المُجرمون الجُدُد – تزييف الحقائق والتضليل المعلوماتي باستخدام الذكاء الاصطناعي(26)
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
بقلم: هيثم السحماوي
“لقد أصبح من السهل جدًّا اصطناع الأدلة التي تستخدم في الإثبات عن طريق تقنيات وبرامج الذكاء الاصطناعي دون ترك أي أثر للشك في صحة الدليل لما توفره هذه التقنيات من برامج تزيف واصطناع لا يسهل الشك في صحتها إلا من قبل منتجها، حيث وصل الأمر إلى اصطناع أدلة الإثبات الكتابية، كذلك عملية تركيب الأصوات بدقة عالية بحيث يمكن لهذه التقنيات والبرامج إنتاج الحوارات والمحادثات وحتى الأغاني بأصوات لا تعود مؤديها الأصلي وبدقة عالية جدًّا، وأمام هذا التطور الخطير في هذه التقنيات يقف القانون والعاملون في هذا المجال من محامين و قضاة وأكاديميين عاجزين عن مجارات هذا التقدم بقوانين ما زالت تراوح في مكانها دون أي تقدم يذكر…”
هذه كلمة من محاضرة السيد المستشار الدكتور قاسم بريس الزهيري أستاذ القانون بكلية بلاد الرافدين الجامعة بدولة العراق، في الملتقى القانوني لمناقشة مخاطر تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني، المنعقد في القاهرة.
والتي تشير إلى موضوع في غاية الخطورة والأهمية وبالغ التهديد لسلامة وأمن الإنسان وهو استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في اختلاق أدلة تدين أشخاص بجرائم هم منها بُراء براءة الذئب من دم سيدنا يوسف (عليه السلام)، أو يمكن أن يكون العكس بمعنى نفي أدلة ثبوت حقيقية والتشكيك بها بهدف أن يُفلت من العقاب مُدان.
وفي دراسة نشرتها مؤسسة راند الأمريكية في يوليو 2022، بعنوان “الذكاء الاصطناعي: التزييف العميق وتزييف الحقائق”، حيث توضح هذه الدراسة مخاطر هذا التزييف وتعطي أمثلة لحالات تم فيها هذا الأمر وكان لها أثر كبير والتي منها حالات استهداف روسيا لانتخابات الولايات المتحدة لعام 2016، وكذلك الصين للمتظاهرين في هونغ كونغ، فضلاً عن المشككين في فعالية لقاحات فيروس كورونا عام 2019، كذلك تناولت الدراسة طريقة عمل تقنيات التزييف، مشيرة إلى كونها فيديوهات تحمل لقطات معدلة صناعيًّا يتم فيها تعديل الوجه أو الجسم المصور رقميًّا لتظهر كشخص أو شيء آخر.
وقد أوضحت الدراسة السابقة أنواع تقنية وبرامج الذكاء الاصطناعي المستخدمة في عملية التضليل المعلوماتي وتزييف الحقائق وهي:
تقنية النصوص المفتعلة –تقنية نسخ الصوت– تقنية الفيديوهات المفبركة-تقنية الصور المزيفة.
وهنا السؤال المنطقي طرحه وأعتقد يجول في عقل القارء الآن وهو في كلمة واحدة ما الحل؟! كيف يمكنني حماية نفسي من خطر هذه التقنية؟ أو هل الكلام السابق يعني أن مصائر الناس أصبحت في أيدي مجموعة من الناس ويمكن أن يتلاعبوا بالبشر متى أرادوا وكيفما شائوا ؟
في ذلك يقول خبير أمن المعلومات السيد زياد عبد التواب حسبما نقل عنه موقع “أسكاي نيوز عربية” أنه كما يمكن القيام بكل هذه الجرائم وطرق الاحتيال وتزييف الحقائق بواسطة هذه الخصية” الذكاء الاصطناعي” فيمكن أيضًا عن طريقها مواجهة هذه الطرق الاحتيالية قائلًا “لا يفل الذكاء الاصطناعي إلا الذكاء الاصطناعي “. وهنا يطمئن الجميع و ينصح أي متضرّر من هذه الجرائم بعدم الذعر أو الخضوع للابتزاز، بل أن يلجأ إلى الجهات المختصّة بالتحقيق في الجرائم السيبرانية لفحص واكتشاف المقاطع المزيفة، والتي يمكن اكتشافها من خلال تطبيقات مضادة في الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد على حقيقة وهي أن زيادة معدل الجرائم بسبب تقنيات الذكاء الاصطناعي “لم تعد مجرد مخاوف، لكنها أصبحت واقعًا، حيث إن مكتب التحقيقات الفيدرالية أكد زيادة معدل الجرائم في الولايات المتحدة التي تتم باستخدام التزييف العميق بنسبة 322 بالمئة من فبراير 2022 إلى فبراير 2023.
