يرى الكاتب محمد أبو رمان، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية في الجامعة الأردنية،  أن قرار الحكومة الأردنية تنفيذ قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين يمثل تحولًا غير مسبوق في العلاقة بين الدولة والحركة الإسلامية، لكنه لا يعني القضاء الكامل على الإسلاميين في البلاد، خاصة مع استمرار مشاركة جبهة العمل الإسلامي في الحياة السياسية.



ويقول في مقاله له منشور على موقع "ميدل إيست آي" إن هذا الإجراء جاء بعد اتهامات لأعضاء الجماعة بالتخطيط لهجمات داخل الأردن وتهريب أسلحة إلى الضفة الغربية، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى لضبط العلاقة مع الإسلاميين دون الوصول إلى سيناريو الإقصاء الكامل كما حدث في دول عربية أخرى.



ويؤكد أبو رمان أن هذه الأزمة تعكس منعطفًا حاسمًا في السياسة الأردنية، محذرًا من أن غياب رؤية واضحة من الطرفين قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد الداخلي.

ويرى أن تفسير الخطوة باعتبارها نتيجة لضغوط خارجية غير دقيق، موضحًا أن القرار ينبع من اعتبارات داخلية تهدف إلى حماية الاستقرار، في وقت تتعالى فيه الدعوات المحافظة لاعتماد سياسات أكثر تشددًا تجاه المعارضة السياسية وحقوق الإنسان.

وتلايا المقال كاملا:

تواجه البلاد منعطفًا حرجًا قد يؤدي إما إلى مزيد من القمع، أو إلى تسهيل التجديد السياسي.

على الرغم من أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية هذا الشهر لحظر جماعة الإخوان المسلمين غير مسبوقة، وتمثل مرحلة جديدة في علاقتها، إلا أن هذا لا يمثل القضاء التام على الحركة الإسلامية.

لا تزال جبهة العمل الإسلامي، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، تحتفظ بوضعها البرلماني القانوني، وتؤكد أنها ستواصل مشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية والعامة في البلاد.

فماذا يعني هذا التحرك ضد الإخوان، وما هي عواقبه المحتملة؟

يُمثل هذا الحظر تطبيقًا لحكم قضائي سابق ضد الجماعة، والذي قضى بعدم وجود أساس قانوني لوجودها في الأردن. لكن الإخوان لم يمتثلوا لهذا الحكم، وواصلوا العمل سرًا.

تغير الوضع بعد اتهام أعضاء الجماعة مؤخرًا بالتخطيط لهجمات داخل المملكة، إلى جانب مزاعم بتهريب أسلحة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

دفعت مخاوف الأردن بشأن ما قد يعنيه هذا لمستقبل البلاد إلى اتخاذ إجراءات صارمة، وسط مخاوف من صلات الإخوان بحماس وإيران وخطر زعزعة الاستقرار الداخلي.

تأتي هذه الأزمة بعد أشهر قليلة من مساعدة الأردن للولايات المتحدة ودول أخرى في صد هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، ردًا على اغتيال إسرائيل قادة من حماس وحزب الله والحرس الثوري، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة.

تعميق الخلاف

ازداد الخلاف بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين تفاقمًا على مدى أكثر من عقد منذ الربيع العربي، وبلغ أدنى مستوياته مع تداعيات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والانتخابات البرلمانية الأردنية في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي حقق فيها حزب جبهة العمل الإسلامي مكاسب كبيرة.

أدى الاشتباك بين الإخوان والدولة في الشوارع، مدفوعًا باحتجاجات مواجهة، إلى تأجيج ما يُزعم أنه ظهور خلايا مسلحة، والذي أصبح بدوره مبررًا للحظر.

هذا لا يعني بالضرورة أن الأردن يُكرر نماذج عربية أخرى، حيث صُنّفت جماعة الإخوان منظمة إرهابية وسُجن أعضاؤها، أو أنه يتجه نحو إقصاء كامل للإسلام السياسي من العملية السياسية في البلاد.

بل يبدو أن الحكومة تُميّز بين جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة - التي، في نظر الدولة، فقدت وضعها القانوني - و"جبهة العمل الإسلامي"، الذي لا يزال تُشارك في الأنشطة السياسية والبرلمانية.

هذا التمييز يفتح الباب أمام قادة جبهة العمل الإسلامي لإعادة تقييم مسار الحزب وعلاقته بالدولة. كما يُتيح للحزب فرصةً لتطوير رؤية استراتيجية مختلفة، وتجنب المسار الذي قاد جماعات الإخوان المسلمين في دول عربية أخرى نحو السجن والنفي.

هذا مهمٌّ بشكل خاص بالنظر إلى أن الإسلاميين ظلّوا تاريخيًا حركةً سلميةً ضمن الإطار السياسي للدولة الأردنية، تهدف إلى إحداث تغيير تدريجي. رغم الأزمات المتكررة، لم يصل الطرفان قط إلى مرحلة المواجهة الشاملة، كما حدث في أماكن أخرى، لأنهما سمحا للبراغماتية والواقعية السياسية بتوجيههما في أوقات الأزمات.

