وزير الأوقاف لـ صدى البلد: بناء الإنسان المصري جوهر مشروع تجديد الخطاب الديني
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
أكد الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف على أن مشروع تجديد الخطاب الديني لم يكن في يوم من الأيام مجرد شعار يُرفع، أو عنوان يُردد في المؤتمرات والندوات، بل هو رؤية متكاملة ومحاور استراتيجية محددة سعت وزارة الأوقاف إلى تجسيدها على أرض الواقع بكل وعي وإرادة وتصميم، من خلال خطة شاملة بُنيت على أربعة محاور رئيسة، تعالج التحديات الفكرية والإنسانية والحضارية المعاصرة، وتسعى لبناء الإنسان المصري بناءً متوازنًا، وتفتح له آفاقًا رحبة نحو الانتماء والوعي والعمل والإنتاج.
وأضاف الأزهري في تصريح خاص لـ “صدى البلد ” أن المحور الأول المحور الأول هو مواجهة التطرف الديني، وقد كانت هذه القضية على رأس أولوياتنا، إدراكًا منا لحجم ما خلفه الفكر المتطرف من فوضى فكرية واجتماعية، وما سببه من اختطاف لتعاليم الدين السمحة وتشويه لصورة الإسلام في أذهان البعض، ومن ثمّ تحركت الوزارة بخطى ثابتة في تفكيك هذا الفكر المتشدد، من خلال نشر الوسطية، وتفنيد شبهات الجماعات المتطرفة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
أما المحور الثاني، فهو مواجهة التطرف اللاديني، حيث لم نغفل في خضم معركتنا مع الغلو الديني، عن خطورة الاتجاه المضاد له، وهو التفريط المطلق الذي يفرغ الدين من مضمونه، ويهاجم الثوابت، ويشيع روح التمرد على القيم الدينية والمرجعيات الأخلاقية، ومن هنا جاءت برامج الوزارة الفكرية والإعلامية والثقافية لتؤكد أن الدين ليس عائقًا أمام التقدم، بل هو دافع نحوه، وأن التجديد لا يعني أبدا التفريط، بل الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وقد حملت منابرنا هذا التوازن الدقيق، وجعلنا من خطابنا أداة لبعث الوعي الحقيقي، لا الاستعراض الكلامي، حيث واجهنا حملات التشكيك، وعززنا الثقة في الثوابت الإسلامية، وبيّنا للناس أن الهجوم على الثوابت لا يمت للتجديد بصلة، بل هو تطرف من نوع آخر لا يقل خطرًا عن غلو المتشددين، وناقشنا العديد من القضايا كالإلحاد والطلاق.
ثم يأتي المحور الثالث: بناء الإنسان، وهو في الحقيقة جوهر مشروعنا كله، لأن الإنسان هو الركيزة الحقيقية لأي نهضة، ومن ثمّ كان اهتمامنا منصبًا على بناء العقل المصري بناءً مستنيرًا، وصياغة وعيه على أسس وطنية، دينية، وثقافية متزنة، وقد أطلقت الوزارة لهذا الغرض العديد من المبادرات والبرامج التي تستهدف التثقيف الديني والوطني والاجتماعي، بدءًا من البرامج التدريبية النوعية للأئمة والواعظات، مرورًا بالمشاركة في قوافل توعوية للشباب في المدارس والجامعات، ووصولًا إلى الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات الدولة المختلفة لترسيخ مفاهيم الانتماء، واحترام القانون، وحماية النشء من الفكر المتطرف أو اللاواعي.
وأما المحور الرابع: صناعة الحضارة، فهو تتويج للمحاور السابقة، لأنه إذا تمكنا من تحرير الفكر من الغلو والتفريط، وبنينا الإنسان علمًا وخلقًا ووعيًا، استطعنا أن ننهض بالحضارة في صورتها المتكاملة، حضارة تؤمن بالقيم، وتبني بالعلم، وتحترم التراث، وتواكب العصر، وتبني جسورًا بين الدين والدولة، وبين الأصالة والتحديث.
واختتم الأزهري حديثه قائلا: ما أُنجز في هذه المحاور الأربعة خلال الفترة الماضية يُعدّ تأسيسًا قويًا لمرحلة جديدة من الوعي الديني الوطني، حيث تجاوزنا مرحلة رد الفعل، وانتقلنا إلى مرحلة التخطيط والرؤية، لنُنتج خطابًا دينيًا أصيلًا، معاصرًا، يواكب حاجات العصر، ويواجه تحديات الواقع، ويعزز من قيم التسامح والانتماء، ويضع الإنسان في قلب المعادلة الحضارية.
