د. مالك الوردي:

تعد سلطنة عمان من الدول شديدة التأثر بالتغير المناخي بسبب مناخها الجاف ومحدودية الموارد المائية وطول سواحلها المنخفضة

باتت ملامح التغير المناخي أكثر وضوحا في العالم، وتعد سلطنة عمان من الدول شديدة التأثر بالتغيرات المناخية بسبب مناخها الجاف ومحدودية الموارد المائية وطول سواحلها المنخفضة المعرضة لارتفاع سطح البحر والأعاصير والعواصف المتطرفة، وقد حددت الاستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من التغيرات المناخية لسلطنة عمان (2020-2040) خمسة قطاعات رئيسية تمت دراسة مستوى هشاشتها في ظل تغير المناخ وإجراءات التكيف اللازمة اتخاذها لمواجهة التأثيرات الفعلية والمستقبلية لتغير المناخ، وضمن سلسلة من الحوارات مع المعنيين تسلط جريدة "عمان" الضوء على الجهود لتكيف سلطنة عمان مع التغيرات المناخية، وأهم الإجراءات التي تم اتخاذها.

وقال الدكتور مالك بن محمد الوردي، استاذ مشارك في قسم التربة والمياه والهندسة الزراعية بجامعة السلطان قابوس: إن تغير المناخ يشير إلى التغيرات طويلة الأجل في مناخ الأرض والخصائص الأخرى للغلاف الجوي، وخاصة متوسط درجة الحرارة، وتنتج هذه التغيرات في المقام الأول بسبب الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات والأنشطة الزراعية، والتي تؤدي إلى الزيادة في تركيز ومستويات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، إذ تتسبب التركيزات المتزايدة من غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز بحبس الحرارة في الغلاف الجوي بحيث يؤدي هذا الاحترار في حدوث الكثير من الظواهر الجوية المتطرفة وزيادة شدتها مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤثر بشكل كبير على العديد من جوانب الحياة بما في ذلك النظم البيئية والحياة البرية وموارد المياه وصحة الإنسان والبنية التحتية، وتتطلب مواجهة تغير المناخ اتخاذ العديد من الإجراءات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وزيادة المرونة في مواجهة آثار تغير المناخ.

التخفيف والمعالجة

وأوضح أن الإجراءات التي تتخذها الدول لمواجهة آثار تغير المناخ تنقسم إلى شقين وهما إجراءات ما يسمى بالتخفيف من انبعاث الغازات والتكيف مع آثار تغير المناخ الناجمة من هذه الانبعاثات، ويعتبر التخفيف عنصرا أساسيا في معالجة تغير المناخ، حيث إن الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ضروري لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، وقد حددت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) مجموعة من مسارات التخفيف التي تقلل من كمية الغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي، مثل تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وزيادة كفاءة الطاقة، وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، في حين يشير التكيف مع تغير المناخ إلى التعديلات التي تم إجراؤها في النظم الطبيعية أو البشرية استجابة للتأثيرات الفعلية أو المتوقعة لتغير المناخ حيث إن الهدف من التكيف هو تقليل تعرض المجتمعات والنظم البيئية والبنية التحتية لتأثيرات تغير المناخ، ويمكن النظر إلى التكيف على أنه مكمل للجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتخفيف من أسباب تغير المناخ. مشيرا إلى أن رؤية العلاقة بين التكيف والتخفيف تكمن من خلال إمكانية التخفيف في تقليل شدة التأثيرات المستقبلية التي تحتاج إلى التكيف معها فكلما نجحنا في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كلما قلت حدة آثار تغير المناخ، وقلت الحاجة إلى التكيف، ويمكن للتكيف أن يدعم جهود التخفيف من خلال تشجيع استخدام تقنيات وممارسات منخفضة الكربون مثل الطاقة المتجددة، فعلى سبيل المثال، يمكن للاستثمار في البنية التحتية المرنة، أن يقلل من الأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة، مما يسمح باستمرار استخدام مصادر الطاقة منخفضة الكربون، وتتطلب تدابير التكيف الفعالة أيضا النظر في سيناريوهات الانبعاثات المستقبلية، حيث من المتوقع أن يستمر تغير المناخ لبعض الوقت، لذلك يجب تصميم تدابير التكيف مع مراعاة الاتجاهات المناخية طويلة الأجل، الأمر الذي يتطلب فهم سيناريوهات الانبعاثات المستقبلية والنظر فيها.

توقعات الأمطار

وأوضح أن سلطنة عمان تعتبر من الدول الشديدة التأثر بالتغيرات المناخية لاسيما بسبب مناخها الجاف ومحدودية الموارد المائية وأيضا طول سواحلها المنخفضة المعرضة لارتفاع سطح البحر والأعاصير والعواصف المتطرفة، إذ من المتوقع، حسب السيناريوهات المستقبلية لتغير المناخ، أن يكون هناك ارتفاع في درجات الحرارة العظمى والصغرى وتباين في هطول الأمطار بحيث ينخفض معدل هطول الأمطار في المناطق الشمالية ويزيد بنسبة قليلة في المناطق الجنوبية، وفي نفس الوقت تزداد شدة حدوث هذه العواصف، ومن ناحية أخرى فمن المتوقع الزيادة في عدد الأعاصير مما سيكون له أثر سلبي كبير على تآكل الشواطئ وعلى البنية التحتية الساحلية.. موضحاً: أن الاستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من التغيرات المناخية لسلطنة عمان (2020-2040) حددت خمسة قطاعات رئيسية تمت دراسة مستوى هشاشتها في ظل تغير المناخ وإجراءات التكيف اللازمة اتخاذها لمواجهة التأثيرات الفعلية والمستقبلية لتغير المناخ، وهذه القطاعات الخمسة هي موارد المياه السطحية والجوفية، والتنوع البيولوجي البحري والثروة السمكية، والزراعة، والبنية التحتية والمناطق الحضرية، والصحة العامة، حيث اعتمدت الاستراتيجية ثلاثة محاور رئيسة لإجراءات التكيف وهي إدارة المعرفة وبناء القدرات وتطوير الإدارة والتخطيط.

