في الوقت الذي تخوض فيه الأطراف المتناحرة في اليمن جولات حوار ماراثونية غير مباشرة تديرها سلطنة عمان، كشفت العقود الاستثمارية في قطاع الاتصالات ما يجري من صراع طاحن لتقاسم كعكة موارد اليمن ومواقعها وثرواتها وقطاعاتها الاقتصادية السيادية.

 

وطفا الصراع المحتدم بشكل علني إلى السطح منذ نهاية العام الماضي وطوال النصف الأول من العام الحالي، حيث كان مسرحه محافظة حضرموت الاستراتيجية جنوب شرقي اليمن، التي شهدت صراع نفوذ واسع بين مختلف الأطراف شمل مواقعها وموانئها وجغرافيتها وعملية إدارتها ومنافذها البرية، كما رافق ذلك استهداف الحوثيين للموانئ الحكومية في المحافظة ما أدى إلى توقف تصدير النفط ودخول اليمن في أزمة اقتصادية ونقدية حادة ومؤثرة على كافة المستويات.

 

وتابعت "العربي الجديد"، منذ مطلع أغسطس/ آب، ما جرى من تحركات لتقاسم النفوذ في عدد من المحافظات والمناطق اليمنية الاستراتيجية مثل باب المندب ومناطق مثل المخا وذوباب، واستحواذ ما يسمى بالقوات المشتركة التي يقودها طارق صالح عليها بعد أن كانت عملية إدارتها تتم بشكل مشترك مع قوات العمالقة، إذ تزامن ذلك مع عودة رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك إلى عدن وما رافقها من أحداث وصراع وعقود واتفاقيات استثمارية في قطاع الاتصالات.

 

صفقة الاتصالات

 

وخلص أول اجتماع عقدته الحكومة اليمنية بعد الأحداث التي رافقت عودة رئيسها إلى موافقتها على مشروع اتفاقية إنشاء شركة اتصالات مشتركة لتقديم خدمات اتصالات الهاتف النقال والإنترنت في اليمن، وقالت مصادر مطلعة إنها جاءت على ضوء المسودة الموقعة بين المؤسسة العامة للاتصالات الحكومية وشركة إماراتية، وما تتضمنه من منح ترخيص تقديم خدمات الهاتف النقال وتشغيل وترخيص الطيف الترددي.

 

كانت "العربي الجديد" قد كشفت مطلع العام الحالي عن موافقة الحكومة اليمنية في عدن بصورة غير علنية على مذكرة تفاهم للتعاون بين اليمن والإمارات بشأن إقامة مشروع استثماري مشترك في قطاع الاتصالات.

 

وأشار المستشار وأستاذ القانون بجامعة صنعاء عدنان خالد، لـ"العربي الجديد"، إلى عدم قانونية مثل هذه الاتفاقيات لعدة أسباب منها وضع اليمن الراهن وعدم وجود حكومة أو كيان تشريعي واضح لإدارة البلاد التي تتقاسمها سلطات متعددة، إضافة إلى تعطيل عمل اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات المخولة وفقاً للقوانين اليمنية دراسة مثل هذه العقود والمشاريع الاستثمارية والبت فيها قبل أن تأخذ مجراها التشريعي والقانوني عبر البرلمان اليمني المجزأ هو الآخر بين طرفي الصراع.

 

مصادر برلمانية أوضحت في هذا الصدد لـ"العربي الجديد"، أن هناك لجنة مشكلة من قبل البرلمان اليمني لدراسة مشروع العقد مع شركة "إن إكس" للاتصالات الإمارتية والتي ثارت بشأنها الكثير من النقاشات والتساؤلات والتي لم تفرغ حتى الآن من إعداد التقرير الذي يتضمن حكمها في هذا الموضوع وغيره من المشاريع والعقود التي تنظر فيها. وانتقدت المصادر عدم تشكيل اللجنة العليات للمناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية بحجة غياب الكوادر المؤهلة وهو عذر لا أساس له في الواقع.