ومن هنا نقول فتجديد الخطاب مهمة مستمرة لا تنقضي بزمن، ويأتي في القلب منه الارتباط الوثيق بأحوال الناس ومعايشهم ومستجدات الحياة في الكون كله.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تجديد الخطاب الديني وزير الأوقاف تجدید الخطاب الدینی وزیر الأوقاف لـ صدى البلد
إقرأ أيضاً:
المفتي من مطروح: بناء الإنسان هو الأصل في بناء الأوطان
أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن بناء الإنسان هو الأصل الأول في بناء الأوطان، وهو القاعدة التي تقوم عليها نهضة الأمم ورقيها، مبينًا أن الله تعالى خلق الإنسان لعمارة الأرض، وجعل هذا الهدف مقترنًا بالرسالة الإلهية التي جاء بها الرسل جميعًا، فكانت الشرائع السماوية ترسخ في الإنسان قيم الحق والخير والجمال، وتدفعه إلى السعي في الأرض طلبًا للرزق الحلال وإعمارًا للكون بما ينفع الناس ويحقق مصالحهم، وكذلك استندت الدساتير والقوانين الوضعية إلى حفظ إنسانية الإنسان وكرامته، موضحًا أن الدين في أسمى صوره هو العامل الأول في بناء شخصية الإنسان السوي الذي يعرف واجباته كما يعرف حقوقه، ويقيم علاقته بربه ومجتمعه على أساس من الرحمة والعدل والصدق، مؤكدًا أن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها الذين يتحلون بالعلم والخلق، وأنه لا كرامة لإنسان بلا وطن يحتضنه ويحميه، مشددًا على أن حماية الوطن واجب ديني ووطني، وأن خيانة الأوطان أو الإضرار بها صورة من صور الفساد التي حرمتها جميع الشرائع.
جاء ذلك خلال كلمة فضيلته بندوة "بناء الإنسان أساس بناء الأوطان" التي نظمتها محافظة مرسى مطروح لطلاب جامعة مطروح وطلاب مدارس المحافظة.
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن بناء الإنسان لا يقتصر على الجانب العقدي والتعبدي فقط، بل يمتد ليشمل بناء الأخلاق والسلوك، وصيانة العقل، وحفظ البدن، وتنمية الفكر، مبينًا أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال، يحث على التوازن بين الروح والمادة، ويحذر من الغلو والإفراط والتقصير، داعيًا إلى حسن استخدام النعم وعدم الإضرار بالنفس أو بالآخرين، ومنبهًا إلى خطورة السلوكيات الدخيلة التي تسللت عبر وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تستهدف تفكيك منظومة القيم والأخلاق. واستشهد فضيلته بالآية الكريمة: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، موضحًا أن الرقابة الذاتية المستمدة من الإيمان هي الحصن المنيع الذي يحمي الإنسان من الزلل، وأن العبادات لم تفرض إلا لتزكية النفس وتهذيب السلوك، محذرًا من مظاهر الانفلات القيمي التي تضعف الأمم وتجرها إلى الهلاك، ومستشهدًا بالبيت الشعري الخالد: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
واختتم فضيلة المفتي كلمته بالتأكيد على أن بناء الإنسان المثقف الواعي القادر على حماية هويته الدينية والوطنية هو الضمانة الأكيدة لبقاء الأوطان قوية عزيزة، مشيرًا إلى أن عناصر الهوية تتمثل في الدين واللغة والحضارة والوطن، وأن الطعن في هذه العناصر أو التشكيك فيها يمثل تهديدًا وجوديًّا للأمة، داعيًا الشباب إلى التمسك بجذورهم والانفتاح الواعي على العالم دون التفريط في القيم والثوابت، مستشهداً بسير العلماء الكبار الذين أضاءوا تاريخ البشرية بعلومهم ومعارفهم أمثال ابن سينا، والرازي، وابن الهيثم، ومؤكدًا أن الأمة التي تعرف قدر علمائها وماضيها المجيد، قادرة على بناء مستقبلها بإرادة لا تلين وهمم لا تعرف الوهن.
حضر الندوة اللواء أركان حرب، خالد شعيب، محافظ مطروح، والدكتور إسلام رجب نائب المحافظ، والنائب صالح سلطان، رئيس الهيئة البرلمانية بمطروح، بالإضافة إلى عدد من القيادات التنفيذية والشعبية وعدد من قيادات الأزهر والأوقاف والتربية والتعليم ، إضافة إلى جمع من طلاب جامعة ومدارس المحافظة، الذين تفاعلوا مع كلمة فضيلة المفتي، معبرين عن اعتزازهم بما حملته من معانٍ سامية لبناء الإنسان والأوطان.