لجريدة عمان:
2025-04-29@15:03:42 GMT

غزة الهولوكوست الجديد والتنوير الأوروبي

تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT

غزة الهولوكوست الجديد والتنوير الأوروبي

منطق القوة يعني منطق الغرب

ما حدث منذ «الهولوكوست» عندما قيد اليهود إلى معسكرات الموت وحتى هذا اليوم الذي تقرأ فيه هذه المقالة بينما تُحرق جثث الفلسطينيين في غزة وهم أحياء، هو تمدد في الفجوة المعرفية بالتاريخ وبالمسؤولية الأساسية التي تقع على عاتق الغرب وحده، فهو من اخترع «المسألة اليهودية» وخصوصيتها أولاً.

والأفق المعرفي الذي أنتج هذه المسألة وأوصلها للمحرقة. أقول فجوة معرفية؛ لأن ذلك الماضي لم يُقرأ كظاهرة أنتجها سياق معرفي مازال مستمراً حتى الآن، وما يبدو أنه حالة انفصال وقعت في محطات التاريخ منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، حالة انفصال أعني بها تحولاً أو تغيراً جذرياً، ما هو امتداد واحد حتى هذه اللحظة التي نعيشها اليوم متفرجين على الفلسطينيين يشوون علنًا، امتداد للتنوير والحداثة الأوروبية، امتداد لزمن لم ينفصل أبداً، بل امتد واستمر في تعذيبنا بلا رأفة.

ورغم أهمية وجدارة فكرة تشغلني بشكل خاص منذ السابع من أكتوبر في أن ما يحدث للفلسطينيين اليوم هي إشارة بسيطة لقاعدة أن البشر ينقسمون إلى أقوياء وضعفاء وأن من يحكم هو منطق القوة وحده فحسب. وأن لمن عانوا أو يتوقعون المعاناة أن يسحقوا أعداءهم المتخيلين استباقياً تسويغات أخلاقية لأفعالهم هذه. أقول رغم جدارة هذه الفكرة إلا أنها لا ينبغي أن تجعلنا نشيح النظر عن مسؤولية الغرب وعن تسمية المتهمين بأسمائهم بدلاً من التواري خلف التنظيرات المجردة عن هيمنة الأقوياء غير الأخلاقية على الضعفاء واستلابهم.

منذ السابع من أكتوبر وأنا أقرأ الكتب التي تصدر عما يحدث الآن، وعندما صدر كتاب الأديب والمفكر الهندي بانكاج ميشرا «العالم بعد غزة» منتصف شهر فبراير هذا العام 2025 تقتُ لقراءته في الحال، خصوصاً بعد أن قرأت له كتابه المهم «عصر الغضب» الذي ترجم للعربية قبل عام، وموضوعه الأساسي البحث في التطرف والنكوص للهويات الضيقة كمنتجات لا تتعلق بثقافات بعينها مثل الإسلام، بل لأسباب موضوعية في الحداثة النيوليبرالية العالمية واستبعاد شعوب دون أخرى من التمتع بوعود التقدم والتحرر.

غطى ميشرا عام 2000 في سلسلة مقالات في مجلة «نيويورك ريفيو اوف بوكس» أحداثا عن وادي كشمير عندما أزهق الجيش الهندي آلاف الأرواح وذهب إلى أفغانستان لتغطية التطرف الإسلامي هناك. وكتب سنة 2002 عن التطهير العرقي للمسلمين تحت إشراف ناريندار موندي في ولاية جوجارات الهندية. كل هذا وأكثر على حد تعبيره لم يُجهزه لما سيراه من وحشية وانحطاط للجيش الإسرائيلي عندما زارها سنة 2008. قرأ حينها باهتمام متزايد عن فلسطين وعن استخدام الفلسطينيين كفئران تجارب لاختبار الأسلحة والتقنيات التي تبيعها إسرائيل للعالم ومع ذلك لم يكن ما رآه في الواقع بوحشيته غير المتصورة مقارباً لكل ما قرأ وسمع. لم يكن ما قرأه في أعمال إدوارد سعيد أو نعوم تشومسكي قد أعده لاكتشاف مكر أنصار إسرائيل في الغرب في تسترهم على إيدولوجيا البقاء للأقوى، هذه الأيدلوجيا العدمية. وباءت محاولة نشر أي من كتاباته عما رأى بالفشل، وقدم له محررو هذه المنصات التي اعتاد على النشر فيها تبريرات من قبيل أن كاتباً هندياً لا يحمل المؤهلات الكافية للكتابة في هذه الموضوع. جعل هذا ميشرا يدرك نظام رقابة مسبق راسخ في المجلات الليبرالية أمام الفلسطينيين المحرومين والمجردين من إنسانيتهم والذين لا صوت لهم في تلك المنصات. يكتب ميشرا: «لعدة أشهر بعد رحلتي إلى إسرائيل في عام 2008 عشت باضطراب غريب لا يشبه أيا مما شعرت به بعد زيارتي لمواقع فظائع أخرى». ثبتت صورة الجدة الفلسطينية المحجبة التي تركع في التراب أمام مراهق اشكنازي يحمل رشاشاً والكتاب الطموحين في جامعة بيرزيت الذين يشبهونني في ذاكرتي. لم يكن بالإمكان اختزالهم إلى كتلة مجهولة من الضحايا أو إلى موضوعات بعيدة للرأفة والذنب. شعرت بأني متورط في محنتهم بشكل لا فكاك منه».

لكن هذا لم يكن موقف ميشرا ولا قصته الأولى، فميشرا كان يعلق صورة لموشييه ديان الذي قاد الجيش الإسرائيلي في حرب الأيام الستة 1967 (النكسة) وكان مفتونا به. هنالك قصة تعدك هذه المقالة بها. لكن هذه المقالة أيضا، وللتنويه، هي مزيج متداخل من اقتباسات مباشرة وحرفية لكتابة ميشرا في كتابه «العالم بعد غزة» وهي لم تترجم للعربية بعد وتعليقات متداخلة مع هذه الكتابة مما يجعل تحديد الاقتباس على نحو مباشر صعبا فهي بذلك أي المقالة تلخيص للكتاب وأبرز ما جاء فيه. إذن هي دعوة لقراءة هذا الكتاب الرائع وترجمته سريعاً للعربية. كما أنوه أن هذه المقالة تتناول الفصلين الأولين من الكتاب وبسبب من طولها فقد اضطررت لتناول بقية الفصول في مقال ثان.

الكارثة التي نزعت القناع عن الحقيقة

مزقت العالم الكثير من الأحداث خلال السنوات الأخيرة من كوارث طبيعية وانهيارات مالية، وزلازل سياسية، جائحة عالمية، وحروب مدمرة. مع ذلك يجد ميشرا وكما نشعر جميعاً أن لا كارثة تضاهي ما يحدث في غزة. لا شيء أوصلنا لهذه الدرجة من الشعور بالخزي والعار والخواء العاطفي والضعف والغضب، لم تدفعنا كل تلك الأحداث مثلما فعلت غزة للشعور بهشاشة تفكيرنا ومواقفنا الفكرية. لقد دفعت الإبادة الجماعية في غزة جيلا كاملا من الشباب في الغرب إلى النضج الأخلاقي، اضطروا وحدهم لمواجهة كبار السياسيين والصحافة في أغنى وأقوى الديمقراطيات في العالم والذين يدعمون أفعال ووحشية الاحتلال الإسرائيلي. أما نحن في العالم العربي، فلقد حدث معنا ما حدث مع غاندي الذي كان مولعاً بالإنجليز في العقود الأولى من حياته، ففي سيرته الذاتية يتذكر المرحلة المثيرة للشفقة عندما تنافس مع الإنجليز على الولاء للتاج البريطاني.

