جريدة الوطن:
2025-11-19@08:33:11 GMT

كيف نتعامل مع الوقف المندثر؟

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

كيف نتعامل مع الوقف المندثر؟

عِندما تتجوَّل في بعض المُدُن العربيَّة والإسلاميَّة، لا سِيَّما القديمة مِنْها، قَدْ تمرُّ بمبانٍ تكُونُ مهجورة وآيلة للسقوط، ويُمكِننا أن نصفَها بأنَّها خربة مندثرة، لِتكُونَ مرتعًا للفئران والهوام، ومكانًا يستغلُّه المجرمون بصوَرٍ مختلفة. وعِندما تتساءل عن هذه المباني المهملة تُفاجأ بأن تُعرف بأنَّها وقف خيري أو ذري لكنَّه اندثر، حيث أوقفه أحد المُسلِمين منذ عشرات السنين، ولَمْ يَعُدْ أحدٌ يعْلَم في هذا الزمان شيئًا عن هذا الوقف: مَن الواقف؟ وعلى من أوقف؟ وما شروطه؟ وبالتَّالي لا يستطيع أحدٌ أن يتصرفَ في هذه المباني الخيريَّة، فتبقى على شكل عقارات معطَّلة الفائدة، سواء أرض الوقف أو المبنى الذي شُيِّد على الأرض الموقوفة.


ويقصد بالوقف الخيري هو أن يحبسَ أحدهم شيئًا من ماله كأنْ يكُونَ مسكنًا أو مزرعة أو بئر ماء ونَحْوَه، ليستفيدَ مِنْه النَّاس بِدُونِ مقابل، ويُحدِّد الواقف مِنْهم المستفيدين من هذا الوقف كأنْ يوقفَ على أبنائه وذريَّتهم فقط فيصبح بذلك وقفًا ذريًّا؛ أي المنفعة لذريَّته، أو يستفيد من هذا العقار الموقوف أهل قريته، أو الفقراء من أهل بلدة أو الأرامل ونَحْوه، وهذا ما يُسمَّى بالوقف الخيري، وفي كلتا الحالتين على الواقف أن يحدِّدَ ناظرًا للوقف أي مديرًا يدير شؤون هذا العقار فيعمل على صيانته، ويعمل على تفعيله لِيستفيدَ مِنْه الموقوف عليهم بأفضل الصوَر.
ولكن قَدْ يتحوَّل هذا الوقف الخيري أو الذرِّي إلى عقار مدثور فتتعطَّل مصلحة الوقف، فالواقف استقطع من أمواله الخاصَّة لِيوقفَها لمصلحة النَّاس، وحرَم نَفْسَه وأولاده من الاستفادة من ماله، الذي جمَعه بشقِّ الأنفُس، إلَّا أنَّ إهمال الاستفادة من الوقف على مرِّ السنوات أدَّى إلى ضياع المصلحة. وتعطيل منفعة النَّاس من هذه الأموال، إنَّ ترك الأوقاف مندثرة يَعُودُ بالضَّرر على النَّاس وعلى المُجتمع، من هنا تأتي ضرورة سرعة النظر في الأوقاف الذريَّة والخيريَّة المندثرة ورعايتها، والفصل في النزاعات، تجنبًا لاندثارها. ويُعدُّ تعطيل الاستفادة من الوقف مفسدة، وهنا تبرز أهمِّية تطبيق القاعدة الفقهيَّة التي تنصُّ على دفع المفسدة مُقدَّم على جلب المنفعة.
ويبقى السؤال المطروح: لماذا تندثر الأوقاف؟ والواقع أنَّ هناك أسبابًا عدَّة لاندثار الوقف الخيري نذكر أهمَّها: عدم توثيق عقود الوقف، فبموت الواقفين والموقوف عليهم، وانقِطاع نظَّار الوقف الخيري، وضياع عقد الوقف الخيري، يؤدِّي إلى عدم عِلْم النَّاس بالوقف، وبالتَّالي عدم رعايته وعدم الاستفادة مِنْه، ومن أسباب اندثار الوقف عدم وضوح شروط الواقف يؤدِّي إلى نزاع بَيْنَ الموقوف عليهم، وبالتَّالي تعطيل المنفعة بالوقف الذرِّي، كأنْ يقولَ أوقفت هذا البيت لسكَن أبنائي الثلاثة، وأبنائهم من بعدهم، ولَمْ يوضِّح هل يشترط استفادة الأحفاد بعد موت جميع الأبناء أو مع وجود الآباء، فيحصل النزاع بَيْنَ الموقوف عليهم ويؤدِّي إلى عدم استفادة الجميع من الوقف الذرِّي، ويتعطَّل تفعيل دَوْر الوقف، ولا يتمُّ الاهتمام بصيانته ورعايته فيتسبَّب في اندثاره. ومن أسباب اندثار الوقف عدم تحديد ناظر الوقف بوضوح من قِبل الواقف، فينشب الخلاف على نظارة الوقف الخيري، ممَّا يؤدِّي إلى إهمال صيانة الوقف. كما أنَّ عدم وجود موارد كافية لصيانة الوقف الخيري تؤدِّي إلى تلف الوقف واندثاره وعدم الاستفادة مِنْه، كما أنَّ عدم السرعة في الفصل في النزاعات التي تنشأ بَيْنَ النَّاس، سواء نظَّار الوقف أو المستفيدون من الوقف أو الورثة، يؤدِّي إلى تعطُّل صيانة الوقف ورعايته والاستفادة مِنْه.
لذا أعطى الشرع القاضي ووليَّ الأمْرِ حقَّ التصرُّف في الأوقاف لينقذوا الوقف من الاندثار، ويقوموا بجميع التدابير التي فيها مصلحة الموقوف عليهم، وهنا تقع على القاضي مسؤوليَّة سرعة التصرُّف في الأوقاف المندثرة، وإصدار الحُكم الذي فيه مصلحة للموقوف عليهم، وإحياء تلك الأوقاف المدثورة، كما عليه اتِّخاذ التدابير لتجنُّب اندثار الوقف، بسرعة الفصل في النزاعات بَيْنَ الموقوف عليهم، كما عليه فتح المجال للإبلاغ عن الأوقاف المندثرة، ليتَّخذَ القاضي القرارات المناسبة، أو الإبلاغ عن الأوقاف التي لَمْ يُحدَّد لها ناظر للوقف، أو التي يُهمِل ناظر الوقف صيانتها ورعايتها.
وأخيرًا، فإنَّ أموال الأوقاف أمانة في عُنق الجميع، وعلى رأسهم القاضي، فقَدِ انتقلت الملكيَّة من الواقف إلى ملكيَّة الله، وهي أموال مخصَّصة لمساعدة النَّاس ولخدمة المحتاجين، وهو يؤثِّر في تنمية الاقتصاد، ويُحقِّق التكافل الاجتماعي بَيْنَ أفراد المُجتمع، وبالتَّالي فإنَّ الحفاظ على الوقف يُعدُّ حفاظًا على ترابط المُجتمع… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الاستفادة م ر الوقف

