عن أي شرق أوسط جديد يتحدّث نتنياهو؟
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
عندما يتحدّث رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عن "أننا غيّرنا الشرق الأوسط" يتبادر فورًا إلى الأذهان الحكاية الشهيرة للشاعر الفرنسي جان لافونتين عن حوار الذئب والحمل، وكيف اتهم الأول الثاني بأنه عكّر له مياه النبع مع أن الحمل لم يكن يشرب من رأس النبع، حيث كان الماكر الغدّار يقف بكل عنجهية واقفًا في المكان، الذي اتهم فيه الحمل بأن بسببه قد تعوكرت المياه.
فعن أي شرق جديد يتحدّث نتنياهو، خصوصًا أن كلامه تزامن مع اعتداء جديد قامت به طائراته على مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي يدّعي إعلامه بأنه مخزن أسلحة لـ "حزب الله"، وكيف لهذا الشرق الذي يتوافق مع نظرة تل أبيب القائمة على اغتصاب حقوق الآخرين أن يكون جديدًا في ظلّ ما اقترفت أيدي نتنياهو بالذات وحكومته اليمينية المتطرفة الملطخة بدماء الفلسطينيين في قطاع غزة المدّمر، والذي لم يعد صالحًا للسكن البشري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأبرياء الذين سقطوا في أكثر من منطقة لبنانية، وبالأخص في القرى الأمامية في الجنوب، ضحايا الإرهاب الإسرائيلي بعدما دمّر منازلهم فوق رؤوسهم؟
فهذا الشرق لن يكون جديدًا في نظر كثير من الدول الحرّة، إلاّ إذا قامت دولة متكاملة الأوصاف للفلسطينيين في ظل رفض إسرائيل وهي التي كانت عائقًا منذ وعد بلفور حتى اليوم في وجه المساعي التي كانت تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل في فلسطين أولًا، وفي دول الجوار ثانيًا، ومن بينها لبنان، الذي عانى الأمرّين نتيجة هذا الوجود غير الصحي في منطقة غير مهيأة لتقبّل قيام كيان غاصب لأرض الغير.
وانطلاقًا من هذا الواقع القائم على معادلات خاطئة من حيث المنطق، الذي خلص إليه لافونتين في حكايته عن الذئب والحمل بأن منطق القوي هي دائما الأفضل لم يسمع أحد أن أيًّا من الدول التي تدّعي العمل على حماية حقوق الانسان حتى مجرد ادانة لما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة أو في لبنان، وهي تحاول أن تذكّر الفلسطينيين واللبنانيين على حدّ سواء بأنها لا تزال موجودة وحاضرة للقيام بكل ما من شأنه إعاقة أي محاولة للنهوض، باستثناء التصريحات اللاذعة التي أدلى بها الرئيس الإيرلندي مايكل د. هيغينز والتي وجّه فيها انتقادات قاسية لنتنياهو، معتبرًا أن العالم صمت طويلاً أمام "الخروقات الفاضحة" للقانون الدولي والإنساني، وقال إن كثيرين ممن ينتقدون سياسات نتنياهو داخل إسرائيل يتعرضون لاتهامات ظالمة بمعاداة السامية. وأضاف: "كان ينبغي مواجهة هذه الأكاذيب منذ البداية"، مشددًا على أنه من حق الجميع انتقاد حكومة تقود جيشًا ينتهك القانون الإنساني الدولي ويعتدي على المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال.
وأضاف: "من غير المقبول أن يتم تصوير من يندد بقتل المدنيين الأبرياء وكأنه يدعم النسخة العسكرية لحركة "حماس"، هذا تشويه للحقيقة"، مشيرًا إلى أن كثيرين من الأميركيين، شأنهم شأن الشعوب الأخرى، يشعرون بالصدمة من حجم الجرائم المرتكبة.
واستذكر هيغينز مشهدًا مؤلمًا تناقلته وسائل الإعلام مؤخرًا، يظهر طفلا فلسطينيا مبتور الأطراف يخاطب والدته قائلاً: "كيف سأحضنك الآن؟"
ومع هذه اللامبالاة اللافتة منذ أن بدأت إسرائيل حربيها المدمرتين في غزة ولبنان تستمر حكومة الحرب فيها باعتداءاتها المتمادية وكأن ليس في الأمر ما يقلق المجتمع الدولي عمّا يحّل من كوارث ومآسي في القطاع وفي لبنان بدءًا من جنوبه ووصولًا إلى الضاحية الجنوبية، التي لا تغيب عن سمائها المسيرات، التي تهدر ليلًا ونهارًا.
المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة ماكرون: تحدثت مع ولي العهد السعودي عن الشرق الأوسط Lebanon 24 ماكرون: تحدثت مع ولي العهد السعودي عن الشرق الأوسط 29/04/2025 09:02:14 29/04/2025 09:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 نتنياهو يتحدث في تغريدة عن "الدولة العميقة" ويثير الجدل Lebanon 24 نتنياهو يتحدث في تغريدة عن "الدولة العميقة" ويثير الجدل 29/04/2025 09:02:14 29/04/2025 09:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 نتنياهو يتحدث عن العمليّات العسكريّة في لبنان: اغتلنا نصرالله Lebanon 24 نتنياهو يتحدث عن العمليّات العسكريّة في لبنان: اغتلنا نصرالله 29/04/2025 09:02:14 29/04/2025 09:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 أكسيوس عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين: ترامب تحدث مع نتنياهو عبر الهاتف والنقاش تناول صفقة الرهائن Lebanon 24 أكسيوس عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين: ترامب تحدث مع نتنياهو عبر الهاتف والنقاش تناول صفقة الرهائن 29/04/2025 09:02:14 29/04/2025 09:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 قد يعجبك أيضاً رفع الحد الأدنى للأجور.. هذا ما سيحصل في 7 أيار Lebanon 24 رفع الحد الأدنى للأجور.. هذا ما سيحصل في 7 أيار 01:45 | 2025-04-29 29/04/2025 01:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 المستقيلون يريدون تحقيق "إنجازات" Lebanon 24 المستقيلون يريدون تحقيق "إنجازات" 01:30 | 2025-04-29 29/04/2025 01:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الحرارة ستصل إلى 29.. موجة غبار ثانية ستضرب لبنان ولكن الطقس سينقلب والأمطار عائدة في هذا الموعد Lebanon 24 الحرارة ستصل إلى 29.. موجة غبار ثانية ستضرب لبنان ولكن الطقس سينقلب والأمطار عائدة في هذا الموعد 01:17 | 2025-04-29 29/04/2025 01:17:48 Lebanon 24 Lebanon 24 "الثنائي الشيعي" يوسّع هامش حرية العائلات Lebanon 24 "الثنائي الشيعي" يوسّع هامش حرية العائلات 01:15 | 2025-04-29 29/04/2025 01:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 حوادث وأعمال تزفيت.. زحمة تلف الطرقات اللبنانية Lebanon 24 حوادث وأعمال تزفيت.. زحمة تلف الطرقات اللبنانية 01:04 | 2025-04-29 29/04/2025 01:04:16 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة "وينو زوجها؟".. نسرين طافش بإطلالة جريئة تستمتع بوقتها برفقة شابين! (فيديو) Lebanon 24 "وينو زوجها؟".. نسرين طافش بإطلالة جريئة تستمتع بوقتها برفقة شابين! (فيديو) 02:56 | 2025-04-28 28/04/2025 02:56:02 Lebanon 24 Lebanon 24 قُبلة حميمة.. ممثلة لبنانية تُثير الجدل مع زوجها في أحد المهرجانات شاهدوا ماذا حصل Lebanon 24 قُبلة حميمة.. ممثلة لبنانية تُثير الجدل مع زوجها في أحد المهرجانات شاهدوا ماذا حصل 04:23 | 2025-04-28 28/04/2025 04:23:49 Lebanon 24 Lebanon 24 تزامناً مع قصف الضاحية.. هذا ما حصل على طريق المطار Lebanon 24 تزامناً مع قصف الضاحية.. هذا ما حصل على طريق المطار 03:15 | 2025-04-28 28/04/2025 03:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 "دولارات" ستصل إلى لبنانيين غداً.. إليكم هذا الخبر Lebanon 24 "دولارات" ستصل إلى لبنانيين غداً.. إليكم هذا الخبر 09:09 | 2025-04-28 28/04/2025 09:09:55 Lebanon 24 Lebanon 24 هل ستستقيل وزيرة التربية.. أم ينتهي العام الدراسي؟ Lebanon 24 هل ستستقيل وزيرة التربية.. أم ينتهي العام الدراسي؟ 