شمسة يوسف

 

مع صدور قانون المحاماة بالمرسوم السلطاني رقم 41/2024، وجدنا أنفسنا أمام نص تشريعي يسعى إلى إعادة صياغة واقع المحاماة؛ ليجعل منها مهنة أكثر انضباطًا وأقوى ارتباطًا برسالة العدل.

ومع ذلك، ورغم أن نية التطوير حاضرة، إلّا أننا كمحامين واجهنا تحديات حقيقية فرضها واقع التطبيق، وأثارت فينا تساؤلات مشروعة حول مستقبل المهنة ومكانة المحامي العماني.

لقد جاء القانون الجديد ليؤكد أن المحاماة ليست مجرد وظيفة عادية؛ بل هي رسالة تتطلب اجتهادًا وعلمًا ومهارة. واشتراط فترات تدريبية منظمة، وتحديد معايير أدق للانضمام إلى جداول المحامين، هي خطوات تهدف إلى رفع سقف الكفاءة وتحقيق العدالة.

ومن أبرز إيجابيات هذا القانون رفع معايير القيد من خلال فترات تدريب منظمة بإشراف محامين مُعتمدين، وتسريع وتيرة التدرج المهني دون الإخلال بجودة الأداء، وتعزيز العمل المؤسسي عبر فتح باب تأسيس شركات محاماة، مع حماية المحامي أثناء تأدية مهامه القانونية.

ورغم هذه الإيجابيات، إلّا أن التحديات العملية التي ظهرت على أرض الواقع لا يُمكن تجاهلها. فقد غابت آليات الدعم المادي والمعنوي للمحامين المُتدربين؛ مما جعل سنوات التدريب عبئًا على الخريجين الجُدد. كما نص القانون الجديد على اشتراط اجتياز اختبار نهائي، مع شطب قيد المحامي المُتدرِّب في حال عدم النجاح؛ مما يجعل مستقبلهم المهني معلقًا بنتيجة اختبار واحد، دون النظر إلى جودة التدريب الذي تلقوه. وهنا تبرز أهمية مراقبة جودة التدريب لضمان ألَّا يتحول إلى مجرد متطلب شكلي؛ بل تجربة فعلية تؤهل المحامي للمهنة.

وتُضاف إلى هذه التحديات مسألة فصل نشاط "مكاتب المحاماة" عن نشاط "مكاتب الاستشارات القانونية"، وما ترتب عليه من فتح المجال لتوظيف غير عُمانيين في قطاع الاستشارات القانونية، وهو ما قد يؤثر سلبًا على فرص المحامين العُمانيين الذين يُمثِّلون الأساس الحقيقي للمهنة.

ولا يمكن إغفال الأعباء المالية الجديدة؛ إذ يُشكِّل إخضاع مكاتب المحاماة للضرائب تحديًا إضافيًا أمام المكاتب الصغيرة. ونحن ندرك أهمية المساهمة الوطنية، إلّا أن فرض الضرائب دون توفير دعم مناسب قد يؤدي إلى تثبيط المحامين الشباب عن الاستمرار في المهنة. لذلك، فإنَّ الحاجة مُلحَّة لوضع توازنات مدروسة تراعي ظروف المهنة، وتدعم نمو مكاتب المحاماة بدلًا من إثقالها بالمزيد من الأعباء.

إنَّ المحاماة ليست مجرد نصوص وقوانين؛ بل مزيج من ضمير حي، ومعرفة عميقة، وشجاعة لا تلين. ويبقى على عاتق كل محامٍ اليوم أن يقرأ التغيير بروح مسؤولة، وأن يُسهم في بناء مهنة تليق بثقة المجتمع بها.

وختامًا.. أؤمن بأن قانون المحاماة الجديد هو فرصة حقيقية لكل محامٍ ومحامية لإعادة رسم مسارهم المهني برؤية أوسع، ورسالة أعمق نحو نصرة الحق وإعلاء قيم العدالة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نقيب المحامين: قانون الإجراءات الجنائية نقلة دستورية ومشاركة النقابة فيه مسئولية وطنية

أكد عبد الحليم علام، نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب ، أن قانون الإجراءات الجنائية الجديد يمثل أحد القوانين المكملة للدستور، وأن مشاركة نقابة المحامين في صياغته لم تكن رمزية، بل جاءت انطلاقًا من دورها الوطني ومسئوليتها في الدفاع عن الحقوق والحريات.

الطماوي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد نقلة نوعية في مسار العدالةالقصبي: قانون الإجراءات الجنائية بمثابة نقلة نوعية تعزز حقوق الإنسان

جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس النواب، المنعقدة اليوم، الثلاثاء، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، لمناقشة وإقرار الصيغة النهائية لمشروع القانون، بحضور عدد من الوزراء وممثلي الجهات المعنية.

سابقة تاريخية لمشاركة النقابة

وأوضح علام أن مشاركة النقابة في إعداد مشروع القانون تُعد سابقة في تاريخ التشريع المصري، وتؤكد إدراك الدولة العميق لدور المحاماة كركن أصيل في تحقيق العدالة وسيادة القانون.

تعاون حكومي مثالي

وأشاد نقيب المحامين بالتعاون المثمر بين الحكومة والبرلمان خلال مراحل إعداد القانون، واصفًا هذا التنسيق بأنه "نموذج يُحتذى به"، يعكس حرصًا حقيقيًا على إصدار تشريع عصري يحمي كرامة الإنسان ويعزز منظومة العدالة الجنائية.

وقال علام إن المشروع يحقق توازنًا دقيقًا بين حماية المجتمع وضمان حقوق المتهم، ويواكب التحديات الحديثة في مجال التقاضي، مؤكدًا أن البرلمان ناقش المشروع بشفافية كاملة، وأظهر التزامًا بسماع كل وجهات النظر.

 

طباعة شارك قانون الإجراءات الجنائية نقيب المحامين عبدالحليم علام نقيب المحامين

مقالات مشابهة

  • نقيب المحامين يشيد بإقرار مجلس النواب لقانون الإجراءات الجنائية
  • نقيب المحامين: مشروع قانون الإجراءات الجنائية خطوة مهمة على طريق الجمهورية الجديدة
  • نقيب المحامين: قانون الإجراءات الجنائية نقلة دستورية ومشاركة النقابة فيه مسئولية وطنية
  • نقيب المحامين: قانون الإجراءات الجنائية يصون كرامة الإنسان ويعكس شراكة تشريعية
  • اختتام الدورة ‏الخامسة من مشروع دورات التدريب المهني ودعم المشاريع الصغيرة في حلب
  • وزارة العدل تعلن اعتماد تصنيف الدبلوم العالي للمحاماة في مركز التدريب العدلي
  • اعتماد تصنيف الدبلوم العالي للمحاماة في مركز التدريب العدلي
  • محافظ بني سويف يسلم 60 متدرباً شهادات اجتياز دورات التدريب المهني
  • عاجل - مدبولي يلتقي بوزير العمل لمتابعة ملفات قانون العمل وتطوير التدريب المهني