"مؤسسة الجسر" تدعم ابتعاث الأطباء العُمانيين في برامج الزمالة
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
مسقط- الرؤية
وقَّع المجلس العُماني للاختصاصات الطبية يوم أمس الثلاثاء الـ 29 من أبريل الجاري برنامج تعاون مع مؤسسة الجسر للأعمال الخيرية، وذلك تتويجًا لشراكة مثمرة امتدت على مدار عدة سنوات، بهدف دعم ابتعاث الأطباء العُمانيين للالتحاق ببرامج الزمالة خارج سلطنة عُمان.
وأثمر هذا التعاون عن تخريج 11 طبيبًا وطبيبة حتى الآن، بالإضافة إلى 9 أطباء وطبيبات ما زالوا يتلقون تدريبهم حاليًا في الخارج ضمن تخصصات دقيقة، شملت: أمراض الأنسجة، والتخدير، والأمراض الجلدية، وطب الطوارئ، والجراحة العامة، والطب الباطني، وطب الأحياء الدقيقة، وأمراض النساء والولادة، وجراحة المخ والأعصاب، وطب وجراحة العيون، وجراحة الوجه والفكين، وجراحة العظام، وطب الأطفال.
وتنوعت وجهات الابتعاث لتشمل دولًا مثل: كندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وأيرلندا، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، وسنغافورة، والهند، حيث تتراوح مدة التدريب في هذه البرامج بين سنة الى سنتين.
ويواصل المجلس العُماني للاختصاصات الطبية جهوده الحثيثة للتعاون مع مختلف القطاعات الصحية في سلطنة عُمان لضمان تأهيل وتدريب الأطباء العُمانيين وفق أعلى المعايير العالمية في التعليم الطبي المتقدم.
ويعكس هذا البرنامج إيمان مؤسسة الجسر للأعمال الخيرية بأهمية الشراكات الاستراتيجية التي تسهم في تعزيز المسؤولية المجتمعية ودعم مجالات الصحة والتعليم والبحث العلمي في سلطنة عُمان، بما يتماشى مع الخطط الوطنية والإرشادات الحكومية الرامية إلى الارتقاء بمستوى الاقتصاد الوطني.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
للدعم وجه آخر
لا يُنكر عاقل أن للدعم وجهاً آخر قد يتحول من أداة حماية اجتماعية إلى عبء اقتصادي إذا أُسيء تطبيقه، لكن الفرق بين “الغباء الاقتصادي” و”الحكمة الاجتماعية” يكمن في كيفية إدارة هذا الدعم،
يعتقد البعض أن الدعم على بعض السلع هو خسارة اقتصادية، متناسيا أن كبار الدول مثل بريطانيا تدعم الصحة مثلا بقاربة 188.5 مليار باوند سنويا، وأن بعض الدول تخسر لشراء السلم المجتمعي، فليس كل خسارة هي خسارة بل أن الاقتصاد ليس أرقام فقط بل أحيانا تخسر الدولة من أجل كرامة المواطن صاحب المال.
فالاقتصاد الجزئي الذي يُنبى على الربح يختلف عن الاقتصاد الكلي للدولة، كما أن الفلسفة التي تدعو لخلق طبقتين هما عمال ورأس مال لخلق دولة صراع ديمقراطي مازلنا بعيدين عنها.
اليوم الدعم متواجد في مختلف الهويات الاقتصادية وهذه نماذج لبعض الدول التي لديها دعم: فبريطانيا ليس وحدها من الدول الكبرى التي تلجأ للدعم بل فنلندا والسويد والنرويج تدعم التعليم والصحة فهي مجانية، وكندا تدعم التعليم العالي بمنح كبيرة وفرنسا تدعم التأمين الصحي الإلزامي والإمارات والجزائر تدعم المشروعات الصغرى والمتوسطة والبرازيل تدعم الفقراء للارتقاء بحياة كريمة.
إن الجدل حول الدعم هو في الحقيقة جدل حول أولويات الحكومات ورؤيتها للمواطن.
فالدولة التي ترى شعبها مجرد أرقام في جداول الميزانيات ستسارع إلى قطع الدعم باسم “الترشيد المالي”، أما الدولة التي تعتبر الإنسان ركيزة التنفس فستسعى إلى عدم المساس بالدعم.
