبعد من صورتها في القصيدة إلى لقاء آخر يا بيروت!

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • لمراقبة البقاع اللبناني.. إسرائيل تفرض واقعًا عسكريًا جديدًا في جنوب سوريا
  • جديد قضية الجندي اللبناني الأسير لدى إسرائيل.. ماذا سيجري خلال ساعات؟
  • بريطانيا تردّ على اتهامات روسيا بـ "التجسس الدبلوماسي"
  • بسبب التجسس.. روسيا تعلن طرد دبلوماسيَين بريطانيَين
  • بتهمة التخابر.. روسيا تطرد شخصين مرتبطين بسفارة بريطانيا
  • 300 مليون دولار.. طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية
  • طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية
  • بلاسخارت إلى إسرائيل… هذا ما سيناقش عن لبنان!
  • سفير أميركي جديد في بيروت والرياض تدعم مسيرة استنهاض الدولة
  • هنا والآن .. في بيروت: القلق!