فخلال إقامته لثلاث سنوات في لندن جرب غاندي لعب دور الرجل الإنجليزي النبيل، كان قد أخذ دروسًا في الإلقاء والرقص وتعلم الفرنسية، ارتدى قبعة وبدلة مسائية صنعت في بوند ستريت، وكان يُهدر، يوميًا، دقائق أمام مرآة ضخمة يراقب نفسه وهو يضبط ربطة عنقه ويفرق شعره على النحو الصحيح ليُظهر مواكبته للموضة الإنجليزية. الأمر الذي ستكون عاقبته وخيمة كما سنرى مع تقدمنا في هذه المقالة.

كان لغزة هذا الأثر علينا جميعًا من الجنوب العالمي للشمال؛ لأنها قوضت الفرضية الأساسية التي تتشاركها التقاليد الدينية والتنوير العلماني على حد سواء وهي أن للبشر طبيعة أخلاقية جوهرية. وانتشر الشك القاتل في هذه الفرضية مع مشاهدتنا جميعا القتل والتشويه عن قرب في ظل أنظمة القسوة والجبن والرقابة. أدرك جيلنا كله اليوم أن تذكر الفظائع التاريخية لا يضمن منع تكرارها وأن أسس القانون الدولي والأخلاق غير راسخة على الإطلاق. بحلول أواخر 2024، كان كثير من الناس الذين يعيشون بعيدًا جدًا عن ميادين القتل في غزة يشعرون ـ ولو عن بُعد ـ أنهم جُرّوا عبر مشهد ملحمي من البؤس والفشل، والضيق والإنهاك.. لقد كنا جميعا شهودا غير طوعيين على عمل الشر السياسي، وتبددت أمام ذلك فكرتنا المترددة أصلا عن أن الحياة ماتزال جميلة ومحتملة. كل هذه الصور المدماة التي تصلنا من غزة جعلتنا نحن المصعوقين من فجاجة هذا الشر وعلانيته أن نفتش في وجه بايدن حتى وهو يقف وراء الأسلحة المدمرة والدعم العسكري الذي يشرعن لإسرائيل أفعالها باحثين عن أي علامة على الرحمة أو نهاية لإراقة الدماء. ووجدنا صلابة ملساء غريبة لا تنكسر إلا بابتسامة عصبية حين يردد أكاذيب إسرائيلية عن أن الفلسطينيين قطعوا رؤوس أطفال يهود. وللمرة الأولى يشعر جيلنا كله بالحضور الطاغي والواعي للخسارة الجماعية. وخسارة الميثاق بعد فاشية عام ١٩٤٥ عندما تبنى العالم فكرة وجود «إنسانية مشتركة» تستند إلى احترام حقوق الإنسان، وحدٍّ أدنى من المعايير القانونية والسياسية.

ذهلنا جميعا أمام طرق القتل التي كانت باردة وغير شخصية (تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي)، وشخصية في آنٍ واحد (قناصة يطلقون النار على رؤوس الأطفال)، وحرمان الناس من الطعام والدواء، والعصيّ المعدنية الساخنة التي أُدخلت في أجساد سجناء عراة، وتدمير المدارس، الجامعات، المتاحف، الكنائس، المساجد، وحتى المقابر، وتفاهة الشر المتجسدة في جنود جيش الدفاع الإسرائيلي وهم يرقصون بملابس داخلية نسائية سرقوها من نساء فلسطينيات ميتات، وشعبية هذا «الترفيه المعلوماتي» على تيك توك في إسرائيل، والتنفيذ الدقيق لعمليات اغتيال الصحفيين في غزة الذين كانوا يوثقون إبادة شعبهم.

لقد طرحت علينا هذه الإبادة الجماعية ألغازا مرعبة منها سهولة وبديهية الدعم الغربي غير المشروط لنظام إسرائيل المتطرف بينما يطالبون بملاحقة من ارتكب «جريمة السابع من أكتوبر» وتقديمهم للعدالة. فها هو كير ستارمر محامي حقوق الانسان يقول: إن من حق إسرائيل «حرمان الفلسطينيين من الماء والكهرباء» دافع يورغن هابرماس بليغ التنوير الغربي عن مطهرين عرقيين علنيين، تجادل الأتلانتيك أقدم المجلات الأمريكية فيما إذا كان من الممكن تبرير قتل الأطفال بشكل قانوني بعد قتل قرابة ثمانية آلاف طفل في غزة. استخدم الإعلام الغربي بوسائله الرئيسية الخطاب المبني للمجهول للحديث عن فظائع ترتكبها إسرائيل، الأمر الذي جعل من الصعب معرفة من يفعل ماذا وبمن ولمن وتحت أي ظروف؟ (موت رجل مصاب بمتلازمة داون وحيدا في غزة) كان هذا عنوان تقرير من «بي بي سي» عن جنود إسرائيليين أطلقوا كلبا في هجوم على فلسطيني معاق). أُطلقت حملات شرسة وقف وراءها متنفذون سياسيون ومليارديرات ضد فنانين وأكاديميين وصحفيين ومفكرين وشباب عاديين لإقالتهم من أعمالهم أو سجنهم أو ترحيلهم كما يحدث في أمريكا اليوم مع قضية محمود خليل وآخرين، شباب لم يرفعوا سوى شعارات «لإيقاف الحرب والإبادة الجماعية وإراقة الدماء».

هذا الغرب نفسه الذي يستثني إسرائيل أمام ما يدعي إنه التزامات إنسانية راسخة دافع عنها في أوكرانيا مثلا. لقد بات مفهوما أن إسرائيل تحظى بمكانة خاصة لا لأنها تستضيف الأماكن المقدسة لثلاث ديانات كبرى وتقع في إحدى أكثر النقاط حساسية في شبكات القوة الجيوسياسية والمالية العالمية، بل لأنها، بخلاف روسيا والصين وسوريا والسودان والكونغو، تتلقى دعمًا ماديًا وأخلاقيًا غير محدود من أوروبا والولايات المتحدة. لأن أفعال دولة يهودية في الشرق الأوسط ـ تشكلت في الأصل لحل مشكلة أوروبية: «المسألة اليهودية».

قصة عن آمري ويأسه الكبير..

دولة إسرائيل الأولى

يتتبع ميشرا قصص كُتاب وأدباء يهود نجوا من المحرقة وموقفهم من دولة إسرائيل. أحدهم الكاتب النمساوي جان أمري الذي اعتقل أثناء توزيعه لمنشورات مناهضة للنازية سنة 1943 ونجا بمعجزة من معسكر اوشفتيز. فقبل انتحاره سنة 1977 قرأ بالصدفة تقارير عن تعذيب منهجي للسجناء العرب في السجون الإسرائيلية. كتب بعدها مقالا بعنوان «حدود التضامن» عن إسرائيل.

