الدوحة- سيطرت قضايا التعاون الثنائي والأوضاع في المنطقة على أعمال الحوار الإستراتيجي القطري البريطاني الثاني الذي انطلق أمس الأحد في الدوحة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي.

ويأتي الاجتماع تحت شعار "شركاء من أجل المستقبل"، في دلالة على الرؤية المشتركة بين البلدين لتعزيز التعاون الثنائي واستشراف آفاق أرحب للتكامل والعمل المشترك، عبر الحوار الذي يعد محطة جديدة أخرى في مسيرة العلاقات القطرية البريطانية.

كما تأتي أعمال الحوار استكمالا للزخم الذي تولد عن زيارة الدولة التي قام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني إلى لندن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تلبية لدعوة الملك تشارلز الثالث وشهدت لقاءات رفيعة المستوى، تم على إثرها الاتفاق على سلسلة من المسارات لتعزيز الشراكة بين البلدين.

مسارات التعاون

وتشمل المسارات مجالات محورية من بينها:

التجارة والاستثمار. ومواجهة التحديات العالمية. ودعم النمو المتبادل. والابتكار التكنولوجي. والتحول إلى الاقتصاد الأخضر المستدام. والتعاون في علوم الحياة والصناعات الإبداعية. وتعزيز التبادل الثقافي. والتعاون في تسوية النزاعات وتبادل الخبرات. إعلان

وفي مؤتمر صحفي مشترك، أمس الأحد في الدوحة، أشار وزير الخارجية القطري إلى تحركات قطرية بريطانية مكثفة لتعميق التعاون على مختلف المستويات، موضحا أنه تُعقد -تحت مظلة هذا الحوار- 8 مجموعات عمل مشتركة تعمل على وضع الخطوات العملية لتحقيق تطلعات البلدين.

وأكد أن "المستقبل المزدهر هو شعار نقف خلفه جميعا، وقطر تستثمر بأكثر من 40 مليار جنيه إسترليني (1 جنيه يعادل 1،33 دولار) في الاقتصاد البريطاني مما يسهم في خلق فرص عمل وتحقيق النمو والازدهار في المملكة المتحدة ويحقق العوائد للصندوق السيادي القطري، كما تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.6 مليار جنيه إسترليني في عام 2024″.

وشدد على أن الشراكة بين البلدين أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى في ضوء المخاطر الكبرى والتصعيد المستمر والمتصاعد الذي يهدد الأمم الدولية، وأعلن عن توقيع خطاب للنوايا للتعاون في مجال السلام والمصالحة وتسوية النزاعات.

وأكد أن "المخاطر اليوم أعلى من أي وقت مضى، فالتصعيد والعدوان والحصار الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة، واستمرار تسييس المساعدات الإنسانية واستهداف العاملين في المجال الإنساني واستخدام الجوع كأداء للعقاب الجماعي، يضع منطقتنا على حافة الهاوية، مما يمثل تحديا لإنسانيتنا، وتركه دون محاسبة هو دعوة مفتوحة لمن تسول له نفسه اتباع هذه الأساليب اللاإنسانية في فرض إرادة سياسية على أي شعب يبحث عن حريته".

وتابع "سنظل ملتزمين بالعمل على تهدئة الأوضاع ومطالبة إسرائيل بالكف عن منع دخول المساعدات الإنسانية، ونعمل بلا كلل لدعم جميع الجهود الرامية إلى حل الخلافات عبر الحوار والتفاوض".

علاقة متينة

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن علاقة بلاده بدولة قطر طويلة الأمد ومتينة تقوم على أسس الصداقة والاحترام المتبادل، موضحا أن التعاون يمتد إلى مجالات العلوم، والابتكار، والتنمية، والوساطة، والصحة، والتعليم، بما يصب في مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.

إعلان

وأكد أنه يقدر نصائح وجهود رئيس الوزراء القطري من أجل السلام والمصالحة، ويثمن خبرته الكبيرة في المشهد العالمي، مشيرا إلى أن الحوار الإستراتيجي القطري البريطاني حيوي ومثمر، وأن الشراكة بُنيت على طموح مشترك، وستسهم في خلق فرص عمل وزيادة النمو والاستثمار في البلدين.

وأضاف لامي أن الحرب المدمرة في غزة يجب أن تنتهي بسرعة وأن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لإحلال السلام، معبرا عن امتنانه لدور قطر في الوساطة لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح من تبقى من المحتجزين في القطاع، بمن فيهم 3 مرتبطون بالمملكة المتحدة.

