في مشهد يعيد إلى الأذهان كوابيس الماضي، تصاعد التوتر مجددًا بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، بعد إعلان إسلام آباد إسقاط طائرة مسيّرة هندية في أجواء كشمير، في خطوة قد تكون الشرارة التي تُشعل “برميل بارود” إقليميًا لطالما كان على حافة الانفجار، وبينما تتبادل العاصمتان الاتهامات وتلوّحان بخيارات استراتيجية خطيرة، يحذر محللون من أن كشمير قد تتحول مرة أخرى إلى ساحة صراع تهدد أمن جنوب آسيا والعالم بأسره.

أعلن الجيش الباكستاني، يوم الثلاثاء، إسقاط طائرة تجسس مسيّرة هندية على طول “خط السيطرة” الفاصل بين شطري إقليم كشمير المتنازع عليه، وفق ما نقله التلفزيون الرسمي الباكستاني عن وكالة “بلومبرغ”.

وذكرت تقارير إعلامية، نقلاً عن مصادر أمنية باكستانية لم تُكشف هويتها، أن الطائرة المسيّرة اخترقت خط السيطرة، وهو الحد الفاصل بين المناطق التي تسيطر عليها كل من الهند وباكستان في كشمير، الإقليم الذي ظل نقطة اشتعال منذ عقود بين الجارتين النوويتين.

في سياق متصل، ذكر تقرير حديث لمجلة “ناشونال إنتريست” الأميركية أن تركيز العالم قد ينصرف عن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، بينما هناك بؤرتان أخريان مرشحتان للانفجار: شبه القارة الهندية وبحر الصين الجنوبي.

وقال المحلل العسكري الأميركي براندون وايكيرت إن تصاعد التوتر بين الهند وباكستان، إلى جانب التنافس في بحر الصين الجنوبي، يمثلان تهديدين كبيرين للاستقرار العالمي.

وأشار إلى أن تصعيدًا جديدًا قد يُشعل حربًا بسبب هجوم إرهابي وقع مؤخرًا في منطقة باهالجام بكشمير، وأسفر عن مقتل 26 مدنيًا هنديًا.

وردّت الهند بخطة دبلوماسية من خمس نقاط، مطالبة باكستان بالتحقيق في الحادث وتقديم الجناة للعدالة، بينما رفضت إسلام آباد الاتهامات، ووصفتها بأنها “غير عقلانية ومنافية للمنطق”، مؤكدة استعدادها الكامل للدفاع عن سيادتها.

وأفاد التقرير بأن الهند ردّت أيضًا بتعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند، التي تُعد ركيزة أساسية في العلاقات بين البلدين منذ توقيعها عام 1960. وقد يشعل هذا التعليق شرارة نزاع جديد، نظرًا إلى أن المعاهدة تمنح باكستان حقوقًا حيوية في مياه الأنهار العابرة للحدود.

وحذّر وايكيرت من أن إلغاء المعاهدة قد يؤدي إلى تصعيد خطير، خاصة أن باكستان تتحالف بقوة مع الصين، التي تسيطر على منابع عدد من الأنهار التي تصب في الهند، وقد تستخدم بكين هذه الورقة كورقة ضغط، كما فعلت خلال الاشتباكات الحدودية مع الهند في عام 2020، التي كان جزء منها مرتبطًا بالسيطرة على موارد المياه.

وفي الجبهة الآسيوية الأخرى، لفت وايكيرت إلى أن مضيق لوزون، الذي يفصل الفلبين عن تايوان، يشهد توترًا متزايدًا، في ظل نشر الولايات المتحدة لمنصة الصواريخ المتقدمة “نيميسيس” في محاولة لردع النفوذ البحري الصيني.

وأشار إلى أن عبور حاملة الطائرات الصينية “شاندونغ” المضيق مؤخرًا كان بمثابة رسالة تحدٍ للولايات المتحدة، في وقت تعاني فيه واشنطن تشتتًا استراتيجيًا نتيجة تورطها في عدة نزاعات حول العالم، من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.

واختتم وايكيرت تحليله بالتأكيد على أن الصين تتبع استراتيجية طويلة الأمد لتفكيك النفوذ الأميركي من خلال تأجيج الأزمات الدولية، بهدف ضمان تفوقها عند لحظة المواجهة الحاسمة.

ويأتي هذا التطور في ظل تصاعد التوتر بين البلدين، بعد الهجوم الذي استهدف سائحين في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير الأسبوع الماضي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وردًا على الحادث، عززت السلطات الهندية الإجراءات الأمنية وأغلقت أكثر من نصف الوجهات السياحية في الإقليم.

وفي الهند، تزايدت المطالب الداخلية باتخاذ إجراءات حازمة ضد باكستان، وسط مخاوف من انزلاق الوضع إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، خاصة أن كشمير تُعد من أكثر بؤر النزاع حساسية في جنوب آسيا، وقد خاضت الدولتان ثلاث حروب منذ استقلالهما في عام 1947، معظمها بسبب الصراع على هذا الإقليم الجبلي الاستراتيجي.

ويُعد النزاع في كشمير واحدًا من أطول وأخطر الصراعات الإقليمية في العالم، وتعود جذوره إلى عام 1947، حين نالت الهند وباكستان استقلالهما عن بريطانيا واختلفتا حول تبعية الإقليم الجبلي الاستراتيجي الواقع بينهما، وعلى الرغم من انضمام مهراجا كشمير آنذاك إلى الهند، فإن غالبية سكان الإقليم من المسلمين كانوا يفضلون الانضمام إلى باكستان، ما أشعل أولى الحروب بين البلدين.

ومنذ ذلك الحين، اندلعت ثلاث حروب بين الهند وباكستان، معظمها بسبب النزاع على كشمير، إلى جانب العديد من الاشتباكات والعمليات العسكرية المتقطعة. وتم تقسيم الإقليم فعليًا بين الدولتين عبر ما يُعرف بـ”خط السيطرة”، إلا أن كلاً من نيودلهي وإسلام آباد لا تزالان تدّعيان السيادة الكاملة على كامل الإقليم.

ويزيد من تعقيد الأزمة الطابع النووي للنزاع، إذ يمتلك الطرفان ترسانة نووية كبيرة، ما يجعل أي تصعيد ميداني في كشمير يحمل مخاطر كارثية، ليس فقط على المنطقة، بل على الأمن العالمي بأسره، وقد أدى هذا التوازن الحرج إلى إبقاء كشمير تحت التوتر المزمن، وسط غياب حل سياسي شامل يُنهي عقودًا من العنف والمعاناة الإنسانية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الهند الهند وأمريكا الهند وباكستان باكستان الهند وباکستان فی کشمیر إلى أن التی ت

إقرأ أيضاً:

الحدود تشتعل.. تبادل إطلاق النار بين الهند وباكستان وسط تصعيد جديد

تبادلت الهند وباكستان إطلاق النار عند الحدود بين البلدين لليلة الثالثة على التوالي، وذلك بعد الهجوم الذي أسفر عن مقتل 26 مدنيًا في الشطر الهندي من كشمير.

وذكر الجيش الهندي في بيان صباح الأحد “أن إطلاق نار “غير مبرر” من أسلحة خفيفة من مواقع الجيش الباكستاني استهدف القوات الهندية في قطاعي توماري غالي ورامبور مساء السبت”، وأضاف البيان “أن القوات الهندية ردت بإطلاق النار بأسلحة خفيفة مناسبة، دون الإشارة إلى سقوط ضحايا”.

وكانت الهند “أفادت عن حوادث مماثلة في الليلتين السابقتين عند الحدود بين البلدين”.

وتتزايد التوترات بين الهند وباكستان بشكل كبير “بعد الهجوم الذي نفذه مسلحون في باهالغام، الواقعة في الشطر الهندي من كشمير، وأسفر عن مقتل 26 شخصًا يوم الثلاثاء، ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، فقد اتهمت نيودلهي إسلام آباد بالوقوف وراءه، وهو ما نفته باكستان مطالبة بإجراء “تحقيق محايد” في الحادث الذي يُعد الأكثر دموية في المنطقة منذ عام 2000″.

في أعقاب الهجوم، “فرضت الهند عقوبات على باكستان، شملت تعليق العمل بمعاهدة رئيسية لتقاسم المياه، وإغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي، وخفض أعداد الدبلوماسيين. من جهتها، أعلنت باكستان عن طرد دبلوماسيين هنود وتعليق التأشيرات، كما أغلقت الحدود والمجال الجوي مع الهند وأوقفت التجارة معها”.

وفي “ظل أزمة المياه والجفاف التي تواجهها باكستان، والتي أثرت على الأراضي الزراعية الممتدة عبر إقليم السند، اتخذت الهند خطوة تصعيدية بتعليق معاهدة مياه نهر السند الموقعة عام 1960 بوساطة البنك الدولي”.

وأعرب المزارعون الباكستانيون في منطقة لطيف آباد، بما فيهم المزارع هوملا ثاخور، “عن مخاوفهم بشأن المستقبل، خاصة مع استمرار انخفاض منسوب النهر وقلة الأمطار في السنوات الأخيرة”، وفي الوقت نفسه، أكدت الهند “نيتها تنفيذ مشاريع لتحويل المياه وبناء سدود كهرومائية، مما أثار قلق الخبراء بشأن تأثير ذلك على الزراعة وتوليد الكهرباء في باكستان”.

وفي تصريحات صحفية، أشار وزير الموارد المائية الهندي إلى “أن الهند ستضمن عدم وصول مياه نهر السند إلى باكستان، في حين وصف مسؤولون باكستانيون هذا القرار بأنه “عمل عدائي” يمكن اعتباره إعلان حرب”.

في مواجهة هذه التطورات، يحذر خبراء اقتصاديون من “تداعيات هذا النزاع على الأمن المائي والاقتصادي لكلا البلدين. ومع تعقيد الوضع، تبقى الأيام المقبلة حاسمة في مسار العلاقات بين الهند وباكستان”.

مقالات مشابهة

  • إعلام باكستاني: إسقاط طائرة تجسس هندية فوق كشمير
  • الصين تراقب وأمريكا في مأزق كبير.. صراع نووي محتمل بين الهند وباكستان
  • باكستان تحذر من “توغل عسكري هندي” وشيك 
  • الهند وباكستان تتبادلان إطلاق النار لليلة الرابعة على التوالي في كشمير
  • الحدود تشتعل.. تبادل إطلاق النار بين الهند وباكستان وسط تصعيد جديد
  • باكستان تدعو إلى تحقيق دولي في الهجوم الإرهابي على كشمير
  • بعد مقتل 26 في كشمير.. تبادل جديد لإطلاق النار عند الحدود بين الهند وباكستان
  • بعد هجوم كشمير.. باكستان تؤكد التزامها بالرد الدفاعي فقط في مواجهة أي اعتداء هندي
  • باكستان تحذر الهند من المساس بحصصها المائية بعد حادث كشمير