بقلم: هيثم السحماوي

“لقد أصبح من السهل جدًّا اصطناع الأدلة التي تستخدم في الإثبات عن طريق تقنيات وبرامج الذكاء الاصطناعي دون ترك أي أثر للشك في صحة الدليل لما توفره هذه التقنيات من برامج تزيف واصطناع لا يسهل الشك في صحتها إلا من قبل منتجها، حيث وصل الأمر إلى اصطناع أدلة الإثبات الكتابية، كذلك عملية تركيب الأصوات بدقة عالية بحيث يمكن لهذه التقنيات والبرامج إنتاج الحوارات والمحادثات وحتى الأغاني بأصوات لا تعود مؤديها الأصلي وبدقة عالية جدًّا، وأمام هذا التطور الخطير في هذه التقنيات يقف القانون والعاملون في هذا المجال من محامين و قضاة وأكاديميين عاجزين عن مجارات هذا التقدم بقوانين ما زالت تراوح في مكانها دون أي تقدم يذكر…”

هذه كلمة من محاضرة السيد المستشار الدكتور قاسم بريس الزهيري أستاذ القانون بكلية بلاد الرافدين الجامعة بدولة العراق، في الملتقى القانوني لمناقشة مخاطر تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني، المنعقد في القاهرة.

والتي تشير إلى موضوع في غاية الخطورة والأهمية وبالغ التهديد لسلامة وأمن الإنسان وهو استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في اختلاق أدلة تدين أشخاص بجرائم هم منها بُراء براءة الذئب من دم سيدنا يوسف (عليه السلام)، أو يمكن أن يكون العكس بمعنى نفي أدلة ثبوت حقيقية والتشكيك بها بهدف أن يُفلت من العقاب مُدان.

 وفي دراسة نشرتها مؤسسة راند الأمريكية في يوليو 2022، بعنوان “الذكاء الاصطناعي: التزييف العميق وتزييف الحقائق”، حيث توضح هذه الدراسة مخاطر هذا التزييف وتعطي أمثلة لحالات تم فيها هذا الأمر وكان لها أثر كبير والتي منها حالات استهداف روسيا لانتخابات الولايات المتحدة لعام 2016، وكذلك الصين للمتظاهرين في هونغ كونغ، فضلاً عن المشككين في فعالية لقاحات فيروس كورونا عام 2019، كذلك تناولت الدراسة طريقة عمل تقنيات التزييف، مشيرة إلى كونها فيديوهات تحمل لقطات معدلة صناعيًّا يتم فيها تعديل الوجه أو الجسم المصور رقميًّا لتظهر كشخص أو شيء آخر.

وقد أوضحت الدراسة السابقة أنواع تقنية وبرامج الذكاء الاصطناعي المستخدمة في عملية التضليل المعلوماتي وتزييف الحقائق وهي:

تقنية النصوص المفتعلة –تقنية نسخ الصوت– تقنية الفيديوهات المفبركة-تقنية الصور المزيفة.

وهنا السؤال المنطقي طرحه وأعتقد يجول في عقل القارء الآن وهو في كلمة واحدة ما الحل؟! كيف يمكنني حماية نفسي من خطر هذه التقنية؟ أو هل الكلام السابق يعني أن مصائر الناس أصبحت في أيدي مجموعة من الناس ويمكن أن يتلاعبوا بالبشر متى أرادوا وكيفما شائوا ؟

في ذلك يقول خبير أمن المعلومات السيد زياد عبد التواب حسبما نقل عنه موقع “أسكاي نيوز عربية” أنه كما يمكن القيام بكل هذه الجرائم وطرق الاحتيال وتزييف الحقائق بواسطة هذه الخصية” الذكاء الاصطناعي” فيمكن أيضًا عن طريقها مواجهة هذه الطرق الاحتيالية قائلًا “لا يفل الذكاء الاصطناعي إلا الذكاء الاصطناعي “.  وهنا يطمئن الجميع و ينصح أي متضرّر من هذه الجرائم بعدم الذعر أو الخضوع للابتزاز، بل أن يلجأ إلى الجهات المختصّة بالتحقيق في الجرائم السيبرانية لفحص واكتشاف المقاطع المزيفة، والتي يمكن اكتشافها من خلال تطبيقات مضادة في الذكاء الاصطناعي.

