قضى قائد مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين، أيامه الأخيرة في التخطيط للمستقبل والبحث عن الذهب الذي تلقى جزءا منه من قبوات الدعم السريع السودانية، وزار عدة بلدان قبل مقتله، في ما يبدو وكأنه جولة وداعية للرجل من دون أن يدرك ذلك.

هكذا تحدثت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن الأيام الأخيرة لبريغوجين، مستندة في روايتها إلى مقابلات مع أكثر من 10 مسؤولين حكوميين وعسكريين أفريقيين، ومنشقين عن فاجنر، إضافة إلى مراجعات المحادثات المشفرة وبيانات الرحلات الجوية الخاصة به.

وتقول الصحيفة، إن طائرة قائد فاجنر الخاصة هبطت الجمعة الماضي، في أفريقيا الوسطى، في محاولة للحفاظ على العلاقة معها، إذ التقى مع الرئيس فوستين أرشانج تواديرا ورئيس استخباراته وانزيت لينغيسارا في القصر الرئاسي في العاصمة بانغي.

وأكد بريغوجين خلال محادثاته، أن التمرد الفاشل الذي قاده "لن يثنيه عن إرسال المزيد من المقاتلين أو الاستثمار في هذه البلاد".

وتضيف الصحيفة: "في اليوم التالي، كان بريغوجين يرحب بقادة قوات الدعم السريع السودانية، إذ هبطت مروحية تابعة لشركة فاجنر في بانغي وعلى متنها خمسة قادة من الدعم السريع، كانوا قادمين من إقليم دارفور حاملين صناديق هدايا تشمل سبائك من ذهب المناجم، التي كانت قواته تأمن حمايتها غربي السودان".

ونقلت "ستريت جورنال"، عن مصدر مطلع قوله، إن بريغوجين خاطب وفد قوات الدعم السريع قائلا: "أريد المزيد من الذهب"، مضيفا "سأعمل جاهدا لضمان انتصاركم عليهم"، في إشارة إلى الحرب الطاحنة ضد قوات الجيش السوداني.

وأضافت الصحيفة، بأن تصدير الذهب السوداني إلى روسيا كان من المصادر الرئيسية لثروة "فاجنر" وزعيمها الراحل.

وعقب ذلك، غادر بريغوجين بانغي، وتوجه إلى العاصمة المالية باماكو، بناءً على سجلات طيران طائرة خاصة، كان يستخدمها كثيرًا في عبور القارة، قبل أن يعود إلى موسكو.

اقرأ أيضاً

تحليل: مصير غامض لفاجنر في سوريا وليبيا والسودان

ويقدر عدد قوات "فاجنر" الموجودة في القارة السمراء، بنحو 5 آلاف مقاتل.

ومع سقوط الطائرة التي كان يستقلها بريغوجين وكبار مساعديه من موسكو إلى سانت بطرسبورغ الأربعاء، انتهت المنافسة الدولية التي كانت تدور بهدوء منذ تمرد "فاجنر" بين الكرملين والأوليغارش الذين كانوا يحاولون الحصول على التأثير في عدة دول تنشط فيها، حسب قول الصحيفة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وعد الخميس، بالتحقيق في تحطم الطائرة التي كان يوجد فيها رئيس مجموعة فاغنر، واصفاً بريغوجين بأنه رجل "موهوب".

وأضاف أن زعيم فاغنر "ارتكب أخطاءً جسيمة، لكنه حقّق نتائج".

وفي أعقاب مقتله، تدور أسئلة كثيرة حول إرث ومصير شركاته التي يبلغ عددها نحو 100 شركة، والتي كانت قد وسعت خدماتها تقريبا في الأشهر الأخيرة، لتشمل التمويل والبناء والإمداد والخدمات اللوجستية والتعدين والموارد الطبيعية والخيول الأصيلة.

وعن إحدى شركاته الخاصة بالسباقات والتي تتولى قيادتها ابنته بولينا، قالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين غربيين وأفارقة إن دخلها يأتي من صادرات الذهب السوداني إلى روسيا، ومن صادرات الخشب من أفريقيا الوسطى إلى الإمارات والصين.

