احتشد المئات من أهالي السويداء لليوم الخامس على التوالي، أمام ضريح قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، في مظاهرات مناهضة للنظام السوري، والتي اندلعت عقب إصدار قرار برفع أسعار المحروقات، وتطورت للمطالبة بإسقاط بشار الأسد.

ويحظى ضريح سلطان باشا الأطرش بأهمية بالغة لدى السوريين عامة ولدى أهالي السويداء بشكل خاص، لا سيما أنه كان قائدا للحراك الثوري المسلح ضد الاستعمار الفرنسي.



واحتفى ناشطون سوريون برفع علم الثورة السورية فوق ضريح سلطان باشا الأطرش، على اعتبار أن رفع العلم يحمل رسالة مباشرة إلى النظام السوري، مفادها بأن أحفاد قائد الثورة ضد الاستعمار الفرنسي أعنلت وقوفها ضد نظام الأسد.


أن يرتفع علم الثورة السورية من أمام مقام #سلطان_باشا_الأطرش في #القريا
"ترى القصة ماعادش فيها تراجع"
رأس النظام يجب أن يتجنب المزيد من المهانات ولم يعد هناك أي مجال له pic.twitter.com/n8F0lenBOZ — J (@Juljula_Revo_Sy) August 25, 2023
وشارك أحد أبرز مشايخ العقل لدى الطائفة الدرزية حمود الحناوي، في احتجاجات الجمعة أمام ضريح سلطان الأطرش، حيث رفع المتظاهرون علم الثورة السورية ضد نظام الأسد، للتذكير بأن قائد الثورة السورية الكبرى قاتل الاستعمار تحت هذه الراية.



وما يميز الاحتجاجات الحالية في السويداء، الاستمرارية ورفع سقف المطالبات لتصل إلى المطالبة بإسقاط نظام الأسد، وذلك خلافا للاحتجاجات السابقة في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، والتي كانت تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية وإيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية.

وأعرب ناشطون سوريون عن أملهم في أن تكون انتفاضة السويداء، بداية لثورة سورية كبرى جديدة، تيمنا بما فعله سلطان باشا الأطرش في تموز/ يوليو 1925، عندما أعلن الثورة ضد الاستعمار الفرنسي.



وأعلن سلطان باشا الأطرش بداية الثورة السورية الكبرى، عبر إذاعة بيان، دعا فيه إلى وحدة السوريين لمواجهة الاستعمار الفرنسي، ورفض محاولات تقسيم البلاد إلى دويلات وطوائف.

الناشط الإعلامي المقيم في السويداء، شادي الدبيسي، أكد لـ"عربي21"، أن زخم المظاهرات يزداد يوما بعد يوم، لا سيما بعد مشاركة مشايخ العقل لدى الطائفة الدرزية بالاحتجاجات.

وأعطت مشاركة مشايخ عقل طائفة الموحدين الدروز الثلاثة، حكمت الهجري ويوسف الجربوع وحمود الحناوي، بالمظاهرات المناهضة للنظام السوري في السويداء، دافعا لانضمام العشرات، إذ شهدت المظاهرات مشاركة أعداد غير مسبوقة منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011.

وأكدت "دار طائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا"، في بيان، الخميس، مطالب الشعب السوري في "إعطاء الحقوق لأصحابها ونيل العيش الكريم التي فقدت جل مقوماته بسبب الفساد المتفشي والإدارة الفاشلة، وترحيل المسؤوليات، واعتماد اللامبالاة منهجا، وهو ما أهلك البلاد والعباد".

وأشار دبيسي في حديثه مع "عربي21" إلى أن المظاهرات التي اندلعت في عموم الأراضي السورية دعما للاحتجاجات في السويداء، أعطت المشاركين دافعا قويا للاستمرار في التظاهر.

وخرجت عشرات المظاهرات في إدلب وحلب ودرعا ودير الزور والرقة والحسكة، دعما لاحتجاجات السويداء.

ورغم الاحتجاجات المستمرة منذ أيام في السويداء والتي شهدت في معظمها رفع علم الثورة السورية، لم يبد النظام السوري أي رد فعل تجاه المظاهرات المناهضة للأسد، وسط تخوف من لجوء الأسد لاستخدام القبضة الأمنية في قمع المظاهرات كما حصل في معظم المدن والبلدات السورية خلال السنوات الـ12 الماضية.


