قال فوزي عمار خبير اقتصادي:” لا يُنكر عاقل أن للدعم وجهاً آخر قد يتحول من أداة حماية اجتماعية إلى عبء اقتصادي إذا أُسيء تطبيقه،لكن الفرق بين “الغباء الاقتصادي” و”الحكمة الاجتماعية” يكمن في كيفية إدارة هذا الدعم”.

وأضاف عمار، عبر حسابه على “فيسبوك” :” يعتقد البعض أن الدعم على بعض السلع هو خسارة اقتصادية، متناسيا أن كبار الدول مثل بريطانيا تدعم الصحة مثلا 188.

5 مليار باوند سنويا”.
ولفت إلى أن بعض الدول تخسر لشراء السلم المجتمعي، فليس كل خسارة هي خسارة بل أن الاقتصاد ليس أرقام فقط، بل أحيانا تخسر الدولة من أجل كرامة المواطن صاحب المال، فالاقتصاد الجزيء الذي يٌنبى على الربح يختلف عن الاقتصاد الكلي للدولة”.
ونوه بأن الفلسفة التي تدعوا لخلق طبقتين هما عمال ورأس مال لخلق دولة صراع ديمقراطي مازلنا بعيدين عنها”.
وأكد ان الدعم متواجد في مختلف الهويات الاقتصادية، وهذه نماذج لبعض الدول التي لديها دعم: فبريطانيا ليس وحدها من الدول الكبرى التي تلجأ للدعم بل فنلندا والسويد والنرويج تدعم التعليم والصحة فهي مجانية، وكندا تدعم التعليم العالي بمنح كبيرة، وفرنسا تدعم التأمين الصحي الإلزامي، والإمارات تدعم المشروعات الصغرى والمتوسطة والبرازيل تدعم الفقراء للارتقاء بحياة كريمة.
وأفاد بأن الجدل حول الدعم هو في الحقيقة جدل حول أولويات الحكومات ورؤيتها للمواطن، فالدولة التي ترى شعبها مجرد أرقام في جداول الميزانيات ستسارع إلى قطع الدعم باسم “الترشيد المالي”، أما الدولة التي تعتبر الإنسان ركيزة التنفس فستسعى إلى
عدم المساس بالدعم”.
وتابع عمار:” القضية ليست “دعم أم لا دعم”، بل “كيف نُحسن الدعم” لنصنع اقتصاداً يُحقق التوازن بين العقل والقلب، والأهم من ذلك، أن الدعم يجب أن يكون جسراً للإصلاح، لا بديلاً عنه، وقبل كل هذا يبقى السؤال الأهم هو كيف نوزع الثروة على الناس حتى لا يضطرون للدعم”.
وتابع:” لم يعد السؤال “هل نلغي الدعم؟”، بل “كيف نعيد اختراعه؟”، فالدعم في القرن الحادي والعشرين يجب أن يكون نظاماً ذكياً مرتبطا بالتنمية”.
واستطرد عمار قائلا:” في خضم الجدل حول الدعم الحكومي للسلع الأساسية، يغفل الكثيرون عن الحكمة العميقة الكامنة وراء هذه السياسات، فالدعم ليس مجرد إنفاق عشوائي يُثقل كاهل الموازنة العامة، بل هو استثمار حقيقي في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي”
وقال عمار:” عندما تتدخل الدولة لضمان أسعار معقولة للخبز أو الوقود أو الكهرباء، فإنها لا تحمي فقط الفئات الهشة من الغلاء، بل تحافظ أيضًا على تماسك المجتمع وتجنبه موجات الغضب والاضطرابات التي قد تكبد الاقتصاد خسائر أكبر بكثير من تكلفة الدعم نفسه.
وأشار إلى أن الحديث عن المساس بالدعم في ظل غياب الدولة مثل ليبيا يعتبر نوعا من “الغباء الاقتصادي” أو ما يمكن أن نطلق عليه (الغباء المدعوم).
ولفت إلى أن رفع الدعم أو استبداله في هذه الظروف تبسيط يفتقر إلى الرؤية الشمولية في ظل دولة لا تملك مواصلات عامة ولا طيران اقتصادي ولا سكك حديد.
وشدد على أن أن تحويل الدعم إلى نقدا سيزيد من حجم التضخم فكل شيء مرتبط بالوقود من الخبز إلى نقل الدواء إلى تذاكر السفر، كما أن الحكومة غير قادرة على توفير المرتبات في موعدها فلا بالك باظافة الدعم النقدي.
وأضاف أن المواطن لم يعد يثق في الحكومة التي وعدته بدفع نقدا للدعم على المواد الغذائية ولم يرَ ذلك نهائيا.
وأوضح أن الحل في جودة العملية الظبطية لأن مهما رفعنا السعر سيظل يهرب الوقود، فمثلا في السودان سعر اللتر يصل إلى 6 دينانير ليبية مهما رفعت الدعم ستظل هنالك فرصة للتهريب”.
واختتم عمار قائلا:” إن الاقتصاد الناجح ليس ذلك الذي يحقق فائضاً مالياً على الورق فقط، بل الذي يضمن حياة كريمة لمواطنيه ويبني مجتمعاً متوازناً قادراً على النمو المستدام، لذلك، قبل إطلاق الأحكام، علينا أن نسأل: هل نريد اقتصاداً يخدم البشر، أم بشراً يُضحَّى بهم في سبيل اقتصاد وهمي؟”.