وترى الصحيفة أن مقتل بريغوجين يترك مستقبل تلك الشركات غير مؤكد، فيما يسعى الكرملين الآن إلى تأميم هذه الشبكة التي تتمحور حول سلطة بريغوجين نفسه.

اقرأ أيضاً

روسيا تسرب صورا لقائد فاجنر متنكرا في أزياء عسكرية ليبية وسودانية وسورية

يقول ديفيد لويس من جامعة إكستر في المملكة المتحدة، إن الحركات والفصائل المرتبطة بالجيش الروسي قد تحاول الاستيلاء على العقود التجارية الخاصة بشركات قائد فاغنر، وقد تحاول إنشاء قوات جديدة على شاكلة "فاغنر".

ورغم ذلك، تقول الصحيفة إن الشركات التي تديرها الاستخبارات الروسية كانت تتنافس للسيطرة على عقود "فاجنر" قبل مقتله، كما كان بوتين قد أخبر شخصيًا رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى أن الوقت قد حان للنأي بنفسه عن بريغوجين.

إلا أن بريغوجين قلل من نهايته قائلا بطريقته الساخرة: "سنذهب كلنا إلى الجحيم، وفي الجحيم سنكون الأفضل".

وكانت معظم المعاملات والصفقات التي يبرمها بريغوجين محاطة بالسرية ومغلفة بنظام غامض سمح للكرملين بإبعاد نفسه عن "فاجنر" وعن الاتهامات بالتورط في أعمالها، إلا أن "فاجنر" ساهمت في زيادة التأثير الروسي في أفريقيا كما أنمت الاحتجاجات ضد الغرب في هذه القارة.

وحسب "ستريت جورنال"، فإن العديد من الصفقات أو المعاملات جرى إنجازها على أساس المصافحة فقط من دون معرفة تفاصيلها، باستثناء دائرة ضيقة صغيرة النطاق من مسؤولي المجموعة مثل ديمتري أوتكين، المسؤول السابق في المخابرات العسكرية الذي كان على متن الطائرة التي تحطمت الأربعاء.

منذ أن قاد بريغوجين تمردًا فاشلًا في يونيو/حزيران الماضي، يحاول الكرملين السيطرة على مملكته الغامضة، إذ كانت وزارة الدفاع الروسية، برئاسة المنافس والخصم الرئيسي له سيرغي شويغو، ترسل وفودًا لإبلاغ الحكومات الأجنبية بضرورة التعامل المباشر مع الدولة الروسية.

لكن زعيم "فاجنر" رفض الخروج بهدوء، وقام برحلات إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا من أجل الحفاظ على صلاته.

اقرأ أيضاً

أمريكا: فاجنر تسعى للحصول على أسلحة عبر مالي وتزود الدعم السريع السودانية بصواريخ

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فاجنر الذهب الدعم السريع السودان أفريقيا يفغيني بريغوجين الدعم السریع التی کان

إقرأ أيضاً:

باحث علاقات دولية: إسرائيل تمد قوات الدعم السريع بأسلحة ومعدات التجسس

قال الباحث في العلاقات الدولية، حامد عارف، إن انضمام قائد قوات "الدعم السريع" سابقا في ولاية الجزيرة السودانية أبوعاقلة كيكل إلى الجيش السوداني أثار جدلاً واسعاً، ولا يزال مستمراً حتى اللحظة، بسبب الإمدادات الإسرائيلية من الأسلحة و"معدات التجسس" إلى قواته عن طريق قوات "الدعم السريع".

وأضاف عارف، أن  بعض المحللين السياسيين لاحظوا اهتمامًا ليس بجديد بشأن إمكانية تعاون بين إسرائيل وقوات "الدعم السريع" بعد ظهور معلومات من مصادر متعددة عن إمدادات من الأسلحة و"معدات التجسس" الإسرائيلية لقوات كيكل، وانتشرت في الأشهر الأخيرة على شبكات التواصل الإجتماعي صور للأسلحة التي تلقتها قوات كيكل، وتفيد تصريحات أعضاء قوات كيكل الذين انشقوا مؤخرًا وانضموا للجيش السوداني بأن إسرائيل تمد حميدتي بالأسلحة والذخائر، والتي يُقال إن الجيش الإسرائيلي استولى عليها خلال المعارك البرية في غزة وجنوب لبنان.