الموارد المائية

وأضاف: سنذكر بعض الأمثلة عن الآثار المحتملة لتغير المناخ على هذه القطاعات والإجراءات التي يمكن اتخاذها للتكيف مع هذه الآثار ومعالجتها، منها الموارد المائية إذ من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في انخفاض هطول الأمطار في سلطنة عمان، مما يؤدي إلى انخفاض في مستوى المياه الجوفية، كما ستؤثر الظواهر الجوية المتطرفة على وتيرة وحجم المياه المتدفقة في الأودية والتي يمكن أن تؤدي إلى التعرية والفيضانات وتدمير البنية التحتية، ويمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة معدلات التبخر، مما يقلل من توافر المياه في المسطحات المائية السطحية ومصادر المياه الجوفية، إضافة إلى إمكانية أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تسرب أكبر للمياه المالحة إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، مما يقلل من جودة وكمية المياه العذبة المتاحة.. مضيفاً: وللتكيف مع هذه الآثار، يجب تحسين أو القيام بتنفيذ مجموعة من الإجراءات بينها الحفاظ على المياه من خلال تنفيذ تدابير لتقليل الطلب على المياه وتعزيز تقنيات توفير المياه، مثل التركيبات منخفضة التدفق وأنظمة الري الفعالة، وإعادة استخدام المياه بوضع سياسات وتقنيات لإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة للاستخدامات غير الصالحة للشرب، مثل الري والعمليات الصناعية، وتوسيع طاقة التحلية لزيادة إمدادات المياه العذبة، لاسيما في المناطق الساحلية، وكذلك تنفيذ تدابير لإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية، مثل جمع وتخزين مياه الأمطار ومعالجتها وحقنها، وإدارة المياه المعالجة عبر تصميم وتنفيذ برنامج حقن المياه العادمة المعالجة في طبقات المياه الجوفية الساحلية على أساس تجريبي ومراقبة جودة المياه الجوفية، وإدارة المياه السطحية من خلال تركيب البنية التحتية لتصريف مياه الأمطار في مناطق الفيضانات المتوقعة وإدخال تدابير لتقليل احتمالية التعرية في ظل أحداث الفيضانات المفاجئة، وتنفيذ برامج تبادل المعرفة مع البلدان الأخرى بشأن استجابات التكيف الفعالة.

التنوع البيولوجي

وأكد أن الآثار المحتملة لتغير المناخ على التنوع البيولوجي البحري والثروة السمكية تكمن بالتغير في الخواص الفيزيائية لمياه المحيطات من خلال الزيادة في معدل درجات حرارة البحار ومعدل ملوحة المياه التي ستؤثر سلباً على التنوع البيولوجي والحيوي البحري، وكذلك التغير في الخواص الكيميائية لمياه المحيطات إذ تؤدي زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى زيادة حموضة المحيطات، والنقصان في تركيز الأكسجين المذاب في المياه مما قد يؤثر سلبًا على نمو الأسماك والكائنات البحرية الأخرى وبقائها على قيد الحياة، إضافة إلى التغيرات في التيارات البحرية وأنماط الرياح حيث يمكن أن تغير هذه التغييرات توزيع ووفرة العوالق التي تشكل أساس السلسلة الغذائية البحرية، وبالتالي تؤثر على نمو تجمعات الأسماك وبقائها على قيد الحياة.. مؤكداً: وللتكيف مع هذه الآثار، يجب تحسين أو القيام بتنفيذ مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك تنويع ممارسات الصيد بتشجيع استخدام تقنيات الصيد المختلفة وتطوير تربية الأحياء المائية لتقليل الاعتماد على مخزون الأسماك الطبيعية، ومراقبة وإدارة المخزون السمكي بإجراء تقييمات منتظمة للمخزون السمكي وتنفيذ تدابير إدارية قائمة على دراسات علمية، مثل تحديد مواسم الصيد وكميات الصيد لضمان استدامة المخزون السمكي، إضافة إلى البحث والابتكار من خلال الاستثمار في البحث العلمي والابتكار التكنولوجي لتطوير تقنيات صيد جديدة ومصادر غذائية بديلة للأسماك وتطوير سلالات وراثية قوية للاستزراع السمكي والقادرة على مواجهة التغيرات المناخية المستقبلية، وإشراك مجتمعات الصيد المحلية في إدارة موارد مصايد الأسماك وزيادة الوعي حول آثار تغير المناخ على مصايد الأسماك، وإشراكه أيضاً في إدارة الموارد الساحلية وتطوير استراتيجيات التكيف، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل، بما في ذلك الأنشطة غير المرتبطة بصيد الأسماك والاستزراع السمكي، مثل السياحة البحرية.

