قوات حفتر تنفّذ عملية في جنوب ليبيا لطرد متمردين تشاديين
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
طرابلس: أعلنت قوات المشير خليفة حفتر الجمعة 25أغسطس2023، عن عملية "عسكرية وأمنية" واسعة النطاق في جنوب ليبيا لطرد مجموعات مسلحة تشادية معارضة.
وقال المتحدث باسم قوات حفتر اللواء أحمد المسماري في بيان إن "القوات المسلحة لن تسمح أن تكون بلادنا منطلقاً لأي جماعات أو تشكيلات مسلحة تشكل تهديداً لجيراننا أو قاعدة انطلاق لأي أعمال غير قانونية"، من دون أن يحدد الجماعات المسلحة المعنيّة.
وأوضح آمر شعبة الإعلام الحربي في "القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية" خليفة العبيدي، أنه يتم الاستعداد لتنفيذ "عدد من العمليات الأمنية التي تهدف إلى إخلاء وتنظيف أكثر من 2000 وحدة سكنية... بمنطقة أم الأرانب (جنوب غرب)... يسكنها عدد كبير من عناصر المعارضة التشادية وعائلاتهم".
ومساء الجمعة، نفّذت غارات جوية قرب الحدود مع تشاد أعقبها إرسال قوات على الأرض، بحسب المصدر نفسه.
وكانت الوحدات السكنية غير المكتملة التي احتلها المتمردون التشاديون بالقوة قبل أربع سنوات، مخصّصة أصلا لإيواء عائلات ليبية.
وأوضح العبيدي أن العميد صدام حفتر، نجل المشير خليفة حفتر وقائد قواته البرية، وصل إلى الحدود مع تشاد "للإشراف على العمليات العسكرية" التي تهدف إلى "تطهير" الجنوب الليبي من "العصابات المسلحة".
وقالت وزارة الدفاع في مناطق سيطرة حفتر في بيان إن "هذه العمليات تهدف لتأمين سكان تلك المناطق، من الإرهاب والجريمة المنظمة والمخدرات والاتجار بالبشر".
تشهد ليبيا فوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتحكم البلاد حاليا حكومتان متنافستان: واحدة في الغرب برئاسة عبد الحميد الدبيبة وأخرى في الشرق يرأسها أسامة حمّاد بتكليف من البرلمان ودعم من خليفة حفتر.
وتشترك ليبيا وتشاد في حدود يتجاوز طولها ألف كيلومتر ويتواجد متمردون تشاديون على جانبيها.
وتشنّ هذه الجماعات المتمردة، الموجودة منذ فترة طويلة في جنوب ليبيا، هجمات منتظمة ضد القوات التشادية. وفي ربيع عام 2021، شنّت هجومًا أدى إلى مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو، والد الرئيس الحالي محمد إدريس ديبي إتنو.
وفي 17 آب/أغسطس، توجه الرئيس التشادي الانتقالي إلى شمال البلد "لتحفيز" قواته بعد "هجوم" على مواقع الجيش شنّته جماعة متمردة.
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
هناك أكثر من سردية لبداية الحرب في السودان، ومن هو صاحب المصلحة في إشعال الحرب، لكن السردية الحكومية الرسمية تقول إن ميليشيا «قوات الدعم السريع» تمردت على سلطة الدولة وحاولت الاستيلاء على السلطة، فاضطر الجيش للتصدي لها. لكن حتى من يقول بتلك السردية يعترف بأن «قوات الدعم السريع» تكونت في عهد حكومة الإنقاذ الإسلامية، وكانت مهمتها هي القيام بالأعمال التي لا يمكن للجيش أن يقوم بها، بخاصة في دارفور التي كانت مشتعلة. وصدر قانون «الدعم السريع» في ظل حكومة الإنقاذ، وتم السماح لها بالتمدد من ناحية العدد ونوعية التسليح حتى صارت تشكل خطراً حقيقياً، ثم جاء الفريق عبد الفتاح البرهان وعدّل قانون «الدعم السريع» ليمنحها مزيداً من الصلاحيات، ويعطيها قدراً من الاستقلالية عن القوات المسلحة السودانية.
إذا افترضنا حسن النية في كل ما حدث، إن كان ذلك ممكناً، فالطبيعي أن يتعلم الناس من التجربة، ويمتنعوا عن تكرارها، على الأقل في المستقبل القريب، ويتجهوا ناحية تقوية الجيش الرسمي، وإعادة تأهيله وتسليحه وتدريبه ليكون القوة الوحيدة الحاملة للسلاح، ولكن ما حدث عكس ذلك تماماً.