القضية ليست “دعم أم لا دعم”، بل “كيف نُحسن الدعم” لنصنع اقتصاداً يُحقق التوازن بين العقل والقلب.
الأهم من ذلك، أن الدعم يجب أن يكون جسراً للإصلاح، لا بديلاً عنه، وقبل كل هذا يبقى السؤال الأهم هو كيف نوزع الثروة على الناس حتى لا يضطرون للدعم.
لم يعد السؤال “هل نلغي الدعم؟”، بل “كيف نعيد اختراعه؟”، فالدعم في القرن الحادي والعشرين يجب أن يكون نظاماً ذكياً مرتبطا بالتنمية.
وفي خضم الجدل حول الدعم الحكومي للسلع الأساسية، يغفل الكثيرون عن الحكمة العميقة الكامنة وراء هذه السياسات، فالدعم ليس مجرد إنفاق عشوائي يُثقل كاهل الموازنة العامة، بل هو استثمار حقيقي في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، عندما تتدخل الدولة لضمان أسعار معقولة للخبز أو الوقود أو الكهرباء، فإنها لا تحمي فقط الفئات الهشة من الغلاء، بل تحافظ أيضًا على تماسك المجتمع وتجنبه موجات الغضب والاضطرابات التي قد تكبد الاقتصاد خسائر أكبر بكثير من تكلفة الدعم نفسه.
خذ على سبيل المثال الدول الأوروبية التي تقدم دعماً سخياً لقطاعات مثل الصحة والتعليم، رغم تصنيفها كاقتصادات ليبرالية. وكما ذكرت بريطانيا، التي تمثل أحد أعمدة الرأسمالية العالمية، تقدم العلاج المجاني عبر “خدمة الصحة الوطنية” (NHS) لأنها تدرك أن المواطن السليم هو أساس الإنتاجية والابتكار، فهل يُعتبر هذا الدعم “هدراً” للموارد أم ضماناً لرأس المال البشري الذي تقوم عليه الثروة الحقيقية للأمم؟.
الأمر ذاته ينطبق على “الخسارة المدروسة” التي تتحملها بعض الحكومات لشراء السلم المجتمعي. ففي دول تعاني من تفاوتات طبقية حادة أو تهديدات أمنية، يصبح الدعم درعاً واقياً ضد الانفجار الاجتماعي، التاريخ يخبرنا أن ثورات الجياع كانت دائماً أكثر كلفة من سياسات الدعم، وأن الأرقام الجافة في الموازنات لا تقيس قيمة الأمن أو العدالة التي توفرها هذه البرامج.
ختاماً، فإن الحديث عن المساس بالدعم في ظل غياب الدولة مثل ليبيا يعتبر نوعا من “الغباء الاقتصادي” أو ما يمكن ان نطلق عليه (الغباء المدعوم)، ورفع الدعم أو استبداله في هذه الظروف تبسيط يفتقر إلى الرؤية الشمولية في ظل دولة لا تملك مواصلات عامة ولا طيران اقتصادي ولا سكك حديد.
كما أن تحويل الدعم إلى نقد سيزيد من حجم التضخم فكل شيء مرتبط بالوقود من الخبز إلى نقل الدواء إلى تذاكر السفر، كما أن الحكومة غير قادرة على توفير المرتبات في موعدها فلا بالك بإضافة الدعم، والمواطن لم يعد يثق في الحكومة التي وعدته بدفع نقدا للدعم على المواد الغذائية ولم يرى ذلك نهائيا.
الحل في جودة العملية الظبطية لأن مهما رفعنا السعر سيظل يهرب الوقود، فمثلا في السودان سعر اللتر يصل إلى 6 دينار ليبي مهما رفعت الدعم ستظل هنالك فرصة للتهريب.
أخيرا نقول إن الاقتصاد الناجح ليس ذلك الذي يحقق فائضاً مالياً على الورق فقط، بل الذي يضمن حياة كريمة لمواطنيه ويبني مجتمعاً متوازناً قادراً على النمو المستدام. لذلك، قبل إطلاق الأحكام، علينا أن نسأل: هل نريد اقتصاداً يخدم البشر، أم بشراً يُضحَّى بهم في سبيل اقتصاد وهمي؟.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.