لم يكن امري قد نشأ في بيت يمارس ويفكر بالثقافة اليهودية مثل معظم من فكروا بأن اليهود ينبغي أن يشكلوا أمة واحدة تقرر مصيرها الجماعي عبر يوتيوبيا «الوطن اليهودي»، كثيودرو هرتزل وماكس نوردا الذين كانوا علمانيين ومقطوعي الصلة باليهودية، وحتى عندما فكروا بهذا مع ظهور أمارات معاداة السامية لم تكن فلسطين هي وجهتهم أمام خيارات مثل أوغندا وبولندا كأماكن يمكن أن تزدهر فيها الثقافة والدين اليهودي حتى جاء وعد بلفور 1917 بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. امري وآخرون ومع تفشي معاداة السامية الشرسة في الثلاثينيات والتي نتج عنها قوانين عنصرية أجبروا على مواجهة هويتهم للمرة الأولى. وبعد عام1945 عندما نجا قرابة ثلاثة ملايين فقط من أصل تسعة ملايين ونصف يهودي أوروبي من «الهولوكوست» لم تظهر حتى وبعد هذه الكارثة أمارات تراجع للعداء الأوروبي الكبير تجاه اليهود، بالإضافة لغفران الدول الأوروبية السريع عن الألمان المتورطين في المحرقة وعدم محاسبتهم بل احتضنت كثيرًا منهم. وأمام هذا الشعور بالقهر الذي أحس به آمري وآخرون بدت إسرائيل الملاذ الوحيد.

كان اليهود قبل ذلك قد تمكنوا من الانخراط في اليسار الأممي الغربي بعد الثورة الروسية لاسيما في روسيا السوفييتية إلى درجة أن الهوية اليهودية كحصن كوزوموباليتاني ضد المجتمع المحدد عرقيًا. وهذا ما ادعاه المستوطنون الصهاينة الأوروبيون الأوائل لفلسطين فشاعت أفكار اشتراكية عن الزراعة الجماعية والنقابات والتخطيط الاقتصادي، وبدا أن الدولة اليهودية الأولى ورثت بعض هالتهم الفاضلة وأنتجت مجموعة من الانطباعات الأولية الضبابية عن إسرائيل.

ظن آمري أن إسرائيل الملاذ ستكون مطبوعة بهذه الروح، ولم يكن وحده ممن اعتبروا أن إسرائيل ستكون المكان الذي سيؤدي وظيفة مناهضة للإمبريالية وللقومية التي تسببت في استبعادهم وحرقهم، وإنها ستؤدي دورا تقدميا بعد الاستعمار الأوروبي، حتى أنهم قرأوا في الدستور إسرائيلي كونه مبنيًا على أساس اشتراكي وديمقراطي متين.

ومع تسارع إنهاء الاستعمار في آسيا وإفريقيا وشن القوى الغربية حروبًا استعمارية جديدة في إفريقيا والهند الصينية، بدأ الجيل الشاب من اليساريين بالانحياز للشعوب المستعمرة. فأعضاء ما يعرف بـ«اليسار الجديد» في ألمانيا شعروا بالعار من الماضي النازي لآبائهم وغضبوا عليه، ووجدوا في حركات الاستقلال الوطنية شبه الاشتراكية في آسيا وإفريقيا والكاريبي أملًا وإلهامًا كبيرين، خصوصا في ظل دمار فيتنام على يد الجيش الأمريكي. بدأ هؤلاء الشباب بالتنديد بإسرائيل على اعتبار أنها مشروع استعماري عنصري امتداد للمشروع الإمبريالي الغربي العنصري.

كانت هذه صدمة كبيرة لآمري ومن شابهوه، وخذلانًا من اليسار الذين آمنوا به هم أنفسهم واعتبروا أن موقف اليساريين الشباب ما هو إلا معاداة للسامية تتخفى في ثياب مناهضي الإمبريالية والاستعمار. ازداد يأس آمري، اليأس الذي سيكبر مع تحالف اليساريين الأمان المتطرفين مع مسلحين فلسطينيين اختطفوا طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية 1976 وعلى متنها 248 راكبا وحولوها إلى أوغندا حيث قام الخاطفون بفرز الإسرائيليين عن غير الإسرائيليين.

كان من المهم أعلاه أن تتم الإشارة بوضوح لـ«مصادفة» أن يقرأ آمري تقارير السجون الإسرائيلية تلك، لم يكن وهمه عن إسرائيل الاشتراكية التقدمية والمناهضة للإمبريالية إلا نتيجة للبروباغندا التي سوقتها إسرائيل وداعموها الغرب (أنفسهم ممن تسببوا أصلا بالمحرقة). مع ذلك غيرت هذه المصادفة آمري. لقد دفعته للتأمل في حدود تضامنه مع إسرائيل، لقد كان في أول الأمر خائفًا من أن تتسبب إسرائيل نفسها في تصاعد معاداة السامية، الأمر الذي دفعه إلى حفرة اوشفتيز وحيدًا ذات يوم، لم يكن ينطلق من معاناة الفلسطينيين هنا، بل إن ممارسات إسرائيل قد تعود عليه هو كيهودي بالكارثة!

وهذا جدير بالتأمل أيضا فكتب قبل انتحاره: «أنا رجل في الخامسة والستين من عمري، أكثر حيرة الآن مما كنت عليه حين كنت شابًا في العشرين من عمري». لقد كانت العقود الثلاثة الأولى بعد 1945 قاتمة بشكل استثنائي للناجين من المحرقة. إذ إن جميع النازيين الناجين تقريبًا، باستثناء أكثر مجرمي الحرب وحشية، لم يُعاقبوا أو نالوا أحكامًا مخففةً. وبكلمات أمري المريرة: «جيل المدمّرين – بناة غرف الغاز، أولئك المستعدون في أي وقت لتوقيع أي شيء، الجنرالات المطيعون لقائدهم - يكبرون بكرامة». لكن انعدام الضمير أصبح واضحًا أيضًا في الدولة التي يُفترض أنها بُنيت لإيواء ضحايا المحرقة. ومن بين ما حيّر أمري، كان صعود مناحيم بيغن إلى منصب رئيس وزراء إسرائيل في عام 1977 - وهو حدث صدم كثيرين ممن رأوا في إسرائيل دولة صغيرة بمزاج يساري تكافح من أجل بقائها.

خصخصة الهولوكوست ودولة ليست هي!

مع تصاعد حزب مناحيم بيغن وتوليه رئاسة وزراء إسرائيل 1977 أخذت صورة إسرائيل التي اعتمدها ضحايا المحرقة أنفسهم تتغير. فخلال السنوات الأولى لإسرائيل وكما ذكرنا أعلاه أثارت مثالتيها الاشتراكية إعجاب اليساريين الغربيين، ولم تكن المحرقة محورا وطنيا حاضرا بكثافة بعد في الخطاب الوطني داخل الدولة الناشئة حديثا.

كان فلاديمير جابوتنسكي قد أسس في العشرينيات ما يعرف بـ«التيار التنقيحي» (Revisionist Zionism في الصهيونية وهو تيار قومي متشدد جاء بهدف تعديل السياسات الرسمية للحركة الصهيونية تحديدا ما يتعلق بالتسوية مع العرب وبناء الدولة التدريجي. فدعا لاستخدام الجدار الحديدي أمام العرب أي استخدام القوة فقط لأن العرب لن يقبلوا بتأسيس دولة يهودية أبدا. أكد التيار على الحق بضفتي الأردن أي كل فلسطين التاريخية. وركز على القومية اليهودية عبر الهوية القتالية، أي تقديم اليهودي المحارب بدلا من اليهودي الضحية. كان بيغن وريث التنقيحية، أما نتنياهو أطول رؤساء الوزراء بقاء في الحكم هو ابن أحد أبرز منظري هذا التيار، سكرتير جابوتنسكي بن تسيون نتنياهو.

