اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات الأردنية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، إثر تنفيذها عمليات هدم وإخلاء قسري لمنازل ومحالّ تجارية في مخيم المحطة، أحد المخيمات غير الرسمية للاجئين الفلسطينيين في العاصمة عمّان، وذلك ضمن مشروع لتوسعة الطرق. 

وأكدت المنظمة أن عمليات الإخلاء جرت دون إشعار كافٍ أو تعويض عادل أو توفير بدائل سكنية، مما فاقم من معاناة السكان وأدى إلى تهجير عشرات العائلات.



وأشارت المنظمة إلى أن مشروع التطوير الحضري، الذي تنفذه أمانة عمّان الكبرى في إطار خطتها الاستراتيجية للأعوام 2022-2026، يهدف إلى إعادة تنظيم المناطق العشوائية، وتقليل الكثافة السكانية، وتوسعة الشوارع العامة. 

إلا أن هذا المشروع، بحسب "هيومن رايتس ووتش"، تم دون مراعاة المعايير القانونية الدولية، لا سيما تلك المتعلقة بالتشاور مع السكان وتوفير إشعارات مسبقة وتعويضات ملائمة.

وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، آدم كوغل، إن الحكومة الأردنية أخفقت في ضمان الحد الأدنى من الحماية القانونية للسكان المتضررين، مضيفاً أن "تشريد العائلات وقطع سبل العيش دون ضمانات مناسبة وتعويض عادل، يتركان أمام عشرات الأشخاص القليل من الأماكن التي يمكنهم اللجوء إليها".


وبحسب لجنة الدفاع عن أهالي المحطة، وهي هيئة شكلها السكان للتفاوض مع الجهات الرسمية، فإن أمانة عمّان أمرت حتى شباط/فبراير الماضي بهدم 25 منزلاً كان يقطنها أكثر من 100 شخص، إلى جانب عدد من المحالّ التجارية. وقد بدأت عمليات الهدم في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 واستمرت حتى كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته.

وأوضحت شهادات السكان الذين قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" أن الإشعارات التي تلقوها كانت شفهية أو متأخرة، وأن التعويضات المعروضة لم تتناسب مع حجم الخسائر، ولم تُراعِ تكاليف الانتقال أو خسائر الدخل. 

في المقابل، صرح أمين عمّان، يوسف الشواربة، بأن ما قدمته الأمانة ليس تعويضاً، بل "تبرع قانوني وإنساني"، مؤكداً أن المباني المقامة في المخيم غير مرخصة وتعدّ اعتداء على أملاك الدولة.

ورغم احتجاجات السكان ومحاولاتهم لوقف عمليات الإخلاء، استمرت السلطات في تنفيذ الهدم. كما أدت الإجراءات إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، وتعطيل تعليم الأطفال، وارتفاع تكاليف النقل والسكن.

وأشارت شهادات إلى حالات إنسانية صعبة، منها عائلة لفتاة تعاني شللاً نصفياً لم تجد سكناً مناسباً لحالتها الصحية.


ودعت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة الأردنية إلى التقيّد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما يشمل عدم تنفيذ الإخلاء القسري دون ضمان سكن بديل مناسب، وتشاور حقيقي مع المتضررين، وتوفير سبل الانتصاف العادل والفعال، مع ضمان عدم تدهور مستوى معيشة السكان نتيجة هذه الإجراءات.

ما هو مخيم المحطة؟
وكان مخيم المحطة، الواقع إلى جوار منطقة جبل الهاشمي الشمالي في العاصمة الأردنية عمّان، ملاذا مؤقتا للفارين من اللاجئين الفلسطينيين، إلا أنه تحول مع مرور السنوات إلى تجمع سكني دائم.

ومع الوقت، أخذ سكان المخيم، ومعظمهم من اللاجئين الفلسطينيين، بتشييد منازلهم وتوسيعها وترميمها بما يتلاءم مع احتياجاتهم المتزايدة. وبحسب موقع "موسوعة المخيمات الفلسطينية"، فإن عدد سكان المخيم بلغ نحو 8 آلاف نسمة.

تاريخياً، لم تكن أوضاع سكان المخيم مستقرة من الناحية القانونية، فقد ظلت الأرض حتى عام 2019 تحت ملكية خاصة، وفي عام 2017 رفع مالكوها الأصليون دعوى قضائية للمطالبة بإخلاء السكان. وفي العام نفسه، تلقى السكان إخطارات رسمية بالإخلاء، بحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية.