المصدر: صحيفة الساعة 24

إقرأ أيضاً:

ابن كيران: القضايا التي دافع عنها "البيجيدي" تظهر حاجة البلاد إلى حزب وطني مستقل معتز بمرجعيته الإسلامية

قال حزب العدالة والتنمية، إن القضايا التي تصدى لها والمواقف التي عبر عنها، تظهر حاجة البلاد إلى حزب وطني مستقل معتز بمرجعيته الإسلامية ووفي لثوابت الأمة الجامعة، ومدافع عن قضايا الوطن والمواطنين بقوة وإنصاف واعتدال واستقلالية.

وأشار الحزب في ثنايا التقرير السياسي الذي قدمه عبد الإله ابن كيران أمينه العام، اليوم السبت في مدينة بوزنيقة، عقب افتتاح مؤتمره الوطني التاسع، إلى أنه وقف في وجه ضرب القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.

وقال ابن كيران، إن الولاية الحكومية اقتربت من الانتهاء وما يزال عنوانها الأبرز هو تفاقم موجة الغلاء التي تشمل معظم المواد، والغذائية منها على وجه الخصوص.

وهو حسب ابن كيران، غلاء يعبر عن فشل الحكومة الذريع وقصور أدوات التدخل الحكومي في الحد من الارتفاع المهول والمستمر للأسعار، ويظهر حالة الاستسلام الحكومي أمام جماعات المصالح، وخاصة العاملة في قطاع المحروقات وسلاسل الوساطة والتصدير.

مما جعل الخيار الوحيد أمام المواطنين يضيف زعيم « البيجيدي »، هو تقليص نفقاتهم والحد من الحاجيات الأساسية، بعد أن تُرِكُوا فريسةً للوضعيات الاحتكارية والجشع.

وهو وضع نتج عنه وفقا للمسؤول الحزبي، أدنى مستوى للثقة عند الأسر منذ سنة 2008، وبروز آثار عكسية لإجراءات الدعم والإعفاء من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة في قطاع اللحوم، وأيضا الدعم الموجه إلى النقل الطرقي والعمومي.

ويرى الحزب في تقريره السياسي، أنه على خلاف الوعود التي تضمنها البرنامج الحكومي، فإن الفشل الأكبر الذي يحسب للحكومة، هو تفاقم معدل البطالة الذي تجاوز 13%، وهي نسبة لم يسجلها المغرب منذ 2000، وعجز الحكومة عن الوفاء بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال ولايتها، وتراجع نسبة مساهمة النساء في سوق الشغل إلى أقل من 19% مقابل تعهد الحكومة برفعه إلى أكثر من 30%، وتزايد عدد الشركات المفلسة، والتي بلغت 12.397 سنة 2022 و14.245 سنة 2023، ومن المتوقع أن تبلغ أزيد من 14.600 سنة 2024.

واعتبر التقرير السياسي، أن هذه  النتائج المقلقة، هي نتائج طبيعية لما وصفه بـ »آفة الريع والجمع بين المال والسلطة، وجعل هذه الأخيرة في خدمة جماعات المصالح المحدودة، والاستئثار بفرص الاستثمار والإنتاج والصفقات العمومية والمشاريع الكبرى ضدا على عموم المقاولات الوطنية، وما ينجم عن كل هذا من تبديد الثقة وخلق أجواء من الانتظارية والإحجام والإحباط لدى الفاعلين الاقتصاديين والمقاولين.

وهي أيضا يضيف التقرير، نتيجة طبيعية لما أسماه بـ »سياسة الحكومة الحالية المعاكسة للاستثمار وللنمو وللتشغيل، ولضعف استباقيتها وتأخرها الكبير في إرساء « التعاقد الوطني للاستثمار »، الذي نادى به جلالة الملك منذ أكتوبر 2022، والتأخر الكبير في تفعيل نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، ونظام الدعم الخاص بتشجيع تواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي ».

وهي نتيجة أخرى، يؤكد « البيجيدي »،  لما اعتبره « استهدافا لبرنامج المقاول الذاتي بإجراءات ضريبية جديدة تراجعت عن المكتسبات المسجلة بعد أن تجاوز عدد المسجلين 300 ألف مستفيد مع الحكومتين السابقتين ».

