البوابة نيوز:
2024-11-26@21:31:29 GMT

مشكلة التحول الديني

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

لا شك أن التحول الدينى أي الانتقال من دين إلى دين آخر يمثل مشكلة حقيقية للمجتمع لدرجة تصل إلى حد تهديد السلام الاجتماعى والأمن القومى.. ذلك لأهمية التوافق الوطنى (الذى هو صمام الأمن والأمان للوطن) الذى شاهد ويشاهد على مر التاريخ مؤامرات وصراعات ومتاجرات واستغلال لهذه القضية من الخارج ومن الداخل. بالرغم من أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى الإنسان الحرية كل الحرية فى أن يؤمن أو لا يؤمن (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

كما أن الدستور والقانون يعطى الإنسان الحرية المطلقة في ممارسة العقيدة. والاهم أن الله هو الذى أراد تلك التعددية الدينية: (لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين).. (فمن ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم) إذن اين المشكلة؟ 

بداية فالإيمان الحقيقى والصحيح والطبيعى يتمثل فى تلك العلاقة الخاصة جدا بين الله وبين الإنسان. ولا يملك أحد أيا كان أن يدرك هذه العلاقة غير الله وذلك الإنسان. (لايعلم الإنسان غير روح الإنسان الساكن فيه) (الله هو فاحص القلوب والكلى). فلا يملك أحد أن يعرف ويحكم على إيمان أحد من مظهره أو مظاهر تدينه أو إعلان اسم دينه، فالظاهر غير الباطن، أى يمكن أن يكون ما بداخل هذا الإنسان اعتقاده بعقيدة غير تلك العقيدة المعلنة فى المجتمع. 

لذا فهذا الإيمان الخاص والذاتي والشخصى هو غير ذلك التدين الجمعى الذى يطلق على كافة المتدينين لدين معين. هذا التدين الجمعى كان قد تأثر على مر الزمان بتراث مجتمعى وبعادات وتقاليد وثقافة ارتبطت فى الأساس بالتربية الأسرية والعائلية والقبلية والجهوية. ناهيك عن ذلك الفكر الدينى والمؤسسى الذى يحافظ على التمايز والتعالى على الآخر الدينى. 

الشيء الذى سهل الخلط بين المقدس الدينى والموروث الاجتماعى حتى أصبح اسم الدين جزء من الموروث كمثل وراثتنا لاسم الأب والعائلة وكل الموروثات الاجتماعية. 

هنا تحول الدين من علاقة خاصة بالله إلى علاقة عامة دخلت فى إطار الصراع المذهبى والصراع حول إثبات الذات والحفاظ على الموروث الدينى الذى لا يتسق حسب تلك الممارسات إلا برفض الآخر والتعالى عليه حتى أصبح هذا  الصراع شاملا لكل مناحى الحياة حتى كان فى أحيان كثيرة صراعًا صفريًا لاعلاقة له لا بدين ولا بأخلاق مسقطا العلاقة الإنسانية التى أرادها الله بالرغم من تلك التعددية الدينية. 

