جريدة الوطن:
2025-10-20@08:50:06 GMT

كيف نتعامل مع الوقف المندثر؟

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

كيف نتعامل مع الوقف المندثر؟

عِندما تتجوَّل في بعض المُدُن العربيَّة والإسلاميَّة، لا سِيَّما القديمة مِنْها، قَدْ تمرُّ بمبانٍ تكُونُ مهجورة وآيلة للسقوط، ويُمكِننا أن نصفَها بأنَّها خربة مندثرة، لِتكُونَ مرتعًا للفئران والهوام، ومكانًا يستغلُّه المجرمون بصوَرٍ مختلفة. وعِندما تتساءل عن هذه المباني المهملة تُفاجأ بأن تُعرف بأنَّها وقف خيري أو ذري لكنَّه اندثر، حيث أوقفه أحد المُسلِمين منذ عشرات السنين، ولَمْ يَعُدْ أحدٌ يعْلَم في هذا الزمان شيئًا عن هذا الوقف: مَن الواقف؟ وعلى من أوقف؟ وما شروطه؟ وبالتَّالي لا يستطيع أحدٌ أن يتصرفَ في هذه المباني الخيريَّة، فتبقى على شكل عقارات معطَّلة الفائدة، سواء أرض الوقف أو المبنى الذي شُيِّد على الأرض الموقوفة.


ويقصد بالوقف الخيري هو أن يحبسَ أحدهم شيئًا من ماله كأنْ يكُونَ مسكنًا أو مزرعة أو بئر ماء ونَحْوَه، ليستفيدَ مِنْه النَّاس بِدُونِ مقابل، ويُحدِّد الواقف مِنْهم المستفيدين من هذا الوقف كأنْ يوقفَ على أبنائه وذريَّتهم فقط فيصبح بذلك وقفًا ذريًّا؛ أي المنفعة لذريَّته، أو يستفيد من هذا العقار الموقوف أهل قريته، أو الفقراء من أهل بلدة أو الأرامل ونَحْوه، وهذا ما يُسمَّى بالوقف الخيري، وفي كلتا الحالتين على الواقف أن يحدِّدَ ناظرًا للوقف أي مديرًا يدير شؤون هذا العقار فيعمل على صيانته، ويعمل على تفعيله لِيستفيدَ مِنْه الموقوف عليهم بأفضل الصوَر.
ولكن قَدْ يتحوَّل هذا الوقف الخيري أو الذرِّي إلى عقار مدثور فتتعطَّل مصلحة الوقف، فالواقف استقطع من أمواله الخاصَّة لِيوقفَها لمصلحة النَّاس، وحرَم نَفْسَه وأولاده من الاستفادة من ماله، الذي جمَعه بشقِّ الأنفُس، إلَّا أنَّ إهمال الاستفادة من الوقف على مرِّ السنوات أدَّى إلى ضياع المصلحة. وتعطيل منفعة النَّاس من هذه الأموال، إنَّ ترك الأوقاف مندثرة يَعُودُ بالضَّرر على النَّاس وعلى المُجتمع، من هنا تأتي ضرورة سرعة النظر في الأوقاف الذريَّة والخيريَّة المندثرة ورعايتها، والفصل في النزاعات، تجنبًا لاندثارها. ويُعدُّ تعطيل الاستفادة من الوقف مفسدة، وهنا تبرز أهمِّية تطبيق القاعدة الفقهيَّة التي تنصُّ على دفع المفسدة مُقدَّم على جلب المنفعة.
ويبقى السؤال المطروح: لماذا تندثر الأوقاف؟ والواقع أنَّ هناك أسبابًا عدَّة لاندثار الوقف الخيري نذكر أهمَّها: عدم توثيق عقود الوقف، فبموت الواقفين والموقوف عليهم، وانقِطاع نظَّار الوقف الخيري، وضياع عقد الوقف الخيري، يؤدِّي إلى عدم عِلْم النَّاس بالوقف، وبالتَّالي عدم رعايته وعدم الاستفادة مِنْه، ومن أسباب اندثار الوقف عدم وضوح شروط الواقف يؤدِّي إلى نزاع بَيْنَ الموقوف عليهم، وبالتَّالي تعطيل المنفعة بالوقف الذرِّي، كأنْ يقولَ أوقفت هذا البيت لسكَن أبنائي الثلاثة، وأبنائهم من بعدهم، ولَمْ يوضِّح هل يشترط استفادة الأحفاد بعد موت جميع الأبناء أو مع وجود الآباء، فيحصل النزاع بَيْنَ الموقوف عليهم ويؤدِّي إلى عدم استفادة الجميع من الوقف الذرِّي، ويتعطَّل تفعيل دَوْر الوقف، ولا يتمُّ الاهتمام بصيانته ورعايته فيتسبَّب في اندثاره. ومن أسباب اندثار الوقف عدم تحديد ناظر الوقف بوضوح من قِبل الواقف، فينشب الخلاف على نظارة الوقف الخيري، ممَّا يؤدِّي إلى إهمال صيانة الوقف. كما أنَّ عدم وجود موارد كافية لصيانة الوقف الخيري تؤدِّي إلى تلف الوقف واندثاره وعدم الاستفادة مِنْه، كما أنَّ عدم السرعة في الفصل في النزاعات التي تنشأ بَيْنَ النَّاس، سواء نظَّار الوقف أو المستفيدون من الوقف أو الورثة، يؤدِّي إلى تعطُّل صيانة الوقف ورعايته والاستفادة مِنْه.
لذا أعطى الشرع القاضي ووليَّ الأمْرِ حقَّ التصرُّف في الأوقاف لينقذوا الوقف من الاندثار، ويقوموا بجميع التدابير التي فيها مصلحة الموقوف عليهم، وهنا تقع على القاضي مسؤوليَّة سرعة التصرُّف في الأوقاف المندثرة، وإصدار الحُكم الذي فيه مصلحة للموقوف عليهم، وإحياء تلك الأوقاف المدثورة، كما عليه اتِّخاذ التدابير لتجنُّب اندثار الوقف، بسرعة الفصل في النزاعات بَيْنَ الموقوف عليهم، كما عليه فتح المجال للإبلاغ عن الأوقاف المندثرة، ليتَّخذَ القاضي القرارات المناسبة، أو الإبلاغ عن الأوقاف التي لَمْ يُحدَّد لها ناظر للوقف، أو التي يُهمِل ناظر الوقف صيانتها ورعايتها.
وأخيرًا، فإنَّ أموال الأوقاف أمانة في عُنق الجميع، وعلى رأسهم القاضي، فقَدِ انتقلت الملكيَّة من الواقف إلى ملكيَّة الله، وهي أموال مخصَّصة لمساعدة النَّاس ولخدمة المحتاجين، وهو يؤثِّر في تنمية الاقتصاد، ويُحقِّق التكافل الاجتماعي بَيْنَ أفراد المُجتمع، وبالتَّالي فإنَّ الحفاظ على الوقف يُعدُّ حفاظًا على ترابط المُجتمع… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الاستفادة م ر الوقف