ويؤكد على حقيقة وهي أن زيادة معدل الجرائم بسبب تقنيات الذكاء الاصطناعي “لم تعد مجرد مخاوف، لكنها أصبحت واقعًا، حيث إن مكتب التحقيقات الفيدرالية أكد زيادة معدل الجرائم في الولايات المتحدة التي تتم باستخدام التزييف العميق بنسبة 322 بالمئة من فبراير 2022 إلى فبراير 2023.

أعيد وأكرر أن الموضوع في غاية الأهمية وبالغ الخطورة، وعلينا أن ننتقل من حالة الاندهاش لما وصل إليه العلم والتطور التكنولوجي من تأثيرات كبيرة في حياتنا إلى مرحلة الوعي التام والكامل بكل هذه التطورات والاستعداد لها بكل السُبل والتي منها وضع القوانين اللازمة لحماية الأفراد من خطر هذه البرامج، والعقوبات الرادعة من استخدام هذه الوسائل ضد الغير بأي وجه من الوجوه؟، ولا نكتفي بمجرد الحديث عما يُسمى بأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي فالواقع أصبح يوافق قولة سيدنا عثمان رضى الله عنه ” إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن”.ومن الدول التي تحركت بجدية في هذا دول الاتحاد الأوروبي، حيث أقرّ نواب في الاتحاد الأوروبي تعديلات على مسوّدة لقواعد هذه التقنية، ومتوقع أن يصدر أول قانون نهاية العام الجاري أو خلال العام المقبل..

يسعدني التواصل وإبداء الرأي

[email protected]

 

 

Tags: اصطناع الأدلةالذكاء الاصطناعيتزييف الحقائق

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تزييف الحقائق

إقرأ أيضاً:

فيم يختلف نموذج أو 1 عن نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى؟

كشفت شركة "أوبن إيه آي" عن النسخة الأحدث من نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها تحت اسم "أو 1″، وهو النموذج الذي كثرت الشائعات عنه منذ عدة أعوام ولكن تحت مسمى "ستروبيري" (Strawberry) وهو الاسم الكودي لهذا النموذج.

تتباهى الشركة بأن نموذجها الجديد قادر على التفكير المنطقي والوصول إلى نتائج وردود أكثر منطقية من أي نموذج ذكاء اصطناعي آخر في العالم، وهذا يجعله قادرًا على تقديم إجابات أكثر دقة وسلامة من غيره من النماذج.

ولكن لماذا تستحق هذه الترقية نموذجًا منفردًا بها، ولماذا لم يكن مجرد تحديث صغير لنموذج "شات جي بي تي" المعتاد كما حدث مع الترقية السابقة "4 أو"، وماهي أهم الفوارق بين "أو 1" و"أو4″؟

ما المقصود بالقدرة على التفكير المنطقي في "أو 1" ؟

يعد نموذج "أو 1" أحد نماذج اللغة العميقة، أي أنه يعتمد في النهاية على جوهر مشابه للنماذج الأخرى، ويمكن الوصول إليه عبر واجهة "شات جي بي تي" المعتادة، ولكن يتطلب بالطبع اشتراكًا خاصًا به.

ورغم أن شركة "أوبن إيه آي" استخدمت العديد من الجمل الترويجية لوصف النموذج الجديد مثل كونه قادرًا على التفكير بشكل منطقي أو التفكير قبل إطلاق الإجابات والتأكد من سلامة الإجابات أولًا، فإنه يظل نموذجا مشابها للغاية لنموذج "شات جي بي تي".

