قال مسؤول أممي رفيع المستوى إن تنظيم داعش "يسير على خطى تنظيم القاعدة" حيث انتقل لبناء هياكل لا مركزية وأقل هرمية وأكثر شبكية بسبب جهود مكافحة الإرهاب، وشدد على أن التنظيم لا يزال يمثل تهديدا خطيرا في مناطق الصراع والدول المجاورة.

وفي إحاطته لمجلس الأمن الدولي قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف: "على الرغم من عدم وجود أدلة تذكر على أن القيادة الأساسية (في تنظيم داعش) تمارس القيادة والسيطرة على الفروع الإقليمية – إلا أن روابط مالية ودعائية واتصالات أخرى لا تزال سارية".

وقال فورونكوف إنه على الرغم من أن التهديد الذي يشكله داعش والجماعات التابعة له لا يزال منخفضا في المناطق التي لا تشهد صراعات، إلا أن التوسع المستمر للتنظيم في أجزاء من أفريقيا لا يزال يثير قلقا عميقا.

وأضاف: "إن فرع داعش في منطقة الساحل أصبح مستقلا بشكل متزايد فيما تتفاقم هجماته في مالي، وكذلك في بوركينا فاسو والنيجر. إن المواجهات بين هذه المجموعة وجماعة تابعة لتنظيم القاعدة في المنطقة، إلى جانب الوضع غير المستقر بعد الانقلاب في النيجر، تمثل تحديا معقدا ومتعدد الأوجه".

وأشار وكيل الأمين العام أيضا إلى أن الصراع في السودان جدد الاهتمام بوجود ونشاط تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى في البلاد.

 

وفيما يخص أفغانستان، قال فورونكوف إن الوضع يزداد تعقيدا، مع تزايد المخاوف من وقوع الأسلحة والذخيرة في أيدي الإرهابيين.

وقال: "إن القدرات العملياتية داخل البلاد لما يسمى بولاية خراسان التابعة لداعش قد زادت، حيث أصبحت المجموعة أكثر تطورا في هجماتها ضد طالبان والأهداف الدولية".

وشدد على أن وجود نحو 20 جماعة إرهابية مختلفة في أفغانستان، إلى جانب التدابير القمعية التي اتخذتها سلطات الأمر الواقع (طالبان)، وغياب التنمية المستدامة وتردي الوضع الإنساني، تشكل تحديات كبيرة للمنطقة وخارجها.

 

وأكد وكيل الأمين العام إنه تم إحراز تقدم في استهداف الموارد المالية لداعش وكوادره القيادية، بما في ذلك مقتل زعيم التنظيم في وقت سابق من هذا العام، مما كان له تأثير كبير على قدرة داعش على العمل في العراق وسوريا وأماكن أخرى. 

كما أدت جهود مكافحة الإرهاب في مصر وموزمبيق واليمن إلى الحد بشكل كبير من قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات إرهابية، إلا أنه أشار إلى أن خطر عودة ظهوره لا يزال قائما.

وفي ظل هذه الصورة المعقدة، سلط فورونكوف الضوء على ضرورة الامتثال للقانون الدولي في جهود مكافحة الإرهاب، لتجنب المخاطرة بتقويض تلك الجهود.

كما أشار إلى الحاجة إلى استراتيجيات سياسية لحل الصراعات التي تغذي الإرهاب، مؤكدا أن "القوة وحدها لا يمكن أن تؤدي إلى تغيير الظروف المؤدية إلى الإرهاب".

وقال المسؤول الأممي إن طبيعة التهديد الذي يشكله داعش تؤكد الحاجة إلى مزيد من التكامل بين الاستجابات الأمنية والتدابير الوقائية. وشدد على ضرورة بذل مزيد من الجهود لتحديد الأولويات وزيادة الاستثمار بشكل كبير في جهود الوقاية.

وأوضح فورونكوف أمام أعضاء المجلس إن مكافحة الإرهاب ومنعه يتطلبان التزاما طويل الأمد، فضلا عن جهود مستمرة ومنسقة، وشدد على أن الأمم المتحدة ستواصل دعم الدول في مساعيها للتصدي لآفة الإرهاب.

 

من جانبها، قالت ناتاليا غيرمان، رئيسة المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، إن تنظيم داعش لا يزال "سريع التحرك وطموحا"، على الرغم من تقلص سيطرته الإقليمية.