لاحقاً، وفي عام 2019، أعلنت الحكومة الأردنية عن تسوية النزاع العقاري من خلال منح المالكين أراضي بديلة، ونقل ملكية أرض المخيم إلى أمانة عمّان الكبرى، الأمر الذي أضفى صبغة قانونية على وجود السكان وطمأنهم بالبقاء في مساكنهم. وضمن هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الأسبق عمر الرزاز للسكان، بقرار رسمي، أن لا خطر يتهدد استقرارهم السكني.


غير أن هذه الضمانات لم تصمد طويلاً، إذ أصدرت السلطات مجدداً، في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، إخطارات إخلاء جديدة، في خطوة أثارت القلق والاستياء بين سكان المخيم، الذين اعتقدوا أن ملف النزاع أُغلق نهائياً.

ويؤكد القانون الدولي لحقوق الإنسان على ضرورة أن تتجنب الحكومات ترك السكان دون مأوى عند تنفيذ أي عمليات إخلاء، مشدداً على أهمية توفير مساكن بديلة مناسبة تتوافق مع المعايير الدولية المتعلقة بالأمن والبنية التحتية وتكلفة السكن وصلاحيته.

كما ينص على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على سكن آمن، يسهل الوصول إليه، وبأسعار معقولة.

وتقع على عاتق السلطات مسؤولية ضمان ألا تؤدي إجراءات الإخلاء إلى تدهور المستوى المعيشي للأسر المتضررة، أو المساس بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك حقها في الاستقرار والسكن الكريم ضمن بيئة آمنة ومتصلة بمصادر الرزق والخدمات الأساسية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية مخيم المحطة للاجئين الفلسطينيين الاردن فلسطين مخيم للاجئين المحطة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة الأردنیة هیومن رایتس ووتش سکان المخیم

إقرأ أيضاً:

"يديعوت" تكشف تفاصيل "المعركة الأصعب" منذ استئناف القتال في غزة

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الثلاثاء، 29 أبريل 2025، تفاصيل واحدة من أعنف المواجهات التي خاضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ استئناف العمليات العسكرية في 18 مارس الماضي، ووصفتها بـ"المعركة الأصعب" منذ تلك الفترة.

وبحسب الصحيفة، فقد وقعت المعركة يوم الجمعة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وبدأت بسقوط المجندة نيتاع يتسحاق كاهانا من وحدة "المستعربين" في الساعة الرابعة عصرًا، وانتهت بعد أكثر من ساعتين بمقتل ضابط المدرعات النقيب إيدو فولوخ، وسط معركة معقّدة في منطقة مليئة بالأنفاق والمباني المدمرة.

وأوضحت الصحيفة أن قوات من حماس نصبت كمينًا متقنًا، حيث خرجت مجموعات مسلحة واحدة تلو الأخرى واشتبكت مع وحدات من مشاة البحرية وقوات الاحتياط التابعة للواء 16، في مواجهة وُصفت بأنها الأعنف منذ بداية الجولة الجديدة من القتال.

وأضافت أن المعركة دارت على بعد كيلومتر ونصف من السياج الفاصل، في موقع استراتيجي قرب تلة "المنطار"، التي تشرف على مستوطنات إسرائيلية مثل ناحال عوز وكفار غزة. وبعد انتهاء المواجهات، رفع الجيش الإسرائيلي علمه على أعلى التل، مشيرًا إلى "استكمال السيطرة" على المنطقة الأمنية الجديدة التي يقيمها الاحتلال داخل حدود قطاع غزة.

اقرأ أيضا/ في عمليات منفصلة.. الجيش الإسرائيلي يُعلن اغتيال 3 مقاومين فلسطينيين

وفي تفاصيل المعركة، ذكرت، "في فترة ما بعد الظهر تم نصب كمين من قبل قوات خاصة من المستعربين .. قام مسلحون فلسطينيون خرجوا على ما يبدو من حفرة ب فتح النار على الجنود فأطلقوا النار على رأس القوة بصفته المدفعي الرشاش .. أطلق نيتا النار وحمى رفاقه حتى أصيب في الرأس".

ووفقًا للتقرير، شاركت ست دبابات وقوة إنقاذ بحجم كتيبة في عمليات الإخلاء تحت النيران، وسط إطلاق كثيف للنيران من قِبل المقاومة، بما في ذلك صواريخ مضادة للدبابات ونيران كثيفة على طرق الإخلاء، في إشارة إلى استمرار وجود قدرات تكتيكية وتنظيم ميداني عالي لدى فصائل المقاومة.

وتابع، "تشير التحقيقات التي تتشكل إلى أنه في غضون أربع دقائق تمكنت قوة الإخلاء التابعة للكتيبة من إنقاذ الجندي البحري المصاب بجروح خطيرة برفقة طبيب ولكن في غضون وقت قصير للغاية تم إعلان وفاته".

وزاد، "كانت هذه مجرد بداية المعركة .. أعدت حماس كمينا مخططا ومتطورا بالصواريخ المتتالية ، في منطقة لا تزال تحت الحصار على الرغم من القتال المطول في المناورة قبل أكثر من عام .. ظهرت على الأقل خمس مجموعات (مُسلّحة) واحدة تلو الأخرى وهي تطلق صواريخ مضادة للدبابات وأسلحة نارية واستهدفت طرق الإخلاء .. كشف هذا عن مستوى مرتفع نسبيا من القيادة والسيطرة لدى حماس على الرغم من أن الجيش والشاباك أعلنا مؤخرا عن القضاء على القائد الخامس لكتيبة الشجاعية".

اقرأ أيضا/ إسرائيل تدرس جديًا إلغاء الأرقام التسلسلية للأموال المتداولة في غـزة

وقد أسفرت المواجهات، بحسب تقديرات جيش الاحتلال، عن مقتل تسعة من عناصر المقاومة، فيما أطلق سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 340 قذيفة و12 صاروخًا على مواقع محيطة بالقوات المشتبكة.

وتابعت يديعوت، " لم يتوقف مقاتلو إحدى عربات الهامر التي أصيبت بصاروخ مضاد للدبابات وقاموا على الفور بنقل الجرحى إلى عربة أخرى .. تحت غطاء الدبابات أنقذوا القوات .. قُتل الكابتن فولوخ أثناء عمليات الإنقاذ عندما أصاب صاروخ مضاد للدبابات الدبابة التي كان يقودها".

وما زال الجيش الإسرائيلي يحقق في ملابسات الحادث، لا سيما في ما يخص قرارات الإخلاء الأولية، وسط إشادة بـ"رباطة جأش الجنود" الذين خاضوا أربع جولات قتالية في غزة منذ بداية الحرب، رغم اعتراف ضمني بوجود "أخطاء ميدانية" في إدارة المعركة.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية إسرائيل تدرس جديًا إلغاء الأرقام التسلسلية للأموال المتداولة في غزة مصدر سياسي إسرائيلي يوضّح حقيقة وجود "اختراق" في مفاوضات غزة في عمليات منفصلة.. الجيش الإسرائيلي يُعلن اغتيال 3 مقاومين فلسطينيين الأكثر قراءة المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو خطر على أمن البلاد ويجب أن يرحل أحدث إحصائية لعدد شهداء غزة السلطات الأمريكية تحرم ناشطا فلسطينيا من حضور ولادة طفله الأول نادي الأسير: تدهور خطير يطرأ على صحة المعتقل حسام زكارنة من جنين عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • عقب قصف مركز إيواء.. هيومن رايتس: الهجمات المتعمدة على المدنيين في اليمن هي جرائم حرب
  • “رايتس ووتش”: سياسات ترامب عدوانية تجاه حقوق المهاجرين
  • الحكومة: 6.6% معدل البطالة في 2024 رغم تضاعف عدد السكان منذ 1990
  • رايتس ووتش: إدارة ترامب تستهدف المنظمات الحقوقية في حملة صارمة
  • حرائق في جنوب أفريقيا تجبر 200 أسرة على الإخلاء
  • "يديعوت" تكشف تفاصيل "المعركة الأصعب" منذ استئناف القتال في غزة
  • رايتس ووتش تتهم الأردن بتهجير سكان مخيم لاجئين فلسطينيين
  • رايتس ووتش تدعو العالم للتصدي لمخاطر الروبوتات القاتلة
  • 1200 مستفيد من المخيم الطبي الـ 15 لـ «الشارقة الخيرية» في كلباء