وهو نتيجة طبيعية أيضا لما قال إنه « إرباك ومزاحمة الحكومة لبرنامج « انطلاقة » الذي سبق وأعطى انطلاقته جلالة الملك في 2020، والذي خلق دينامية في صفوف الشباب وحقق نتائج مهمة، حيث بادرت الحكومة لتطلق في 12 أبريل 2022 برنامجا جديدا شبيها ببرنامج « انطلاقة » سمته « فرصة » وخصصت له ميزانية بمبلغ 1.25 مليار درهم، وأسندت الإشراف عليه لوزيرة السياحة ومهمة تدبيره للشركة المغربية للاستثمار السياحي وهما وزارة ومؤسسة لا اختصاص لهما ولا علاقة لهما بمثل هذه البرامج، حيث ومنذ انطلاقه، تم اختيار 12.500 مستفيد وإلى حدود الآن مازال هناك تأخر في صرف الدعم والتمويل بالرغم من أن المستفيدين أجبروا على الإدلاء بعقود الكراء وإحداث المقاول الذاتي ».

كما أطلقت برنامج « أنا مقاول »، وقبله أطلقت الحكومة برنامج أوراش على سنتين، وخصصت له ميزانية قدرها 2.25 مليار درهم، وكل هذه البرامج وبالإضافة إلى كونها لا تأخذ بعين الاعتبار البرامج الناجحة القائمة وتدعمها بل تربكها وتزاحمها، فإنها تطرح أيضا سؤال الهشاشة والاستمرارية وشبهات الزبونية التي تخيم على تنزيل هذه البرامج عبر جمعيات معينة أو على مستوى الجماعات الترابية.

وسجل الحزب أنه بعد تأخر كبير وانتظار طويل أفرجت الحكومة مؤخرا عن خارطة طريق فارغة للتشغيل، متراجعة بذلك عن التزامها بإحداث مليون منصب شغل خلال هذه الولاية الحكومية، ورفع مستوى نسبة نشاط النساء إلى 30 في المائة، حيث حددت أهدافا جديدة تتجاوز الولاية الحكومية الحالية وتلغي التزامات البرنامج الحكومي، كما نسجل الضعف الشديد لمضامين هذه الخارطة بالرغم مما سبقها من حملات التبشير والترويج، حيث لم تأت هذه الخارطة يضيف « البيجيدي » بجديد بقدر ما أنها تعتمد أساسا على برامج ومؤسسات دعم وتنشيط التشغيل التي أنشأتها الحكومات السابقة.

وكانت هذه النتائج في التشغيل تكرس التأخر الكبير، في نظر حزب العدالة والتنمية، الذي يعرفه تفعيل برنامج دعم المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة لأزيد من سنتين على صدور القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار.

وشدد الحزب على أن خارطة التشغيل تعتمد المزيد من البيروقراطية على مستوى حكامتها وتضخم المتدخلين وكثرة اللجان، وهو ما سيؤدي حتما إلى مزيد من التعقيد والتأخير، عوض التبسيط والتيسير، كما أنها تكشف ما وصفه بـ »هاجس الاستغلال والتنافس الانتخابي بين مكونات الأغلبية الحكومية »، وهو ما عبرت عنه، يوضح الحزب، « مواقفها وبلاغاتها التي أكدت انزعاجها وتخوفها بخصوص الوزراء الذين أسندت إليهم مهمة تنفيذ هذه الخارطة وتوزيع الدعم العمومي على المستفيدين منها، وذلك بسبب تغليب وزراء من حزب رئيس الحكومة وتغييب آخرين ».

مقالات مشابهة

  • معتصم أقرع: اليسار والدولة مرة أخري
  • الاتحاد العربي للسياحة: السياحة تدعم الاقتصاد الوطني وتوفر فرص عمل للشباب
  • مجزرة الصالحة صدمة سودانية جديدة واتهامات للدعم السريع بارتكابها
  • التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” يدين الجريمة التي ارتكبها الدعم السريع بامدرمان وأدت لمقتل 31 مواطنا
  • الجيش السوداني: مقتل 7 أشخاص بقصف للدعم السريع على الفاشر  
  • المشاط: الدولة تركز حاليا على تمكين القطاع الخاص من قيادة النمو الاقتصادي
  • الجيش السوداني: مقتل 7 أشخاص بقصف للدعم السريع على الفاشر
  • ابن كيران: القضايا التي دافع عنها "البيجيدي" تظهر حاجة البلاد إلى حزب وطني مستقل معتز بمرجعيته الإسلامية
  • الأمين يحذر: الصراعات والانهيار الاقتصادي يهددان بقاء مؤسسات الدولة الليبية