وزيرة الهجرة تبحث إطلاق النسخة الخامسة لمبادرة "إحياء الجذور"
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
التقت السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بالسيد ماريوس ليستويس المفوض الرئاسي الجديد للشئون الإنسانية والمغتربين، في اليوم الأول لتوليه مهام منصبه عقب تعينه من قبل فخامة الرئيس نيكوس كروستديلوس رئيس جمهورية قبرص، وليمثل هذا اللقاء الأول لسيادته فور مباشرة مهام عمله الرسمية.
وأشارت الوزيرة إلى أن علاقة الشعبين ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، داعيه الوزير القبرصي إلى زيارة مصر في ضوء مواصلة تنفيذ المبادرة الرئاسية إحياء الجذور التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية عام 2017، وحرص مصر على تكثيف الجهود لتحقيق التقارب بين الشعوب، كون مصر دولة عالمية cosmopolitan احتضنت كل الجاليات علي أرضها من مختلف الثقافات والحضارات، وعلي رأسها الحضارة الهيلنية، ليشكلوا معا نسيج متميز انعكس علي حضارات الدول الثلاث مصر وقبرص واليونان.
وقد بدأ اللقاء بتهنئة وزيرة الهجرة لماريوس ليستويس على تولي منصبه الجديد متمنية له دوام التوفيق، معربة عن تطلعها لمزيد من التعاون القائم على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، في مختلف المجالات.
وخلال اللقاء، استعرضت السفيرة سها جندي استراتيجية عمل وزارة الهجرة وأهم الملفات التي تركز عليها وجهود وزارة الهجرة في إدارة ملف المغتربين والتواصل معهم والذي يشكل أحد أهم أولويات العمل، لما يمثله من أمن قومي للبلاد، كونهم سفراء يحملون اسم مصر بالخارج عاليا بما يحققونه من نجاحات ذات أثر بالغ في مختلف دول العالم بكافة القارات، مؤكدة أن عقول وخبرات المصريين بالخارج ثروة قومية لا تقدر بثمن، ونسعى لإدماجها في استراتيجيات عمل الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الجمهورية الجديدة.
كما استعرضت كافة أشكال التواصل التي تتبعها الوزارة وكذا المحفزات والبرامج التي تخدمهم وأبنائهم وأحفادهم في المهجر، بالإضافة لعمل وزارة الهجرة على استراتيجية فعالة لإدارة ملف الهجرة الدائمة والمؤقتة بشكل مؤسسي، وإعادة التوطين إن لزم، ومكافحة الهجرات غير الشرعية. وفي هذا السياق أشارت سيادتها إلى التجربة الناجحة مع ألمانيا في توفير فرص الهجرة الآمنة المؤقتة والدائمة لألمانيا بغرض التدريب والتشغيل من خلال المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج، وهي التجربة التي نسعي للتوسع فيها مع مختلف دول العالم.
ومن جانبه، أعرب المفوض عن اهتمامه البالغ بالحضارة المصرية القديمة، كونها تتميز بعلاقاتها التاريخية الممتدة عبر مختلف العصور مع الحضارة الهيلنية القديمة، ويشعر بالامتنان للاهتمام الذي توليه مصر بالجاليات القبرصية التي كانت تعيش في مصر، مما يدفع قبرص لتعزيز التعاون مع وزارة الهجرة المصرية في ملف المغتربين من الجاليتين سواء في مصر أو قبرص أو مختلف دول العالم، حيث شكلت الجاليتين جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني في كل من مصر وقبرص ويلعبون دورًا مهمًا في التاريخ الحديث وما زالوا يساهمون حتى الآن بشكلٍ مهم في توطيد العلاقات علي المستوي الثنائي بين البلدين.
وفي ذات السياق، ذكرت السفيرة سها جندي الاتفاق والتنسيق مع الجانب اليوناني في شأن الترتيب لمؤتمر (3+1) والذي عادة ما يتم بين الوزراء الثلاث المعنيين في إحدى الدول الصديقة لثلاثتهمً في عنوان ذا أولوية بالنسبة لهم جميعا والدولة المضيفة. وذلك في إطار المبادرة الرئاسية "إحياء الجذور"، مشيرة إلى أن المؤتمر المقبل يمكن أن يركز علي الشراكات العلمية أو الاستثمارية أو الاجتماعية بينهم، لافتة إلى أن التوجه خلال الاجتماع الأخير قد أنصب على عقد هذا الاجتماع في فرنسا أو الولايات المتحدة، حيث تتميز بوجود الجاليات الثلاث فيها، وإمكانية أن يركز هذه المرة على الاستثمار ومشروعات التعاون المشترك، أخذا في الاعتبار الظرف العالمي. وبدوره رحب السيد المفوض بالمقترح ووعد بدراسته والبدء في التنسيق علي مستوي التنفيذين للتحضير لهذا الاجتماع والتشاور بشأن كافة التفاصيل.