وعبر استخدام هذه الجمل، أكدت الشركة أن التفكير المنطقي هو السمة الأهم في النموذج الجديد ووجه الاختلاف الأكبر بينه وبين النماذج الأخرى سواءً كانت من الشركة أو منافسيها، وفي حين لم توضح الشركة بشكل كامل آلية عمل سمة التفكير المنطقي هذه، لكنها وضحت الخطوط العريضة لها.

يستطيع نموذج "أو 1" تفكيك الأسئلة والمسائل المعقدة إلى مجموعة من الأسئلة الأبسط والأصغر، ثم يبدأ بالإجابة على هذه الأسئلة ومقارنة إجاباته مع الإنترنت، وذلك قبل أن يقدم الإجابة النهائية، وفي حين تضمن آلية العمل هذه دقة أعلى في الإجابات الواردة من النموذج، لكنها تستغرق وقتًا أطول في الإجابة.

تتيح هذه الآلية الإجابة على أسئلة أكثر تعقيدًا وهي الأسئلة التي تطلب عددًا من الخطوات قبل الوصول إلى النتيجة النهائية، كأن تطلب من النموذج الإجابة على مسألة فلسفية معقدة مكونة من أكثر من جانب ليقوم النموذج بتفكيكها إلى مشاكل أصغر والإجابة عليها ثم العودة إليك بجواب شامل يحل المشكلة الفلسفية بأكملها.

تعمل نماذج الذكاء الاصطناعي المعتادة عبر تلقي السؤال الرئيسي وهو ما سنطلق عليه مدخلات ثم البحث عبر الإنترنت عن الإجابات (غيتي) ما هو الاختلاف بين نموذج "أو 1" و"شات جي بي تي"؟

للوهلة الأولى، يبدو النموذج الجديد من "أوبن إيه آي" مماثلًا لبقية نماذج الذكاء الاصطناعي ولكن مع دقة أكبر، ولكن في الحقيقة، فإن الاختلاف البسيط الذي طرأ في آلية الإجابة على الأسئلة التي أطلقت عليها الشركة "التفكير المنطقي" يجعل هذا النموذج مختلفًا للغاية عن كافة النماذج الأخرى.

ورغم أن الشركة لم تكشف عن تفاصيل آلية التفكير المنطقي بشكل كامل حفاظًا على سريتها وتفوق المشروع الخاص بها، فإنها وضحت نظرة عامة عنها، ومن أجل تقريب آلية العمل هذه وفهم الاختلاف بينها وبين نماذج الذكاء الاصطناعي المعتادة يجب النظر إلى طريقة عمل الأخيرة.

إذ تعمل نماذج الذكاء الاصطناعي المعتادة عبر تلقي السؤال الرئيسي وهو ما سنطلق عليه مدخلات ثم البحث عبر الإنترنت عن الإجابات وتوقع الإجابة الصحيحة عبر مطابقة الكلمات المذكورة في السؤال مع الكلمات المذكورة في الإنترنت لتقديم الإجابة النهائية على شكل مخرجات، لذلك، كانت تعتمد "أوبن إيه آي" على هذه الآلية في التسعير، ولكن يختلف الأمر قليلا مع "أو 1".

تتضمن آلية عمل "أو 1" ما يعرف باسم "سلسلة الأفكار" (Chain of thoughts) وهي كما يوحي الاسم آلية عمل مماثلة للغاية لما يستخدمه البشر للوصول إلى النتائج والتفكير في المشاكل المعتادة، ويمكن توضيح هذه الآلية بشكل أبسط عند التفكير في الألغاز الحسابية التي تتضمن معاملًا مجهولًا، مثل (عمر محمد هو 10 سنوات، وعلي أصغر منه بـ4 سنوات، فكم يبلغ عمر أحمد إذا كان أكبر من علي بعامين؟).

