علي جمعة: هذا مدخل التيارات المتشددة لتكفير الأمة
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
حذّر الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، من خطورة ما وصفه بـ"الخلل العقدي والفكري" الذي أصاب بعض التيارات الدينية المتشددة، نتيجة ما يعرف بـ"تثليث التوحيد"، مشيرًا إلى أن هذا المصطلح لم يُعرف في تاريخ علماء المسلمين من الصحابة والتابعين وأئمة الأمة، بل ظهر لأغراض سياسية وفكرية خطيرة، على حد وصفه.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، خلال تصريح اليوم الثلاثاء، أن هذا التقسيم الغريب للتوحيد إلى "توحيد ربوبية"، و"توحيد ألوهية"، و"توحيد أسماء وصفات" أدّى إلى خلل كبير في فهم معنى التوحيد، وبالتالي إلى انحراف في تعريف الشرك، مما ترتب عليه اتهام المسلمين – ظلمًا – بالشرك لمجرد توسلهم بالنبي ﷺ أو طلب المدد منه.
وقال الدكتور علي جمعة: "النبي ﷺ قال: لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، ونحن امتثلنا لهذا الحديث، ولم نغالِ فيه كما غالى النصارى، ولكن هؤلاء جعلوا من تعظيم النبي نوعًا من الشرك، وتوسل العوام به كفرًا بواحًا، وهو جهل بيّن بالدين وعلومه".
وأشار إلى أن هذا الفكر المتشدد وجد طريقه للتمدد تحت غطاء تقسيم التوحيد، ليُستخدم لاحقًا في تكفير الحكام والطعن في شرعيتهم، مؤكدًا أن هذه الجماعات اتخذت من هذا الفكر ذريعة للخروج على الدولة والمجتمع باسم "إعادة التوحيد".
وأضاف: "هؤلاء يريدون إخراج الأمة عن دينها، بل كفّروا الأزهر وعلماءه، وكفروا الأشاعرة وسادة الأمة، ووصل بهم الغلو إلى الطعن في النبي ﷺ تحت ستار محاربة الشرك، وهو ما لم يفعله أحد من المسلمين، لا العوام ولا حتى المجانين. فالله حفظ جناب النبي من أن يُعبد، وهي كرامة عظيمة من الله ومعجزة مستمرة".
وتحدث الدكتور علي جمعة عن الخلفيات السياسية لهذه الانحرافات، قائلاً: "المشكلة ليست في العقيدة فقط، بل في توظيفها سياسيًا، هم أرادوا أن يسحبوا الشرعية من الحاكم، فقالوا عنه مشرك، وبالتالي لا بيعة له، ثم استمرت الأجيال على هذا المنهج حتى أخرجوا المسلمين من دينهم باسم التوحيد".
واستنكر محاولات هذه التيارات الطعن في رموز الأمة، متوقفًا عند ما يُعرف بـ"نونية القحطاني"، وقال عنها: "هذه الأبيات تهاجم الأشاعرة والعلماء وتصفهم بألفاظ ساقطة، وهي لا تنتمي إلى منهج علمي ولا خُلقي، ولا يُعرف لصاحبها ترجمة أصلاً. كيف يُقال هذا في سادة الأمة؟!"
وأكد على أن الإسلام دين حب ووفاء وتعظيم للجناب النبوي، قائلاً:"حب النبي ﷺ فطرة في قلوب المصريين، ولذلك لم تنتشر هذه الأفكار الظلامية بينهم، ولله الحمد، لم يُعبد النبي قط، وهذه من دلائل صدقه ومعجزاته، إذ حماه الله حتى من غلوّ الجاهلين".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة علي جمعة هيئة كبار العلماء الأزهر الشريف الدکتور علی جمعة النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمةُ الله للعالمين؛ فهو سببُ وصولِ الخير ودفْع الشر والضر عن كل الخلق في الدنيا والآخرة، وكما أنه صلى الله عليه وآله وسلم شفيعُ الخلائقِ؛ فالصلاةُ عليه شفيعُ الدعاء؛ فبها يُستجاب الدعاء، ويُكشف الكرب والبلاء، وتُستنزَل الرحمة والعطاء، وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم -وهو الصادق المصدوق- أنَّ الإكثار منها حتى تستغرق مجلس الذكر سببٌ لكفاية المرء كلَّ ما أهمه في الدنيا والآخرة.
وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أن الصلاة على النبي وردت آثارُها عن السلف والأئمَّة بأنها سببٌ لجلب الخير ودرء الضر، وعلى ذلك جرت الأمَّةُ المحمديةُ منذ العصر الأول، وتواتر عن العلماء أن عليها في ذلك المعول؛ حتى عدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم المستمرَّة بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وتواترت في ذلك النقول والحكايات، وألفت فيه المصنفات، وتوارد العلماء على النص على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإكثار منها في أوقات الوباء والأزمات؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمة الله تعالى لكل الكائنات.
حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراضوأشارت دار الإفتاء إلى أن الأخبار تواترت عن الأئمَّة الأخيار عبر الأعصار والأمصار بأنَّ الصلاة على المختار هي أعظمُ ما تُدرأ به الأخطار، وتوضع به الآصار والأوزار، وتُستَدْفَع به نوائب الأقدار، والملمات والمضار، حتى نقلوا في ذلك ما تتنوَّر به الصفحات، وتتعطر به الكتب والمصنفات، من متواتر الوقائع والكرامات، في تفريج الكربات، وجلاء الأزمات، ودفع الملمات، ببركة الصلاة والسلام على خير البريات، وسيد أهل الأرض والسماوات، ما عدُّوه من عظيم المعجزات المستمرة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم بعد الممات.
وذكرت دار الإفتاء أقوال عدد من الفقهاء حول هذه المسألة ومنهم:
قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح (ت643هـ) في "أدب المفتي والمستفتي" (ص: 210، ط. مكتبة العلوم والحكم) وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [فإنها ليست محصورةً على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وآله وسلم، بل لم تزَلْ تتجدَّد بعده صلى الله عليه وآله وسلم على تعاقب العصور؛ وذلك أنَّ كراماتِ الأولياء من أُمَّته صلى الله عليه وآله وسلم وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وآله وسلم قواطع، ومعجزات له سواطع، ولا يعدها عد ولا يحصرها حد، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته، وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته].
علي جمعة: تعدد أسماء النبي في القرآن دليل على عظمة مكانته
هل يجوز إضافة لفظ سيدنا عند ترديد الصلاة على النبي؟.. الإفتاء تجيب
علي جمعة: تعظيم النبي أمر إلهي وليس اختراعا بشريا
ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
وقال الحافظُ السخاوي في كتابه الماتع "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص: 442، ط. دار الريان) صلى الله عليه وآله وسلم: [ومن تشفَّع بجاهه صلى الله عليه وآله وسلم، وتوسَّل بالصلاة عليه، بلغ مراده، وأنجح قصده، وقد أفردوا ذلك بالتصنيف، ومن ذلك: حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه الماضي وغيره، وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام، وتعاقب العصور والأيام، ولو قيل: إن إجاباتِ المتوسلين بجاهه عقب توسلهم يتضمَّن معجزاتٍ كثيرةً بعدد التوسلات، لكان أحسن؛ فلا يطمع حينئذٍ في عد معجزاته حاصر، فإنه ولو بلغ ما بلغ منها حاسر قاصر، وقد انتدب لها بعض العلماء الأعلام فبلغ ألفًا، وايم الله إنه لو أمعن النظر لزاد منها آلافًا تُلفَى، صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، وحسبك قصة المهاجرة التي مات ولدها ثم أحياه الله عز وجل لها لما توسَّلت بجنابه الكريم، ويدخل هنا حديث أبي بن كعب رضي الله عنه وغيره من الأحاديث الماضية في الباب الثاني؛ حيث قال فيها: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ»، ولله الحمد].
وأفرد الأئمة كتبًا في تفريج الكروب، بالصلاة على الحبيب المحبوب صلى الله عليه وآله وسلم، كما صنع الإمام الحافظ المنذري (ت656هـ) صاحب "الترغيب والترهيب" في رسالته "زوال الظما، في ذكر من استغاث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشدة والعمى"، والإمام أبو عبد الله بن النعمان المراكشي (ت683هـ) في كتابه "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام، في اليقظة والمنام"، والعلامة نور الدين الحلبي الشافعي (ت1044هـ) في كتابه "بغية ذوي الأحلام، بأخبار مَن فُرِّجَ كربُه برؤية المصطفى عليه الصلاة والسلام في المنام"، والإمام العارف بالله أحمد بن سليمان الأروادي الخالدي النقشبندي (ت1275هـ) في كتابه "مفرج الكروب، بالصلاة على النبي المحب المحبوب" صلى الله عليه وآله وسلم.. وغيرهم.
ومن ذلك: ما ذكره العلامة الفيروزآبادي (ت817هـ) في كتابه "الصِّلَات والبُشَر، في الصلاة على خير البشر" (ص: 169-170، ط. سماح للنشر)؛ قال: [فمنها ما أخبرني العلامة أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن، محدث مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشافهة، قال: نقل الإمام عمر بن علي اللخمي المالكي قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير: أنه ركب في مركب في البحر المالح، قال: وقامت علينا ريح تسمَّى "الإقلابية" قلَّ مَن ينجو منها من الغرق، فضجَّ الناس خوفًا من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمتُ، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولوا ألف مرة: اللهم صلِّ على سيدنا محمَّد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا عندك بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات، من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات. قال: فاستيقظتُ وأعلمتُ أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة مرة، ففرَّج الله عنا، هذا أو قريبًا منه. قال أبو عبد الله: وأخبرني الشيخ الصالح الفقيه حسن بن علي بن سيد الكل المهلني الأسواني رحمه الله تعالى بهذه الصلاة، وقال: من قالها في كل مهم ونازلة ألف مرة فرج الله عنه وأدرك مرامه].