بعد بضعة أشهر من تسلم بيغن للحكم وفي زيارته لأمريكا وجد نفسه وحزبه موضوع مقارنة مباشرة بالنازيين عبر رسالة نشرها مثقفون يهود نجوا من المحرقة مثل حنة ارندت، متهمين إياه بالمجاهرة بعقيدة الدولة الفاشية عبر حزبه الإرهابي. لم يكن هذا رأي اليهود في الخارج وحدهم، حتى بن غوريون خصم بيغن السياسي وهو زعيم اليسار الصهيوني العمالي في إسرائيل، كان قد وصف بيغن بالفاشية بل قال إنه هتلري.

اعتبر بيغن أن أي موقف غير التشدد الذي تدعو إليه التنقيحية هو خيانة لليهود الذين قضوا في المحرقة وقاتلوا النازيين. وهنا بدأت مركزية المحرقة في خطاب إسرائيل الوطني. وكان من تمثلاته أن أيا ممن يعارض سياسات إسرائيل إنما هو هتلر آخر! وبيغن الذي كان هتلريا بحسب خصمه السياسي صار يطلق هذه التهمة على القادة الفلسطينيين. ففي يونيو 1982 صرح بيغن بأن ياسر عرفات هو هتلر الجديد، وبدأ منذ هذه اللحظة يستدعي المحرقة والكتاب المقدس أثناء شن الهجمات على العرب وبناء المستوطنات، وفي 1981 حين اقترح المستشار الألماني هلموت شيمت أن على ألمانيا التزامًا أخلاقيًا تجاه الفلسطينيين لأنهم ظلموا بقيام دولة إسرائيل رد عليه بيغن متهما إياه بالمشاركة في المحرقة! يكتب ميشرا: لم تكن هذه التصريحات وليدة لحظتها. بل كانت تمثل تعمقًا في الهوس بالمحرقة في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، وإعادة تصور جذرية لهوية إسرائيل وغرضها: كدولة ستكون دائمًا على أهبة الاستعداد لمواجهة محرقة جديدة، وتُكفّر بقوتها العسكرية عن ملايين اليهود الذين بقوا في الشتات الأوروبي وذهبوا إلى الموت دون مقاومة».

مفارقة أخرى يمكن تسجيلها في سجل مفارقات الصهاينة اللانهائي. أنهم كانوا يحتقرون أصلًا ضحايا المحرقة ومن نجوا منها وأحدهم بن جوروين. إذ استسلم الضحايا لمصيرهم دون مقاومة. أما من نجوا منها فقد استخدموا أساليب ملتوية للهرب من معسكرات الموت، وغالبًا ما كانوا أنانيين وأشرارا ولم يُرَ فيهم إمكانية لبناء الدولة اليهودية القوية المنشودة. لكن بيغن الناجي من المحرقة في بولندا رأى في المحرقة فرصة سياسية للمجتمع الإسرائيلي المتخيل والذي لم يكن موحدا بعد عندما جاء للحكم، فكان هو من حول مذبحة الستة ملايين يهودي إلى قاعدة جديدة لهوية إسرائيل. وعلاوة على استخدامها في الخطاب السياسي عبر استحضارها تاريخيًا، فلقد استخدمت أيضا باعتبارها خطرًا وشيكًا ودائمًا! وذلك بهدف تبرير سياساتها القائمة على نوبات عنف هائلة وغير متكافئة ضد الفلسطينيين. وبمساواتهم الفلسطينيين بالنازيين واعتبارهم جددا إنما رسخوا تكنيكا يحرر إسرائيل من أي قيود أخلاقية، فمن يرى نفسه أمام خطر المحرقة والإبادة لابد أن يكون معفيا من أي اعتبارات أخلاقية تحد من جهوده لإنقاذ نفسه.

بررت هتلرة ياسر عرفات في العام نفسه 1982 المجازر المروعة (صابرا وشاتيلا) التي ارتكبتها إسرائيل في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع حلفائها من ميليشيات لبنانية مسيحية. والتي قُتل فيها الفلسطينيون ببشاعة. جان جينيه، الكاتب الفرنسي، كان من أوائل الأوروبيين الذين دخلوا المخيمات بعد المذبحة، وصف المشهد قائلًا: «من جدار الشارع إلى الجدار الآخر، منحنين أو مقوّسين...كانت الجثث السوداء المنتفخة التي اضطررت لتخطيها جميعها لفلسطينيين ولبنانيين». وبهذا فإن الشعب الإسرائيلي وببساطة أعاد إنتاج المحرقة عندما أطاع بيغن بالعمى نفسه الذي أطاع به الشعب الألماني هتلر حين أباد ستة ملايين يهودي كما صرح كُتاب يهود حينها.

كانت هذه الفكرة -أن النازيين موجودون دائمًا بيننا، لا سيما بين العرب- بداية اتجاه دائم في السرديات القومية الإسرائيلية. المفتي الفلسطيني للقدس، الحاج أمين الحسيني، تُصوّره الموسوعة الإسرائيلية عن المحرقة (1990) -في مقالة تكاد تضاهي في طولها مقالة هتلر- كأحد المصممين والمنفذين الرئيسيين لـ«الهولوكوست». وفي خطاب أمام المؤتمر الصهيوني العالمي في القدس عام 2015، زعم نتنياهو أن الحسيني هو من أقنع هتلر المتردد بالمضي قدمًا و«حرق» اليهود.

كل هذا كان مصداقًا لقراءة بندكت أندرسون في كتابه «الجماعات المتخيلة» الصادر 1983 عندما تستخرج الأمة لتكون أمة «الانتحارات النموذجية والشهادات المؤثرة والاغتيالات والإعدامات والحروب والمذابح لكي تؤدي وتحقق «خيالها» عما تعنيه الأمة». إن إسرائيل وبشكل غير مسبوق كانت تعيد صياغة ذاكرة جماعية للموت استخدمتها في تشكيل الهُوية الوطنية وتوظفها اليوم بتأثير عسكري وجيوسياسي مدمر. إن المحرقة هي الأساس الأكثر أمانا والأقل جدلًا للهُوية الجماعية الإسرائيلية. عندما وصل اليهود العرب إلى إسرائيل حتى ومع رشهم بالمبيدات الحشرية لأنهم محتقرون فهم أقل قدرًا من اليهود الاشكناز تعرضوا لبرامج تعليمية وتربوية عن المحرقة ومعاداة السامية (وهم لم يكونوا على دراية بها أصلا لأنهم لم يتعرضوا لها بعيشهم بين العرب مثل الأوروبيين) ليتم ربطهم بيهود الأصل الأوروبي في مجتمع بدا أنه مجتمع متخيل في طريقة بناء الأمة التي تحدث عنها اندرسون. كان على الهولوكوست أن يكون مقدسًا بالضرورة! وتلك القداسة تنطوي على استثنائية الهولوكوست، فهو نموذج الشر الأقصى ومعياره، ولم يتعرض أحد لهذا القدر من الشر مثلما حدث مع اليهود، إن استثنائية وقداسة الهولوكوست بالإضافة لخصخصته كلها كانت أدوات لبناء هوية دولة يُعتبر رفضها معاداة للسامية وامتدادًا للهتلرية.