الإجابة على مثل هذه الألغاز تتطلب أكثر من نقطة حسابية مختلفة ثم الربط بين هذه النقاط معًا في سلسلة من الأفكار المتصلة من أجل الوصول إلى الإجابة النهائية، وفي حين توفر هذه الآلية إجاباتٍ أكثر دقة من غيرها، فإنها تستغرق وقتًا أطول من آليات الإجابة المعتادة التي تقدم الإجابة في ثوان قصيرة.

وتمثل هذه الآلية تحديًَا مختلفًا لشركة "أوبن إيه آي"، إذ تعتمد على مجموعة من الخطوات والإجابات الخفية التي لا تظهر أمام المستخدم وتعمل في الخلفية بشكل مباشر، لذا لا يمكن النظر في آلية التسعير لنموذج "أو 1" الجديد باستخدام رموز المدخلات أو المخرجات المعتادة، وهذا دفع الشركة لابتكار رموز جديدة تدعى رموز المنطق (Reasoning Tokins)، وهي تتضمن العملية الخفية التي لا يراها المستخدم النهائي، وبسبب وجود هذه العمليات الخفية، فإن تسعير "أوبن إيه آي أو 1" يبلغ 4 أضعاف ما يظهر في "شات جي بي تي" المعتاد.

يستطيع نموذج "أو 1" تفكيك الأسئلة والمسائل المعقدة إلى مجموعة من الأسئلة الأبسط والأصغر، ثم يبدأ بالإجابة على هذه الأسئلة ومقارنة إجاباته مع الإنترنت (الفرنسية) استخدامات مختلفة تمامًا

تفتح آلية التفكير المنطقي في نموذج "أو 1" الباب أمام مجموعة متنوعة وكبيرة للغاية من الاستخدامات، وتنقل الذكاء الاصطناعي إلى الاستخدام العلمي الاحترافي في مختلف الجوانب، سواءً كانت التحديات الطبية أو الرياضية أو العلمية بشكل عام.

آلية سلاسل الأفكار تتيح للنموذج الإجابة على الأسئلة مهما كانت معقدة أو مركبة، وذلك لأنه يستطيع تقسيمها إلى مجموعة من الأسئلة الصغيرة والوصول إلى النتائج بشكل صحيح في غالب الأوقات.

ورغم أن "أوبن إيه آي" دمجت هذه الآلية في النموذج الجديد، فإنها ليست جديدة على عالم الذكاء الاصطناعي، إذ كان المستخدمون يعتمدون عليها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي للوصول إلى النتائج المرضية بشكل أفضل، وهي تستغرق وقتًا ومجهودًا أطول بكثير من الطرق المعتادة.

كما يدفع تسعير "أو 1" استخدامات النموذج إلى الجانب الاحترافي أكثر وذلك لأنه يتجاوز سعر نموذج "شات جي بي تي" المعتاد بـ4 أضعاف فضلًا عن كونه أغلى نموذج ذكاء اصطناعي متاح في الوقت الحالي، ومن الجدير بالذكر أن النموذج مازال في طور التجربة، ومن المتوقع أن يكون الجيل القادم أكثر كفاءة.

مقالات مشابهة

  • HONOR Magic V3: أول شاشة في العالم مصممة للحد من إجهاد العين باستخدام تقنية Defocus Display المدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • رحلة الترجمة من القواميس الورقية إلى الذكاء الاصطناعي
  • قوة صاعدة: فرص الإمارات في سباق الذكاء الاصطناعي
  • خلال ندوة لجائزة الشيخ حمد للترجمة هل الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل المترجم؟ متخصصون يجيبون
  • ما هو نموذج Llama 3.2 من ميتا وكيف سيشكل ثورة في التحليل المرئي باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • فيم يختلف نموذج أو 1 عن نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى؟
  • كيف أجاب الذكاء الاصطناعي عن تفاصيل اغتيال نصر الله ؟
  • الذكاء الاصطناعي: هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصر الله
  • حلقة عن الذكاء الاصطناعي بتعليمية الداخلية
  • ميتا: تقنية جديدة لإنشاء محتوى على فيسبوك وإنستجرام عبر الذكاء الاصطناعي