أعلنت الحكومة الاستنفار، وكان المفهوم هو قبول متطوعين من المدنيين للالتحاق بالجيش. وفعلاً بدأ هذا العمل في عدد من الولايات، لكن في الوقت ذاته ظهرت «كتيبة البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبدأت من جانبها فتح باب التجنيد وسط الشباب، واتخذت لنفسها شعاراً وراية مختلفين، وأدبيات مستوحاة من تاريخ الحركة الإسلامية وفصائلها المسلحة في العهد الماضي، ثم أعلنت حركات دارفور المتحالفة مع الحكومة تخليها عن الحياد وانضمامها لصفوف الجيش، مع فتح معسكرات للتجنيد والتدريب داخل وخارج السودان، وبالتحديد في دولة إريتريا المجاورة، ثم ظهر نحو خمسة فصائل من شرق السودان فتحت معسكراتها في إريتريا وبدأت تخريج المتطوعين. وكان الملمح الظاهر لكل هذه المجموعات المسلحة، بما فيها حركات دارفور وشرق السودان، هو الطابع القبلي للحشد والتعبئة والتجنيد.
الاختلاف الوحيد ظهر في منطقة البطانة، شرق الجزيرة، وولايتَي سنار والنيل الأزرق، حيث ظهرت مجموعات مسلحة انضمت لـ«الدعم السريع»، بقيادة أبو عاقلة كيكل في منطقة البطانة، والبيشي في منطقة سنار، والعمدة أبو شوتال في النيل الأزرق. وبالطبع كان الطابع القبلي لـ«قوات الدعم السريع» أظهر من أن يتم إخفاؤه؛ فقد اعتمدت بشكل أساسي على القبائل العربية في ولايات دارفور.
كانت التحذيرات تتردد من دوائر كثيرة، ليست فقط بين المجموعات المدنية التي وقفت ضد الحرب، ولكن حتى من بين صفوف السلطة والقوات المسلحة، واتفقت كلها على أن تمرد ميليشيا لا يمكن محاربته بتكوين عشرين ميليشيا أخرى لا تخضع بشكل مباشر لسلطة القوات المسلحة، وإنما لسلطة القبيلة.
بعد الانقلاب الكبير الذي قاده أبو عاقلة كيكل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وانضمامه للقوات المسلحة مع قواته المسماة «درع السودان»، شنت «قوات الدعم السريع» حملات انتقامية على مدن وقرى منطقة البطانة وشرق النيل، وقتلت المئات من المدنيين، وشردت مئات الآلاف من قراهم، ونهبت متاجرهم وممتلكاتهم. ورغم السخط الكبير على كيكل باعتبار أنه كان مسؤولاً عن استيلاء «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة، فإنه استفاد من التعبئة القبلية في المنطقة وضاعف حجم قواته، واستطاع أن يحقق انتصارات كبيرة ضد «الدعم السريع».
مع تقدم الجيش وتحقيق الانتصارات سرعان ما بدأ صراع الفصائل يظهر على السطح، بخاصة من خلال صفحات «السوشيال ميديا»، بين مجموعات «القوات المشتركة» المكونة أساساً من حركات دارفور المسلحة، وقوات «درع السودان» التي تمددت في منطقتَي شرق وغرب الجزيرة حتى غطت على ما عداها، ومجموعات الكتائب الإسلامية التي أحست بوجود منافسة مبنية على الأساس القبلي والمناطقي تحد من تمددها في المناطق المختلفة. وتحولت الانتقادات إلى اتهامات بالفساد وارتكاب الجرائم والتصفيات، ووصلت لمرحلة تبادل اتهامات الخيانة والعمالة. وتزامن ذلك مع تبني البرهان وأركان الحكومة لما يُعرف بـ«خريطة الطريق» لمرحلة ما بعد الحرب، والتي أعدتها قوى سياسية ومسلحة متحالفة مع البرهان لم تشرك الحركة الإسلامية في إعدادها. وتضمن «الخريطة» للبرهان حكماً مطلقاً خلال فترة انتقالية قادمة، رأت فيها بعض الفصائل إنكاراً لدورها في الحرب.
الخطر الذي يخشاه السودانيون هو تحول هذه الصراعات الإسفيرية إلى صراعات ميليشيات مسلحة على الأرض، وهو ما بدا ظاهراً الآن؛ إذ تحول السودان إلى «كانتونات» تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد حدودها وخطوط نهايتها.
فيصل محمد صالح
نقلا عن الشرق الأوسط