إقرأ أيضاً:

الحديدي: لو محمد الشيبي أو ماييلي عرض عليهم الانتقال للأهلي سيوافقون

قال عمرو الحديدي، لاعب الأهلي السابق، إن فوز بيراميدز ببطولة كأس السوبر الإفريقي على حساب نهضة بركان المغربي، يؤكد قوة الفريق واستقراره الفني تحت قيادة مدربه يورتشيتش.

عمرو الحديدي: لا بديل عن الفوز أمام بوركينا فاسو.. ومهند لاشين الأنسب لبدء المباراة

وأضاف الحديدي، خلال مداخلة عبر برنامج "ستاد المحور" مع الإعلامي خالد الغندور: "بيراميدز يمتلك محمد الشيبي، أفضل ظهير أيمن في القارة الإفريقية حاليًا، وعدم تأثر الفريق برحيل إبراهيم عادل وغياب رمضان صبحي يثبت نجاح الجهاز الفني".

 

وتابع: "رغم ذلك، أرى أن لاعب بيراميدز إيفرتون لم يصنع الفارق المنتظر حتى الآن، ولم يقدم الإضافة القوية للفريق".

 

واختتم لاعب الأهلي السابق حديثه قائلًا:"من وجهة نظري، لو محمد الشيبي أو ماييلي عُرض عليهما الانتقال إلى النادي الأهلي خلال الفترة المقبلة، سيوافقان فورًا بسبب قيمة واسم النادي الكبير".
 

مقالات مشابهة

  • رد عليهم بإلقاء القمامة من الطائرة.. ثورة 7 ملايين أمريكى ضد استبداد ترامب
  • مدير تعليم قنا يفاجئ عددًا من المدارس بإدارة الوقف
  • الحديدي: لو محمد الشيبي أو ماييلي عرض عليهم الانتقال للأهلي سيوافقون
  • الأميرة بسمة بنت طلال ترعى فعاليات البازار الخيري السنوي للسلك الدبلوماسي في عمان
  • مصر تشارك في البازار الـ 61 الخيري للسلك الدبلوماسي في الأردن
  • الاحتلال يحتجز شباناً ويعتدي عليهم شمال سلفيت
  • المصرف المتحد يرعى الماراثون الخيري لدعم مستشفى مجدي يعقوب للقلب
  • تعلن محكمة ونيابة بني الحارث أن على المدعى عليهم مهند الحايطي وآخرين الحضور إلى المحكمة
  • لائحة إنشاء الأوقاف أو تمويلها بالتبرعات.. 4 شروط في مقدم الطلب و9 متطلبات
  • إصابة 5 أشخاص إثر اعتداء مستوطنين عليهم بالضرب في بلدة سلواد بـ رام الله