إقرأ أيضاً:

منى زكي تعلق على برنامج «دولة التلاوة»

أشادت الفنانة منى زكى ببرنامج «دولة التلاوة»، وذلك بمناسبة النجاح الكبير الذى يحققه البرنامج الجديد منذ بداية عرضه.

ونشرت منى زكى عبر خاصية الاستورى بـ«إنستجرام»: «برنامج دولة التلاوة حلو أوي».

وأكدت وزارة الأوقاف أنها تشعر بعمق من الفخر والامتنان مع انطلاق مسابقة «دولة التلاوة» من أرضٍ كانت- وستظل- الحاضنة الكبرى لفنّ التلاوة، والمدرسة التى نهلت منها الشعوبُ معانى الجمال، وتعلّمت على أيدى قرّائها أصول الأداء وروح الخشوع.

وأوضحت وزارة الأوقاف أن ما شهدته من تفاعل كريم مع برنامج «دولة التلاوة» لم يكن مجرد متابعة إعلامية، بل كان حضورًا وجدانيًّا يعبّر عن تقدير راسخ لهذا التراث، ووعيٍ أصيل بقيمة المدرسة المصرية التى امتد عطاؤها عبر عقود طويلة.

وأشارت وزارة الأوقاف إلى أن الكلمات النبيلة التى تفضّل بها جمهورنا الكريم، والمتابعة الواعية التى لمسناها مع البرنامج، قد أضفت على المسابقة روحًا خاصة، روحًا تُعيد إلى الذاكرة مكانة مصر فى خدمة كتاب الله، وتؤكد أن هذا الوطن ما زال ينطق بالقرآن حبًّا واعتزازًا ووفاءً لتاريخه العظيم.

واختتمت: «تتقدّم وزارة الأوقاف بخالص الشكر والتقدير لجمهور مصر الواعى النبيل فهو الشريك الأصيل فى كل جهد يُبذل لخدمة كتاب الله، والداعم الصادق الذى يمنح الأعمال الجليلة ما تستحقه من حضور وهيبة ورفعة».

المصري اليوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • منى زكي تعلق على برنامج «دولة التلاوة»
  • تعلن محكمة سنحان أن على المدعى عليهم بسام أحمد وآخرين الحضور إلى المحكمة
  • زين العابدين والجارحي يفتتحان سوق الخير ومعرض الكتاب الخيري لدعم الطلاب غير القادرين بتجارة عين شمس
  • الصحة بغزة: دفن 14 شهيدًا احتجز العدو جثامينهم بعد تعذّر التعرف عليهم
  • عمّان الأهليّة تنفذ حملة تطوعية لدعم بنك الملابس الخيري
  • دفن 14 شهيدا فلسطينيا تعذر التعرف عليهم في غزة
  • قرار بدفن جثامين 14 شهيدًا بغزة تعذر التعرف عليهم 
  • قرار بدفن 14 شهيدا فلسطينيا تعذّر التعرف عليهم في غزة
  • تعلن محكمة جنوب غرب الامانة أن على المدعى عليهم الحضور الى جلسات المحكمة
  • نيابة ومكاتب أوقاف وأراضي عمران تناقشان آلية حماية أراضي الوقف والمال العام