وأشارت السيدة الوزيرة إلى إمكانية أن تركز النسخة الخامسة من المبادرة الرئاسية "إحياء الجذور" علي التعاون بشأن مشروعات الطاقة الخضراء والطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر من خلال خلق قنوات اتصال وتعاون وورش عمل، وفعاليات سنوية بين خبراء الجاليات الثلاث في تلك المجالات قبل بداية المؤتمر لتصل به الي نتائج ذات فائدة. وقد تم الاتفاق علي عقد اجتماعات افتراضية علي المستوي الوزاري للتنسيق بشأن هذا المؤتمر.
ومن جانبه، أعرب المفوض القبرصي استعدادة للعمل وتنفيذ المقترح المصري الخاص بالتوثيق للتاريخ المشترك للجاليات من الدول الثلاث التي مازالت تحيا الي الان، مؤكدا ان هذا المشروع ذا فائدة عطيمة وبُعد ثقافي متميز وتاريخي ممتاز، ومؤكدا أيضا ضرورة الإسراع بالبدء في الخطوات التحضيرية علي مستوي التنفيذين لتسجيل فيلم وثائقي لنوثق العلاقات والتعاون المشترك، مشيراً الي ضرورة الاستعانة بالمكتبات الكبرى للدول الثلاث في هذا الشأن.
واختتم اللقاء بتأكيد السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة، وماريوس ليستويس، المفوض الرئاسي القبرصي الجديد للشؤون الإنسانية والمغتربين، على المضي قدما في الإعداد للبرامج المشتركة للمغتربين من الخبراء والشباب من البلاد الثلاثة لإحياء وللتذكير بالجذور والتاريخ والثقافة المشتركة، وخلق أثرا جديدا علميا واجتماعيا من التعاون الثنائي بين مصر وقبرص، والثلاثي بينهم واليونان مثال يحتذى على جميع الأصعدة الدولية.
جاء اللقاء بحضور كل من أندري تريشينا رئيس إدارة خدمة المغتربين والعائدين القبارصة بالرئاسة القبرصية، وسارة مأمون معاون وزيرة الهجرة لشئون المشروعات والمؤتمرات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: احياء الجذور المصريين بالخارج مصر وقبرص واليونان السفیرة سها جندی إحیاء الجذور وزیرة الهجرة وزارة الهجرة
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
يناير 31, 2025آخر تحديث: يناير 31, 2025
محمد الربيعي
بروفسور ومستشار دولي، جامعة دبلن
تعتبر جامعة كامبردج، بتاريخها العريق الذي يمتد لاكثر من ثمانية قرون منذ تاسيسها عام 1209، منارة للعلم والمعرفة، وصرحا اكاديميا شامخا يلهم الاجيال المتعاقبة. تعد كمبردج رابع اقدم جامعة في العالم، وثاني اقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الانجليزية، حاملة على عاتقها مسؤولية نشر العلم والمعرفة وخدمة الانسانية. لم تكن كمبردج مجرد مؤسسة تعليمية عابرة، بل كانت ولا تزال محركا رئيسيا للتطور الفكري والعلمي على مستوى العالم، وشاهدة على تحولات تاريخية هامة، ومخرجة لقادة ومفكرين وعلماء غيروا مجرى التاريخ، امثال اسحاق نيوتن، الذي وضع قوانين الحركة والجاذبية، وتشارلز داروين، الذي وضع نظرية التطور، والان تورينج، رائد علوم الحاسوب.
تتميز جامعة كمبردج بمكانة علمية رفيعة المستوى، حيث تصنف باستمرار ضمن افضل الجامعات في العالم في جميع التصنيفات العالمية المرموقة، مثل تصنيف شنغهاي. هذا التميز هو نتاج جهود مضنية وابحاث علمية رائدة في مختلف المجالات، من العلوم الطبيعية الدقيقة كالفيزياء والكيمياء والاحياء، مرورا بفروع الهندسة المختلفة كالهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية، وصولا الى العلوم الانسانية والاجتماعية التي تعنى بدراسة التاريخ والفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية. تضم الجامعة بين جنباتها العديد من المراكز والمعاهد البحثية المتطورة التي تساهم في دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي، مثل معهد كافنديش الشهير للفيزياء. تعرف كمبردج باسهاماتها القيمة في جوائز نوبل، حيث حاز خريجوها على اكثر من 120 جائزة نوبل في مختلف المجالات، مما يعكس المستوى العالي للتعليم والبحث العلمي فيها. من بين الاسهامات الخالدة لجامعة كامبريدج، يبرز اكتشاف التركيب الحلزوني المزدوج للحامض النووي (DNA) على يد جيمس واتسون وفرانسيس كريك عام 1953. هذا الاكتشاف، الذي حاز على جائزة نوبل في الطب عام 1962، غيّر مسار علم الاحياء والطب، وأرسى الاساس لفهم أعمق للوراثة والأمراض، ويعد علامة فارقة في تاريخ العلم.