وشددت على أن المشهد الجيوسياسي المجزأ، بما في ذلك وجود الجماعات الإرهابية العاملة في مناطق متعددة، وظهور مناطق صراع جديدة، والتعقيدات المتزايدة في حالات الصراع المسلح، كلها خلقت تحديات إضافية للدول الأعضاء وجعلت حل الصراعات أكثر صعوبة.

وقالت غيرمان إن تقرير الأمين العام حول التهديد الذي يشكله داعش يرحب بالجهود المستمرة التي تبذلها الدول لإعادة مواطنيها من شمال شرق سوريا.

وفيما أقرت بالتحديات المعقدة التي تواجه معالجة هذا الوضع، خاصة فيما يتعلق بالنساء والأطفال المرتبطين بالتنظيم، قالت المديرة التنفيذية إن تقديم الإرهابيين إلى العدالة يتطلب اتباع نهج يشمل المجتمع بأكمله وجميع قدرات الدولة لملاحقة المقاتلين الإرهابيين الأجانب قضائيا، وإعادة تأهيلهم وإدماجهم.

وأشارت غيرمان إلى أن الأمم المتحدة كثفت جهودها لمحاسبة تنظيم داعش على جرائمه، وقالت: "من خلال المساءلة والعدالة فقط يمكننا أن نبدأ في معالجة الخوف والدمار الذي يلحقه الإرهاب بالأفراد والمجتمعات والأمم".

وشددت على ضرورة التعلم من تجارب الماضي للنجاح في مواجهة التهديد المعقد الذي يشكله تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، "بينما نقوم بتحديد ومعالجة التهديدات الجديدة والناشئة".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأمين العام للأمم المتحدة الصراع في السودان مكافحة الإرهاب تنظيم داعش

إقرأ أيضاً:

ليس الخطأ في الجولاني بل في القوى التي دعمته

آخر تحديث: 8 يناير 2025 - 9:58 ص بقلم: فاروق يوسف هل كانت الولايات المتحدة جادة في حربها على الإرهاب؟ بدأ الأمر اضطرارا وبطريقة مربكة لكل الأجهزة الأمنية والاستخبارية الأميركية. فالتنظيمات والجماعات الإسلامية المتطرفة التي تم استحداثها أو بث الروح فيها من خلال التمويل والإعداد والتدريب والحماية والرعاية والإمداد من أجل محاربة السوفييت الذين احتلوا أفغانستان قلبت المعادلات الجاهزة وشقت سماء العالم بغزو نيويورك. كان ذلك الحدث الذي ينتمي إلى عالم الخيال وسينما الرعب عبارة عن جرح عميق انطوى على الكثير من الفشل والخيبة والمرارة والشعور بخسارة ثمار نهاية الحرب الباردة. لقد تمت إزاحة الاتحاد السوفييتي ومنظومة دول حلف وارسو غير أن ذلك الانتصار بدا عام 2001 كما لو أنه معبّأ بالألغام التي نسيت الولايات المتحدة أن تفككها وتتخلص من أخطارها. كان من الغباء السياسي أن تلجأ الولايات المتحدة إلى الثأر من خلال التعبئة لاستعادة دور المستعمر الجديد الذي لا هدف له سوى التدمير. فكان أن نتج عن خلط الأوراق احتلال أفغانستان ومن ثم العراق ليكون ذلك فاتحة لحرب مجانية على الإرهاب. حتى بعد هزيمتها في أفغانستان عام 2021 لم تراجع الولايات المتحدة سجل حساباتها وهي كقوة عظمى غير معنية بالنظر إلى الوراء. ذلك لأنها قادرة على أن تفعل ما تشاء ومتى تشاء من غير مساءلة. غير أن فلسفتها في التعامل مع الإرهاب كانت قد ضربت في العمق قبل أن تعود طالبان إلى الحكم من خلال تسليمها بوجود الميليشيات الإيرانية في العراق ولبنان وسوريا. كان هناك سلوك مجاني اتبعته الإدارة الأميركية في تصنيف المنظمات الإرهابية بحيث أن قواتها كانت تقاتل في الموصل جنبا إلى جنب مع ميليشيات إيرانية ضد تنظيم داعش. ذلك ما يعيدنا إلى نظرية الكيل بمكيالين. هناك إرهاب طيب يقابله إرهاب شرير. تلك هي النظرية الأميركية التي يستند إليها الميزان الذي يحدد درجة الإرهاب ومستوى ما ينطوي عليه من خطر. وما نسمع عنه بين حين وآخر من أن جماعة أو منظمة مسلحة قد تم إدراجها في قائمة الإرهاب أو على العكس تمت إزالة اسمها من تلك القائمة إنما هو تعبير عن مزاج أميركي في إدارة العالم لا تحكمه الأخلاق ولا القيم ولا المبادئ الثابتة. ومن هذا المنطلق يمكننا الحكم على الرؤية الأميركية في ما يتعلق بما شهدته سوريا من تحولات. كانت جبهة النصرة مدرجة في قائمة التنظيمات الإرهابية غير أن ذلك لم يمنع من دعمها وقد تحولت إلى هيئة تحرير الشام في دولتها في إدلب ولا في تدريب كوادرها لسنتين من أجل حكم سوريا. أما حين تمت بروزة زعيمها أبومحمد الجولاني باعتباره قائدا للمرحلة الانتقالية فلم يعد النظر إلى القائمة ضروريا. كان الجولاني مطلوبا لقاء مكافأة معلنة لمَن يدلي بمعلومات تساعد على القبض عليه. أما اليوم فإنه الزعيم الذي يقابله سياسيون رفيعو المستوى مجبرين من أجل إضفاء شرعية على النظام الذي يقوده. وهو ما يعني أن الإدارة الأميركية ليست مهتمة بوجود تناقض فاضح ما بين رؤيتها للإرهاب وبين ما تفعله على أرض الواقع والذي يعد دعما علنيا لشخص لا يزال اسمه مدرجا على قائمة الإرهاب. ألا يكفي ذلك السلوك لتعزيز الفكرة التي تقول إن الولايات المتحدة هي التي أشرفت بشكل مباشر على كل الصفقات المبيتة التي تمت من خلالها عملية إزاحة نظام بشار الأسد ووضع سوريا في قبضة تنظيم ظلامي متشدد، كل أعضائه إرهابيون؟ ولم يكلف الجولاني نفسه عناء إخفاء حقيقة تنظيمه وقد صار واجهة قانونية لسوريا. بالنسبة له المجاهدون أولا بغض النظر عن جنسياتهم وانتماءاتهم العرقية. ومثلما حكم التنظيم إدلب فإنه سيحكم سوريا بالطريقة نفسها وبالشريعة نفسها وبالأسلوب نفسه. أما الجمل التي يتداولها سوريون في مواقع الاتصال الاجتماعي والتي تدور حول سوريا التي عادت لشعبها وسوريا التعددية والديمقراطية والشعب الذي سيكون حرا في اختيار نوع وطبيعة النظام الذي سيحكمه فكلها جمل غير ملزمة للجولاني ولن تحرفه عن مشروعه.فالرجل الذي سُلمت له دمشق يعرف أنه مدعوم من قبل قوى عالمية وإقليمية تعرف من هو وكيف يفكر وما هي أهدافه وتعرف جيدا أن تمرده لا علاقة له بما يحلم به السوريون من إقامة دولة مدنية أساسها المواطنة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال العدالة الاجتماعية.

مقالات مشابهة

  • تداعيات تولي عبد القادر مؤمن زعامة تنظيم "داعش"؟
  • 3.2 مليون طفل في السودان يواجهون خطر سوء التغذية الحاد
  • مقتل نائب مساعد تنظيم «داعش» و6 من معاونيه في العراق
  • العراق .. مقتل 6 من عناصر تنظيم داعش
  • وزير الدفاع الأمريكي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم "داعش"
  • الإرهاب لا يزال يحوم فوق فرنسا.. وزير الداخلية: المعركة ضد الشمولية الإسلامية مستمرة.. وجماعة الإخوان تهدد مؤسساتنا وتماسكنا الوطني
  • وزير الدفاع الأمريكي: نحتاج إبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم الدولة
  • البنتاجون: مهمتنا في العراق وسوريا تهدف إلى منع عودة تنظيم داعش
  • حادث نيو أورليانز يكشف استمرار خطر تنظيم داعش الإرهابي
  • ليس الخطأ في الجولاني بل في القوى التي دعمته