مسؤولية الحداثة والتنوير:

ومع استثناء حدث الهولوكوست. عملت هذه الآلة وبضراوة على تكريس فكرة أن الهولوكوست (المحرقة) إنما هو حدث قام به كارهي اليهود. فلنلاحظ هذه الفكرة لأنها في غاية الأهمية إن لم تكن الأهم. لم يتم مناقشة الهولوكوست في سياق أنه نتيجة لشروط جعلت أعمال القسوة الجماعية ممكنة. من قبيل التخصص البيروقراطي، ضمور المسؤولية الشخصية، تحرر التكنولوجيا من القيود الأخلاقية، تدمير التعددية الفكرية. لم تكن المحرقة نتيجة حتمية للحداثة، بل ببساطة إنها مسألة محصورة في «تحامل قديم على اليهود» وبهذا فإنه لا ينبغي علينا النظر إلى الهولوكوست كانحراف في حضارة حديثة وسليمة في جوهرها. إن دعم الغرب لإسرائيل واستخدامها فكرة «كراهية اليهود» كدافع وراء المحرقة يُعفي ويُطهر الغرب والتنويرين من مسؤوليتهم تجاه المحرقة.

لقد مكنت التكنولوجيا والتقسيم العقلاني للعمل، والخضوع للسلطة المعيارية، أناساً عاديين من المساهمة في أعمال إبادة جماعية بضمير مرتاح بل مع الشعور العالي بالفضيلة وتحقيق الواجب. إن منع هذه الوسائل المتاحة وغير الشخصية للقتل يتطلب ما هو أكثر من مجرد التحذير من معاداة السامية، إذ أن العنف النازي جزء من الديناميكية التدميرية للأنظمة السياسية والاقتصادية الحديثة، القائمة على استعمار تنافسي وعنصري ودمار بيئي وأشكال عديدة من العنف. لكن تذكروا علينا أن لا نقرأ هذا في ضوء هذا السياق بل أن نعتبر ما حدث كراهية نبتت كالفطر من التراب! كانت حنة ارندت قد حذرت في أكثر من موضع من أن معاداة السامية ليست هي وحدها المسؤولة عن المحرقة بل إمكانات الإبادة في الدولة البيروقراطية الحديثة. الإمكانات التي جلبتها الحداثة والتحديث.

وفي مسار آخر لقراءة دور الحداثة المُنكر فيما حدث لابد من الإشارة للمثال البراجوازي الأوربي للتكوين الثقافي الذي كان مثار اهتمام اليهود أنفسهم ممن رأوا في التعليم التقليدي والتهذيب العقلي والذوق الجمالي الذي ينتجه ذلك المثال انتشالاً للأفراد الغارقين في الخرافة والأخذ بيدهم نحو التنوير. كانت هنالك موجة ساحقة نحو الاندماج بين مكونات المجتمع المختلفة. والذي أفرز ظواهر من بينها التحويل للمسيحية وتلقي الفنون والآداب المسيحية لا عند اليهود فحسب بل عند الأفارقة والاسيويين أيضا. ونتج عن ذلك نماذج ناجحة مثل المصرفي بسمارك ووالتر راتناو وزير خارجية ألمانيا، إنه وعد الاندماج الذي يتطلب مراجعة التقاليد والمحرمات القديمة، والاتجاه نحو قبلة المعرفة والتنوير الأوربي، الحداثة الاوربية.

حدث هذا مع غاندي الذي ذكرناه في البداية على اعتبار أنه يمثلنا اليوم، لكن ماذا إذا نُكث بالوعد؟ واعتبرتَ أقل من أن تكون أوربياً رغم كل المحاولات؟ طُرد غاندي من مقصورة مخصصة للبيض في جنوب أفريقيا، الأمر الذي عرف من خلاله أنه لن يسمح له ابداً بدخول طبقة النبلاء الانجليز وأن يعامل بمساواة معهم. إنها الحداثة إذا من تجعلك كراغب في الترقي الاجتماعي محتقرا لذاتك، احتقارا لن يتبعه الفوز بل الاذلال الحتمي. لقد حدث هذا مع غاندي كما حدث مع اليهود أيضا رغم تحققهم الاقتصادي والفكري. إنه السعي العقيم لتحقيق النجاح الظاهري بالتمثل بالغربي المتنور، بينما يخفي عذابا باطنيا يشمل الخوف والتملق وانكار الذات!

جميع اليهود حتى ممن رآو أنفسهم مواطنين عالميين مثل كارل ماركس نُظر إليهم باعتبارهم يهوداً مهما تبرأوا من أصولهم اليهودية أو تخيلوا نظاماً اجتماعياً جديداً يغدو فيه ذلك غير ذي صلة. كان هرتزل مؤسس الصهيونية السياسية نموذجا لليبرالي البرجوازي الغربي في أواخر القرن التاسع عشر مستفيدا من المساواة المدنية الكاملة التي منحت لليهود في ألمانيا والامبراطورية النمساوية المجرية في ستينيات وسبعينيات القرن ١٩ ولكن مع تسعينيات القرن نفسه اعتراف بأن الضمانات التي قُدمت كانت خادعة. إن الالتزام بالتنوير بالعقد الاجتماعي الجديد عبر الجماعة السياسية التي لا يكون فيها الدين أو الأصل العرقي هو الأساس ما هو الا وهم! وبينما تخلى هؤلاء اليهود عن كل ما بدا عقبة في سبيل قبولهم اجتماعياً وجدوا أنفسهم في عمق إعصار القرن التاسع عشر الأوربي.

يكتب ميشرا: « لقد تبين أن الحداثة العلمانية والفردانية التي كانوا يتوقون إليها لا تنفصل عن دين قبَلي جديد اجتاح أوروبا: القومية، التي جاءت في عدة أشكال، كلها شديدة الانغلاق، تمتلك تصورًا ذهبيًا خاصًا عن انسجامها العرقي والاثني، وإحساسًا حادًا بمن لا ينتمي ـ بـ»الآخر». فبدلا من أن يُستأصل، أصبحت العنصرية سمة راسخة في الغرب الحديث، يدعمها علم زائف، ووجد فيها وسيلة سهلة ورخيصة لصرف الأنظار عن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المستعصية للرأسمالية الصناعية ـ النظام الذي يعد بالثروة والتنقل الاجتماعي للمُقتلعين من جذورهم، لكنه يولد تفاوتا شديدا وشعورا عميقا بالإذلال والاستياء».

وجدت الجماعات نفسها في الغرب في قلب ارتباك وصدمات واضطرابات وتناقضات جلبتها الحداثة. فاليهود وشعوب أخرى لم تستوعب بالكامل في الحداثة. عبر أدباء يهود مثل كافكا وبروست وباسترناك وآخرين عن عزلة قلقة وحاجة للتكيف مع الآخرين تحولت مع مرور الوقت لبصيرة نفسية وفكاهة تهكمية ساخرة وشك ناقد وحساسية تغذت طويلاً وسط أطلال حداثة طالما اشتهيت لكنها ظلت ناقصة وتراجيدية ومستحيلة المنال. هذا التركيب المعقد من المشاعر الذي وصفته الكاتبة اليهودية الروسية سفتيلانا بويم «الحداثة المنحرفة» (off-modern).

ووسط صراعاتها العسكرية المتصاعدة ومنافستها الاقتصادية تعاونت جميع القوى الغربية – ديمقراطية أو سلطوية – على دعم وترسيخ تسلسل هرمي عرقي مشروع للحفاظ على ما وصفه الرئيس الأمريكي الليبرالي الدولي الأول ويسلون صراحة سنة 1917 «بقوة العرق الأبيض» «وحماية الحضارة البيضاء» وهيمنتها على العالم. كان من الواضح أن هنالك في مقابل هذه الحضارة البيضاء «آخر» مستبعد ومصيره واحد. في كتابه «بشرة سوداء، أقنعة بيضاء» (1952)، يروي فرانز فانون أن أستاذه في الفلسفة في جزر الأنتيل قال له: «عندما تسمع أحدهم يسب اليهود، انتبه؛ إنه يتحدث عنك».