وشهدت السويداء في بداية "الثورة السورية" عام 2011، مظاهرات مناهضة لرئيس النظام بشار الأسد، وتعتبر حركة "رجال الكرامة" أبرز الحركات الدرزية المعارضة للنظام، لكن الجماعات الدرزية حاولت البقاء على "الحياد الشعبي" لتجنب الدخول في الصراع المسلح، حيث رفضت الانخراط ضمن الجماعات المسلحة سواء في طرف المعارضة أو النظام السوري.

وزادت الفصائل الدرزية المسلحة من انتشارها في السويداء بعد هجمات تنظيم الدولة على المحافظة عام 2018، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 221 شخصا إثر تنفيذ مجموعة هجمات للتنظيم على قرى وبلدات السويداء، بمساندة وتسهيل من قوات النظام السوري التي نقلت مسلحي التنظيم بحافلات حكومية من ريف دمشق إلى تخوم السويداء في البادية السورية، وفق ما أورده "المرصد السوري لحقوق الإنسان" في وقت سابق.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات السويداء الأسد النظام السوري الأسد النظام السوري السويداء سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاستعمار الفرنسی النظام السوری فی السویداء

إقرأ أيضاً:

سوريا.. الجغرافية المشاكسة

مساحة جغرافية متوسطة مقارنة بالمعايير الجغرافية للمنطقة، وعدد سكان متوسط مقارنة بمعايير ديمغرافيا المنطقة، غير أن ثرواتها الطبيعية (الباطنية والخارجية) تعتبر فقيرة: اقتصادها مكتف بذاته فيما يتعلق بالاستهلاكات اليومية (ثروة زراعية وحيوانية، صناعات غذائية معدنية، ألبسة)، لكنه بدائي مع قدرات عسكرية متوسطة.

معطيات لا تسمح لها بأن تكون قوة إقليمية فارقة كحال مصر أو تركيا أو إيران، لكن موقعها الجغرافي المفتوح على عوالم جيوسياسية: تُشرف على الممرات الشمالية الشرقية الموصلة إلى مصر، وعلى الطريق البري ما بين العراق والبحر المتوسط، وعلى شمال شبه الجزيرة العربية، والحدود الشمالية للعالم العربي، وخط أمامي في مواجهة إسرائيل، أعطاها مكانة استثنائية في المنطقة، وجعلها ذات موقع محوري ليس للجهود الدولية المبذولة في إطار الصراع العربي ـ الإسرائيلي فحسب، بل لجهود القوى الإقليمية المنقسمة فيما بينها.

وليس من قبيل الصدفة أن من يريد التسيد في الشرق الأوسط عليه أن يضع أولا خططا حول سوريا قال باتريك سيل ذات مرة.

موقعها الجغرافي هذا جعل من شؤونها الداخلية مسألة إقليمية هامة وذات معنى بالنسبة إلى دول الجوار، خصوصا انقساماتها الداخلية ذات التاريخ الطويل: موطن انشقاقات العقيدة المسيحية والخصومات الكبرى حول طبيعة المسيح جرت في سورية، ومنها أسست العقيدة البيزنطية حول المسيح.

جبالها الشمالية الغربية كانت خلال نهاية الألفية الأولى وبداية الألفية الثانية ملاذا لجميع الفرق الدينية المنبوذة من قبل السُنة.

في القرن العشرين أدى تقسيم سوريا الكبرى إلى جرح لم يندمل في الوعي السياسي الجمعي، فأصبحت سورية الحالية حسب وصف كارولين دوناتي، وطن غير مكتمل بأرض غير ملائمة واسم غير مناسب.

كان لهذا التقسيم أثرا كبيرا في جعل سوريا منبعا للأفكار اليسارية والقومية حتى بعد تراجع الحركة القومية العربية إثر هزيمة عام 67، فحملت دمشق راية قومية يسارية في مواجهة ما سمته آنذاك برجوازية حاكمة في دول عربية كانت سببا في الهزيمة أمام إسرائيل.

مع فورة الأيديولوجيا اليسارية، ظلت سوريا حاملا للأفكار البرجوازية، ما جعل البلاد تعيد الانقسام الجغرافي التاريخي بين حلب وشرق يجد امتداده الاستراتيجي مع العراق، ودمشق وجنوب يجد امتداده الاستراتيجي مع مصر.ومع فورة الأيديولوجيا اليسارية، ظلت سوريا حاملا للأفكار البرجوازية، ما جعل البلاد تعيد الانقسام الجغرافي التاريخي بين حلب وشرق يجد امتداده الاستراتيجي مع العراق، ودمشق وجنوب يجد امتداده الاستراتيجي مع مصر.

