لا شك أن التحول الدينى أي الانتقال من دين إلى دين آخر يمثل مشكلة حقيقية للمجتمع لدرجة تصل إلى حد تهديد السلام الاجتماعى والأمن القومى.. ذلك لأهمية التوافق الوطنى (الذى هو صمام الأمن والأمان للوطن) الذى شاهد ويشاهد على مر التاريخ مؤامرات وصراعات ومتاجرات واستغلال لهذه القضية من الخارج ومن الداخل. بالرغم من أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى الإنسان الحرية كل الحرية فى أن يؤمن أو لا يؤمن (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
بداية فالإيمان الحقيقى والصحيح والطبيعى يتمثل فى تلك العلاقة الخاصة جدا بين الله وبين الإنسان. ولا يملك أحد أيا كان أن يدرك هذه العلاقة غير الله وذلك الإنسان. (لايعلم الإنسان غير روح الإنسان الساكن فيه) (الله هو فاحص القلوب والكلى). فلا يملك أحد أن يعرف ويحكم على إيمان أحد من مظهره أو مظاهر تدينه أو إعلان اسم دينه، فالظاهر غير الباطن، أى يمكن أن يكون ما بداخل هذا الإنسان اعتقاده بعقيدة غير تلك العقيدة المعلنة فى المجتمع.
لذا فهذا الإيمان الخاص والذاتي والشخصى هو غير ذلك التدين الجمعى الذى يطلق على كافة المتدينين لدين معين. هذا التدين الجمعى كان قد تأثر على مر الزمان بتراث مجتمعى وبعادات وتقاليد وثقافة ارتبطت فى الأساس بالتربية الأسرية والعائلية والقبلية والجهوية. ناهيك عن ذلك الفكر الدينى والمؤسسى الذى يحافظ على التمايز والتعالى على الآخر الدينى.
الشيء الذى سهل الخلط بين المقدس الدينى والموروث الاجتماعى حتى أصبح اسم الدين جزء من الموروث كمثل وراثتنا لاسم الأب والعائلة وكل الموروثات الاجتماعية.
هنا تحول الدين من علاقة خاصة بالله إلى علاقة عامة دخلت فى إطار الصراع المذهبى والصراع حول إثبات الذات والحفاظ على الموروث الدينى الذى لا يتسق حسب تلك الممارسات إلا برفض الآخر والتعالى عليه حتى أصبح هذا الصراع شاملا لكل مناحى الحياة حتى كان فى أحيان كثيرة صراعًا صفريًا لاعلاقة له لا بدين ولا بأخلاق مسقطا العلاقة الإنسانية التى أرادها الله بالرغم من تلك التعددية الدينية.
ولذا فقد أخذت قضية التحول هذه الصدارة فى هذا الصراع. فإذا كان التحول حق للإنسان أراده الله فقد أخذ بعدًا اجتماعيا يمثل عارا على الأسرة بل عارا على مجمل أهل الدين المنتقل منه المتحول. (ياداهية دقى) عار على الدين هنا تهون كل الاشياء حتى الأنفس فى الدفاع عن الدين. وفى هذا الإطار يتم استغلال اسم الدين فى صراع مجتمعى وقبلى وجهوى يعطى الفرصة للمتاجرين والمرتزقة ولمن يثبت ذاته الضعيفة ايمانيا بأنه المدافع الاول عن الدين باسم الدين. فيقومون هنا وهناك بتأجيج الصراع واختلاق الأكاذيب واتهام الطرف الآخر بالمؤامرة ضد دينه. هنا فماذا يكون الوضع أمام صراع طائفى باسم الدين فى الوقت الذى لاعلاقة له بالدين؟ فلابد أن يعود المتحول إلى دينه الاول والا سيحسب عليه جول والعكس صحيح!! ماذا الهذل والجهل؟ فماذا يضير الدين أن يتحول الآلاف حتى الملايين من هنا إلى هناك؟ وماعلاقتك انت ايها المتشنج هل فوضك الله بالدفاع عن دينه؟ وهل التحولات التاريخية الجمعية من دين إلى دين آخر كانت قد قضت على اى دين؟ تحول المسيحيون المصريون إلى الإسلام عند دخوله مصر وبقيت المسيحية. عاد الاسلام من الأندلس وبقى الاسلام. إذن هى المتاجرة هنا وهناك. وللعلم فهذه القضية كانت قد أثارت اهتمامى منذ نهاية القرن الماضى. قمت مع المرحوم وائل الابراشى بطرح هذه القضية بشكل موضوعى بعيدا عن الأرضية الطائفية. وكان هدفنا سويا من هذا الطرح القضاء على حساسية مناقشة هذا الموضوع. ظهر معنا من تحول الى الإسلام ومن تحول الى المسيحية. فلا اختطاف ولا ارغام ولاترهيب. نعم هناك اغراءت هناك علاقات عاطفية هناك استغلال مشاكل أسرية (خاصة مشكلة الطلاق عند المسيحيين). ولكن هى الاختلاقات التى كنا نكشفها حفاظا على جلالة الدين وسلامة الوطن. أما ذلك المحامى المتاجر بهذه القضية والذى يريد أن يكون زعيما قبطيا. كنا فى برنامج وقام بالادعاء أن هناك فتاتين مخطوفين. شاهد الرئيس مبارك البرنامج وامر بإحضار الفتاتين وكانا قد تحولا بإرادتهم كما بينت فى البرنامج. ولما واجهت هذا المحامى فقال لابد أن نقول كذلك!! وقد ذكرت هذه الواقعة فى صحيفة العربى وفى كتاب (أيامى). فليتم تنظيم عملية التحول فى إطار ضمان الايمان الحقيقى لهذا التحول بعيدا عن إثارة الفتن. وياليت أن تبعد المؤسسات الدينية عن هذا الموضوع ياسادة الدين له صاحبه القادر كل القدرة على الدفاع عنه. الاهم هو أن تكون مؤمنا كما يجب أن تكون العلاقة بينك وبين الله. اترك الخلق للخالق. فلنحافظ على سلامة الوطن الذى يضمنا جميعا ونعيش على أرضه سويا. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: هذه القضیة
إقرأ أيضاً:
السقوط النفسي.. عظة البابا تواضروس في اجتماع الأربعاء|صور
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بحي الظاهر، بالقاهرة.