 

واعتبرت المصادر أن عدم تشكيل اللجنة هو تعطيل لأهم جهاز رقابي على المال العام يملك القرار بالموافقة أو الرفض على إبرام العقود والرقابة بمختلف أنواعها، ضماناً لسلامتها وخلوها من شبهة الفساد وإهدار المال العام أو الهروب من مبدأ الشفافية والمساءلة والحكومة الرشيدة في إدارة المرافق الاقتصادية والخدمية وسلامة التعاقدات الحكومية.

 

وعلم "العربي الجديد"، من مصادر خاصة، فضّلت عدم الإشارة إلى هويتها، أن رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك تعرض لتهديد مباشر عند عودته إلى عدن منتصف أغسطس/ آب الحالي بعد غياب ما يزيد على ثلاثة أشهر، من قبل أفراد يتبعون قوات ما تسمى بالعمالقة والتي يقودها أبو زرعة المحرمي عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن ونائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

وكشفت المصادر عن ضغوطات تعرض لها عبد الملك ومحاصرته في مكتبة الواقع في قصر معاشيق الرئاسي في عدن وتهديده بالاختطاف لإجباره على الموافقة والتوقيع على عدد من عقود الاستثمارية التي لم يتم الإفصاح عن نوعيتها. وغادرت القوة العسكرية بعد ساعات من حصارها لرئيس الحكومة اليمنية بعد موجة سخط واسعة وتدخلات عربية ودولية، لكن الغموض بقي سيد الموقف في هذا الموضوع.

 

صراع على الموارد

 

الباحث الاقتصادي عصام مقبل، يقول لـ"العربي الجديد"، إن اللعب الآن يتم على المكشوف في اليمن، بعد أن ظل من تحت الطاولة طوال السنوات الثماني الماضية، فالصراع أصبح محتدماً على تقاسم النفوذ والمواقع الاستراتيجية والثروات السيادية في اليمن، وذلك بعد العبث بالبلاد وتفكيكها وتدمير مؤسسات الدولة وتفخيخها بالمليشيات والتشكيلات العسكرية.

 

بدأ الأمر في سقطرى والتي تعرضت لتجريف منظم وبسط سيطرة أديا إلى عزلها ووضعها في قبضة شركات مجهولة تمارس عملها تحت غطاء السياحة، ثم تمرير عقود خاصة بقطاع المعادن والموافقة على اتفاقية مع شركة إماراتية لإنشاء ميناء قشن بمحافظة المهرة شرق اليمن والمخصص للنشاط التعديني، إضافة إلى مشاريع أخرى يجرى تنفيذها في مدينة المخا جنوب غربي تعز والمناطق الاستراتيجية التابعة لمديرية ذوباب في تعز مثل باب المندب وجزيرة ميون.

 

ورأى الخبير الاستشاري في تنمية الموارد الطبيعية عبد الغني جغمان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك صراعاً محموماً على الموارد العامة في اليمن وتسجيل نقاط في لعبة سياسية تعكس عمق الفشل في الدولة ومؤسساتها، حيث يتواصل نهب ثروات البلاد بعد إغراقها بالصراعات. من جانبه، قال الباحث الاقتصادي رشيد الحداد لـ"العربي الجديد" إن التمهيد لمثل هذه الممارسات تركّز طوال الفترة الماضية بالإعلان عن فواتير بمبالغ ضخمة ومشاريع في محافظات اليمن الجنوبية التي يكتوي سكانها بدرجة حرارة غير مسبوقة وسط انعدام كلي للتيار الكهربائي.

 

وتؤكد الحكومة اليمنية أنها وافقت على الاتفاقية الاستثمارية مع الشركة الإماراتية بعد عرض وزيري الاتصالات وتقنية المعلومات والشؤون القانونية، على الحكومة مشروع الاتفاقية ومضامينها في الجوانب الفنية والتقنية والمالية والاقتصادية، ودراسات الجدوى الاقتصادية لها، واستنادها على القوانين واللوائح النافذة وقانون الاستثمار.