القطاع الزراعي

وقال: إن الآثار المحتملة للتغير المناخي على القطاع الزراعي في سلطنة عمان ستكون تحديدًا في الجفاف، والإجهاد الحراري، والتصحر، وتفشي الآفات والأمراض، وانخفاض الدخل، إذ سيؤدي انخفاض هطول الأمطار وفترات الجفاف الطويلة إلى انخفاض توفر الموارد المائية للزراعة، مما سيؤدي إلى انخفاض غلات المحاصيل وانخفاض المراعي للماشية، ويمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إجهاد حراري في النباتات والماشية، مما قد يقلل معدلات النمو ويقلل الإنتاجية، فيما يمكن أن تؤدي زيادة الجفاف وتملح المياه والتربة وتعرية الرياح إلى تصحر الأراضي الزراعية، مما يزيد من صعوبة زراعة المحاصيل أو تربية الماشية، بينما يمكن للتغيرات في أنماط درجات الحرارة وهطول الأمطار أن تغير من توقيت وشدة تفشي الآفات والأمراض، مما يؤدي إلى فقدان المحاصيل، وستكون هناك آثار اقتصادية مرتبطة بتدهور المياه الجوفية وارتفاع معدلات التبخر في ظل تغير المناخ وسوف تتأثر المداخيل السنوية لصغار المزارعين سلباً بسبب انخفاض الأراضي الصالحة للزراعة وزيادة الاحتياجات المائية للمحاصيل.

ونوه إلى أن التكيف مع هذه الآثار يأتي من خلال تحسين أو القيام بتنفيذ مجموعة من الإجراءات بينها تعزيز الزراعة المستدامة والذكية مناخيا في اعتماد ممارسات زراعية مستدامة، مثل الحراجة الزراعية والتقنيات الحديثة لتحسين الإنتاجية والزراعة المحافظة على الموارد لتحسين قدرة القطاع على الصمود في وجه التغيرات المناخية، وكذلك الحفاظ على التنوع الأحيائي بتقوية وجمع وحفظ الموارد الوراثية النباتية والحيوانية الأصلية، والبحث والابتكار من خلال البحث في تطوير أصناف محاصيل جديدة قادرة على تحمل الملوحة والجفاف والإجهاد الحراري، وتطوير أساليب الإدارة المستدامة للآفات الزراعية والأمراض والأنواع الغازية، وتعزيز البحوث الخاصة بإدارة المياه في الزراعة في ظل ظروف الجفاف والملوحة، بالإضافة إلى إدارة المياه بزيادة كفاءة أنظمة الري، وتطوير مصادر جديدة للمياه، وتشجيع ممارسات المحافظة على المياه، وبناء القدرات بتدريب العاملين في المجال الزراعي والحيواني على التقنيات والممارسات الزراعية الحديثة المتعلقة بتغير المناخ، وتنويع المحاصيل عبر تشجيع زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف وتوسيع نطاق المحاصيل المزروعة في مناطق مختلفة، وكذلك إدارة الثروة الحيوانية بتطوير سلالات تتحمل الحرارة وتوفير أنظمة تظليل وتبريد للحد من الإجهاد الحراري، وكذلك حفظ التربة بتنفيذ تدابير لمنع التعرية وتحسين جودة التربة، وتحديد استراتيجيات تكيف زراعية فعالة من حيث التكلفة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل للمحاصيل الرئيسية والثروة الحيوانية.

البنية التحتية

وحول الآثار المحتملة للتغير المناخي على البنية التحتية أكد الوردي أن الآثار المتوقعة عليها تكمن في زيادة تواتر وشدة الظواهر المتطرفة مثل والعواصف والأعاصير والفيضانات التي تليها والتي بإمكانها إلحاق الضرر بالمباني والطرق والبنية التحتية الأخرى مثل المياه والكهرباء، وارتفاع مستوى سطح البحر إذ يؤدي تآكل السواحل والفيضانات إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية الساحلية وتسرب مياه البحر إلى المياه الجوفية، إضافة إلى التغيرات في أنماط درجات الحرارة وهطول الأمطار والتي ستؤدي بدورها إلى ترهل وضعف مواد وأنظمة البنية التحتية، وللتكيف مع هذه الآثار، يجب تحسين أو القيام بتنفيذ مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك تصميم وهندسة البنية التحتية والتأكد من أن جميع مشاريع البنية التحتية المقترحة تدمج توقعات تغير المناخ في تصميم وهندسة مشاريع البنية التحتية الجديدة، مثل زيادة ارتفاع الهياكل الساحلية وتصميم المباني بقدرة أكبر على عزل الحرارة والتبريد، والتعديل التحديثي والصيانة بتحديث وتعديل البنية التحتية الحالية لجعلها أكثر مقاومة لآثار تغير المناخ، مثل رفع الطرق والجسور لتقليل مخاطر الفيضانات وتحسين أنظمة الصرف، والحد من مخاطر الكوارث من خلال تطوير أنظمة الإنذار المبكر وخطط الاستجابة للطوارئ لتقليل المخاطر أثناء الظواهر الجوية الشديدة، والاستثمار في البحث والابتكار لتطوير مواد وتقنيات جديدة تكون أكثر مقاومة لتأثيرات تغير المناخ.