لكن الحدود الخارجية المصطنعة المترافقة بفائض من الشعور القومي العروبي، تُرجمت بتداخلات وتخارجات في الوقت ذاته، فكانت سوريا من جهة ساحة لتدخلات عربية (العراق، مصر، السعودية) وإقليمية (إسرائيل، تركيا) وكانت من جهة ثانية منصة للتدخل في شؤون الجوار العربي (لبنان، الأردن، العراق) والجوار الإقليمي (تركيا)، فأضحت بلدا مشاكسا حسب توصيف جورج قرم.

مع حافظ الأسد وتثبيته بقوة السلاح الاستقرار في الداخل، أخذت سوريا تتحول تدريجيا من ساحة متأثرة بالخارج إلى ساحة تؤثر في المحيط الخارجي.

أمسك الأسد الأب بتناقضات المشهد الداخلي بطريقة أرضت الجميع: حقق استقرارا كانت البلاد بحاجة إليه عبر تحالفه مع التيارات اليسارية ونقيضها السياسي والاقتصادي (الإسلام المعتدل، البرجوازية الاقتصادية).

شكلت حرب أكتوبر عام 73 أول امتحان خارجي لسوريا، نجح فيها الأسد في رفع شعبيته الداخلية، على الرغم من أن الحرب لم تعيد الجولان، ولم تعيد أية أرض فلسطينية، ثم جاءت الحرب الأهلية اللبنانية لتمنح الأسد دورا هاما في بيئة جغرافية يخسر فيها الجميع، فخرج منتصرا بعد خمسة عشر عاما مع بقاء الجيش السوري في لبنان برضا عربي ودولي.

أمسك الأسد بتلابيب الدولة اللبنانية، في وقت أحكم سيطرته على قوى فلسطينية، وجعل من سوريا منصة لهم لمنافسة ياسر عرفات ثم لـ "النضال ضد إسرائيل".

مع اندلاع الثورة الإسلامية في إيران، ثم الحرب العراقية ـ الإيرانية، أقام الأسد تحالفا عميقا مع أصحاب العمائم في طهران مع المحافظة على علاقات سوريا العربية، ثم جاء انهيار الاتحاد السوفيتي نهاية الثمانينيات ليدفع الأسد الأب نحو الحاضنة العربية، خصوصا مع مصر والسعودية، فيما عُرف آنذاك بالترويكا العربية.

ومع ذلك، ظلت الدول العربية المعتدلة تنظر إلى سوريا بعين الريبة بسبب تحالفها الاستراتيجي مع إيران، غير أن العرب بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990، وجدوا أنفسهم في موقع يتطلب الحفاظ على علاقات قوية مع دمشق على الرغم خطابها السياسي والقومي الراديكالي من جهة، وتحالفها مع إيران من جهة ثانية.

مع وفاة الأسد الأب، ووصول ابنه على الرئاسة عام 2000، اندفعت دول عربية للترويج للشاب الجديد، على أمل أن يكون أكثر توجها نحو العرب على حساب إيران، غير أن الأحداث سرعان ما بينت خطأ تصورهم، فبات الأسد الإبن في نظر العواصم العربية الفاعلة مدمرا لسياسة والده.

في هذا المناخ المضطرب بين سوريا ومحيطها العربي، اندلعت ثورة شعبية، وجدت فيها القوى الإقليمية الفاعلة فرصة تاريخية لإسقاط النظام، وتغيير وجه سوريا الاستراتيجي.

فشلت المحاولات العربية (السعودية، قطر) في ظل حضور إقليمي ودولي قوي في الساحة السورية، وسط تخاذل أمريكي في إسقاط النظام.

ابتعدت الدول العربية عن سوريا وتفاصيلها، لكن سرعان ما تبين أن الجغرافيا تفرض نفسها بقوة، وأن استقرار المنطقة يتطلب بالضرورة وضع البعد السوري بعين الاعتبار، كل لأسبابه الخاصة: بعضهم خشي من تزايد التأثير التركي في سوريا، وبعضهم الآخر تضرر من تجارة الكبتاغون، فيما أصر آخرون على أن التحالف مع الأسد ضرورة هامة لمواجهة تيار الإسلام السياسي.

مع سقوط النظام السوري في الثامن من ديسمبر الماضي، ألقيت الكرة السورية الممتلئة بكل حمولات التاريخ والجغرافيا والدين في جعبة محيط عربي مأزوم، أثقلته الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان، وتنازعات عربية ـ عربية حيال الكثير من الملفات الشائكة والمعقدة.

