ترامب يبحث عن عبور مجاني.. ماذا نعرف عن سيادة دول العالم على الممرات المائية؟
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
تسلط تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن مطالبته بمرور سفن الولايات المتحدة، العسكرية والتجارية، من قناتي السويس وبنما بالمجان، الضوء على الممرات المائية الدولية، والسيادة عليها.
وقال ترامب إن قناتي بنما والسويس، لم تكونا لتوجدا، لولا الولايات المتحدة، لكن بالنظر إلى كافة الممرات الدولية التي شقها الإنسان، لم يمكن لأمريكا دور سوى في شق قناة بنما، وانتهت السيادة فيها إلى بلدها بنما، عام 1999، بموجب اتفاق مع واشنطن.
ونستعرض في التقرير التالي، أهم القنوات والممرات المائية، والسيادة عليها، والتي لا تملك الولايات المتحدة، أي ارتباط بها حول العالم:
✅ قناة السويس:
قناة ملاحية بحرية اصطناعية، تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، بطول 193.3 كيلومتر، وافتتحت عام 1869 لتوفير الوقت والكلفة بالإبحار بين آسيا وأوروبا، بعيدا عن الدوران حول رأس الرجاء الصالح.
تقع قناة السويس تحت السيادة المصرية المباشرة، منذ حفرها، رغم أن الشركة المشغلة لها كان فرنسية، ثم اشترت بريطانيا حصة مصر فيها، قبل أن يجري تأميم القناة، عام 1956، وتخضع بالكامل للسيادة المصرية من ناحية التشغيل والحماية المباشرة.
وتنظم عملية المرور للسفن الدولية التجارية والعسكرية في القناة بموجب اتفاقية القسطنطينية عام 1888، وتضمن مرور كافة السفن بحرية، باستثناء الدول التي تكون في حالة حرب مع مصر، وتدفع رسوم بموجب مرور أية سفينة وتعتبر أحد أهم مصادر الدخل لمصر.
✅ قناة بنما:
قناة ملاحية اصطناعية، تربط بين المحيطين الأطلسي والهادي، بطول 82 كيلومترا، وتعد من أهم القنوات الملاحية في العالم، لتوفيرها ممرا ملاحيا بعيدا عن الدوران حول قارة أمريكا الجنوبية للانتقال بين المحيطات.
رغم أن الخطوة الأولى لشقها كانت فرنسية، إلا أنها لم تكمل المشروع، وتولت الولايات المتحدة، في نهايات القرن التاسع عشر، الأمر، ورغم الصعوبات، تمكنت من شقها، والافتتاح عام 1914، وقامت بالسيطرة عليها وعلى المناطق المحيطة بها.
وبعد عقود، جرت مفاوضات بين بنما والولايات المتحدة، من أجل استعادة السيادة على المكان، وانتهت باتفاقية تسلم أمريكا بموجبها المنطقة بالكامل لسيادة بنما عام 1999، وهو ما حدث حتى يومنا هذا.
وتعبر من خلال قناة بنما، قرابة 5 بالمئة من التجارة العالمية البحرية، وخاصة بين الأمريكتين، وتلك القادمة من آسيا عبر المحيط الهادي، فضلا عن تجارة الغاز المسال الضخمة، ولقاء العبور من القناة، تدخل السفن التجارية والعسكرية على حد سواء الرسوم.
✅ مضيق هرمز:
مضيق بحري طبيعي، يقع على مدخل الخليج العربي، بين إيران وعمان، ويربط الخليج مع المحيط الهندي من خلال خليج عمان، بعرض يصل إلى 95 كيلومترا.
تقع مسألة المراقبة والإشراف على المضيق، على عاتق كل من إيران وعمان، خاصة وأنه يقع ضمن نطاق مياههما الإقليمية، لكنه وفق لقانون البحار التابع للأمم المتحدة، يعد ممرا دوليا لكافة سفن العالم، ويضمن القانون المرور السلمي فيها، وحتى العسكري يخضع لمعايير حالة الحرب بين الأطراف المطلة عليه.