وأضاف: أن التغيرات المناخية يمكن أن تؤثر على الصحة أيضا منها الإجهاد الحراري إذ يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة مخاطر الإجهاد الحراري والجفاف والأمراض الأخرى المرتبطة بالحرارة، لاسيما بين الفئات السكانية الضعيفة، مثل كبار السن والعاملين في الحقول الخارجية، كما أن تغير المناخ يمكن إلى يدهور جودة الهواء، مما قد يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، إضافة إلى أن التغييرات في أنماط هطول الأمطار يمكن أن تؤدي إلى انتشار الأمراض التي تنقلها الحشرات مثل الملاريا عن طريق البعوض، وللتكيف مع هذه الآثار، يجب تحسين أو القيام بتنفيذ مجموعة من الإجراءات منها تطوير وتنفيذ أنظمة الإنذار المبكر لموجات الحر وتلوث الهواء والمياه للحد من مخاطر المرض والوفاة، وتطوير نظام متكامل يشمل القطاعات المختلفة لرصد الأحداث المرضية الناجمة عن الأحداث المناخية والاستجابة لها بشكل أفضل، ورفع مستوى الوعي العام بالآثار الضارة لتغير المناخ على صحة الإنسان وتكثيف الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة، والاستثمار في البحث العلمي والابتكار التكنولوجي لتطوير استراتيجيات وأدوات جديدة للحد من الآثار الصحية لتغير المناخ.

الموارد الطبيعية

وأشار إلى أن هذه الآثار لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد والمجتمع والموارد الطبيعية في سلطنة عمان، ومن المتوقع أن تتكثف في المستقبل إذا لم يتم التعامل معها بشكل فعّال، وسيتطلب التكيف الناجح مع تأثيرات تغير المناخ على مختلف القطاعات في سلطنة عُمان مزيجًا من السياسات الفعالة والحوكمة، والبحث العلمي، والابتكار التكنولوجي، ومشاركة المجتمع لتعزيز الحفاظ على الموارد ولضمان مرونتها واستدامتها، وهنا يأتي الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه اللجان الوطنية و الجهات ذات العلاقة والعمل المشترك الذي يجب القيام به لتقييم تأثيرات إسقاطات التغيرات المناخية المستقبلية على مختلف القطاعات واقتراح الدراسات الاستشرافية للتكيف مع التغيرات المناخية في تلك القطاعات، والمساهمة في تقييم الظواهر المناخية الحادة الناجمة من التغيرات المناخية ودراسة الكلفة الاقتصادية ذات العلاقة بالظواهر المناخية الحادة والتوقعات المناخية المستقبلية، والمساهمة في نشر الوعي حول التغيرات المناخية وآثارها في القطاعات المختلفة، واقتراح سبل تأهيل الكوادر الوطنية وبناء القدرات في مجال التكيف مع التغيرات المناخية.. مشيرا إلى أن التكيف مع تغير المناخ يعد مكونًا حاسمًا في الاستجابة للاحتباس الحراري، ومن خلال اتخاذ الإجراءات الآن، يمكننا تقليل الآثار السلبية لتغير المناخ وضمان مستقبل أكثر مرونة واستدامة للأجيال القادمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التغیرات المناخیة آثار تغیر المناخ الموارد المائیة والبنیة التحتیة تغیر المناخ على فی الغلاف الجوی المیاه الجوفیة البنیة التحتیة الظواهر الجویة درجات الحرارة هطول الأمطار إدارة المیاه لتغیر المناخ سلطنة عمان التخفیف من من المتوقع بما فی ذلک التکیف مع إضافة إلى سطح البحر یؤدی إلى فی سلطنة من خلال للحد من یمکن أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

إذاعة سلطنة عمان تقدم 4 أعمال درامية في دورتها البرامجية الرمضانية

بشرى خلفان: تحويل «دلشاد» إلى دراما إذاعية تجربة محفوفة بالمخاوف أخوضها بدافع التجريب

نور الدين الهاشمي: إعداد الرواية دراميًا يتطلب تفكيكها وإعادة ترتيبها وفق منطق الزمن الدرامي

محمود عبيد الحسني: سوالف الجد حميد.. صراع الأجيال بين الماضي والتكنولوجيا في قالب كوميدي خفيف

حمد الوردي: التعامل مع «دلشاد» كان تحديا فنيا تطلب الدقة والإبداع

زاهر الراشدي: الرحلة شاقة تحمل بين طياتها تجربتين.. بناء البيت وبناء العلاقات في المجتمع الجديد

علي العجمي: قلائد الياسمين.. عمل جريء يحمل إرثًا تراثيًا عظيمًا وقضايا معاصرة

شيخة الفجرية: نجاح الدراما في نقل روح النص يعتمد على ترجمة إبداعية محكمة

فـي خطوة متجددة تعكس اهتمام وزارة الإعلام بإبراز الهوية الأدبية المحلية وتحويل الإبداع السردي إلى أعمال درامية مسموعة، تستعد إذاعة سلطنة عمان فـي الدورة البرامجية الرمضانية لبث 4 مسلسلات جديدة، تجمع بين النصوص الأدبية العمانية والدراما الإذاعية، ما يعزز حضور الإنتاج الثقافـي العماني فـي المشهد السمعي العربي.