الديناميكيات الداخلية

في حين حاول بعض المعلقين المقربين من جماعة الإخوان المسلمين في الخارج ربط الأحداث الأخيرة بالأجندات الدولية والإقليمية، زاعمين أن الأردن تعرض لضغوط خارجية، إلا أن هذا على الأرجح غير دقيق. فقد رفض الأردن تاريخيًا مثل هذه الضغوط وقاوم دعوات من حلفائه العرب لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية.

في الوقت نفسه، سعت بعض وسائل الإعلام العربية إلى استغلال الحظر والمبالغة في تأثيره، وتصويره كدليل على أن الأردن يسير على خطى دول عربية أخرى في استهداف الإسلاميين.

تتجاهل جميع هذه التفسيرات الديناميكيات الداخلية الحاسمة التي تُشكل علاقة الدولة مع الإخوان.

هذا لا يعني بالضرورة أن الأزمة بين الدولة والإسلاميين الأردنيين ستنتهي في هذه المرحلة.

من المحتمل أن تتطور الأمور في الأيام المقبلة، إذا فشل الطرفان في بلورة رؤى واضحة وقواعد جديدة للعبة السياسية، من أجل الحفاظ على الاستقرار الداخلي.

يُعدّ هذا الأمر ملحًا بشكل خاص في ظلّ تزايد الأصوات المحافظة الداعية إلى سياسات قمعية متزايدة في التعامل مع المعارضة السياسية وقضايا حقوق الإنسان.

في نهاية المطاف، لا ينبغي الاستهانة بخطورة وأهمية الأزمة بين الدولة الأردنية والإسلاميين - قوة المعارضة الرئيسية في البلاد.

تُمثّل هذه الأزمة منعطفًا حاسمًا في السياسة الأردنية، منعطفًا قد يتجه إما نحو التراجع التدريجي عن أجندة الإصلاح الديمقراطي في البلاد، أو قد يُشكّل خطوة ضرورية نحو تطوير الإطار السياسي الأردني إلى إطار قائم على تفاهمات داخلية أكثر وضوحًا وتماسكًا.

ميدل إيست آي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية حزب جبهة العمل الإسلامي الاردن الاخوان المسلمين المخابرات الأردنية القضاء الأردني حزب جبهة العمل الإسلامي سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الإخوان المسلمین جبهة العمل الإسلامی عربیة أخرى بین الدولة فی البلاد منعطف ا

إقرأ أيضاً:

WSJ: تداعيات الحرب بغزة تظهر في مصر والأردن.. حظر الإخوان مثال

شدد تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، على أن تداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بدأت في الظهور في كل من مصر والأردن، مشيرة إلى قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين في المملكة.

وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن حليفين مهمين للولايات المتحدة يواجهان غضبا متزايدا وسط السكان مع تصعيد إسرائيل للحرب ضد غزة.

وفي إشارة لتصاعد الضغط، أعلنت الحكومة الأردنية يوم الأربعاء حظرا شاملا على نشاطات حركة الإخوان المسلمين في الأردن، وهي جزء من تيار إسلامي يتمتع بتأثير واسع في العالم العربي، وفقا لما أورده التقرير.

وأعلنت الحكومة بداية الشهر عن اعتقال عدد من ناشطي الحركة واتهمتهم بالتآمر لتنفيذ هجمات وتعريض الأمن الوطني للخطر، فيما نفت الجماعة أي علاقة لها بخطر التآمر المزعومة.  

وقالت الصحيفة إن الأردن شهد تظاهرات منتظمة، وجه المشاركون فيها انتقادات للحكومة وعلاقتها مع إسرائيل، فيما عقدت تظاهرات أمام السفارتين الأمريكية والإسرائيلية، واشتبك فيها المتظاهرون مع قوات الأمن الأردنية.  


وبالمقابل، تمارس مصر قيودا أشد على التظاهرات إلا أنها سمحت في مناسبات للمتظاهرين الخروج في تظاهرات مدروسة ومسيطر عليها لإظهار التضامن مع فلسطين وبدون انتقاد لحكومة عبد الفتاح السيسي. وتقول الصحيفة إن عدم الاستقرار يمثل تهديدا لقيادة البلدين العربيين، اللذان يعتبران حليفين حيويين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.  

ويقع الأردن ومصر في بعض المناطق الأكثر حساسية بالمنطقة. وقد استولى السيسي على السلطة في انقلاب عام 2013. وعقدت كل من مصر والأردن اتفاقيات سلام مع إسرائيل في عام 1979 و 1994 على التوالي.

