ما وراء التهافت على الانضمام لمجموعة «بريكس»
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
انطلقت مؤخرًا، وبالتحديد يوم 22 أغسطس 2023 أعمال قمَّة مجموعة (بريكس) في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، وقَدْ تقدَّمت العديد من الدوَل في العالَم وبشكلٍ لافت لأنظار المراقبين والمتابعين، للانضمام إلى المجموعة إيَّاها، حيث يصطفُّ عددٌ من دوَل العالَم، وهي في حالة تزايد، من أجْل الانضمام للمجموعة، فهل هذا التهافت للانضمام إلى تلك المجموعة سيحمل معه الحلول السحريَّة لأزماتٍ اقتصاديَّة وغير اقتصاديَّة، تُعاني مِنْها العديد من الدول التي طلبت مؤخرًا بالانضمام إلَيْها، وهل يُمكِن لتلك الدوَل الانفلات من ربقة الضغط الأميركي وخصوصًا المتعلِّق بالاقتصاد والمساعدات.
أولًا: قامت مجموعة (بريكس) في انطلاقتها الأولى على يد الدوَل صاحبة أسرع نُموٍّ اقتصادي بالعالَم، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وعقَدت أوَّل قمَّة بَيْنَ رؤساء الدوَل الأربع المؤسِّسة في (يكاترينبورج) في جمهوريَّة روسيا الاتِّحاديَّة، في يونيو 2009، حيث تضمَّن قيامها الإعلان عن تأسيس نظام عالَمي ثنائي القطبيَّة، عالَم يتعاون فيه الجميع من الشمال إلى الجنوب. حيث تُمثِّل مجموعة (بريكس) الآن في الوقت الحالي مع انعقاد قمَّتها الجديدة 23% من الناتج المحلِّي الإجمالي العالَمي، و42% من سكَّان العالَم، وأكثر من 16% من التجارة العالَميَّة.
ثانيًا: سئم الجميع على أرض المعمورة من بُلدان وأنظمة ومؤسَّسات، من العالَم أحادي القطبيَّة، وسياساته الابتلاعيَّة، التي تقودها الولايات المُتَّحدة، ضاربة بعرض الحائط بمصالح غالبيَّة الدوَل، في صراعاتها المستمرَّة معها للإبقاء على دَوْرها كمقرِّر للشؤون العالَميَّة دُونَ اكتراث بما يراه الآخرون، بما في ذلك الدوَل الكبرى الموازية في ثقلها للولايات المُتَّحدة كروسيا والصين الشَّعبيَّة.
ثالثًا: سعي دوَل مُحدَّدة، ومِنْها دوَل شِبْه فقيرة كدولة هندوراس في أميركا اللاتينيَّة، للانضمام للمجموعة، اعتقادًا مِنْها بأنَّ الأمْرَ يساعدها على إزاحة الضغط الاقتصادي عن كاهلها، وضغط المساعدات الأميركيَّة المُقدَّمة لها، والإملاءات التي ترافقها.
رابعًا: تقدير بعض الدوَل التي تريد الانضمام لمجموعة (بريكس) أنَّ الولايات المُتَّحدة و»نسبيًّا الغرب» في سبيلهم للغرق والغوص في أوحال أزمات اقتصاديَّة كبرى، بَدَت علاماتها مع شُحِّ الطَّاقة المتدفِّقة من روسيا باتِّجاه أوروبا، وربط تدفُّق الطَّاقة بالعملات البديلة وتحديدًا الروبل كبديل للدولار الأميركي. عدا عن الاستنزاف الواقع في اقتصادات الغرب الأوروبي مع المواجهة الأوكرانيَّة/الروسيَّة، وكلفة تلك الحرب التي تتحمَّل جزءًا كبيرًا مِنْها دوَل الاتحاد الأوروبي.
خامسًا: اعتقاد البعض في العديد من دوَل العالَم، أنَّ السَّفينة الأميركيَّة تترنَّح وتتلقَّى الأمواج المتلاطمة على جوانبها، في ظلِّ صراعات واشنطن مع الصين الشَّعبيَّة وروسيا وحتى البرازيل والهند والأرجنتين وفنزويلا… لذلك فإنَّ عديد الدوَل التي طلبت الانضمام لمجموعة (بريكس)، تريد الركوب على متن سفينة (بريكس) عسى وعلَّ.
على ضوء ما أوردنا أعلاه، هل تُشكِّل مجموعة (بريكس) وعلى المدى الأبعد نسبيًّا منافسًا حقيقيًّا «جيوسياسي واستراتيجي» للولايات المُتَّحدة، أو تُشكِّل تهديدًا لسطوتها العالَميَّة ولقوَّة حضور الـ»دولار»، أم أنَّها ستكُونُ عملًا استعراضيًّا فقط تحدِّي الولايات المُتَّحدة..؟
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
برلماني: زيادة الحد الأدنى للأجور لـ7 آلاف جنيه للقطاع الخاص خطوة إيجابية
أشاد النائب الصافي عبد العال، عضو مجلس النواب، بقرار المجلس القومي للأجور برفع الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص إلى 7000 جنيه اعتبارًا من مارس 2025، قائلا: الدولة المصرية ماضية في طريقها نحو تعزيز الحماية الاجتماعية لكل فئات المجتمع، وهذا القرار يمثل خطوة جديدة في هذا الاتجاه.
ولفت عبد العال، في تصريح صحفي له اليوم، أنه مع استمرار المبادرات التي تستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، يظل الالتزام بمراجعة هذه السياسات بشكل دوري أمرًا ضروريًا لضمان تحقيق التوازن بين تحسين مستوى المعيشة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
وأكد عضو مجلس النواب ، أن استمرار مراجعة الحد الأدنى للأجور بشكل دوري، بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية، يعزز من استقرار السوق ويضمن الحفاظ على مستوى معيشي لائق للعمالة.
وأضاف نائب الاسكندرية ، أن نجاح هذا القرار يعتمد على آليات التنفيذ والمتابعة الدقيقة لضمان التزام جميع المنشآت به، وهو ما يتطلب دورًا رقابيًا فاعلًا من الجهات المعنية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة
واختتم النائب الصافي عبد العال، قائلا: في ظل التوجيهات المستمرة من القيادة السياسية بضرورة تحسين أوضاع المواطنين، فإن هذا القرار يأتي كخطوة جديدة على طريق تعزيز العدالة الاقتصادية، لكنه يظل بحاجة إلى آليات متابعة دقيقة لضمان تحقيق أهدافه على أرض الواقع.