أليس بديهياً بعد هذا العنف وخطاب التفوق العرقي والحضاري الذي عزز احترام الذات الوطني والفردي فقط ما حال دون الإحساس المسبق بالذنب أن نقرأ أن الهولوكوست/المحرقة نفسه كان ممكنا بفضل هذا الإرث الغربي، هذه الحداثة الغربية، ألا يبدو أن إمكانيته قد تم اختراعها في قلب الثقافة والتنوير الاوربيين؟ فلنتأمل مزيداً من الأمثلة العملية: الجنرال آرثر ماك آرثر (والد دوغلاس) عبّر عن أفكار شائعة حينها في الغرب، عندما قال في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ حول مذبحة أكثر من 200,000 مدني خلال غزو الولايات المتحدة للفلبين بين عامي 1898 و1902، إنه ينتمي إلى «الشعوب الآرية العظيمة» وشعر بواجبه في الحفاظ على «وحدة العرق». وكذلك فعل القيصر الألماني حين أرسل عام 1900 قوات ألمانية في بعثة انتقام عرقي مشتركة ضد الصينيين المتمردين، وأمرهم بألا يرحموا أحدًا ولا يأخذوا أسرى، وأن يتأكدوا من أن «لا صينيًا يجرؤ حتى على التحديق في ألماني بعد الآن».

لم يكن ما فعله هتلر استثنائياً أو شاذاً كما يريد لنا الغرب أن نفكر وبالتالي لم تكن مسألة المحرقة «عداء قديم لليهود» بل هي امتداد لسياسات أوروبا البيضاء ومعرفتها، فهنالك العديد من الابادات الجماعية التي يتجاهلها التاريخ أو يبررها على طريقة تشرشل بوصفها خطوات ضرورية في التقدم القومي والعرقي، فهتلر مثلا شارك تشرشل موقفه من الهنود الحمر في أمريكا: «نحن نأكل القمح ولا نفكر أبدا في الهنود» وقال أيضا: «من الذي يتحدث اليوم وفي النهاية عن إبادة الأرمن؟» هل يبدو وفقا لهذه القراءة بأن الهولوكوست سقطت من المريخ؟ أو أن هتلر به لوثة عقلية شخصية؟ أو أن المسألة هي كراهية طارئة ضد اليهود!

حتى فكرة القومية التي تبناها آخرون في العالم إنما اعتبروا تلامذة مدارس سذج في الشرق كما عبر طاغور عن دعاة التفوق الهندوسي فقد وقعوا في فخ فكرة غربية رنانة تعد من أقوى المخدرات التي اخترعها الإنسان، يتمكن من خلالها المرء من تنفيذ «برنامج منهجي لأشد أشكال الأنانية فتكاً دون أن يكون واعياً بأي شكل لانحرافه الأخلاقي» حيث الشعوب تقبل هذا الاستعباد العقلي المتغلغل في كل مكان بفرح وبفخر بسبب رغبتها العصبية في تحويل نفسها الى آلة قوة تدعى «الأمة».

إسرائيل هي الأخرى امتداد لتلك الفكرة المريضة التي تدعى القومية، القومية المتفوقة والتي يحق لها أن تفعل ما تشاء في سبيل بقائها فحسب، آلة لا ينبغي ردها اذ أن الحداثة تبشر بالقوة والعقلانية والواقعية السياسية. لقد وثق اليهود سابقاً بالليبرالية الاوربية وفتنوا بها وكان ان وصلت بهم الى هتلر، الكارثة التي كان معها الفتك بأقلية وطنية مدمجة (اقل من 1% اتفقت معظم الدول الغربية بل وشاركت فيها ورفضت ما سمت نفسها الديمقراطيات الغربية تخفيض حواجز الهجرة أمام اليهود الفارين من النازية وتركت آلافاً منهم يلوذون بمكان آمن في الصين، بل وسلمت هذه الديمقراطيات سكانها اليهود لمعسكرات الموت النازية.

النموذج المحتذى به: الهنود على هوى إسرائيل!

ينحدر ميشرا عن عائلة هندية هندوسية، ومن البراهمة تحديدا. كان لعائلته هوى وميولاً قومية، دعمت اعجابهم بالصهيونية على الرغم من عدم معرفتهم الشخصية باليهود أو بإسرائيل. ووجدوا في الصهيونية والمانفيستو الخاص بها موقعاً للتفكير في وضعهم داخل الهند البريطانية بعد إنهاء الاستعمار، الأمر الذي يمكن من خلاله أن نفهم سر علاقة الهنود الهندوس الكبير بإسرائيل حتى في هذه الحرب. فمنذ السابع من أكتوبر والأحزاب القومية الهندية تبنت بروباغندا إسرائيل وروجت لها، وأعلن هنود كما شاهدنا عن رغبتهم بالتطوع في الجيش الإسرائيلي. أو ما يعبر عنه ميشرا بكون القوميون الهندوس اليمينيون يشكلون أكبر ناد لمعجبي بنيامين نتنياهو في العالم اليوم.

نشأ ميشرا في الهند سبعينيات القرن الماضي كان أول يهودي تعرف عليه كاتباً هندياً من مومباي يدعى نسيم عزقيئيل، أحد الرواد الحداثيين، قصيدته «ليلة العقرب» من المواد المفروضة على جميع طلاب المدارس في الهند. والثاني كان شخصية تاريخية: ديفيد ساسون، رجل أعمال بارز في بومباي القرن التاسع عشر يتحدث العربية، وترك إرثًا ثقافيًا وعمرانيًا غنيًا في المدينة. يكتب ميشرا لقد أعطى وجود عزقيئيل في بومباي، ضمن إحدى أقدم الجماعات اليهودية في آسيا، إلى جانب تماثيل ومكتبات ومدارس وأحواض موانئ مرتبطة بعائلة ساسون ـ عائلة يهودية من بغداد ـ انطباعًا قويًا لدي في صغري بأن اليهود أقلية آسيوية مغرّبة. وفي الصور التي كنا نملكها لألبرت أينشتاين وطاغور وهما يجلسان جنبًا إلى جنب، كان الصديقان يبدوان كحكماء شرقيين.

لم يكن الهنود على علاقة بمعاداة السامية الغربية سواء تلك التي تلقي باللوم على اليهود في مقتل المسيح، أو التي تنسج نظريات المؤامرة حول هيمنتهم على العالم عبر الرأسمالية او الشيوعية. عاش اليهود في الهند لقرون دون مضايقة تذكر ومع الاستعمار البريطاني ودور اليهود مثل عائلة ساسون في بومباي التي دعمت العقوبات البريطانية الدموية ضد المتمردين الهنود سنة 1857 كما يذكر كتاب «ملوك شنغهاي الأخيرون» لجوناثان كوفمان عن ساسانييون وكادوريين وهما عائلتان يهوديتان من بغداد عرفوا عند الاسيويين عموماً كامبرياليين بريطانيين أو عملاء لا كيهود. الأمر الذي يثبت مرة أخرى أن المسألة اليهودية هي مسألة اوربية صرف!