الرميحي: هناك رغبة مشتركة بين لندن والدوحة في تطوير التعاون بما يتلاءم مع المتغيرات العالمية (الجزيرة)

وفي تصريح للجزيرة نت، قال رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة سعد الرميحي إنه منذ منتصف القرن الماضي، نشأت العلاقات بين قطر وبريطانيا على أسس متينة من التعاون والصداقة، وشهدت العقود الماضية توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية في مختلف المجالات التجارية والاقتصادية والأمنية.

وتطورت هذه العلاقة، يتابع، لتتحول إلى شراكة إستراتيجية حقيقية قائمة على تبادل المصالح وتعزيز أوجه التعاون بما يخدم تطلعات البلدين وشعبيهما.

وأضاف الرميحي أن الدوحة تُعد في الوقت الحالي من أبرز المستثمرين في المملكة المتحدة في مختلف القطاعات الحيوية مثل العقارات والطاقة والبنية التحتية، والصناعات المتطورة، كما توجد جالية بريطانية فاعلة ومزدهرة في قطر تساهم في مختلف قطاعات الاقتصاد والتعليم والصحة.

وأوضح أن العلاقات الدولية تقوم على مبدأ المصالح المشتركة، و"العلاقات القطرية البريطانية اليوم لا شك تقوم على هذا المبدأ وهناك رغبة صادقة في تطوير آفاق التعاون بما يتلاءم مع المتغيرات العالمية، وسط إدراك واضح من الطرفين أن مستقبل العلاقات يجب أن يبنى على أسس شراكة عملية".

إعلان علاقات تاريخية

وأكد الرميحي أن قطر من أكبر الدول المحبة للسلام في العالم، وتلعب دور الوسيط النزيه والمعروف عالميا في حل النزاعات وتستند فيه إلى شبكة علاقات دولية واسعة ومتشعبة، وفي هذا الإطار، تبرز أهمية تعميق التعاون مع المملكة المتحدة باعتبارها قوة عالمية لها وزنها السياسي والدبلوماسي.

ومن خلال تعزيز هذا التعاون، يمكن للطرفين العمل معا على تعظيم الجهود المشتركة في دعم الاستقرار الإقليمي وبناء عالم أكثر أمنا وسلاما وعدلا، وفق الرميحي.

من جهته، قال رئيس تحرير جريدة الوطن القطرية محمد حجي للجزيرة نت إن الحوار يُعقد في توقيت دولي شديد الدقة، وفي ظل تحولات إقليمية وعالمية متسارعة، ويحمل عنوانا معبرا "شركاء من أجل المستقبل" والذي لا يعكس تطلعات الطرفين فقط، بل يترجم عمق علاقاتهما الممتدة عبر عقود من التعاون والثقة المتبادلة.

وأكد أن توقيت انعقاد هذا الحوار له رمزية بالغة، إذ يأتي وسط تحديات إقليمية كبرى أبرزها استمرار العدوان على غزة، والتغيرات الجيوسياسية الكبرى التي تعيد رسم ملامح العلاقات الدولية، ويمثل منصة إستراتيجية للجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون والعمل المشترك من أجل الاستقرار الإقليمي والدولي.

حجي: قطر تمتلك كل المقومات اللازمة لتطوير علاقاتها الدولية (الجزيرة)

ولا يمكن فهم أهمية هذا الحوار، وفق حجي، دون الإشارة إلى الأساس التاريخي الراسخ للعلاقات القطرية البريطانية التي تتسم بقدر عالٍ من الاحترام المتبادل والشراكة العميقة التي امتدت على مدار عقود طويلة وشهدت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا من الاستثمار والتجارة، إلى الثقافة والتعليم، مرورا بالتعاون الأمني والدفاعي.

وأضاف أن قطر تمتلك كل المقومات اللازمة لتطوير علاقاتها الدولية، وعلى رأسها مع بريطانيا، وسواء في التكنولوجيا الحديثة، والطاقة النظيفة، والصناعات الإبداعية، والبحث العلمي، أو في المجالات التقليدية مثل التجارة والاستثمار والتعليم، تبرز الدوحة كلاعب موثوق وشريك ديناميكي قادر على إحداث فارق إيجابي في العلاقات الثنائية.