 

إضافة إلى أن ذلك يأتي تأكيداً لحرصها على مواكبة التطور السريع في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذي يحتم العمل الجاد في قطاع الاتصالات من خلال توفير بنية تحتية قوية ومتطورة، باستخدام أحدث تقنيات الاتصالات والمعلومات وإيجاد بيئة اتصالات حديثة آمنة يمكن الاعتماد عليها في التنمية والتعليم ومختلف القطاعات.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اقتصاد ثروات فی قطاع الاتصالات الحکومة الیمنیة العربی الجدید فی الیمن

إقرأ أيضاً:

بالأرقام .. باعوم يفجر قنبلة مدوية من وسط العاصمة عدن ويتهم التحالف العربي بسرقة أموال اليمن وتهريب معدن الذهب النفيس إلى الخارج

 

حيروت – خاص
اتهم عضو هيئة رئاسة المجلس الإنتقالي الجنوبي فادي باعوم ، التحالف العربي بقيادة السعودية بسرقة وتهريب أموال اليمن إلى الخارج .

جاء ذلك في بلاغ رسمي لباعوم ، موجه إلى القاضي قاهر مصطفى النائب العام للجمهورية والقاضية أفراح بادويلان رئيس هيئة مكافحة الفساد ، والقاضي أبوبكر السقاف رئيس جهاز الرقابة والمحاسبة .

وأكد باعوم ، في بلاغه  ، بأن التحالف يسرق أموال اليمن وينهب ثرواته الطبيعية، بما في ذلك معدن الذهب النفيس ،كاشفاً بالأرقام عن حجم ذلك النهب الذي تسبب بانهيار اقتصادي تعاني منه بلادنا، وانخفاض حاد في قيمة العملة المحلية، وتدهور الخدمات الأساسية .

وجاء اتهام فادي باعوم للتحالف من وسط العاصمة عدن ، في خطوة لقيت إشادة واسعة من قبل المواطنين الذين تفاعلوا بشكل واسع مع مانشره باعوم ، مؤكدين على أنها خطوة شجاعة وغير مسبوقة وضعت النقاط على الحروف عن المتسبب الرئيسي بانهيار الوضع الاقتصادي في البلاد .

كما حظيت هذه الخطوة بدعم واسع من قبل المواطنين ، مطالبين الجهات المعنية بسرعة التحقيق في البلاغ والعمل على وقف نزيف الاقتصاد اليمني على يد التحالف العربي بقيادة السعودية.

 

وجاء في نص البلاغ الذي نشره باعوم على حسابه الرسمي في منصة إكس :

‏”مليارات بالعملة الصعبة تُنقل للخارج: كارثة تستدعي المحاسبة”

بلاغ رسمي

السادة القضاة الأفاضل:

القاضي قاهر مصطفى، النائب العام للجمهورية

القاضية أفراح بادويلان، رئيس هيئة مكافحة الفساد

القاضي ابو بكر السقاف، رئيس جهاز الرقابة والمحاسبة

الموضوع: طلب فتح تحقيق شفاف وعاجل حول إخراج مبالغ مالية ضخمة وبالعملة الصعبة بأوامر من محافظ البنك المركزي .

تحية طيبة وبعد،

في ظل الانهيار الاقتصادي المستمر الذي تعاني منه بلادنا، والانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية، وتدهور الخدمات الأساسية، نتقدم إليكم بهذا البلاغ العاجل استنادًا إلى الحق الدستوري في المساءلة والمطالبة بالشفافية.

وفقًا لـ اتفاقيات جنيف بشأن حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة (المادة 53)، فإن الدولة ملزمة بالحفاظ على الموارد الاقتصادية بما يضمن حقوق الأفراد وعدم تعريض الاقتصاد الوطني لمخاطر تدميرية.
كما تنص المادة (36) من قانون مكافحة الفساد اليمني رقم (39) لسنة 2006 على ضرورة مساءلة المسؤولين الحكوميين عن أي إجراءات تهدد استقرار الاقتصاد الوطني أو تسيء استخدام الموارد العامة.