كان على جدار غرفة ميشرا صورة لموشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي خلال حرب الأيام الستة. هذا الولع بالأبطال الإسرائيليين كان سائداً إلا أنه يتم في السر لكونه محظورا من الحزب الحاكم آنذاك وهو حزب المؤتمر بقيادة نهرو فقد ساندوا الفلسطينيين ووقفوا بحزم ضد الإرهاب القومي الهندوسي. كان لدي الهنود «جابوتنسكي» الخاص بهم وهو فيناياك دامودار سافاركار النظير الهندي لمؤسس تيار التنقيحية المتشدد الذي ذكرناه أعلاه. وكان أحد اتباعه من اغتال المهاتما غاندي في يناير 1948 لأنه لم يكن متشدداً وشرساً بما يكفي تجاه المسلمين الأمر الذي يتعارض مع منطق بناء الأمة عند الجابوتنسكيين كانوا هنوداً أم إسرائيليين!

وأمام هزيمة القوميين الهندوس في السبعينيات أمام حزب المؤتمر المؤيد للفلسطينيين ترسخ لدى القوميين الهندوس الشعور بأن ورثة جابوتنكسي من بيغن وشاورن وغيرهم ربحوا سباق الرجولة القومية. وفي حملة القمع الواسعة التي امر بها نهرو ضد القوميين الهندوس في عموم البلاد اعتقل من هم أقارب لميشرا وأحدهم جده الذي عرفه بأسطورة موشيه ديان. اذ كان الجد مفتوناً بالجنرال الإسرائيلي الذي تفوق على جيوش عربية متفوقة عددياً في عام 1967 وكيفية انتزاعه لمرتفعات الجولان في اللحظة الأخيرة. وعندما تسربت أخبار عن زيارة ديان بينما يشغل منصب وزير خارجية إسرائيل 1977 لأول حكومة هندية لا يقودها حزب المؤتمر، ظهرت صورة ديان في الصحف الهندية، اندهش ميشرا من ضمادته السوداء على عينه وابتسامته المشاكسة، كانت هذه الصورة تؤكد حيوية إسرائيل وشجاعتها ودهائها. كان ميشرا قد قرأ أدباً يؤكد هذه الصور في أوائل الكتب التي قرأها بالانجليزية: تسعون دقيقة في عنتيبي لويليام ستيفنسون (1976)، وهو سرد لعملية الإنقاذ الجريئة في مطار عنتيبي بأوغندا لـ103 رهائن إسرائيليين في عملية الخطف الألمانية الفلسطينية المشتركة. يكتب ميشرا «كانت أكشاك الكتب في محطات القطار النائية في الهند دائمًا ما تعرض نسخًا ورقية من رواية ليون أوريس الخروج (1958)، وهي رواية أخرى رومانسية عن تأسيس إسرائيل. وقد قال ديفيد بن غوريون عن الرواية: «كعمل أدبي، ليست عظيمة. لكن كقطعة دعائية، فهي أعظم ما كُتب عن إسرائيل»» الرواية التي تعطي درساً عن أهمية الدفاع الحازم ضد نوايا المسلمين الغادرة وفضيلة الشك الدائم بهم.

قدمت الصهيونية مشروعاً تاريخياً حالماً بالنسبة للقوميين الهندوس. فمسيرة الصهاينة مذهلة، فعلى الرغم من انطلاقها من المأساة الا انها سارت نحو لحظة إعجازية: تأسيس وطن قومي « إسرائيل». وعلى النقيض من ذلك أحبطت أحلام القوميين الهندوس في إقامة وطن موحد بسبب الانفصال الإسلامي. لم يكن الحلم القومي الهندوسي إلا مأساوياً أولاً وآخراً. فسماحة نهرو وغاندي سمحت بتقسيم كارثي للهند البريطانية بعد 1947 مما أدى لمذابح لا حصر لها بحق الهندوس. وكان المصير الأسوأ والأكثر فظاعة بالنسبة لهم، أن الدولة المنشأة حديثاً أي باكستان قد احتلت جزءاً كبيراً من كشمير ذات الغالبية المسلمة في حين بقي عشرات الملايين من المسلمين في الهند ليشكلوا طابوراً خامساً ضخماً لصالح باكستان.

همش الحزب العلماني «المؤتمر» القوميون الهندوس بشكل مهين كما تذهب سرديتهم، هذا الحزب الذي يخون الهندوس والهند خيانة تامة. كان من الطبيعي اذن أن يكنوا اعجاباً كبيراً بإسرائيل، فهي تملك تصوراً واضحاً وفخوراً عن ذاتها وايدلوجيا دينية وثقافية فرضت ولاءً تلقائياً من مواطنيها، إسرائيل التي بنت أمتها في عزلة، وكانت ايضاً مثالاً على اللغة الوحيدة التي يفهمها المسلمين وهي لغة القوة والمزيد من القوة. أما الهند فها هي دولة غير متماسكة وضعيفة، تدعي الديمقراطية والاشتراكية والعلمانية، لكن حكومتها الفاسدة (حزب المؤتمر) ترضي المسلمين وتهمل التراث الهندوسي.

نظر القوميين الهندوس لإسرائيل والصهيونية بحسد، لكنهم وفي الوقت نفسه كانوا معجبين بالنازية! فالزعيم والمفكر الهندوسي واسع التبجيل. إم. إس. غولوالكار، كتب عام 1939 كيف أن ألمانيا النازية كانت تُجسد «فخر العرق في أعلى تجلياته» بتطهير نفسها من الأعراق السامية. أما كفاحي فقد ظل من الكتب الأكثر مبيعًا في الهند، يُقرأ بانتقائية ويُحتفى به لدروسه في بناء الأمة لا لكرهه لليهود (وللهنود). يكتب ميشرا: «مثل كثير من القوميين الهندوس، سواء المعاصرين أو السابقين، كان جدي قادرًا على التوفيق بسهولة بين إعجابه بوطنية هتلر ودعمه للصهيونية. فكل من ألمانيا النازية وإسرائيل بدتا مصممتين على تطهير دولتيهما من العناصر الأجنبية والمحتمل خيانتها، وعلى تشجيع نزعة عسكرية بين مواطنيهما»

بعد انتخاب ناريندرا مودي عام 2014، بدت الهند وإسرائيل حليفين طبيعيين. في عام 2017 ظهر مودي ونتنياهو يتبادلان الضحك على شاطئ في إسرائيل. أصبحت الهند الآن أكبر زبون أجنبي لصناعة الدفاع الإسرائيلية؛ تستخدم القوات الأمنية الهندية خبرة إسرائيل في احتلال كشمير؛ وتستخدم وكالات الاستخبارات الهندية برامج تجسس إسرائيلية الصنع لمراقبة السياسيين ونشطاء الحقوقيين والصحفيين؛ وأرسل غوتام أداني، أقرب رجال الأعمال إلى مودي، الذي يدير أكبر ميناء بحري عميق في إسرائيل (حيفا)، ويملك مشروعًا مشتركًا مع شركة الأسلحة الإسرائيلية الكبرى Elbit Systems، طائرات مسيّرة عسكرية مصنوعة في الهند إلى إسرائيل خلال حربها على غزة.

الهندي الذي سيخلع جلباب جده!

يقول ميشرا أن قراءاته اللاحقة في التاريخ والادب بددت الرؤى الطفولية التي كونها عن إسرائيل، ومنحته خلفيته الهندية وانخراطه في المجتمعات غير الغربية تركيزاً مختلفاً دفعته للنظر للعنصرية الأوربية منتصف القرن العشرين وعلاقتها بالفظائع الأخرى التي عانت منها الأقليات والشعوب المستعمرة في العصر الحديث. بدأت الصهيونية تظهر له في ضوء مختلف مترابطة على نحو لا ينفصل مع مشاريع الخلاص لشعوب مهانة في آسيا وافريقيا، استبعدت من الحداثة ومكتسباتها المتصورة، ما خلق عاملاً من بين عوامل أخرى للشراسة والوحشية التي ستتخذها في سبيل استعادة حقها في الحداثة والتقدم، كما عند الصهيانة والقومية الهندوسية في الستعينيات والألفينات، وعاش ميشرا التجارب التي يتم فيها التلاعب بالذاكرة الجمعية من قبل هذه الحركات، لتعزز عقلية الحصار والتوسع العنيف.