ورغم العلاقات الدبلوماسية والأمنية وغير ذلك بين البلدين وإسرائيل، إلا أن شعبي البلدين عبرا عن  مواقف عدوانية ضد إسرائيل. وزادت الحرب الإسرائيلية ضد غزة من توتر هذا السلام الهشّ والبارد، إذ اضطرت الدول العربية إلى تهدئة غضب شعوبها ومحاولة الحفاظ على منافعها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، حسب التقرير.

وفي الوقت نفسه، دفع بعض أعضاء الحكومة اليمينية الإسرائيلية لنقل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، وفلسطينيي غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية. وقد زاد ذلك من الغضب الشعبي إزاء الحرب التي كانت تشتعل في هذين البلدين، ودفع عمان والقاهرة لاتخاذ مواقف متشددة من إسرائيل، حيث حذر مسؤولون مصريون إسرائيل من أن القاهرة قد تصل إلى حد تعليق معاهدة السلام لعام 1979 إذا ما دفع الفلسطينيون إلى سيناء.

وقال وزير الخارجية الأردني إن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن سيعتبر عملا حربيا. وأضافت الصحيفة أن بقاء الأردن يعتمد على ما تفعله إسرائيل وكذا النظام المصري: "إذا دفعت إسرائيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وفشل النظام في وقف هذا المد، فقد يسقط"، كما قال جوست هيلترمان، الزميل في  برنامج الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية في بروكسل.

وأضاف هيلترمان "وإذا دفعت إسرائيل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، فقد يعني ذلك نهاية المملكة الأردنية الهاشمية"، على حد قوله.

واتهمت مصر إسرائيل بانتهاك معاهدتها بالاستيلاء على ممر على طول حدودها، حيث ردت بتعزيز وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء. ورفضت الموافقة على اعتماد السفير الإسرائيلي المعين حديثا لدى مصر، ولم ترسل سفيرا جديدا إلى إسرائيل. كما يرفض السيسي التحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيا، وفقا لمسؤولين مصريين. ومن جانبها استدعى الأردن سفيره من إسرائيل في وقت مبكر من الحرب. 

وأشارت الصحيفة إلى أن مصر والأردن تعدان شريكين أمنيين إقليميين مهمين لإسرائيل. ويمتد الدعم للإخوان المسلمين أنفسهم ففي الأردن، فقد فاز الجناح السياسي لها، جبهة العمل الإسلامي، بعدد وافر من المقاعد في الانتخابات البرلمانية، وشكلت أكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب. 

 ولا يزال مستقبل الحزب غير واضح في ظل القمع ضد الإخوان المسلمين، حيث يضع عدم التسامح معها على نفس الخط مع مواقف حكومات السعودية ومصر والإمارات وعدد آخر من دول المنطقة. 


ونقلت الصحيفة عن نيل قويليام، الزميل المشارك في مركز تشاتام هاوس في لندن، قوله "لا شك أن حرب إسرائيل لعبت دورا رئيسيا في حشد الدعم لجبهة العمل الإسلامي. وكانت النتيجة بمثابة صدمة للحكومة".

ويعد الأردن ومصر وإسرائيل من بين أكبر خمس دول تتلقى التمويل العسكري الأمريكي. ويستضيف الأردن قوات أمريكية، وساعد أمريكا العام الماضي في إسقاط مقذوفات إيرانية متجهة إلى "إسرائيل"، مما أثار انتقادات في النظام الملكي، وفقا للتقرير.  

ويعلق هيلترمان، من مجموعة الأزمات الدولية أنه في مصر، مثل الأردن "يتعاطف الرأي العام بشدة مع شعب غزة". ومع ذلك، شنت مصر حملة قمع ضد حملات التضامن مع فلسطين، خوفا من أن يؤدي هذا النشاط إلى تأجيج المعارضة التي قد تتحول إلى مظاهرات تهدد النظام.

وفي الأردن، كانت جماعة الإخوان المسلمين من أبرز الجماعات التي تنظم احتجاجات متكررة. ويقول محللون إن الحظر الشامل المفروض على الجماعة، والذي يحظر أيضا حضور أو تغطية الاحتجاجات التي تنظمها، يقرب الأردن من "النهج المصري". 

مقالات مشابهة

  • اللواء عبد الحميد خيرت: أكثر من 500 عملية إرهابية حدثت في 2015 على يد الإخوان
  • اللواء عبد الحميد خيرت: الإخوان الإرهابية وحماس خططوا لتوريط الأردن في صدام مع إسرائيل
  • وزير أردني سابق: كيف سيؤثر حظر الإخوان المسلمين على مستقبل البلاد؟
  • الدولة الأردنية والإسلاميون من التوافق إلى الحظر
  • السلطات الأردنية تعتقل نائب المراقب العام لـالإخوان المسلمين
  • السلطات الأردنية تعتقل نائب عام مراقب الإخوان المسلمين
  • WSJ: تداعيات الحرب بغزة تظهر في مصر والأردن.. حظر الإخوان مثال
  • السلطات الأردنية تعتقل قياديا بارزا بجماعة الإخوان المسلمين
  • الأردن.. وحلّ جماعة الإخوان الإرهابية