وصلى قداسته صلوات رفع بخور عشية، بمشاركة عدد من أحبار الكنيسة وكهنة الكنيسة، وعقب العشية ألقى القمص موسى موسى كاهن الكنيسة كلمة ترحيب بقداسة البابا، معربًا عن فرحة شعب كنيسة "الملاك بالظاهر" بزيارة قداسته، مشيرًا إلى تاريخ إنشاء الكنيسة، والمراحل التي مرت بها عملية تعميرها.
وقدم كورال الكنيسة مجموعة من الترانيم والتسابيح الكنسية، بينما ألقت إحدى بنات الكنيسة وهي الشاعرة أمل غطاس، أبياتًا شعرية تناولت فيها حياة وأعمال وخدمة قداسة البابا.
وعرض مقطع ڤيديو للحظة إعلان نتيجة القرعة الهيكلية لاختيار قداسة البابا تواضروس الثاني بابا للكنيسة، ولاقى عرض مقطع الڤيديو تفاعل إنساني لافت من شعب الكنيسة حيث علت الزغاريد ودوى تصفيق الحضور، وسط تأثر واضح من قداسة البابا.
وكرم قداسته المتميزين والمتفوقين من أبناء الكنيسة من الحاصلين على الشهادات والدرجات العلمية المختلفة حتى الدكتوراه، والفائزين بالمراكز الأولى في البطولات المحلية والدولية في عدة رياضات، ورحب بعدد من النواب والمسؤولين الذين جاءوا للترحيب بقداسته.
واستكمل قداسة البابا سلسلة "طِلبات من القداس الغريغوري"، وتناول جزءًا من المزمور ١٤٥ والأعداد (١٤ - ٢١)، وتأمل في طِلبة "الساقطون أقمهم"، وأوضح أن الله يسمح بسقوط الإنسان لفائدته.
وشرح قداسته نوعيات السقوط، كالتالي:
١- السقوط النفسي، وأسبابه هي:
+ الإصابة بالكآبة، نتيجة صدمات حياتية، "لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي؟ وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ؟ تَرَجَّيِ اللهَ" (مز ٤٣: ٥)، والعلاج يتمثل في الرجاء في الله، "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب ١٣: ٨).
+ الخيانة والتي تتسبب في صدمة شديدة للإنسان، فيمتلئ قلبه بمشاعر المرارة والكراهية، ولكن السيد المسيح تعرّض للخيانة من أحد تلاميذه، ويُعلمنا المغفرة لشفاء الجروح الداخلية.
+ فقد روح الأمل والذي يجعل الإنسان يشعر بعدم وجود الطاقة بسبب ضغوط الحياة، والعلاج يتمثل في الآية: "نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ" (رو ٨: ٢٨).
٢- السقوط الروحي، وأسبابه هي:
+ غفلة الإنسان، "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ" (مت ٢٦: ٤١).
+ عدم الشركة مع الله، "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يو ٦: ٥٦).
+ الانجذاب للشهوات.
+ فراغ القلب، "لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ... وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ" (١يو ٢: ١٥ - ١٧).
+ الارتباط بأماكن وعلاقات رديئة.
+ إهمال الإنجيل، وكلمة BIBLE هي اختصار basic informations before leaving the earth والتي تعني "المعلومات الأساسية قبل أن نغادر الأرض"، المقصود بها الوصية.
+ الكبرياء، "إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ" (١كو ١٠: ١٢).
+ الفتور الروحي المؤقت، "قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي" (مز ٥١: ١٠).
+ السقوط العميق بلا توبة، "وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ" (٢ بط ٣: ٩).
وأجاب قداسة البابا على السؤال: كيف يُقيم الله الساقطين؟
١- التوبة والاعتراف وممارسة الأسرار.
٢- الكلمة المقدسة والوصية، "«اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ». فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ" (أف ٥: ١٤، ١٥).
٣- الإرشاد والمشورة سواء من الكنيسة أو المجتمع.
واختتم قداسته قائلاً: الله لا يحسب لنا مرات السقوط وإنما مرات القيام.