إعلان

وحسب حجي، لم تقتصر محاور الحوار فقط على تطوير التعاون الثنائي، بل شملت القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها السعي لاستقرار المنطقة، فقد أثبتت قطر خلال الأشهر الأخيرة دورها البارز في الوساطة في الحرب على غزة، ومن ثم يأتي التعاون مع بريطانيا كقوة دولية فاعلة وعضو دائم في مجلس الأمن، ليضيف زخما حيويا إلى الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین البلدین وأکد أن من أجل

إقرأ أيضاً:

العراق وأمريكا يؤكدان على تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين

آخر تحديث: 26 أبريل 2025 - 9:15 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- ذكر بيان للخارجية العراقية، السبت، ان “الوزير فؤاد حسين التقى بوزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في مبنى وزارة الخارجية بالعاصمة واشنطن، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي بدأها الوزير إلى الولايات المتحدة في 24 نيسان الجاري”.واستهل الوزير اللقاء معرباً عن سعادته بهذه الزيارة في ظل الظروف الراهنة والتحديات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، وتطلعه إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين”، وفق البيان الذي اشار الى ان “الجانبين بحثا سبل تفعيل التعاون، لا سيما في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية”.وشدّد فؤاد حسين على “أهمية تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات لمكافحة التنظيمات الإرهابية”.وأعرب الطرفان عن “تفاؤلهما بمستقبل العلاقات”، وأشاد الوزير العراقي بـ”دور الولايات المتحدة وقيادتها للتحالف الدولي في محاربة الإرهاب”. من جانبه، أكد الوزير روبيو “التزام بلاده بدعم استقرار العراق”، مشيداً بـ”الجهود المشتركة المبذولة في مكافحة تنظيم داعش.وفي الشأن الاقتصادي”. وأشار وزير الخارجية العراقي، أن “العراق بدأ خطوات فعلية نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز المستورد من إيران ، موضحاً أن “العراق سيسعى إلى تحقيق الاستقلال في مجال الغاز، وخلال السنوات القليلة المقبلة سيحقق اكتفاءً ذاتياً في هذا المجال”، مؤكداً أن “العراق بدأ باستيراد الكهرباء من الدول الأخرى، ويبحث مع دول أخرى استيراد الغاز. كما دعا الشركات الأمريكية إلى زيادة الاستثمار في العراق والمساهمة في مشاريعه الاستراتيجية”،وفي سياق متصل، ناقش الجانبان سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية، مع الإشارة إلى زيارة وفد من الشركات الأمريكية والقطاع الخاص إلى العراق مؤخراً، وما تمثله من فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين في القطاعين العام والخاص. وطرح الوزير أهمية إعادة النظر في التحذيرات الأمنية المتعلقة بالسفر إلى العراق، حيث تؤثر هذه التحذيرات بصورة سلبية على مجيء الشركات الأمريكية، مشيراً إلى الأوضاع الأمنية الجيدة التي يشهدها العراق، وما قد يشكّله ذلك من عامل جذب إضافي للاستثمار الأجنبي. وأشار حسين إلى بعض الدول الأوروبية التي أعادت النظر في التقييم الأمني. وقد أبدى الجانب الأمريكي تفهّمه لهذا الموضوع.وتناول اللقاء أيضاً أهمية عقد اجتماع جديد للجنة العليا للتعاون الثنائي بين العراق والولايات المتحدة خلال شهري حزيران أو تموز المقبلين، لمناقشة كافة مجالات التعاون على أساس اتفاقية الإطار الاستراتيجي. وتناول اللقاء تطورات الأوضاع في المنطقة، وخاصة في سوريا، حيث شدّد حسين، على “أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة تراعي حقوق جميع المكونات السورية وتُسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى أن استقرار سوريا ينعكس إيجاباً على الأمن في العراق” وأكد الجانبان ضرورة معالجة مصادر القلق في سوريا. كما أشار فؤاد حسين إلى ضرورة التعامل بحذر مع السجون الموجودة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، حيث يوجد نحو عشرة آلاف من أخطر عناصر تنظيم داعش الإرهابي.وجرى خلال اللقاء الإشارة إلى الجولة المرتقبة للرئيس الأمريكي في المنطقة، وما يمكن أن تحمله من فرص لتعزيز التنسيق والتفاهم بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم استقرار المنطقة.

مقالات مشابهة

  • عبدالله بن زايد يستقبل وزير خارجية بيرو ويبحثان تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين
  • عبدالله بن زايد ووزير خارجية بيرو يبحثان تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين
  • وزير الطوارئ يبحث مع وزير الداخلية القطري تعزيز الشراكة السورية القطرية
  • وزير الصناعة السعودي يبحث مع رئيس غرفة القاهرة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي
  • العراق وإيطاليا يؤكدان على تعزيز التعاون بين البلدين
  • رئيس النواب خلال استقباله نظيره المجري: حريصون على تعزيز العلاقات بين البلدين
  • ماتفيينكو: تعاون روسيا وجنوب إفريقيا في إطار “بريكس” يعزز الشراكة بين البلدين
  • العراق والأردن يؤكدان على تعزيز التعاون بين البلدين
  • العراق وأمريكا يؤكدان على تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين