كان الشرق الأوسط غارقاً في الآونة الأخيرة في المبادرات الدبلوماسية التي تحركها قوى خارجية، ولعل أبرزها كان توسط الصين في صياغة اتفاق بين الخصمين اللدودين السعودية وإيران، وسعي الولايات المتحدة الحالي لصياغة اتفاق تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل ضمانات أمنية ومطالب أخرى للرياض.

وبدلاً من الإشارة إلى الاستقرار المتنامي، تعكس عمليات إعادة التنظيم هذه صعود عالم متعدد الأقطاب غير منظم، حيث تشهد قوة الولايات المتحدة انحداراً نسبياً.

وتوفر هذه التحولات الموضوع الرئيسي للكاتب الجيوسياسي والمحلل الأمريكي المخضرم روبرت د. كابلان في كتابه "نول الزمن The Loom of Time"، وهو كتاب يدرس القوى الجبارة التي تعيد تشكيل الشرق الأوسط.

ويستعرض المحلل السياسي البريطاني جيمس كرابتري، في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" فلسفة  الكتاب الجديد لكابلان.

اقرأ أيضاً

سياسة خيالية.. هكذا يتعامل بايدن مع الشرق الأوسط

أفول الامبراطوريات

ويرى كابلان، في كتابه، إنه لم لم تعد هناك أي إمبراطوريات عالمية للحفاظ على النظام، بما فيها الامبراطورية الأمريكية، إن صح القول، حيث اختفت قبلها الإمبراطوريات الآشورية والرومانية والفارسية والبيزنطية والعثمانية والبريطانية والسوفييتية.

لكن الشرق الأوسط لم يجد بعد حلاً مناسبًا لانهيار الإمبراطورية العثمانية، ويعتبر كابلان أن هذا يعد أمرا مستفزا.

ويطرح كابلان مجموعة من الحجج الأخرى المثيرة للاهتمام، أحدها هو الدعوة إلى تسمية المنطقة بـ "الشرق الأوسط الكبير"، وهو المصطلح الذي يستخدمه لوصف "العالم الإسلامي في الصحراء والسهول" الممتد من إثيوبيا والبحر الأبيض المتوسط إلى مقاطعة شينجيانج غرب الصين.

ويشير إلى أن إعادة التوصيف الجغرافي هذه يمكن أن تكون مفيدة، لأنها تعطي إحساسًا أوضح بالقوى الخارجية التي تشكل مستقبل المنطقة.

والواقع أن توسعاً مماثلاً في الآفاق حدث مؤخراً في شرق آسيا أيضاً، والتي يطلق عليها كثيرون الآن اسم "المحيط الهادئ الهندي".

اقرأ أيضاً

صفقة إيران وأمريكا.. بايدن يهدأ توترات الشرق الاوسط قبل الانتخابات

نموذج ممالك الخليج

ويرى كابلان أن ممالك الخليج، بالإضافة إلى الأردن والمغرب تبرز باعتبارها معاقل للاستقرار النسبي.

وكان كابلان معجبا منذ فترة طويلة بالسلطان قابوس، الذي حكم عمان لمدة نصف قرن حتى وفاته في عام 2020، حيث مزج الحكم المطلق مع قدر من احترام الحريات المدنية والمؤسسات السياسية المستقلة.

ويرى كابلان أن هناك خط وسط (ظلال رمادية ناجحة) بين الديمقراطيات المستقرة والمثالية على أحد طرفي الطيف، أو طغاة وحشية وخانقة على الجانب الآخر، ويقول إن فكرة وجود معركة عالمية بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية - وهي نقطة المناقشة المفضلة للرئيس الأمريكي جو بايدن – أمرا غير مفيد

ومع ذلك، تظل فكرة كابلان الأكثر إثارة للجدل هي إعجابه بالإمبراطوريات، ويشير إلى أن الحكم الإمبراطوري غالبًا ما خلق سياسات مستقرة. حتى أن السلالات الحاكمة مثل العثمانيين سمحت بفترات من التسامح النسبي، خاصة بالمقارنة مع الدول القومية التي خلفتها.

وكثيراً ما يشير كابلان إلى أن الولايات المتحدة لابد وأن تلعب شيئاً أقرب إلى الدور الإمبريالي الجديد، فتعمل على جلب الاستقرار إلى المناطق المضطربة.

المصدر | جيمس كرابتري / فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط النفوذ الأمريكي دول الخليج الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

"لو موند": الشرق الأوسط لا يحتاج إلى حرب أخرى

أكدت صحيفة "لو موند" الفرنسية، أنّ حزب الله اللبناني قد ضعف بسبب الزيادة الكبيرة في عمليات الاغتيالات التي استهدفت مسؤوليه التنفيذيين، والتي انخرطت فيها إسرائيل منذ أشهر لغاية تفجيرات "البيجر" قبل أيام، والتي عرّضته للإذلال والفوضى والعزلة.

ولكنّ اليومية الفرنسية، اعتبرت أنّ حزب الله يظل قوة عسكرية كبيرة غير حكومية، تتمسك بها إيران على الرغم من الاستفزازات الإسرائيلية، كاغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران هذا الصيف. مُشيرة إلى أنّ كل هذا دفع حزب الله حتى الآن إلى اتخاذ إجراءات محسوبة، باستثناء إطلاق النار الذي أدى إلى مقتل أطفال في يوليو (تموز) الماضي، في قرية مجدل شمس بالجولان السوري المحتل.

وتحت عنوان "الشرق الأوسط لا يحتاج إلى حرب أخرى"، شدّدت "لو موند" على أنّه لتجنّب التصعيد الذي لا يُمكن السيطرة عليه، ينبغي بذل كل جهد دولي ممكن لتجنيب منطقة الشرق الأوسط حرباً إضافية.

Le Proche-Orient n’a pas besoin d’une nouvelle guerre – via @lemondefr https://t.co/O8dtQwb8Xw

— benjamin barthe (@benjbarthe) September 19, 2024 مسؤولية نتانياهو

وحمّل المحرر السياسي للصحيفة الفرنسية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مسؤولية رفض وقف إطلاق النار في غزة، والذي من شأنه إن تم أن يؤدي أيضاً إلى خفض التوترات مع حزب الله اللبناني، لكنّ نتانياهو يُعطي الانطباع بأنه يسعى إلى إضفاء الطابع الإقليمي على الصراع بكل الوسائل.

وأكد أنّ عمليات التفجيرات والاغتيال الأخيرة التي حدثت بأسلوب غير تقليدي لأعضاء حزب الله، هي بلا شك جزء من رغبة إسرائيل في استعادة قدرتها على الردع، بعد الصفعة التي شكلها اختراق الحاجز الأمني المدرع لأجهزة مخابراتها الإلكترونية التي كانت تحاصر غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.، الأمر الذي شكّل فشلاً ذريعاً لتل أبيب.

Pager explosions in Lebanon: Hezbollah is trapped in its support for Hamas

The Shiite party now bears the responsibility of deciding whether or not to engage in a decisive escalation against Israel, writes Le Monde's Beirut correspondent @helenesallon.https://t.co/922lDR4qe9

— Le Monde in English (@LeMonde_EN) September 19, 2024 تصعيد غير محسوب

ورأت "لو موند" أنّ ما تقوم به إسرائيل هو تصعيد لا يُمكن السيطرة عليه، حيث أنّها لا تُفرّق في هجماتها سواء ضدّ حماس أم حزب الله، بين المدني والعسكري، حيث لم يكن لدى المسؤولين عن عمليات "البيجر" وأجهزة اللاسلكي، أيّ ضمانة بأنّ الانفجارات سوف تستهدف مُقاتلين، وأنّها لن تؤثر أيضاً على الأشخاص المدنيين القريبين الذين ليس لهم أي صلة بأعضاء الحزب، مُتسائلة "أليس هذا مُستوحى من الإرهاب الذي ندعي أننا نحاربه؟"

وربطت اليومية الفرنسية ما يحدث في الشرق الأوسط، بالخيارات التكتيكية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي بدا في الأيام السابقة، وكأنه يُنسّق عملية الإطاحة بوزير دفاعه المؤيد صراحة لوقف إطلاق النار في غزة، والذي من شأنه أن يسمح بعودة آخر الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة. لكنّ وقف إطلاق النار يُعارضه اليمين المتطرف الذي يعتمد عليه الائتلاف الحاكم في إسرائيل، بشدّة.

En direct, explosions au Liban : le chef du Hezbollah affirme que les affrontements avec Israël se poursuivront jusqu’à « la fin de l’agression à Gaza » https://t.co/cR6CS5OhQv

— Le Monde (@lemondefr) September 19, 2024 تحويل الصراع إلى إقليمي

وبالتالي، فإنّه ومن خلال رفض التهدئة في غزة، التي تُحاول الولايات المتحدة عبثاً الحصول عليها، والتي من شأنها أيضاً أن تؤدي إلى خفض التوترات مع حزب الله، فإنّ بنيامين نتانياهو يُعطي الانطباع بأنه يسعى إلى إضفاء الطابع الإقليمي على الصراع بكل الوسائل، فهو يعرف تفوّق جيشه ويُمكنه الاعتماد على الدعم العسكري غير المشروط، الذي واصلت واشنطن تقديمه له.

مقالات مشابهة

  • هشام عبد الخالق: مصر الوحيدة التي تمتلك صناعة سينما حقيقية في الشرق الأوسط
  • مصر تدعو إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة
  • بث مباشر… جلسة مفتوحة لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط
  • الذهب يتجاوز 2600 دولار بعد خفض الفائدة
  • انعقاد جلستين لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط والوضع في لبنان
  • «البيت الأبيض»: لا نريد التصعيد ولا فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط
  • بأسعار منخفضة جدا.. أسوأ شركة طيران أوروبية في طريقها إلى الخليج
  • "لو موند": الشرق الأوسط لا يحتاج إلى حرب أخرى
  • وزيرة خارجية ألمانيا: نحذر كل الأطراف من مغبة التصعيد في الشرق الأوسط
  • وزير خارجية إيرلندا يعرب عن قلقه إزاء التصعيد في الشرق الأوسط