اضافة الى مكانتها العلمية المرموقة، تتميز جامعة كمبردج ببيئة تعليمية فريدة من نوعها، حيث تتكون من 31 كلية تتمتع باستقلال ذاتي، ولكل منها تاريخها وتقاليدها الخاصة، وهويتها المعمارية المميزة. هذه الكليات توفر بيئة تعليمية متنوعة وغنية، تجمع بين الطلاب من مختلف الخلفيات والثقافات من جميع انحاء العالم، مما يثري تجربة التعلم ويساهم في تكوين شخصية الطالب وتوسيع افاقه. توفر الجامعة ايضا مكتبات ضخمة ومتاحف عالمية المستوى، تعتبر كنوزا حقيقية للطلاب والباحثين، حيث تمكنهم من الوصول الى مصادر غنية للمعرفة والالهام. من بين هذه المكتبات، مكتبة جامعة كمبردج، وهي واحدة من اكبر المكتبات في العالم، وتحتوي على ملايين الكتب والمخطوطات النادرة، بالاضافة الى متاحف مثل متحف فيتزويليام، الذي يضم مجموعات فنية واثرية قيمة، ومتحف علم الاثار والانثروبولوجيا.
يعود تاريخ جامعة كمبردج العريق الى عام 1209، عندما تجمع مجموعة من العلماء في مدينة كمبردج. لم يكن تاسيس كمبردج وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لهجرة مجموعة من العلماء والاكاديميين من جامعة اكسفورد، بحثا عن بيئة اكاديمية جديدة. هذا الاصل المشترك بين كمبردج واكسفورد يفسر التشابه الكبير بينهما في العديد من الجوانب، مثل النظام التعليمي والهيكل التنظيمي، والتنافس الودي بينهما، الذي يعرف بـ “سباق القوارب” السنوي الشهير. على مر القرون، شهدت جامعة كمبردج تطورات وتحولات كبيرة، حيث ازدهرت فيها مختلف العلوم والفنون، واصبحت مركزا مرموقا للبحث العلمي والتفكير النقدي، ولعبت دورا محوريا في تشكيل تاريخ الفكر الاوروبي والعالمي.
كليات الجامعة هي وحدات اكاديمية وادارية مستقلة، تشرف على تعليم طلابها وتوفر لهم بيئة تعليمية فريدة من نوعها، تساهم في خلق مجتمع طلابي متنوع وغني، حيث يتفاعل الطلاب من خلفيات وثقافات مختلفة، مما يثري تجربتهم التعليمية ويساهم في تكوين شخصياتهم وهي ايضا مراكز اقامة للطلاب. هذا النظام الفريد للكليات يعتبر من اهم العوامل التي تميز جامعة كمبردج، ويساهم في الحفاظ على مستوى عال من التعليم والبحث العلمي.
تقدم جامعة كمبردج تعليما متميزا عالي الجودة يعتمد على اساليب تدريس متقدمة تجمع بين المحاضرات النظرية والندوات النقاشية وورش العمل العملية، مما يتيح للطلاب فرصة التعمق في دراسة مواضيعهم والتفاعل المباشر مع الاساتذة والخبراء في مختلف المجالات. يشجع نظام التدريس في كمبردج على التفكير النقدي والتحليل العميق، وينمي لدى الطلاب مهارات البحث والاستقصاء وحل المشكلات. هذا التنوع يثري تجربة التعلم بشكل كبير، حيث يتيح للطلاب فرصة التعرف على وجهات نظر مختلفة وتبادل الافكار والمعرفة، مما يساهم في توسيع افاقهم وتكوين صداقات وعلاقات مثمرة. كما توفر الكليات ايضا انشطة اجتماعية وثقافية متنوعة تساهم في خلق جو من التفاعل والتواصل بين الطلاب، مثل النوادي والجمعيات الطلابية والفعاليات الرياضية والفنية.
تخرج من جامعة كمبردج عبر تاريخها الطويل العديد من الشخصيات المؤثرة والبارزة في مختلف المجالات، الذين ساهموا في تغيير مجرى التاريخ وخدمة الانسانية، من بينهم رؤساء وزراء وملوك وفلاسفة وعلماء وادباء وفنانين.
باختصار، تعتبر جامعة كمبردج منارة للعلم والمعرفة، وتجمع بين التاريخ العريق والمكانة العلمية المرموقة والتميز في مجالات متعددة، مما يجعلها وجهة مرموقة للطلاب والباحثين من جميع انحاء العالم.