يتصدر هذه الأعمال مسلسل «دلشاد»، المستوحى من رواية الكاتبة العمانية بشرى خلفان، والتي نالت جائزة كتارا للرواية العربية 2022 فـي فئة الروايات المنشورة، كما وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» فـي العام ذاته. وقد أعدها دراميًا الكاتب نور الدين الهاشمي، وأخرجها حمد الوردي، فـي تجربة تعكس أهمية نقل الرواية العمانية إلى فضاءات درامية أوسع... إلى جانب «دلشاد»، يضم الموسم الجديد مسلسل «الرحلة شاقة» للكاتب زاهر الراشدي وإخراج حمد الوردي، ومسلسل «قلائد الياسمين» من تأليف شيخة الفجرية وإخراج علي العجمي، ومسلسل «سوالف الجد حميد»، الذي يجمع بين الكتابة والإخراج بتوقيع محمود عبيد. فـي هذا الاستطلاع، نسلط الضوء على آراء الكتاب والمخرجين حول هذه التجارب الدرامية، ونناقش أهمية تحويل الأعمال الأدبية العمانية إلى إنتاجات إذاعية، ومدى مساهمة هذه الخطوة فـي إثراء المشهد الدرامي المحلي وتعزيز حضور الأدب العماني فـي المنصات السمعية. كيف يرى صناع الدراما هذه المشاريع؟ وما الذي تضيفه هذه التجارب للمشهد الثقافـي والإعلامي العماني؟ أسئلة نطرحها على المعنيين فـي هذه الساحة لنستشف آفاق هذه التحولات الدرامية الواعدة.

مسلسل «دلشاد» للروائية بشرى خلفان أعده للدراما نور الدين الهاشمي وأخرجه حمد الوردي ويمثله كل من عصام الزدجالي، مريم الفارسي، هلال الهلالي، زهى قادر، ووفاء الراشدية.

تقول كاتبته الروائية العمانية بشرى خلفان «حول أثر تحويل رواية «دلشاد» إلى دراما إذاعية، ومدى انعكاس ذلك على رؤيتها وما إذا كانت هناك مخاوف من أن يؤثر الإعداد الدرامي على عمق الشخصيات وتعقيداتها كما رسمتها فـي الرواية: هي تجربة جديدة، وتتجه إلى جمهور مختلف، والإعداد الدرامي يراعي هذا الاختلاف. العمل لم يبث حتى الآن، لذا سيكون مبكرا الحكم عليه، فـي كل الأعمال الأدبية عندما تحول لعمل درامي مسموع أو مرئي هناك خوف من تشويه العمل، وقد حدث ذلك مرارا، لذا ترددت طويلاً قبل الموافقة، إلا أن ثقتي بكاتب السيناريو والحوار نور الدين الهاشمي كبيرة، كونه أديبا سبق له كتابة الرواية، مع ذلك، علينا ألا نتسرع فـي الحكم.

وحول قدرة الدراما الإذاعية على نقل البعد السردي العميق الذي تحمله الرواية، قالت بشرى خلفان: لا علاقة لي بالعمل بعد تحويله لعمل مسموع، لذا ستكون تجربتي هي تجربة المستمع، الذي سيستمع للعمل لأول مرة، وسأحاول جاهدة أن أتعامل معه فـي صيغته الجديدة بحيادية الغريب وإن كان ذلك أمرا صعبا. خروج العمل من صيغته الكتابية الأدبية إلى الصيغة الدرامية سيؤثر في عمق النص بطبيعة الحال، العمق اللغوي والعمق الأدبي، بل يبدو شبه مستحيل أن يحافظ على ذلك، فكل صيغة لها اشتراطاتها وحدودها وجمهورها أيضا، ومن يظن غير ذلك فهو واهم. مع ذلك، ندخل التجربة مدركين لكل هذه المحاذير، لكننا نفعل ذلك من باب التجريب، تجريب أثر النص فـي صيغه المتعددة.

توظيف التخيّل

من جانبه يؤكد الكاتب نور الدين الهاشمي، المعد الدرامي لمسلسل «دلشاد»، أن النص الدرامي الإذاعي يعتمد بشكل أساسي على حاسة السمع، مع توظيف ميزة التخيل لدى المستمع، حيث يصبح للصوت والإيقاع والحوارات دور محوري فـي بناء عالم الرواية داخل أذهان الجمهور. ويرى أن التحدي الأكبر فـي إعداد الروايات دراميًا يكمن فـي إعادة ترتيب الأحداث بطريقة تتناسب مع الزمن الدرامي المتسلسل، ما يساعد المستمع على استيعاب الحبكة والتفاعل مع الشخصيات ومساراتها المختلفة.

ويشرح «الهاشمي» أن العديد من الروائيين يلجؤون إلى تقنية التقديم والتأخير فـي الزمن وفق رؤيتهم الفنية، وهو ما يستدعي من المعد تفكيك الأحداث وإعادة بنائها بشكل خطي متسلسل، بحيث تنساب من البداية إلى الوسط ثم النهاية، دون إرباك المستمع أو تعقيد خط السرد الإذاعي. إذ تمنح الرواية المكتوبة القارئ فرصة التوقف وإعادة القراءة، بينما يتلقى المستمع القصة بشكل متواصل، ما يستوجب تبسيط البناء الزمني وتقديم الأحداث بسلاسة.

