مواقف الغرب من توسيع البريكس: بين الخشية وعدم الاكتراث
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
قمة البريكس في جنوب أفريقيا (24/8/2023) بحضور لولا دا سيلفا وشي جين بينغ وسيريل رامافوسا وناريندرا مودي، بينما غاب فلاديمير بوتين.
ربما لا ترى الولايات المتحدة الأمريكية في خطط مجموعة البريكستهديداً جدياً. وربما يكون تقليل واشنطن من أهمية التوسع المخطط للمجموعة ليشمل إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإثيوبيا والأرجنتين مجرد جزء من الاستراتيجية السياسية الأمريكية.
ومن الواضح أيضاً أن البيت الأبيض يحاول تهدئة الأمور وعدم التنديد بصوت عالٍ بمبادرة توسيع بريكس وعدم اعتبارها كهجوم مباشر على مكانة الولايات المتحدة كسيدة للعالم. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إنه من أجل الحفاظ على السلام والأمن العالميين، ستواصل الولايات المتحدة العمل مع شركائها وحلفائها "على المستويات الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف". وأضاف أن الولايات المتحدة مقتنعة بأن كل دولة حرة في اختيار شركائها الذين تتعاون معهم.
وتفضل واشنطن التركيز على اجتماع القمة الثامن عشر لدول مجموعة العشرين في نيودلهي بعد أسبوعين. وستكون دول البريكس الخمس ممثلة هناك، بالإضافة إلى الأعضاء الجدد المحتملين الأرجنتين والمملكة العربية السعودية، لكن لا الإمارات العربية المتحدة ولا مصر ولا إثيوبيا ممثلة في قمة مجموعة العشرين، وقبل تلك الدول، العدو اللدود: إيران. وقال البيت الأبيض إن الدول الغربية تأمل في تحقيق "نتائج قوية" في اجتماع نيودلهي، بحيث يظهر دور مجموعة العشرين باعتبارها "المنتدى الأهم للتعاون الاقتصادي".
"مجموعة البريكس هي تحالف اقتصادي في المقام الأول"
وعلى الجانب الآخر، فإن العديد من الدول الغربية تكاد تكون متحفظة بشكل واضح بشأن مركز القوة الجديد المحتمل لمجموعة البريكس. وهنالك عدد قليل فقط من وسائل الإعلام هو من يتخلى عن التحفظ، ويقوم بالتعبير، ربما، عما قد تفكر فيه العديد من الحكومات خلف الأبواب المغلقة. وعلقت صحيفة أفتنبوستن النرويجية قائلة إن مجموعة البريكس "أصبحت نادياً عالمياً للقادة المستبدين والرجعيين، في وجود الصين وروسيا على رأسها". وأضافت الصحيفة أن شعوب هذه الدول تستحق الأفضل.
وتذهب صحيفة "NRC" الهولندية خطوة أبعد من ذلك فكتبت تقول: "دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات فقط للانضمام للمجموعة يمثل نكسة للصين. وعلاوة على ذلك، فإن جنوب أفريقيا شددت أيضاً على أنه ’من الخطأ تماماً’ اعتبار مجموعة البريكس منتدى مناهض للغرب. أمّا أن تكون المجموعة بديلاً لمجموعة السبع، كما ترغب الصين، فهذا لم يحدث بعد".
وتضيف صحيفة "NRC" أن إصدار عملة مشتركة خاصة بالمجموعة، كما تسعى البرازيل جاهدة لتحقيقه، ليست مسألة واقعية مادامت الاختلافات الاقتصادية بين دول المجموعة كبيرة جداً. وتابعت الصحيفة: "في عالم متعدد الأقطاب، تتوخى العديد من دول العالم الجنوبي الحذر بشأن وضع كل الرهانات على حصان واحد. لكن لا ينبغي الاستهانة برمزية التعاون بين دول الجنوب. في النهاية مجموعة البريكس هي في المقام الأول تحالف اقتصادي وستظل كذلك".
لا ترى وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في توسعة بريكس حتى الآن أي إضعاف لمجموعة العشرين
ولكن أين ألمانيا؟
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتعامل مع الموضوع على مبدأ أن توسيع مجموعة بريكس ليس نهاية العالم، وأنه من المباح والمشروع أيضاً ونحن في عام 2023، في عالم تحكمه العولمة، أن تتطلع الدول في كل الاتجاهات بحثاً عن مصالحها. وقالت بيربوك: "في هذه الأوقات، تشعر جميع دول العالم بمدى أهمية التعاون والشراكة. ويجب على كل دولة أن تسأل نفسها على الدوام: ما هي الشراكة التي تناسب قيمها ومصالحها بشكل أفضل؟ وأيها الذي سيفيد أكثر على المدى الطويل؟"
ومن الواضح أن استراتيجية ألمانيا هي: الترحيب بالجميع، وعدم المخاطرة، والتأكيد على أن باب برلين مفتوح دائماً لجميع أعضاء البريكس الجدد، ففي نهاية المطاف، هناك قنوات اتصال مع الجميع، باستثناء إيران، حسب بيربوك. وقد دافعت وزيرة الخارجية الألمانية بشدة عن التعاون مع الأعضاء الجدد في المجموعة التي تضم اقتصاديات صاعدة. وقالت بيربوك في العاصمة الألمانية برلين (الخميس 24 أغسطس/ آب 2023)، إنها لا تشاطر الرأي الذي تتم مناقشته في الرأي العام في بلادها ومفاده بأن التقاء دول البريكس يمثل مشكلة، مشيرة إلى أن لكل جهة الحق في أن تختار اجتماعاتها بنفسها وبحرية سواء كان ذلك على مستوى الأوروبيين أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أو مجموعة العشرين.
راينهارد بوتيكوفر: "ليس هناك شك في أن التوسعة تعزز هيمنة المعسكر الاستبدادي في مجموعة بريكس".
الاتحاد الأوروبي أمام تحدٍ كبير
ومن المفارقات أن راينهارد بوتيكوفر، وهو أحد أعضاء حزب بيربوك (حزب الخضر)، تحدث بصراحة بخصوص نتائج قمة البريكس في جنوب أفريقيا. وقال منسق السياسة الخارجية لكتلة أحزاب الخضر الأوروبية في برلمان التكتل إن "قمة البريكس سجلت حقائق تاريخية. وهذا سيزيد بشكل كبير من الثقل الدولي لبريكس، حتى ولو كانت هناك اختلافات مهمة بين الأعضاء. ومن خلال عملية التوسيع ستتغير شخصية البريكس أيضاً وسوف تتزايد هيمنة الصين، وستصبح مجموعة البريكس مجموعة استبدادية بشكل واضح".
ويقر راينهارد بوتيكوفر بصحة الرأي القائل إن مجموعة البريكس ليست مجموعة متجانسة، وهو ما ينعكس أيضاً في موقفها تجاه الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا، إلا أن أعضاءها بدوا متحدين في موقفهم "المناهض للغرب". ويتابع بوتيكوفر: "مجموعة البريكس كانت دائما غير غربية (الهوى)؛ والآن تتحول اللهجة (الخاصة بالمجموعة) إلى (لهجة) المواجهة".
ويحذر السياسي بالبرلمان الأوروبي من أن الاتحاد الأوروبي يواجه الآن تحدياً هائلاً ويقول: "ليس لدينا وقت طويل لإثبات أن أوروبا تريد أن تكون شريكاً موثوقاً وعادلاً للدول الفقيرة والنامية. وإذا لم ينجح ذلك، فقد تصبح البريكس ملاذا لكثير من هذه البلدان".
أوليفر بيبر/ ص.ش
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: مجموعة بريكس مجموعة البريكس جنوب أفريقيا أعضاء البريكس الصين روسيا البرازيل السعودية مصر الإمارات الغزو الروسي لأوكرانيا الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة مجموعة العشرين مجموعة السبع مجموعة بريكس مجموعة البريكس جنوب أفريقيا أعضاء البريكس الصين روسيا البرازيل السعودية مصر الإمارات الغزو الروسي لأوكرانيا الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة مجموعة العشرين مجموعة السبع الولایات المتحدة مجموعة البریکس مجموعة العشرین مجموعة بریکس
إقرأ أيضاً:
أستاذة قانون دولي: توسيع الاستيطان وحملات جنين انتهاك لقرارات الأمم المتحدة
قالت الدكتورة تمارا برو، أستاذة القانون الدولي، إن الحملات العسكرية الإسرائيلية المتكررة في الضفة الغربية، وخاصة على مخيم جنين، تشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، مشيرة إلى أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، ملزمة قانونيًا بتوفير الخدمات الضرورية للسكان في المناطق التي تحتلها، وعدم توسيع المستوطنات أو الاستيلاء على أراضٍ جديدة.
الأنشطة الإسرائيلية في الضفة الغربيةأوضحت «برو»، خلال مداخلة ببرنامج «مطروح للنقاش»، وتقدمه الإعلامية مارينا المصري، على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الأنشطة الإسرائيلية في الضفة الغربية ومخيم جنين، بما في ذلك التجريف المتكرر للأراضي والاشتباكات المسلحة، تتناقض مع الالتزامات القانونية الدولية وتُعد انتهاكًا للمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
وأضافت أن ما يحدث في الضفة الغربية يذكّر بالمآسي التي شهدها قطاع غزة، حيث دُمرت أكثر من 90% من المنازل، وتم تهجير أكثر من 92% من السكان، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، مؤكدة أن إعادة إعمار غزة ستستغرق سنوات طويلة، وسط صمت المجتمع الدولي واعتراض الولايات المتحدة على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإسرائيل.
استمرار الاستيطانأكدت أن هذا الصمت الدولي يمتد إلى استمرار الاستيطان في الضفة الغربية والحملات العسكرية الإسرائيلية، معتبرة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى من خلال هذه السياسات إلى ضمان استقرار حكومته المهددة بالانهيار، إذ قد يواجه محاكمة في حال سقوط حكومته.