09:30 | 2025-04-28 28/04/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب اندريه قصاص Andre Kassas أيضاً في لبنان 01:45 | 2025-04-29 رفع الحد الأدنى للأجور.. هذا ما سيحصل في 7 أيار 01:30 | 2025-04-29 المستقيلون يريدون تحقيق "إنجازات" 01:17 | 2025-04-29 الحرارة ستصل إلى 29.. موجة غبار ثانية ستضرب لبنان ولكن الطقس سينقلب والأمطار عائدة في هذا الموعد 01:15 | 2025-04-29 "الثنائي الشيعي" يوسّع هامش حرية العائلات 01:04 | 2025-04-29 حوادث وأعمال تزفيت.. زحمة تلف الطرقات اللبنانية 01:00 | 2025-04-29 تفعيل الاتصالات الديبلوماسية لوقف العدوان الاسرائيلي خلال فترة الانتخابات فيديو بحضور النجوم زفاف ابنة شقيق عادل إمام.. وغياب "الزعيم" يُثير قلق الجمهور بشأن صحته (فيديو) Lebanon 24 بحضور النجوم زفاف ابنة شقيق عادل إمام.. وغياب "الزعيم" يُثير قلق الجمهور بشأن صحته (فيديو) 23:30 | 2025-04-27 29/04/2025 09:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 أصرت على الوقوف بجانب النعش.. راهبة تخرق البروتوكول لتلقي نظرة على جثمان البابا المسجى (فيديو) Lebanon 24 أصرت على الوقوف بجانب النعش.. راهبة تخرق البروتوكول لتلقي نظرة على جثمان البابا المسجى (فيديو) 23:56 | 2025-04-23 29/04/2025 09:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم 09:23 | 2025-04-21 29/04/2025 09:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ثیر الجدل ستصل إلى فی لبنان هذا ما
إقرأ أيضاً:
الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
يأخذك الحديث وأنت تتأمل فيلم غيوم لمُزنة المسافر إلى التطور الفني والموضوعي في تجربتها، موضوعا التعددية الثقافية والعرقية في المجتمع العماني كمصدر ثراء غني، تتجه إليه مزنة في استقصائها الطويل، مزيلة وهم ما يفصل بيننا، عبر البحث عن ما يجمع بيننا ويأتلف في نسيج اجتماعي واحد. عبر هذا الثراء العرقي واللغوي نخلق تجانسنا الحقيقي، التجانس المميز لمجتمعنا منذ جذوره التاريخية البعيدة. فنيا يشكل فيلم غيوم تحولا نوعيا تخرج به مزنة عن الطرح الأفقي للتجربة، عن أحكام البداية فتتسلسل الأحداث وصولا إلى نهايتها. فيلم غيوم يخرج عن القوالب التقليدية في السينما منحازا إلى شاعريتها، الغائب والماضي والمفقود هم من يشكل وهج الأحداث، ويدفع بشخوصه إلى المحبة والأسى والفراق والندم، محكومة بالماضي الذي تسدل ظلال أحداثه على الحاضر والمستقبل معا. فنيا ينحاز السيناريو إلى الصورة السينمائية عنه إلى الحوار، الصورة خاصة في تجسيدها المباشر لملامح شخوص الفيلم، قادرة حقا على نقل عواطفهم واختلاجات قلوبهم، سينمائيا تضفي هذه اللغة الجمال السينمائي، الذي تريد مزنة إيصاله إلينا، ما لا يستطيع الحوار نقله عبر السينما.
اختيار مُزنة لطرح تجربتها جبال ظفار، عائدة بنا إلى عام ١٩٧٨م، أي بعد ثلاثة أعوام من نهاية حرب الجبل بعد حرب طويلة استمرّت عشرة أعوام. هذه الحرب هي الماضي الذي يثقل أرواح رعاة الجبل، الماضي الذي يسدل على الحياة مشاعر الفقدان والخوف من عودة الحرب ثانية. الحرب التي تركت في كل منزل قتيلًا، أو قريبًا لقتيل، أحرقت المراعي وفتكت بالإبل مصدر حياة سكانه، والأثقل أنها تركت روح الفرقة بين أبناء الجبل، نظرا لتغير مواقفهم من موقع إلى آخر، ذلك ما نقرأ ثقله في حياة بطل الفيلم دبلان الذي يتحول بعد الحرب إلى رجل منطو على نفسه، يرفض مشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم ويقضي معظم وقته في العناية ببندقيته، وملئها بالرصاص حتى تكون جاهزة للقضاء على النمر في أي وقت تتكرر عودة الحرب ثانية إلى جبال ظفار.