ويشدد الكاتب نور الدين الهاشمي على أن الإعداد الدرامي يجب أن يكون مكثفًا ومركزًا، حيث يتطلب الأمر التخلص من الوصف المطول، الذي قد يكون ضروريًا فـي الرواية المكتوبة لكنه يصبح مصدر ملل فـي الدراما الإذاعية، فالإذاعة تعتمد على الحوار والمؤثرات الصوتية لتوصيل المشاهد والأفكار، ما يجعل من الضروري اختصار الحوارات الطويلة والتركيز على جوهر الحديث بدلا من الاستطرادات التي قد تضعف إيقاع القصة... فإحدى المهام الرئيسية للمُعدّ هي استبعاد التفاصيل الثانوية التي لا تؤثر على الحبكة الرئيسية. ففـي حين أن الرواية المكتوبة تستطيع التوسع فـي الشخصيات الجانبية والأحداث الفرعية، فإن المسلسل الإذاعي يقتصر على ما يخدم التصعيد الدرامي ويُبقي المستمع فـي حالة ترقب مستمر. وهذا الدور «للمعد» لا يقتصر على حذف الزوائد فقط، بل يمتد إلى إعادة صياغة الحوارات بشكل يجعلها أكثر تأثيرًا وعمقًا، مع التركيز على تعزيز التشويق، وإضفاء لمسات درامية على الأحداث لجعلها أكثر قوة وإقناعًا للمستمع. وفـي بعض الأحيان، يكون هناك حاجة إلى إدخال الراوي لسد الفجوات الزمنية أو تسهيل الانتقال بين المشاهد دون إرباك الجمهور. ويرى «الهاشمي» أهمية أن يراعي الإعداد الدرامي الثوابت الوطنية والقيم الاجتماعية والدينية، حيث يتم استبعاد أي محتوى قد يتعارض مع هذه المبادئ، بما يضمن انسجام العمل مع الثقافة المحلية ويحافظ على رسالته التوعوية والتثقيفـية.

ويتحدث نور الدين الهاشمي عن صعوبة العثور على الروايات القادرة على جذب شريحة واسعة من الجمهور، حيث لا تنجح فـي الإذاعة إلا الأعمال التي تمتلك حبكة قوية وأحداثًا متسارعة، مع تناول قضايا اجتماعية تلامس هموم المستمعين، ويؤكد أن الروايات الفكرية أو الفلسفـية، رغم قيمتها الأدبية، ليست خيارًا مثاليًا للإذاعة بسبب طبيعتها التأملية التي قد لا تتناسب مع إيقاع الدراما الإذاعية الذي يتطلب حركة وصراعات واضحة... كما أن هناك تحديا آخر يتمثل فـي عدد الحلقات، حيث يجب أن تمتد الرواية لحوالي شهر كامل من البث، ما يستبعد العديد من الروايات القصيرة رغم جمالها الفني. وبالتالي، يكون الاختيار موجهًا نحو الروايات الطويلة التي توفر مادة درامية غنية يمكن تقسيمها إلى عدد مناسب من الحلقات دون الإخلال بالسياق العام.

فـي ختام حديثه، يؤكد نور الدين الهاشمي أن الهدف الأساسي من تحويل الروايات إلى دراما إذاعية هو نشر الثقافة وتعزيز وعي المستمع، وإتاحة الفرصة أمام الجمهور لاكتشاف عوالم الرواية والتعرف على أبرز الكتاب فـي هذا الفن الأدبي الممتع. فمن خلال الدراما الإذاعية، لا يتم تقديم الترفـيه فقط، بل يتم أيضًا تحفـيز الخيال وتنمية الفكر ونقل تجارب إنسانية غنية، تساهم فـي بناء إنسان المستقبل الواعي والمثقف.

مهارة وإبداع

وحول كيفـية تعامله مع رواية «دلشاد» أثناء تحويلها إلى عمل درامي، قال المخرج حمد الوردي: الرواية تتحدث عن سيرة الفقر والجوع اللذين كانا يخيمان على حياة الناس فـي فترة تاريخية معينة فـي عمان، حيث واجه دلشاد، بطل المسلسل، صعوبات وتحديات كبيرة فـي مسيرة حياته، بداية من وفاة والده، ثم الجوع والفقر الذي كان يخيم على المنطقة، وتنقله بين حارات وأزقة المنطقة بحثًا عن لقمة العيش.

لذلك، كان لا بد لي من التعامل مع هذه الرواية، خاصة أنها رواية حائزة على جوائز، بكل التفاصيل الدقيقة التي روتها لنا الكاتبة بشرى خلفان، وحكت لنا تفاصيلها العميقة. كان اختيار الممثلين عنصرًا أساسيًا، فحرصت على اختيار ممثلين قريبين من بيئة الرواية ومن تفاصيلها، ليجسدوا الرسالة العميقة التي تحتويها... بدأت رحلتي بقراءة الرواية لفهم الشخصيات، دوافعها، أهدافها، وكيفـية تطورها عبر الأحداث، ومن ثم اختيار الممثل المناسب لكل شخصية بناءً على هذا الفهم.

وحول التحديات الفنية فـي تحويل الرواية إلى دراما مسموعة، قال «الوردي»: تحويل الرواية العمانية إلى عمل درامي، ثم الاشتغال عليه فنيًا ليصل إلى المستمع بذائقة جميلة وصورة مرئية فـي ذهنه، يتطلب المهارة والإبداع. لذلك كان لا بد لي من اختيار الممثلين بعناية، مع التركيز على عدة عناصر أساسية، أولها اللغة، ثم طبقة الصوت المناسبة لكل شخصية، بحيث يجسد الممثل الشخصية المسندة إليه بواقعية.

إلى جانب ذلك، كان عليّ العمل على الإحساس والمشاعر الخاصة بكل شخصية، بحيث يستطيع المستمع التفاعل مع القصة كما لو كان يشاهدها. كما أوليت اهتمامًا خاصًا بإنتاج «التتر» ليعكس روح العمل، وكذلك الفواصل والمؤثرات الصوتية التي تمنح المسلسل حياة وجمالية، تجعل المستمع يشعر وكأنه يعيش الأحداث، ليس فقط عبر الصوت، بل بالصوت والصورة معًا.