قرأ ميشرا عن توحش الإبادة الجماعية في روندا وبورندي ويوغسلافيا السابقة، الإمبرياليات الابادية القديمة المدفوعة بالتحامل العنصري. شاهد أفلاماً عن اوشيفتز بشكل خاص مثل فيلم قائمة شندلر 1993 الشهير الذي شكل للملايين ذاكرة المحرقة عندما يتم انقاذ انسان في اللحظة الأخيرة التي تخطف انفاسنا كمشاهدين من قطار الموت المتجه الى تريبلينكا وفكرنا فيمن لم ينجوا من ذلك القطار. ظل ميشرا مثلنا جميعاً مشدوهاً أمام فكرة أن هنالك تخطيطاً مسبقاً سبق مصانع الموت الجماعي من هندسة المعسكرات وتوفير وسائل النقل السريع في أوربا. ومع رتابة القسوة اختزل ذلك كما يبدو في شكل مروع من التلصص فحسب. لم ينتج حساسية أخلاقية مغايرة تجاه هذا النوع من الكوارث. لم يحمل ميشرا بعد هذا أي شكوك تجاه إسرائيل حتى تلك التي تعلمها من طاغور وخطورة القومية، رأى في إسرائيل ضرورة ملحة، وحتى بعد أن أزاح صورة ديان من جداره لم يستطيع الا ان يراها باعتبارها خلاصاً لضحايا المحرقة وضمانة لا تنكسر ضد تكرارها.

قابل ميشرا طلاباً فلسطينيين في الجامعات الهندية وقرأ لغسان كنفاني ومريد البرغوثي واميل حبيبي وآخرين عن عدالة القضية الفلسطينية، وهنا شعر بأن ارتباطه المبكر بالحساسية اليهودية الصهيونية وعدم اكتراثه بمصير الفلسطينيين كان تأكيداً مريرًا لصحة كلمات إدوارد سعيد في كتابه After the Last Sky (1986): «ليس لدينا آينشتاين معروف، ولا شاغال، ولا فرويد أو روبنشتاين ليحمونا بإرث من الإنجازات المجيدة». ومع ذلك لم يكن قول ذلك سهلاً اذ أن اليهود ايضاً يمتازون بتجربتهم الحديثة جداً في القتل الجماعي بدوافع عنصرية فهم أحق بالدولة القومية من نظرائهم في باكستان واندونيسا وفيتنام، وكان يرتد داخلياً كلما سمع أحداً من معارفه او في الاعلام ينتقد إسرائيل. تأثر ميشرا عندما قرأ مذكرات عاموس عوز «قصة عن الحب والظلام» 2002 بطفولة عوز في القدس خلال اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي في غياب شبه تام للعرب في وعي الكاتب الإسرائيلي الأبرز! هذه اللامبالاة بوجود العرب في المكان والتي ستتحول شيئاً فشيئاً لاحتقار نشط.

يدرك ميشرا أنه سمح لإسرائيل وحلفائها ان يصيغوا معنى المحرقة الوحيد، المعنى الذي حول إسرائيل لمؤسسة قمع وابادة. الصياغة التي تم تأميمها للمبدأ القاسي أن من يستحق الحياة هم فقط الأقوياء الذين يضربون اولاً. كان الدرس الأبرز الذي تدعيه إسرائيل من المحرقة هي البقاء على قيد الحياة باعتبارها القيمة الأسمى للحياة البشرية. وان كان الأمر كذلك يسأل ميشرا ما الذي يميز ارث المحرقة اذن عن الدراوينية الاجتماعية في القرن التاسع عشر، وهي جوهر القومية والامبرالية الأوربية السامة التي أنتجت المحرقة نفسها. ما الذي يختلف في ذلك عما تفعله إسرائيل نفسها اليوم بالفلسطينيين؟

أمل السعيدي قاصة وكاتبة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة القرن التاسع عشر السابع من أکتوبر معاداة السامیة هذه المقالة حزب المؤتمر فی إسرائیل الأمر الذی فی المحرقة عن إسرائیل إسرائیل فی من المحرقة فی العالم فی الهند فی الغرب فی کتابه ما یحدث فی آسیا نجوا من ما حدث فی غزة فی عام فی هذه حدث مع مع ذلک لم یکن جمیع ا دائم ا التی ی کان من لم تکن

إقرأ أيضاً:

مندوب مصر أمام محكمة العدل: إسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها

قال السفير حاتم عبد القادر، مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية، مندوب مصر أمام محكمة العدل الدولية، إن إسرائيل تحرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، والدول الأعضاء بالأمم المتحدة عليهم أن يعترفوا بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مضيفا أنه على إسرائيل ضمان عمل المنظمات الإنسانية في غزة.

وأضاف خلال كلمته أمام محكمة العدل الدولية، التى نقلتها قناة القاهرة الإخبارية، أن أونروا لم تتوقف عن تقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين خاصة في مخيمات اللجوء، وندعو الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى دعم السلطة الفلسطينية، مؤكدا أن الكنيست اتخذ عددا من القرارات لمنع وتجريم عمل أونروا.

وتابع، أننا وثقنا الاعتداءات الإسرائيلية على العاملين بالمجال الإنساني، وإسرائيل طالبت أونروا بوقف عملها في الأراضي المحتلة، وأن سياسات إسرائيل ضد أونروا تهدف لحرمان الفلسطينيين من حقهم في الحصول على الخدمات الأساسية، ويجب على إسرائيل ألا تمنع الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير.

وأوضح أن هناك 160 اتفاقا دوليا تضمن عمل الأونروا، وعلى إسرائيل التراجع عن التدابير التي اتخذتها لمنع عمل وكالة أونروا، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين.

وأكد أنه يجب عدم الإخلال بأي حق من حقوق اللاجئين الفلسطينيين ومن بينها حق العودة، وأونروا هي المنظمة التي تمثل الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، والقانون الدولي الإنساني يقر بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، مؤكدا انه يجب على إسرائيل الوفاء بالتزاماتها كدولة احتلال، وإسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها، وعلى إسرائيل الالتزام بالقوانين الدولية كعضو بالجمعية العامة للأمم المتحدة.

اقرأ أيضاًعضو الفريق الفلسطيني بـ«العدل الدولية»: نركز على مدى مشروعية قرارات إسرائيل بمنع عمل الأونروا

ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 52314 شهيدًا

«العدل الدولية» تبدأ جلسات استماع بشأن حظر إسرائيل لـ«أونروا»

مقالات مشابهة

  • “حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولين بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • الشاب الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد من إسرائيل
  • مندوب مصر أمام محكمة العدل: إسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها
  • الغرب بدأ ينبذ إسرائيل وإسبانيا تُلغي صفقة أسلحة .. ثلاث دولٍ تُطالِب بمنع الكيان المشاركة بمُسابقة الأغنية الأوروبيّة
  • العثماني والداودي وأفتاتي وأمكراز ومصلي أبرز قيادات "البيجيدي" التي ظفرت بعضوية المجلس الوطني الجديد