بسبب كون المضيق ممرا طبيعيا بين عدة دول، لا يمكن لأي طرف أن يتقاضى رسوما مقابل العبور، على خلاف القنوات البحرية الاصطناعية التي تشقها الدول داخل أراضيها.
✅ مضيق ملقا:
يربط مضيق ملقا، المحيطين الهادي والهندي، ويقع بين شبهع جزيرة الملايو بين ماليزيا وسنغافورة، وجزيرة سومطرة الإندونيسية، وبالتالي فهو يقع تحت إدارة ومراقبة 3 دول مطلة عليه.
ويبلغ طول المضيق قرابة 900 كيلومترا، وتمر عبره قرابة 50 بالمئة من تجارة العالم، و40 بالمئة من تجارة النفط، وهو أحد الطرق البحرية الهامة للصين واليابان، نحو أوروبا والمنطقة العربية، ويصنف بأنه أكثر الممرات ازدحاما بالسفن حول العالم.
رغم أن المراقبة البحرية، تتقاسمها الدول الثلاث المطلة عليه، إلا أن سنغافورة تمتلك ميزة، بسبب مينائها اللوجستي الكبير في الممر الملاحي، وهو ما يمنحها مصدر دخل كبير من خلال تقديم الخدمات للسفن المارة به.
✅ قناة كيل:
ممر ملاحي اصطناعي، شقته ألمانيا في القرن التاسع عشر، في شمال البلاد، لربط بحر الشمال ببحر البلطيق، بطول 98 كيلومترا.
القناة تخضع بالكامل للسيادة الألمانية، التي شقتها في القرن التاسع عشر، وشهدت العديد من الإشكالات والتوقف الملاحي، نتيجة الحربين العالميتين الأولى والثانية، والتي حظر في الثاني منها الزعيم النازي أدولف هتلر، عبور السفن بالكامل، لكن بعد انتهاء الحرب، اعتبرت ممرا ملاحيا دوليا.
تعد القناة من أهم ممرات التجارة البحرية لنقل البضائع والنفط والغاز بين دول البلطيق وروسيا، وتشهد ازدحاما بصورة دائمة، وترفد الخزينة الألمانية بعوائد كبيرة، ويسمح من خلالها للسفن التجارية والعسكرية، لغير الدول المحاربة لألمانيا بالمرور منها بحرية، بعد تقاضي الرسوم.
✅ مضيقا البوسفور والدردنيل:
يقع الممران البحريان، بالكامل، ضمن السيادة التركية، ويربط مضيق البوسفور البحر الأسود ببحر مرمرة الواقع بالكامل داخل تركيا، فيما يربط الدردنيل مرمرة بالبحر المتوسط.
يبلغ الطول الإجمالي للمضيقين قرابة 200 كيلومتر، ويعتبران من أكثر الممرات المائية ازدحاما وخطورة في الإبحار بسبب التيارات المائية القوية، خاصة القادمة من البحر الأسود،
ومنذ سيطرة الدولة العثمانية على كافة الأراضي المطلة على المضيقين، يقعان تحت السيادة التركية، ورغم خسارة تركيا الحرب العالمية الأولى، ثم استعادتها للكثير من الأراضي، بقيت السيادة عليهما لأنقرة، وبموجت معاهدة مونترو، لديها إشراف على تنظيم الملاحة في الممرين الدوليين، للسفن التجارية، لكن للسفن الحربية هناك شروط تنظم مرورها، خاصة للدول المشاطئة للبحر الأسود.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الممرات المائية امريكا ممرات مائية مضائق المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الممرات المائیة
إقرأ أيضاً:
ما وراء تصريح ترامب بشأن المرور المجاني عبر قناة السويس
"الأفضل عدم الرد".. بهذه الكلمات الموجزة، عبّر وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبدالعاطي، عن موقفه إزاء التصريحات التي دأب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إطلاقها منذ تولّيه سدّة الحكم وحتى يومنا هذا، والتي تبدو انفعاليّة ولحظية.