سوالف الجد حميد

يؤكد المؤلف والمخرج محمود عبيد الحسني أن مسلسل «سوالف الجد حميد» يأتي ضمن الأعمال الكوميدية الخفـيفة التي تحرص الإذاعة على تقديمها خلال شهر رمضان، مراعيةً أجواء المتلقي وما يناسبه خلال هذا الموسم. ويروي العمل قصة الجد حميد الذي يدخل فـي غيبوبة لفترة طويلة، ثم يستيقظ ليجد العالم قد تغير تمامًا، خاصة فـيما يتعلق بأسلوب حياة أحفاده الصغار. وبين محاولاته لغرس القيم والعادات الشعبية فـيهم، وبين تطورهم السريع فـي ظل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ينشأ صراع بين الرافض والموافق، فـي قالب فكاهي قائم على المواقف الكوميدية الخفـيفة التي تعكس هذا التباين بين الأجيال.

وعن تجربته فـي الجمع بين التأليف والإخراج، يرى «الحسني» أن هذه التجربة تمنحه السيطرة الكاملة على كل أضلاع العمل، بدءًا من صياغة النص إلى إخراج الأداء التمثيلي بالشكل الذي يراه مناسبًا للمتلقي، كما أنها تجربة تمنحه حرية الإبداع فـي توجيه الممثلين وصياغة المشاهد بطريقة متكاملة، ما يجعله يقدم العمل وفق رؤيته الخاصة، وبما يتماشى مع متطلبات الجمهور. ويضيف «الحسني» أنه يحرص فـي كل رمضان على تقديم أعمال خفـيفة ومسليّة، هدفها إدخال السرور على المستمعين مهما كانت ظروفهم، مؤكدًا أن المزج بين نجوم التمثيل العماني والمواهب الشابة من منصات التواصل الاجتماعي منح المسلسل نكهة ، حيث أضاف هذا التفاعل بين الأجيال طابعًا خاصًا للتجربة. ويشير إلى أن التعاون مع بعض الوجوه الجديدة كان تجربة مشوقة، حيث يأمل أن تتكرر هذه الفرصة فـي أعمال إذاعية مستقبلية.

الرحلة شاقة

مسلسل «الرحلة شاقة» للمؤلف زاهر الراشدي اخرجه حمد الوردي ويمثله عابدين البلوشي، غالية السيابية، زاهر الصارمي، ومحمد الحارثي، ومهلب العمري، ووفاء الراشدية.

يرى الكاتب زاهر الراشدي، مؤلف المسلسل، أن العمل يعكس تجربة حياتية حقيقية تمر بها شريحة واسعة من المجتمع، حيث يتناول فـي 30 حلقة رحلتين متداخلتين؛ الأولى تتعلق بتحديات بناء المنزل وما يرافقها من صعوبات مع المقاولين والشركات والإجراءات، وحتى اكتمال البناء واستلام المنزل، بينما تتمثل الرحلة الثانية فـي التكيف مع السكن فـي بيئة جديدة، وما يحمله ذلك من تحديات اجتماعية.

ويؤكد «الراشدي» أن كل حلقة من حلقات المسلسل ليست مجرد تطور فـي الحبكة، بل هي رسالة اجتماعية مستقلة، تعكس قضايا حياتية يواجهها الكثيرون، مع تقديم رؤى وحلول تساعد فـي التعامل معها بحكمة وروية. كما أن المسلسل لا يقتصر على استعراض المشكلات، بل يسعى إلى تعزيز القيم المجتمعية النبيلة وغيرها من المبادئ التي تسهم فـي بناء مجتمعات متماسكة ومتآلفة، مؤكدًا أن هذه القيم يجب أن تبقى حاضرة فـي الوجدان الجمعي، خصوصًا فـي ظل التحولات الاجتماعية المتسارعة.

وعن عوامل نجاح العمل، يشدد «الراشدي» على أن الدراما الإذاعية ليست مجرد قصة وحوار، بل هي منظومة متكاملة تقوم على الفكرة، والصياغة الدرامية، والأداء التمثيلي، والإخراج، والمونتاج، والتوظيف الدقيق للمؤثرات الصوتية التي تعزز من تأثير المشاهد الدرامية وتجعلها أكثر واقعية وقربًا من المستمع. ويؤكد ثقته الكبيرة بفريق العمل، وعلى رأسهم فاطمة الغيلانية، رئيسة قسم الدراما الإذاعية بإذاعة سلطنة عمان، مشيرًا إلى أن الجميع بذل أقصى ما لديه من جهد وإبداع ليخرج المسلسل فـي أفضل صورة ممكنة.

قلائد الياسمين

مسلسل قلائد الياسمين تأليف شيخة الفجرية وإخراج علي العجمي ومثله صالح زعل، فخرية خميس، أمينة عبدالرسول، هلال الهلالي، عصام الزدجالي، جاسم البطاشي، يعقوب الحارثي، سعود الخنجري، خميس الرواحي، جنان آل عيسى، خالد الجديدي، مهلب العمري، ونورة الفارسية.