أعيد وأكرر أن الموضوع في غاية الأهمية وبالغ الخطورة، وعلينا أن ننتقل من حالة الاندهاش لما وصل إليه العلم والتطور التكنولوجي من تأثيرات كبيرة في حياتنا إلى مرحلة الوعي التام والكامل بكل هذه التطورات والاستعداد لها بكل السُبل والتي منها وضع القوانين اللازمة لحماية الأفراد من خطر هذه البرامج، والعقوبات الرادعة من استخدام هذه الوسائل ضد الغير بأي وجه من الوجوه؟، ولا نكتفي بمجرد الحديث عما يُسمى بأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي فالواقع أصبح يوافق قولة سيدنا عثمان رضى الله عنه ” إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن”.ومن الدول التي تحركت بجدية في هذا دول الاتحاد الأوروبي، حيث أقرّ نواب في الاتحاد الأوروبي تعديلات على مسوّدة لقواعد هذه التقنية، ومتوقع أن يصدر أول قانون نهاية العام الجاري أو خلال العام المقبل..
يسعدني التواصل وإبداء الرأي
[email protected]
Tags: اصطناع الأدلةالذكاء الاصطناعيتزييف الحقائق
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تزييف الحقائق
إقرأ أيضاً:
اتهامات لعمالقة الذكاء الاصطناعي بالتورط مع إسرائيل بإبادة غزة
اتهمت خبيرة الذكاء الاصطناعي، هايدي خلاف، الجيش الإسرائيلي باستخدام تطبيقات ذكاء اصطناعي خلال هجماته على قطاع غزة، بالتعاون مع شركات تكنولوجية كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وأمازون، مما قد يجعل هذه الشركات شريكة في جرائم حرب، ومن شأنه تطبيع القتل الجماعي للمدنيين وتوجيه اللوم إلى الخوارزميات.
وحذرت الخبيرة خلاف، وهي مهندسة أمن نظم سابقة في شركة "أوبن إيه آي" المطورة لتطبيق شات جي بي تي ومستشارة في معهد "الآن للذكاء الاصطناعي"، من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي الذي قد يتسم بعدم الدقة.
وأضافت -في حديث لوكالة الأناضول- "إذا ثبت أن الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب محددة، وكانت شركات التكنولوجيا قد ساعدته في تنفيذها، فإن ذلك يجعلها شريكة في الجريمة".
وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي اعتمد في غزة على أنظمة ذكاء اصطناعي مثل "حبسورا" (البشارة)، و"لافندر" لأغراض تشمل المراقبة الجماعية، وتحديد الأهداف، وتنفيذ هجمات استهدفت عشرات الآلاف من المدنيين، في حين تقول منظمات حقوق الإنسان وخبراء إن هذه الأنظمة ساهمت في تنفيذ هجمات واسعة أدّت إلى مقتل الآلاف دون تمييز.
تحت عنوان "سياسات مواقع التواصل الاجتماعي كجزء من سياسات الإبادة.. أبرز الانتهاكات المرصودة".. مركز "صدى سوشال" الفلسطيني غير الحكومي ينشر تقريرا يشير إلى تصاعد الانتهاكات الرقمية والتعديات الإسرائيلية على خصوصية المستخدمين الفلسطينيين وبياناتهم
للمزيد: https://t.co/76Tp1EtTmf pic.twitter.com/veo1yIOdOm
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) July 9, 2024
إعلانوحذرت الخبيرة خلاف من أن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، المعروفة بعدم دقتها، سوف تدفع نحو تطبيع لحالات القتل الجماعي للمدنيين، كما جرى في غزة، قائلة "إنها معادلة خطيرة، وقتئذ سوف تلجأ الجيوش إلى تبرئة نفسها بالقول إن الخوارزمية هي من قررت، ونحن لم نفعل شيئًا".
وأشارت إلى أن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة تقريبا من مراحل الهجمات التي شنتها على غزة، بدءا من جمع المعلومات الاستخبارية، وصولا إلى اختيار الأهداف النهائية، اعتمادا على بيانات متنوعة تشمل صورا فضائية، ومعلومات اتصالات تم اعتراضها، وتعقب مجموعات أو أفراد.