مع سقوط النظام السوري في الثامن من ديسمبر الماضي، ألقيت الكرة السورية الممتلئة بكل حمولات التاريخ والجغرافيا والدين في جعبة محيط عربي مأزوم، أثقلته الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان، وتنازعات عربية ـ عربية حيال الكثير من الملفات الشائكة والمعقدة.دمر سقوط النظام شبكة التحالفات التقليدية القائمة في المنطقة، فأخرجت إيران من سوريا بعد عقود كانت البلاد ساحة لمشروعها الجيوسياسي، وقاعدة عسكرية ولوجستية متقدمة للحرس الثوري الإيراني في بلاد الشام وشمال إفريقيا، فضلا عن تطويقها العراق من الشرق والغرب.

خروج إيران من سوريا وعودة الأخيرة إلى حضنها العربي إلى جانب الحضن التركي وجه ضربة قاسمة للمشروع الإيراني إلى حد أن يمكن القول فيه إن إيران تواجه اليوم أزمة بنيوية على صعيد استراتيجيتها الخارجية.

بسبب موقعه الجغرافي، سيكون لبنان البلد الأكثر تأثرا بالحدث السوري، فبعد تدمير إسرائيل لـ "حزب الله" عسكريا وخسارة الأخير عمقه الاستراتيجي في سوريا، تبدو الساحة اللبنانية مقبلة على خيارين لا ثالث لهما: إما شكل سياسي وعسكري جديد تكون الدولة وجيشها الفاعل الأوحد، أو الانحدار نحو أزمة داخلية قد تنتهي إلى حرب أهلية.

على أن أهم الآثار الاستراتيجية الذي أحدثها الزلزال السوري هو خروج القضية الفلسطينية من المحور الإيراني نهائيا، الأمر الذي سيدفع الفصائل، خصوصا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إما الارتماء بالحضن الإيراني بشكل كامل، أو إعادة حساباتهم بما يساهم في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني السياسي.

بالنسبة لروسيا، كان الحدث السوري خسارة استراتيجية كبرى في دولة تعتبر القوة العسكرية الثانية على مستوى العالم، لكنها بالمقابل لا تمتلك القدرة على تدخلات عسكرية فاعلة خارج نطاقها الإقليمي.

شكلت الجغرافيا السورية استثناء وفرصة للكرملين للتدخل في ملفات محورية وشائكة في السياسة الدولية: حضور عسكري في قلب المشرق العربي، دور رئيس في أزمة اللاجئين، دور في قضايا الأمن إلى جانب إمدادات الطاقة.

وجودها العسكري في سوريا جعلها قبلة لتركيا وإسرائيل للتفاهم معها حيال تطورات الأحداث السورية، كما جعلها شريكا نديا للولايات المتحدة، لكن سقوط النظام وجه ضربة قوية للعقيدة العسكرية والأمنية الروسية المعتمدة منذ عام 2010، والقائمة على البحث عن مواطئ قدم خارجية تعزز مكانتها وتعيدها مفاوضا رئيسيا وشريكا مع الولايات المتحدة.

بمعايير الجغرافيا السياسية، كان سقوط نظام الأسد بمنزلة زلزال ضخم دمر كل الأبنية السياسية والأيديولوجية القائمة في سوريا، وأعاد البلد إلى ما كانت عليه قبل الأسد الأب: ساحة سهلة للتأثير الخارجي، تحاول الدول الفاعلة التأثير فيه وملء الفراغ ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.

مقالات مشابهة

  • حماة.. أبو راتب ينشد في ساحة العاصي بعد 44 عاما من إبعاده
  • سوريا.. الجغرافية المشاكسة
  • سوريا وتهافت المتهافتين
  • راتب 8 آلاف جنيه.. وظائف جديدة للشباب بشركة أدوية كبرى في 4 تخصصات
  • بالفيديو.. الفنان السوري «باسم ياخور» يحسم موقفه من العودة إلى سوريا
  • "الجيش السوري الإلكتروني".. سلاح استخدمه الأسد في استهداف المعارضين
  • الجولاني يستلم قصر الرئاسة السوري بعد ضرب الأسد (بوري)
  • ماري أنطوانيت وأسماء الأسد.. نساء خلف عروش الاستبداد
  • الفنان السوري باسم ياخور يتحدث عن موقفه من العودة إلى سوريا
  • ثورة جديدة.. شاومي تطلق هاتفها القابل للطي الأول بمواصفات جبارة