حول الرسالة الأساسية التي أرادت إيصالها من خلال «قلائد الياسمين» تقول الكاتبة شيخة الفجرية: الرسالة الأساسية هي فـي التخطيط الجاد والمتوازن فـي استغلال الوقت لصنع السعادة فـي الحاضر والمستقبل، ألا يستسلم الناس للوظيفة فقط، بل عليهم السعي لاستغلال مواهبهم وصقلها ما أمكن لتشكل لهم مصدر دخل. كذلك، التمسك بالأرض من خلال زراعتها وتعميرها، فالمتقاعد والمسرّح عن العمل والباحث أمام فرصة كبيرة لتوجيه بوصلتهم نحو العمل الحر فـي الزراعة والتدريب على الخيل وصياغة الذهب وغيرها من المهن المتوارثة والمستحدثة ما استطاعوا إليه سبيلًا.»

وحول قدرة العمل الدرامي على إيصال روح القصة الأصلية إلى المتلقي، قالت «الفجرية»: عملية التحويل تقتضي ثلاث أمانات: الإنتاج وتوفـير الأدوات اللازمة حسب حاجة النص، والترجمة الأولى على يد السيناريست، والترجمة الثانية على يد المخرج، الذي يكون ممسكًا بتلابيب العمل كله، ويضع له رؤيته الإخراجية المحكمة التي لا ينازعه أحد فـي تنفـيذها، من خلال اختيار طاقم العمل المثالي فـي التصوير والتسجيل والتمثيل، واختيار أماكن التصوير وتوفـير لوازم العمل كلها.

كلما كان المخرج الدرامي ضليعًا فـي ترجمة اللغة المكتوبة إلى اللغة الدرامية المتحركة أو المسموعة، كان العمل الدرامي أكثر قدرة على نقل روح النص إلى حد الإمتاع البصري والسمعي. ورأينا الكثير من الروايات والمسرحيات الضعيفة فـي البناء الأدبي تحولت إلى أعمال درامية خالدة بسبب ترجمتها الإبداعية من الشكل النصي الأدبي إلى المنجز الفني الدرامي.

تجربة مميزة

من جانبه يؤكد المخرج علي العجمي أن مسلسل «قلائد الياسمين» يمثل تجربة متميزة من نوعها، حيث تعامل مع كل شخصية وفق أبعادها الخاصة، واضعًا فـي اعتباره الجو العام للعمل ورؤيته الإخراجية التي تعتمد على نقل المستمع بين المشاهد المختلفة عبر إيقاع موسيقي ومؤثرات صوتية دقيقة، صُممت بعناية لتناسب كل مشهد على حدة، مما يخلق تجربة سمعية غنية تتناغم مع تطور القصة وتصاعد أحداثها.

ويشير «العجمي» إلى أن أسلوب الإخراج فـي المسلسل ارتكز على لغة الحوار المكتوب، حيث تتمتع كل شخصية بأبعاد متعددة تتطور مع تقدم الأحداث. وقد كان من الضروري أن يتم ترجمة ذلك الأداء التمثيلي بطريقة حرة، مع استخدام الموسيقى والأجواء الصوتية لتعزيز الأحداث وإبراز معانيها العميقة، كما أثنى على احترافـية الفنانين المشاركين، مؤكدًا أنهم كانوا على قدر المسؤولية وأبدعوا فـي تقديم أدوارهم بما يليق بقيمة العمل. ويصف «العجمي» العمل بأنه اجتماعي تراثي يحمل أبعادًا جمالية فـي اللغة واللهجات المستخدمة، حيث تعامل مع هذه الجوانب بحس دقيق، مما أضفى على المسلسل طابعًا مميزًا وقيمة إضافـية. وأعرب عن تأثره الشديد بالتفاعل الكبير مع المشروع، مشيرًا إلى أن القضايا المطروحة فـي العمل تحمل أهمية كبيرة فـي واقعنا الحالي، ما يجعله إضافة نوعية للدراما الإذاعية.

ومن أبرز ما يميز هذه التجربة، كما يوضح العجمي، هو إعادة إحياء جلسات قراءة الطاولة، وهي خطوة كانت غائبة إلى حد ما فـي الفترات السابقة، فقد تم جمع الممثلين على طاولة واحدة لقراءة النصوص والتعرف على أبعاد الشخصيات قبل بدء التسجيل، وهو ما ساهم بشكل كبير فـي تحقيق فهم أعمق للشخصيات وانعكس إيجابيًا على الأداء النهائي.

ويختتم المخرج علي العجمي حديثه متمنيًا أن يحقق المسلسل الأهداف المرجوة منه، مؤكدًا أن العمل خرج بصورة مرضية تعكس الجهود المبذولة فـيه، سواء من فريق التمثيل أو من الطاقم الفني، وأنه ينتظر تفاعل الجمهور وتقييمه لهذه التجربة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تشارك في الاجتماع الـ 38 لوزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون
  • ملتقى نسائي يناقش دور المرأة في العمل الخيري بلوى
  • تغير المناخ وتحديات تنظيمية تهدد أولمبياد الشتاء 2030 في فرنسا
  • انسحاب أمريكي جديد من جهود مكافحة تغير المناخ
  • «الزراعة»: المزارع يقف عاجزًا أمام التغيرات المناخية (فيديو)
  • الزراعة: المزارع يقف عاجزًا أمام التغيرات المناخية
  • معهد البحوث يقدم توصيات لمزارعي الشعير بمطروح للتعامل مع التغيرات المناخية
  • وزيرة البيئة: مصادر الطاقة المتجددة حلول أساسية لتقليل آثار التغيرات المناخية
  • لماذا يُعتبر التنوع البيولوجي ضروريًا للحد من تغير المناخ؟
  • إذاعة سلطنة عمان تقدم 4 أعمال درامية في دورتها البرامجية الرمضانية