كما ذكرت أن تطبيقات مثل "جيميناي" من غوغل، و" شات جي بي تي" من "أوبن إيه آي"، تُستخدم للوصول إلى أنظمة الاتصالات الفلسطينية وترجمة المحادثات، مشيرة إلى أن الأشخاص يُدرجون في قوائم الأهداف فقط بناء على كلمات مفتاحية.
وأشارت الخبيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يتحقق من صحة الأهداف التي يحددها الذكاء الاصطناعي، وقالت: "للأسف، تشير التقييمات إلى أن دقة بعض هذه الأنظمة قد تكون منخفضة بنسبة تصل إلى 25% فقط".
وحذّرت من أن استهداف شخص واحد عبر الذكاء الاصطناعي دون الاكتراث بسقوط مدنيين آخرين يُقارب في خطورته القصف العشوائي، مشددة على أن هذا النوع من "الأتمتة الخاطئة" يحمل أخطارا جسيمة.
وأوضحت أيضا أن التحقق من أهداف الذكاء الاصطناعي يتم بطريقة سطحية جدا، مما يُثير الشكوك حول مدى جدية السعي لتقليل الخسائر المدنية.
وأضافت أن "الذكاء الاصطناعي يُطبع الاستهداف الخاطئ ويخلق سابقة خطيرة، وبسبب حجم وتعقيد هذه النماذج، يصبح من المستحيل تتبّع قراراتها أو تحميل أي طرف المسؤولية".
وقالت الخبيرة خلاف إن العالم يشهد اتجاها متسارعا نحو أنظمة استهداف آلية بالكامل، دون رقابة قانونية أو محاسبة، وإن "هذا التوجه يحظى بدعم من إسرائيل ووزارة الدفاع الأميركية والاتحاد الأوروبي".
إعلانوشددت على أن غياب الحظر القانوني الواضح على تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكرية يشكل ثغرة خطيرة لم تُعالج حتى الآن، مؤكدة أن الإطارين القانوني والتقني غير جاهزين لخوض حروب قائمة على الذكاء الاصطناعي.
وتابعت: "إذا كان من الصعب تتبّع كيفية تسبب الذكاء الاصطناعي في سقوط ضحايا مدنيين، فيمكننا تخيل سيناريو يُستخدم فيه الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف للتهرب من المسؤولية عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين".
شراكة علنيةوأشارت الخبيرة خلاف إلى أن شركات التكنولوجيا الأميركية، وعلى رأسها غوغل وأمازون، قدّمت منذ عام 2021 خدمات ذكاء اصطناعي وسحابة حوسبة للجيش الإسرائيلي.
ولفتت إلى أن هذا النوع من التعاون "ليس تيارا جديدا"، موضحة أن التعاون توسّع بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع اعتماد إسرائيل المتزايد على خدمات السحابة والنماذج والتقنيات من مايكروسوفت.
كما نوّهت إلى أن شركات مثل "بالانتير للتكنولوجيا" على ارتباط بالعمليات العسكرية الإسرائيلية، وإن كانت التفاصيل بشأن هذا التعاون محدودة وغير معلنة، مشيرة إلى أن من المهم أن نُدرك أن الجيش الإسرائيلي لا يكتفي بشراء خدمات جاهزة، بل يدمجها مباشرة في تطبيقات عسكرية.
وأكدت أن شركات مثل أمازون وغوغل ومايكروسوفت تعلم تماما مدى خطورة استخدام هذه النماذج، ومستوى دقتها، والمخاطر المرتبطة بكيفية استخدامها من قبل الجيش الإسرائيلي، ورغم ذلك "فهي لا تتوانى عن التعاون مع الجانب الإسرائيلي بشكل علني".
وقالت إن هذه الشركات قدّمت تسهيلات مباشرة للجيش الإسرائيلي كي يستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجالي الاستهداف والاستخبارات، مؤكدة "إذا ثبت أن الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب محددة، وكانت شركات التكنولوجيا قد ساعدته في تنفيذها، فإن ذلك يجعلها شريكة بشكل واضح في الجريمة".
وتأتي هذه الاتهامات الجديدة، في ظل ما ذكرته تقارير مرارا بشأن أن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة قدمت نموذجا مجسدا للسياسات التي تنتهجها شبكات التواصل الاجتماعي للتأثير في الرأي العام العالمي ودفعه إلى تقبل الحرب على القطاع، مكملة بذلك أدوات الحرب عبر الفضاء الرقمي.
إعلانوبالتوازي مع الحرب المدمرة على أرض الواقع في قطاع غزة، يخوض الاحتلال الإسرائيلي والقوى الداعمة له حربا على المحتوى الفلسطيني بشبكات التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي.
ويترافق هذا مع مواصلة إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة بغزة خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.