مزنة في هذا الفيلم العميق والشاعري في آن تبتعد عن تقديم الرصاص والقصف والقتلى، كما أن المرأة القتيلة لم تظهر في الفيلم أبدا، رغم ظهور ذكراها المتواصل، كهاجس يومي يلازم حياة الأب وابنه عمر وابنته سلمى، المرأة ومقتلها الغامض هي السر المكتوم في الفيلم، ابنها عمر كل ليلة ينام في حضن أخته الكبرى، متخيلا والدته تنام على سحابة بعيدة في السماء، يراقب أباه يوميا أثناء تنظيف وتعمير بندقيته، محاولا أكثر من مرة خطفها منه، دون أن يتبين لنا السبب المباشر لذلك، حتى نجاح اختطافه البندقية في مشهد سينمائي أخاذ، يوجّه فيه عمر البندقية إلى صدر أبيه طالبا منه فك لغز اختفاء أمه، تكون الفرصة مؤاتية آنذاك للأب للاعتراف لابنه وابنته أن الأم قد توفيت برصاصة طائشة أثناء معارك الجبل، دون أن يحدد من أي طرف جاءت الرصاصة، ذكاء مزنة يوقف التجربة برمتها أمام تقييم جديد يكشفه التاريخ في مستقبل الأيام، والوقت ما زال باكرا لإدانة طرف ضد آخر، فقط الخوف من عودة الحرب ثانية، هي النمر الذي يستعد دبلان يوميا لمواجهته. وأخيرا لتعليم ابنه طريقة استخدام البندقية لقتل النمر وحش الحرب قبل وصوله إلى الجبال.
مصدر إيحاء غيوم هي مجموعة من الصور الوثائقية التقطها والدها الفنان موسى المسافر، الذي دون شك عاصر مرارة تلك الأحداث، تكشف لنا جانبا مهما من حياة أبناء الجبل في ظفار أثناء الحرب وبعد انتهائها. من تلك الصور الوثائقية استمدت مزنة هذا الإلهام المتدفق، وصاغت سيناريو فيلم غيوم، الذي يأتي ليس لإدانة طرف دون آخر، بل لإدانة الحروب البشرية برمتها، ذلك لأنها نظرت لنتائجها الوخيمة في عيني دبلان رب العائلة الذي مع خروجه حيا منها إلا أنه خرج مهزوما فاقد القدرة على الحياة، معذبا بالماضي الذي قدمته مزنة كنمر يفترس كل ما أمامه دون تمييز ورحمة.
مزنة تعي جيدا آثار الحروب على تغيير العلاقات الاجتماعية بين البشر، العلاقة بين دبلان وشيخ القبيلة بعد الحرب، ليست هي العلاقة إياها قبل الحرب، يتقدم شيخ القبيلة المتقدم في العمر لخطبة سلمى صبية دبلان، المرتبطة بعلاقة عاطفية مع سالم الصبي الجبلي من جيلها. يقف دبلان وهو راعي الإبل الجبلي موقفا متقدما عندما يرفض تزويج ابنته شيخ القبيلة الثري، مزوجا إياها الصبي الفقير مع مباركة الأب له بحبات من شجرة اللبان الأسطورية والتي تصل محبة أبناء الجبل لها إلى درجة التقديس، نظرا لارتباط استخدامها بطقوس دينية في معابد الأديان الهندية بل وفي معابد الأديان السماوية قديما.
الفيلم ناطق بالشحرية لغة رعاة الجبال بظفار، كان ذلك ضروريا، هذا ما أدركته مزنة، منذ بداية اشتغالها على المشهد السينمائي العماني، بما يحمله من تنوع عرقي وثقافي أخاذ منذ قديم الزمان. قبلها قدمت فيلم شولو الناطق بالسواحيلية وفيلم بشك الوثائقي الناطق بالبلوشية. هي السينمائية التي لا تعترف بفوارق وهمية بين أبناء الوطن الواحد، القادرة على اكتشاف النسيج الاجتماعي المخفي، الرابط أبناءه روحيا على أرض واحدة، وتحت سماء واحدة.