وتابع عارف، أن نائب رئيس المجلس السيادي السوداني، محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي"، حصل على أجهزة تجسس متطورة، وقد تم نقل الشحنة إلى الخرطوم عبر طائرة مرتبطة ببرنامج التجسس الإسرائيلي، وتحتوي على تكنولوجيا مراقبة من الاتحاد الأوروبي، وتم توصيل هذه الشحنة بسرعة إلى منطقة جبل مرة في دارفور، التي تسيطر عليها "قوات الدعم السريع" بالكامل، ومع ذلك، نفت "قوات الدعم السريع" في بيان لها جميع الأخبار التي انتشرت في الإعلام المحلي والعالمي حول حصولها على تقنيات تجسس حديثة من "إسرائيل".

وأكد عارف، أن السودان ضمن الدول "الصديقة" لإسرائيل بحسب خريطة نتنياهو، وسبق أن تم مناقشة هذا التعاون بعد 27 سبتمبر، عندما ألقى بنيامين نتنياهو كلمته أمام الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قدم خارطتين بعنوان "الخير" و"الشر"، وشملت خارطة "الشر" دولًا مثل إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن.

وأوضح عارف أن إسرائيل تدرس إمكانية التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، والذي قد يؤدي إلى نفي قادة حركة حماس إلى السودان، ومع ذلك، فقد نفت كل من حركة حماس والقوات المسلحة السودانية هذه المزاعم، في حين لم تدل قوات الدعم السريع بأي تعليق حول هذه المعلومات.

وأشار إلى أن السودان قام بتطبيع علاقاته مع إسرائيل في 23 أكتوبر 2020، وكان أحد شروط رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأنه في عام 2023، وقبل فترة قصيرة من اندلاع الحرب الأهلية في السودان، قام وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بزيارة الخرطوم.

ولفت إلى أنه بعد اندلاع الصراع العسكري في السودان، حرصت إسرائيل على الحفاظ على علاقاتها مع كلا الطرفين. وقد كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية تميل إلى الحفاظ على علاقاتها مع الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، بينما حافظ جهاز الموساد على اتصالاته مع حميدتي.

وأوضح أن دعم حمدتي كاستراتيجية يعتبر خطوة منطقية للغاية بالنسبة لإسرائيل. فإنتصار الجيش السوداني في أي نوع من الصراعات المسلحة لن يعود بأي فائدة لإسرائيل.

ولفت إلى أن إسرائيل تعمل اليوم على تسليح حمدتي، مما سيمكنهم من مواجهة القوى الإسلامية الموالية، وزيادة الضغط على الدول الشقيقة.

مقالات مشابهة

  • «نداء الوسط»: «44 شهيدًا» خلال يومين جراء هجمات الدعم السريع بالجزيرة
  • محمد بن شمباس: الاتحاد الإفريقي يدين الجرائم الوحشية التي ارتكـبها الدعم السريع في الجنينة وولاية الجزيرة وغيرها
  • باحث علاقات دولية: إسرائيل تمد قوات الدعم السريع بأسلحة ومعدات التجسس
  • الدعم السريع تستخدم المعتقلين كدروع بشرية في تمبول
  • إطلاق سراح شباب من أبيي بعد دفع فدية لقوات الدعم السريع
  • عقب اجتياحها بواسطة قوات الدعم السريع وفرض الحصار عليها .. تعرف على مدينة الهلالية
  • سيناتورة أمريكية تدعو لمعاقبة الإمارات بسبب مساندتها الدعم السريع في السودان
  • بي بي سي: مناشدات للإفراج عن مصريين محتجزين لدى قوات الدعم السريع
  • سيناتور أمريكية تدعو لمعاقبة الإمارات بسبب مساندتها الدعم السريع في السودان
  • مستقبل حميدتي وقوات الدعم السريع بعد الخسائر العسكرية الأخيرة