جاء تصريح الوزير في اجتماع مع وفد مجلس أمناء الحوار الوطني مساء الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان 2025، وهو اجتماع كنت حاضرًا فيه بنفسي.
وعلى الرغم من أنّ الحاضرين استحسنوا نبرة الحزم في ردّ الوزير، فإن تطلعاتهم كانت معلّقة على موقف مصري رسمي أوضح، خاصة بعد ساعات قليلة فقط، حين صرَّح ترامب قائلًا: "يجب السماح للسفن الأميركية بالمرور مجانًا عبر قناتَي بنما، والسويس، إذ لولا الولايات المتحدة لما قامت لهما قائمة. وقد كلفت وزير الخارجية ماركو روبيو بالتعامل الفوري مع هذا الملف".
دلالات طلب ترامب المرور المجانيلن يمر طلب ترامب مرورًا سهلًا على مصر لا في الحكومة ولا الشارع ولا في الإعلام، خاصة في بلد اعتاد أبناؤه التندّر حتى في الملمّات.
وقد رأى كثيرون أنّ طلب ترامب لا يعدو أن يكون امتدادًا لسلسلة من التصريحات الارتجالية بدأها منذ خطابه الأول أمام الكونغرس في الخامس من يناير/ كانون الثاني الماضي؛ عندما أعلن عزمه تغيير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أميركا"، وانطلقت بعدها موجة من التصريحات التي طالت دولًا كالدانمارك، وكندا، وبنما، ثم شملت الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، وتحدثت عن الاستيلاء على معادن أوكرانيا لقاء الدعم العسكري.
إعلانولم يكن أشد وطأة بين تلك التصريحات من مقترحه تهجيرَ الفلسطينيين وتحويل غزّة إلى مشروع عَقَاري أميركي، ثم ما تلا ذلك من إشعال حرب رسوم جمركية هدّدت اتفاقية الغات، ومناخ العولمة التجارية.
أهمية قناتَي بنما والسويسلتصريحات ترامب حول قناتَي بنما، والسويس وقعٌ يختلف كليةً عن تصريحاته بشأن الدانمارك، وكندا. فالبلدان الأخيران يأتيان من قلب المعسكر الغربي، وهما لم يعرفا تجربة الاستعمار الطويلة التي عصفت بدول العالم الثالث. أما مصر وبنما، فإن وجدان شعبَيهما مخضّب بدماء الأجداد الذين قضَوا دفاعًا عن السيادة الوطنيّة على ضفتَي القناتَين، مما جعل منهما رمزًا خالدًا لاستقلال الإرادة الشعبيّة.
ولذا، فإن تصريحات ترامب حول قناتَي السويس، وبنما تمسّ جوهر الشعور الوطني للشعبَين، وتغذّي نزعة الدفاع عن الكرامة والسيادة، رغم تفاوت الظّروف التاريخية التي مرّت بها العلاقة بين القوى الخارجية، وكل من الدولتين.
ولكن، رغم أن المرء قد يتوهّم أن تصريحات ترامب، بما يصبغ لهجته من إصرار وتحدٍّ، تمثّلُ تصورًا راسخًا للسياسة الخارجية الأميركية، كما كان الحال مع تصريحات الرؤساء الأميركيين السابقين. غير أن التمحيص الدقيق – تاريخيًا وحاضرًا- يكشف أن معظمها كان كلامًا مرسلًا يفتقر إلى التخطيط والتشاور مع مؤسسات الدولة.
وخذ على سبيل المثال تصريحاته إبان ولايته الأولى، إذ كان من يسمعه يظنّ أن خططه ستمضي إلى التنفيذ بلا رجعة، لفرط ما كان حديثه مفعمًا بالتحدي، وما كان لمنصبه من سطوة على المسرح الدولي. ومع ذلك، كانت تلك التصريحات تذوب سريعًا أمام حسابات الواقع. وليس أدل على ذلك من تصريحاته حول تأسيس ناتو عربي، أو خططه لما عُرف بـ"صفقة القرن".