فيلم تشولو، تناقش مُزنة فيه تجربة الانتماء الوطني والحنين إلى الجذور البعيدة خلف البحار، تدور أحداثه في زنجبار، موطن أساسي لهجرة العمانيين عبر التاريخ لقرون مضت، يستقبل تشولو الصبي أخاه عبدالله القادم من عُمان، يعيشان معا توافق البحث عن جذورهم المشتركة، يتعرضان للاعتداء من رجال أفارقة بسبب انتماء عبدالله العربي الواضح في لونه، تتراءى عمان وطنا بعيدا مجهولا لتشولو، أرضا سحرية لن يعود إليها أبدا، يعود عبدالله مع أبيه ويظل تشولو ينظر إلى البحر، إلى السفن وهي تبحر عائدة إلى عمان التي لن يراها أبدا، هكذا تتكرر تجربة الماضي الساكن كقيد يرتبط به المرؤ. ولكن بشكل إيجابي في تشولو عنه في غيوم، مزنة تتجاوز تجربة الحنين النوستالجي إلى الماضي، في الفيلمين تنظر إلى الماضي كقيد يجب علينا كسره والانطلاق إلى المستقبل دون الالتفات إليه. خاصة في مرارة أحداثه كما هو في فيلم غيوم، حيث يبقى الدم الأفريقي العماني المشترك، تجربة حضارة مشتركة أيضا، تغذي النسيج الاجتماعي العماني بخصوبة العطاء في فيلم تشولو، أي أنها تنطلق من الإيجابي في ثراء الوجود العماني بشرق إفريقيا، الثراء الذي دفع بالأفارقة إلى ما هو مثمر، حيث حمل العمانيون معهم الأساليب الحديثة في الزراعة، وارتياد آفاق العمل التجاري، ونشر الدين الإسلامي وغيرها من الدلائل الحضارية المهمة، التي تؤكد إيجابية وجودهم المبكر في شرق إفريقيا. وحش الماضي الذي يصوب له دبلان وابنه عمر البندقية لمواجهته، يحتفظ له تشولو وأخيه عبدالله بمئة قطعة من المندازي الذي خبزته لهما جدتهم الإفريقية، يحشوان فم النمر المفترس بها حتى لا يكون قادرا على افتراسهما معا. ذلك دون شك مشهد طفولي ساحر يؤكد وحدة الأخوين ضد وحش الحرب المأساوية بين العمانيين والأفارقة، أي من المحبة المشتركة بينهما نخلق إمكانية التعايش المشترك والوحش الذي يطعمه الطفلان العماني والأفريقي المندازي، هي الحرب التي خلقت روح الكراهية بينهما، وآن لنا جميعا طي صفحاتها الدموية، نحو خلق عالم أجمل لأجيالنا القادمة.
مُزنة التي جاءت بعد ستين عاما على مأساة خروج العمانيين من شرق إفريقيا بطريقة مأساوية فقد فيها العمانيون الآلاف من أبنائهم ثم أنها جاءت بعد خمسين عاما أيضا بعد نهاية حرب الجبل بظفار، تنصت إلى أوراق التاريخ التي تحفظ لنا ما فقد وتم نسيانه، مؤهلة حقا للذهاب أبعد مستقبلا، نحو تقديم تجارب العطاء العماني المتدفق عبر التاريخ، ورفد السينما العمانية الناشئة بلغة شاعرية متميزة، ذلك حقا جوهر الفن الطليعي الجاد، يضيء كالنجوم ترشد المسافرين في ليل البحار إلى المجهول.
فيلم غيوم /روائي قصير /ناطق بالشحرية/ جائزة أفضل فيلم روائي قصير /المهرجان السينمائي الخليجي ٢٠٢٤م. إخراج مزنة المسافر.
فيلم تشولو/ روائي قصير/ ناطق بالسواحيلية /جائزة أفضل سيناريو /مهرجان أبوظبي السينمائي ٢٠١٤ م. إخراج مزنة المسافر.
سماء عيسى شاعر عُماني