حيث انه في
1. العام 2023:
تم إخراج مبلغ وقدره 690 مليون دولار أمريكي، ما يعادل 2,587,500,000 اثنين مليار ونصف ريال سعودي، عبر مطار عدن الدولي فقط ناهيكم عن بقية المنافذ !
هذا المبلغ الكبير كان يمكن توجيهه لدعم استقرار العملة المحلية وتمويل الخدمات العامة الأساسية.

2. العام 2024:
تشير الوثائق إلى أن المبالغ التي تم إخراجها عبر مطار عدن الدولي خلال هذا العام بلغت:

يناير: 592 مليون ريال سعودي

فبراير: 620 مليون ريال سعودي

مارس: 218 مليون ريال سعودي

أبريل: 226 مليون ريال سعودي

مايو: 110 مليون ريال سعودي

يوليو: 377 مليون ريال سعودي،

إضافة إلى 3 مليون دولار أمريكي (ما يعادل 11.25 مليون ريال سعودي)
و300 مليون ريال يمني (ما يعادل 4.5 مليون ريال سعودي)

سبتمبر: 110 مليون ريال سعودي

أكتوبر: 90 مليون درهم إماراتي (ما يعادل 90 مليون ريال سعودي) و105 مليون ريال سعودي

الإجمالي الكلي للمبالغ لعام 2024:
2,463,750,000 ريال سعودي (أكثر من 2 مليار و463 مليون ريال سعودي) هذا من مطار عدن الدولي فقط بدون بقية المتافذ ومطار الريان !

3. إضافة إلى ذلك، لدينا وثائق تؤكد خروج مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة وكذا كميات كبيرة من الذهب من منافذ أخرى، بما في ذلك مطار الريان ومنفذي شحن وصرفيت والوديعة، وسنقوم بنشرها تباعًا.

وهنا نسئل ؟
1. ما هي الجدوى الاقتصادية من إخراج تلك المبالغ الضخمة في ظل الانهيار الحالي للعملة المحلية؟

2. ما هي الأهداف الحقيقية من إخراج هذه الأموال؟

3. لماذا لا يتم توجيه هذه المبالغ لتعزيز استقرار العملة أو تحسين الخدمات الأساسية للشعب؟

نطالبكم بناءً على سلطتكم القضائية بفتح تحقيق شفاف وعاجل مع محافظ البنك المركزي، وإعلان النتائج للرأي العام، وفقًا لما تنص عليه القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية.

إننا في الاتحاد الجنوبي للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد نؤكد أن استمرار مثل هذه القرارات يشكل تهديدًا خطيرًا لاقتصاد الوطن ويعرضه لمزيد من الانهيار.

الاتحاد الجنوبي للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد
العاصمة عدن
التاريخ: 19 نوفمبر 2024م

مقالات مشابهة

  • هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
  • زيادة أسعار كروت الشحن وباقات الإنترنت في مصر.. الحكومة توضح
  • الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين
  • وزير الاستثمار: الحكومة تعمل على إزالة التحديات التي يواجها مجتمع الأعمال
  • د. ديمة طهبوب تسأل الحكومة عن تعديلات ديوان الخدمة ونظام الموارد البشرية / وثائق
  • اليمن تشارك في منتدى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2024
  • بالأرقام .. باعوم يفجر قنبلة مدوية من وسط العاصمة عدن ويتهم التحالف العربي بسرقة أموال اليمن وتهريب معدن الذهب النفيس إلى الخارج
  • اليمن تناقش مستقبل الإنترنت وحوكمة الرقمية مع الدول العربية
  • روتشيلد يدشن مكتب إدارة ثروات في دبي لتعزيز خدماته بالمنطقة
  • عقب الضربة اليمنية.. فرار مُذل لـ”إبراهام لينكولن” من البحر العربي