اليوم، نحن إزاء مشهد لا يختلف كثيرًا: تصريحات متلاحقة، ومشروعات طموحة تطلق وتنهار، ومواقف درامية تنقلب سريعًا. ألم يقل عن غزة إنه سيجعل منها ريفيرا جديدة؟ ألم يعلن حرب رسوم جمركية على الصين، ثم بدأ في التراجع تحت ضغط العواقب؟
إعلانوهكذا، فإنّ سمة السياسة الخارجية الحالية للولايات المتحدة هي التسرع والمزاجية، التي تجعل هذه القوة العظمى تتورط في معارك غير محسوبة مع دول العالم شرقًا وغربًا، ثم تتراجع حين تتكشف العواقب.
قنوات تحكمها الاتفاقيات الدوليةتحكم عمل قناتي السويس وبنما منظومة من الاتفاقيات الدولية والظروف التاريخية الواضحة، وإن اختلفت السياقات بينهما، فإن المآل والمشروعية يعودان إلى قواعد القانون الدولي.
بداية، لا فضل للولايات المتحدة في تأسيس قناة السويس، كما يدعي ترامب. ففكرة ربط البحرَين؛ الأحمر، والمتوسط، تعود جذورها إلى عهد المصريين القدماء، إذ تشير بعض الروايات -التي نقلها المؤرخ الإغريقي هيرودوت وآخرون- إلى أن الفرعون سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشرة (القرن التاسع عشر قبل الميلاد)، قد شرع في شق ممر مائي يربط نهر النيل بخليج السويس، فيما عرف لاحقًا بـ"قناة سيزوستريس"، وشهدت هذه الفكرة تجديدًا عبر العصور، إذ عمل الملك نكاو الثاني، ثم الفرس بقيادة داريوس الأول على إصلاح هذا الممرّ، كما أُكملت تطوراته في العصر البطلمي.
أمّا قناة السويس الحديثة، فقد أعيد إحياء مشروعها في عهد والي مصر سعيد باشا منتصف القرن التاسع عشر، بجهود قادها المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس. شاركت الولايات المتحدة حينها إلى جانب دول أخرى في تمويل الامتياز الممنوح لشركة القناة، لكنها انسحبت لاحقًا بعد أن اعتبرت المشروع غير مجدٍ اقتصاديًا، وهو ما أدّى بمصر إلى الاستدانة لاستكمال الحفر.
ومن ثم، فإن ادعاء ترامب بأن القناة مدينة لأميركا عارٍ من الصحة العلمية والتاريخية.
أما بالنسبة لقناة بنما، فالوضع يختلف؛ فقد كانت الفكرة الأصلية لشق قناة عبر أميركا الوسطى مشتركة بين البريطانيين والفرنسيين، إلا أن الولايات المتحدة تولّت المشروع بعد تخلّي فرنسا عنه في نهاية القرن التاسع عشر. ولم تكن دولة بنما موجودة آنذاك، إذ كانت جزءًا من كولومبيا.
وبعد استقلال بنما عام 1903 بدعم أميركي واضح، شرعت الولايات المتحدة في إنشاء القناة، وظلّت تسيطر عليها حتى عهد الرئيس جيمي كارتر (1977-1981)، الذي وقّع اتفاقيات نقل السيادة إلى بنما تدريجيًا.
تعدّ قناتا السويس وبنما من بين أهم الممرات البحرية الإستراتيجية، إلى جانب قناة كيل في ألمانيا. ورغم خضوعها في الأساس لمبادئ حرية الملاحة المنصوص عليها في قانون البحار لعام 1982، فإن لكل قناة خصوصيتها القانونية باتفاقيات منفصلة.
قناة السويس، التي افتتحت في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 1869، تعتبر قناة صناعية تخترق أرض دولة واحدة، مما يجعلها خاضعة لتشريعات مصرية داخلية، فضلًا عن إطارها الدولي.
