في طريقها لتحديث القاهرة القديمة، ردمت آليات الحفر والبناء، أحياء تاريخية، عرفت بها العاصمة المصرية، ومعها بعض المقابر التاريخية والمراكز الثقافية وورش العمل الحرفية، التي حكت لعقود تاريخ مصر العريق.

وبينما اختفى عدد متزايد من الأحياء المتهالكة، تمت تهيئة أرضيتها لبناء مبان شاهقة خرسانية، فيما نقلت العائلات التي عاشت هناك لأجيال إلى أطراف العاصمة.

ومعروف أن القاهرة تكتظ بما يقرب من 22 مليون شخص، فهي من أكبر العواصم العربية من حيث الكثافة السكانية، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعمل الآن على تحديث هذه المدينة العتيقة بسرعة، وبتكلفة ثقافية باهظة، وفق ما نقله تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وأعلن السيسي في خطاب ألقاه مؤخرا أنه "لا يوجد مكان واحد في مصر لن تمسه يد التنمية".

ويتم إنشاء طرق جانبية وجسور جديدة بسرعة كبيرة، حيث لم يتمكن سائقو سيارات الأجرة وحتى خرائط غوغل من مواكبة ذلك. 

ولا يتعلق الأمر بتجديد القاهرة فحسب، بل يتم استبدالها بعاصمة جديدة ضخمة، بأبراج عالية وفيلات فاخرة، وفق التقرير.

وتبلغ التكلفة التقديرية للعاصمة الجديدة وحدها 59 مليار دولار، مع ذهاب مليارات أخرى إلى مشاريع البناء المختلفة، بما في ذلك الطرق والقطارات عالية السرعة التي تهدف إلى ربط العاصمة الجديدة بالقديمة. 

وقد تم دفع معظمها عن طريق الديون، حيث شلت كلفتها الهائلة قدرة مصر على التعامل مع الأزمة الاقتصادية العميقة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقبل بضعة أسابيع، وصلت جهود التحديث إلى الفسطاط، أقدم منطقة في المدينة، والتي تأسست كعاصمة لمصر قبل قرون من ظهور القاهرة.

وطرق أحد مسؤولي المنطقة باب الفنان، معتز نصر الدين، وطلب منه البدء في تجهيز عملية إخلاء "درب 1718" المركز الثقافي الشعبي الذي أسسه في الحي قبل 16 عاما. 

وقال نصر الدين (62 عاما) إن الحكومة ستقوم بتوسيع الطريق خلفه لبناء طريق سريع مرتفع.

انتقادات واسعة

صاحب هذه الحركة، انتقادات واسعة بسبب ظهور الحفارات والجرافات الحكومية قرب الممتلكات الخاصة دون أي إشعار تقريبًا.

وقال نصر الدين وأصحاب ورش الفخار إن المسؤولين المحليين لم يقدموا أمر هدم مكتوبا أو أي أوراق أخرى.

من جانبه، قال محمد عابدين (48 عاما) صاحب إحدى الورش المقرر تدميرها "كل يوم تستيقظ ولا تعرف ماذا سيحدث" مشيرا إلى إن عائلته كانت تصنع الفخار في المنطقة منذ عشرينيات القرن الماضي.

في المقابل، قال أحمد موسى، وهو مقدم برامج تلفزيونية، معروف بتأييده للسيسي، مؤخرا "هذه هي التطورات التي كان على البلاد أن تراها".

بينما يقول آخرون إنهم لم يعودوا يعرفون مدينتهم.

يقول ممدوح صقر، المهندس المعماري المتخصص في التخطيط الحضري: "إذا تعرضت للغزو، فكل ما يهمك هو آثارك وأشجارك وتاريخك وثقافتك". 

ثم تابع "الآن يتم تدمير كل شيء، ودون سبب، بل دون أي تفسير".

وفي أغلب الأحيان، يخضع المصريون لقرارات الحكومة دون مقاومة، لكن نصر الدين، رفع دعوى لوقف التدمير وأثار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وقالت البلدية إنها تعيد النظر في الخطط، لكنها لم تذكر متى سيتم اتخاذ القرار النهائي أو من سيتخذه.

دور الجيش

عادة ما يشرف الجيش المصري القوي على بناء الطرق والجسور والمشاريع الكبرى مثل العاصمة الجديدة. 

والرئيس السيسي نفسه، جنرال سابق، وصل إلى السلطة في عام 2013 وسط احتجاجات حاشدة كانت تطالب بإطاحة أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد، محمد مرسي، والذي تولى منصبه بعد انتفاضة الربيع العربي في البلاد عام 2011، التي أخرجت الرئيس الأسبق، حسني مبارك، من السلطة.

ويقول سكان القاهرة، إن المسؤولين يميلون إلى تجاهل نصائح الخبراء ومخاوف المواطنين. 

"فقط في حالات معزولة تمكن دعاة الحفاظ على الآثار من إنقاذ الآثار التاريخية" تؤكد الصحيفة الأميركية.

أدى انتشار المشاريع التي تقودها المؤسسة العسكرية إلى ظهور عبارة في مصر هي "ذوق لواءات"، وهي تعبير ضمني ساخر لما يجري.

ويتركز أسلوب البناء الجديد في المتحف الوطني للحضارة المصرية، الذي لا يبعد كثيرا عن الدرب، حيث توجد المومياوات الملكية الأكثر شهرة في مصر القديمة. 

تجوب الجرافات والآليات الثقيلة المنطقة المحيطة منذ سنوات، وتهدم المساكن في أحياء الطبقة العاملة، لإفساح المجال على ما يبدو لبناء جديد.

في غضون ذلك، اختفت العديد من الحدائق والأشجار التي حرصت السلطات في مصر على الحفاظ عليها سابقا، ما أدى إلى تقليص المساحات الخضراء الضئيلة التي كانت تتمتع بها القاهرة في السابق.

حلت محل تلك الحدائق، أكشاك الوجبات السريعة والمقاهي، والطرق الجديدة ومحطات الوقود المملوكة للجيش، التي تصطف على جانبي ضفاف النيل التي كانت ذات يوم خضراء خصوصا في الزمالك وهليوبوليس.

لكن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قال مؤخرا إنه سيتم بناء حدائق ومتنزهات جديدة حيث تمت تسوية مساحات كبيرة من المقابر القديمة المعروفة باسم مدينة الموتى.

 
وستضم "حديقة الخالدين" الجديدة رفات بعض الشخصيات التاريخية التي دمرت مقابرها الأصلية "بسبب احتياجات تنموية عاجلة"، على حد تعبير صحيفة الأهرام المملوكة للدولة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: نصر الدین فی مصر

إقرأ أيضاً:

وزير الإسكان يتفقد أعمال تطوير وتوسعة الطريق الحدائقي بمنطقة الأندلس بالقاهرة الجديدة

استهل المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، جولته التفقدية اليوم بمدينة القاهرة الجديدة، حيث تفقد أعمال تطوير وتوسعة الطريق الحدائقى بمنطقة الأندلس بالتجمع الثالث والرابط بين محور العبور وشارع التسعين الجنوبي، يرافقه مسئولو الوزارة ، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وجهاز المدينة.

اليوم.. استكمال محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة الداعية عبدالله رشدي

وخلال جولته، وجه وزير الإسكان، بسرعة الانتهاء من الأعمال الجارية بالطريق نظراً لأهميته في تنمية المنطقة، مطالباً الشركات العاملة ومسئولي الجهاز بضرورة دفع العمل لإنهاء مختلف المشروعات في الوقت المحدد لها وبأعلى جودة وطبقاً للمواصفات والمقاييس العالمية، ورفع جميع المخلفات والاهتمام بمنظومة النظافة على الطرق بشكل عام، وبالأحياء السكنية، للحفاظ على الصورة الحضارية بالمدن الجديدة.

كما تفقد وزير الإسكان أعمال تنفيذ محطة الصرف الصحي رقم 12 للصرف الصحي ( بمنطقة الأندلس - بالتجمع الثالث ) بالمدينة، والمنوط بها خدمة منطقة الأندلس بالتجمع الثالث، حيث جارٍ استكمال الأعمال المدنية بالمحطة من البيارة وعنبر الطلمبات ومبنى المولدات والمباني الادارية وأعمال خطوط الانحدار وخطوط الطرد وكذا أعمال تنسيق الموقع  والواجهات والسور بشكل يتناسب مع النسق الحضاري و العمراني للمنطقة، حيث وجه في هذا الإطار بضرورة جاهزية محطات الصرف الصحي في أقرب وقت.

كما تفقد المهندس شريف الشربيني، أعمال إنشاء منطقة مخازن مركزية بنطاق المحطة، والتي تختص بجميع قطع غيار الشبكات و محطات المياه والصرف الصحي بالمدينة مزودة ببرنامج تخزين إليكتروني للمخازن يحتوى على ( باركود ) علي جميع قطع الغيار الموجودة بالمخازن كنقطة نظام لحصر جميع القطع الموجودة بالمخازن واستكمال النواقص بشكل دورى.

وخلال الجولة أبدى وزير الإسكان استياءه من ضعف نسبة التنفيذ وتأخر الأعمال بالمحطة، موجهاً بسرعة مراجعة الجدول الزمني للمشروع للانتهاء من الأعمال أو سحبها وسرعة إسنادها إلى شركة أخرى.

وأوضح المهندس عبدالرءوف الغيطي، رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة، أن الطريق الحدائقي بطول 3 كم وبعرض عدد ٣ حارات مرورية في كل اتجاه، وحارة خدمة، كما أن أعمال التطوير تشمل الطبقة الأسفلتية وأعمال تطوير الكهرباء، ويتم  تطويره ورفع الكفاءة باستخدام نظام إعادة التدوير FDR (full depth reclamation)
لتوفير من ٢٨ : ٤٠٪ من التكلفة لرفع الكفاءة باستخدام الطرق التقليدية.

وقال المهندس عبدالرءوف الغيطى، إن إدارة الطرق بالمدينة قامت بتجديد وصيانة وتخطيط ودهانات مختلف إشارات المشاة بالمدينة، وذلك في إطار استمرار أعمال التطوير والصيانة بالمحاور الرئيسية بالقاهرة الجديدة.

مقالات مشابهة

  • قنصل الصين: العلاقات بين القاهرة وبكين تاريخية وشاملة
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • من هي أبرز الشخصيات التي تدير المشهد في سوريا الجديدة؟.. وزراء ومحافظون
  • عقود من الدعم المصري المتواصل للقضية الفلسطينية.. روابط تاريخية وجغرافية
  • (عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني
  • رامي القليوبي: بوتين أكد إمكانية تطوير العلاقات مع السلطات السورية الجديدة
  • وزير الإسكان يتفقد أعمال تطوير وتوسعة الطريق الحدائقي بمنطقة الأندلس بالقاهرة الجديدة
  • الرئيس الروسي يلمح إلى إمكانية تطوير العلاقات مع السلطات السورية الجديدة
  • أستاذ بـ «الاستشراق»: بوتين أكد إمكانية تطوير العلاقات مع السلطات السورية الجديدة
  • خبير سياسي: بوتين أكد إمكانية تطوير العلاقات مع السلطات السورية الجديدة