ولذا فقد أخذت قضية التحول هذه الصدارة فى هذا الصراع. فإذا كان التحول حق للإنسان أراده الله فقد أخذ بعدًا اجتماعيا يمثل عارا على الأسرة بل عارا على مجمل أهل الدين المنتقل منه المتحول. (ياداهية دقى) عار على الدين هنا تهون كل الاشياء حتى الأنفس فى الدفاع عن الدين. وفى هذا الإطار يتم استغلال اسم الدين فى صراع مجتمعى وقبلى وجهوى يعطى الفرصة للمتاجرين والمرتزقة ولمن يثبت ذاته الضعيفة ايمانيا بأنه المدافع الاول عن الدين  باسم الدين. فيقومون هنا وهناك بتأجيج الصراع واختلاق الأكاذيب واتهام الطرف الآخر بالمؤامرة ضد دينه. هنا فماذا يكون الوضع أمام صراع طائفى باسم الدين فى الوقت الذى لاعلاقة له بالدين؟ فلابد أن يعود المتحول إلى دينه الاول والا سيحسب عليه جول والعكس صحيح!! ماذا الهذل والجهل؟ فماذا يضير الدين أن يتحول الآلاف حتى الملايين من هنا إلى هناك؟ وماعلاقتك انت ايها المتشنج هل فوضك الله بالدفاع عن دينه؟ وهل التحولات التاريخية الجمعية من دين إلى دين آخر كانت قد قضت على اى دين؟ تحول المسيحيون المصريون إلى الإسلام عند دخوله مصر وبقيت المسيحية. عاد الاسلام من الأندلس وبقى الاسلام. إذن هى المتاجرة هنا وهناك. وللعلم فهذه القضية كانت قد أثارت اهتمامى منذ نهاية القرن الماضى. قمت مع المرحوم وائل الابراشى بطرح هذه القضية بشكل موضوعى بعيدا عن الأرضية الطائفية. وكان هدفنا سويا من هذا الطرح القضاء على حساسية مناقشة هذا الموضوع. ظهر معنا من تحول الى الإسلام ومن تحول الى المسيحية. فلا اختطاف ولا ارغام ولاترهيب. نعم هناك اغراءت هناك علاقات عاطفية هناك استغلال مشاكل أسرية (خاصة مشكلة الطلاق عند المسيحيين). ولكن هى الاختلاقات التى كنا نكشفها حفاظا على جلالة الدين وسلامة الوطن. أما ذلك المحامى المتاجر بهذه القضية والذى يريد أن يكون زعيما قبطيا. كنا فى برنامج وقام بالادعاء أن هناك فتاتين مخطوفين. شاهد الرئيس مبارك البرنامج وامر بإحضار الفتاتين وكانا قد تحولا بإرادتهم كما بينت فى البرنامج. ولما واجهت هذا المحامى فقال لابد أن نقول كذلك!! وقد ذكرت هذه الواقعة فى صحيفة العربى وفى كتاب (أيامى). فليتم تنظيم عملية التحول فى إطار ضمان الايمان الحقيقى لهذا التحول بعيدا عن إثارة الفتن. وياليت أن تبعد المؤسسات الدينية عن هذا الموضوع ياسادة الدين له صاحبه  القادر كل القدرة على الدفاع عنه. الاهم هو أن تكون مؤمنا كما يجب أن تكون العلاقة بينك وبين الله. اترك الخلق للخالق. فلنحافظ على سلامة الوطن الذى يضمنا جميعا ونعيش على أرضه سويا. حمى الله مصر وشعبها العظيم.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: هذه القضیة

إقرأ أيضاً:

مشكلة السودان في السياسة وليست في الثقافة

مشكلة السودان في السياسة وليست في الثقافة، السياسة هي المحل الذي يظهر فيه صراع تناقضات المصالح والذي قد يبلغ حد العنف. اليوم التناقض المركزي في السياسة والذي قاد للحرب هو تناقض المشروع الوطني مع المشروع غير الوطني. ولكل منهما خطابه وقواعده وتمظهراته.

السياسة إذن هي محل النظر والتفكير دونا عن الاستغراق المنغلق على خطابات الثقافة والعرقية والقبلية، فذلك جهل بالصراع وتواطؤ مع المشروع غير الوطني وإن بدا لذلك الاستغراق جاذبية وحرارة فتلك سمة خطابات العرق.

الثقافة إذا فهمت بشكل صحيح فإنها تدعم المشروع الوطني ولكنها قابلة للتحوير والتبديل ومن الممكن دوما إنتاج خطابات متنوعة منها. لذا من المهم خلق معيار موضوعي لتقييم الخطابات السياسية.

بالنسبة لي فإن تقييم كل مشروع وخطاب للثقافة تكون بالنظر إلى ثماره ونتائجه، وثمار خطابات العرق والقبيلة والعنصرية منذ ١٩٥٥م هي منح المشروع غير الوطني عقيدة ليقاتل بها، ومنح الخارج مبررات للتدخل، وإقعاد طاقات السودانيين عن العمل. لذلك فإن هناك تحالفا عميقا وتفاهما كبيرا بين كل مروجي هذه الخطابات، سواء كانوا من مليشيا الدعم السريع أو من حلفائهم السياسيين أو من النشطاء العرقيين الجدد.

هشام عثمان الشواني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مشكلة السودان في السياسة وليست في الثقافة
  • خيارات الإنسان: ما بين السعادة والشقآء
  • حل مشكلة السودان
  • دور العقل في الدين والإيمان ودعاء الحفظ من الفتن
  • حمدي رزق: تجديد الخطاب الديني يتطلب التفكير الجماعي
  • سيف على رقاب الجميع
  • «ناسا» تخصص 3 مليون دولار لمن يحل مشكلة تواجهها!
  • السيد سعيد بن سلطان.. والتسامح الديني
  • هل يجوز أن تقول والدتي إنها رأت رؤيا وهي لم ترها؟ الإفتاء تجيب
  • ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر؟ ..الإفتاء تجيب