ويحكمها أساسًا اتفاق القسطنطينية لعام 1888، الذي أكد حياد القناة، واعترف بسيادة مصر عليها، وأقر حقها في تحصيل رسوم المرور، مع منع الأعمال العسكرية في القناة، ومنح الدولة المصرية -ممثلة آنذاك في الخديوي والسلطان العثماني- حقّ اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عنها.
تأكدت هذه السيادة المصرية لاحقًا عبر معاهدة 1936، واتفاقيات الجلاء مع بريطانيا عامي 1936 و1954.
وعندما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميم القناة عام 1956، نصَّ في المادة الأولى من قانون التأميم على تعويض المساهمين وحملة الحصص، مما أقر استرداد حقوق الغير بشكل مشروع.
وقد رسّخت القوانين المصرية الحديثة حقوق السيادة والإدارة على القناة.
فقد نص القانون رقم 161 لسنة 1963 على إمكانية الحجز الإداري ضد السفن الممتنعة عن دفع الرسوم.
كما أكدت المادة الثامنة من القرار الجمهوري رقم 30 لسنة 1975، أن هيئة قناة السويس هي الجهة المختصة بفرض رسوم العبور.
وأبرزت المادة الرابعة عشرة من القرار نفسه مبدأ المساواة بين جميع السفن والأشخاص دون تمييز، إذ جاء فيها صراحة:
"لا يجوز للهيئة أن تمنح أية سفينة أو أي شخص طبيعي أو اعتباري أية فوائد أو ميزات لا تمنح لغيرها من السفن أو الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين في نفس الأحوال". وهذه المادة بالتحديد تمنع السلطات المصرية من تقديم أي امتياز خاص للولايات المتحدة، أو غيرها، ضمانًا لالتزام الحياد وعدم الإخلال بالقانون الدولي.
إعلانأما قناة بنما، فتحكمها ثلاث اتفاقيات تاريخية هي: اتفاقية هاي-بونسيفوت مع بريطانيا، واتفاقية هاي-هيران مع كولومبيا، واتفاقية هاي-بنوفاريا مع بنما.
وقد منحت هذه الاتفاقيات الولايات المتحدة، في بدايات القرن العشرين، حقوقًا واسعة النطاق على القناة.
غير أن المقاومة الشعبية البنمية للهيمنة الأميركية تصاعدت مع الزمن، حتى وقّع الرئيس كارتر اتفاقيات تسليم القناة كاملة إلى السيادة البنمية في أواخر السبعينيات.
ومع ذلك، عادت التوترات مؤخرًا عندما اتهمت واشنطن بنما بتفضيل الصين في رسوم مرور السفن، وهو ما أثار حفيظة الإدارة الأميركية.
إذا أمعنا النظر، فإن تصريحات ترامب الأخيرة لا تنمّ عن عقيدة سياسية عميقة، بقدر ما تعكس رؤية تجارية بحتة للعالم. فالرئيس يعتبر دور أميركا الدولي منصة لتحقيق أرباح مالية، ولا يكترث كثيرًا لما يتطلبه دور القيادة العالمية من التزامات ومبادئ.
وما يجمع بين مواقفه المتقلبة – من دعم إسرائيل إلى طموحاته التجارية عبر العالم- هو الرغبة في تحقيق الربح، حتى لو كان الثمن زعزعة النظام الدولي.
وفيما يخصّ مصر، فإنّ تراجع الدعم الأميركي لا يعني مأزقًا خانقًا؛ فمصر أثبتت قدرتها على تنويع مصادر تسليحها، والتعاون مع الصين، وكوريا الجنوبية، وروسيا، وفرنسا، وغيرها.
أما بنما، فعلى الرغم من خطئها في تمييز الرسوم، فإن من غير المرجح أن تتكرر تجربة الغزو العسكري الأميركي لها، كما حدث في أواخر الثمانينيات.
هكذا، تمضي تصريحات ترامب إلى مصير سابقاتها: فورة تنطفئ، وضجيج يخفت، دون أن يتركا أثرًا ملموسًا في معادلات القوة والسيادة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline