كتب أستاذ العلوم السياسية والمؤرخ الفرنسي جان بيير فيليو أن الحصار المحكم الذي تفرضه إسرائيل منذ الثاني من مارس/آذار يوشك أن يحول قطاع غزة إلى "مقبرة جماعية"، في سياق حرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير المسبوقة في الشدة والعنف والمدة.

وأشار الكاتب -في عموده بصحيفة لوموند- إلى أن هذه الحرب، رغم تعهد نتنياهو مرارا بتحقيق "نصر شامل" فيها على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لم تعزز سوى قبضة الحركة على القطاع، وقضت على أي بديل سياسي أو اجتماعي لها، بل وخنق القصف المتواصل الاحتجاجات الأخيرة المناهضة لها.

وذكر فيليو بالإسرائيليين المحتجزين في غزة، وقال إن 24 منهم فقط ما زال يعتقد أنهم على قيد الحياة في غزة، وهذا يزيد من قلق أحبائهم، وأكد أن إطالة أمد الحرب لا يضمن سوى تماسك الائتلاف اليميني المتطرف، والحفاظ على سلطة نتنياهو، رغم المحاكمات والفضائح العديدة التي استهدفته.

وتابع أستاذ العلوم السياسية أن هذه الحرب التي أصبحت غاية في حد ذاتها لدى نتنياهو، دمرت قطاع غزة بالفعل، بعد قتل أكثر من 51 ألف شخص، مع عدد مماثل من الضحايا غير المباشرين بسبب الجوع والأوبئة، وانعدام الرعاية الصحية، والإرهاق العام للسكان، حيث يعاني حوالي 4 آلاف طفل من سوء تغذية حاد، في وقت يستمر فيه حصار الجيش الإسرائيلي المحكم للقطاع منذ ما يقرب من شهرين.

إعلان مجزرة 23 مارس/آذار

وما كانت كارثة إنسانية بهذا الحجم لتتواصل -حسب فيليو- لولا منع وسائل الإعلام الأجنبية من الوصول إلى قطاع غزة، وقتل نحو 200 صحفي فلسطيني، إضافة إلى قتل 400 من عمال الإغاثة، بينهم 15 عامل إنقاذ فلسطينيا في مدينة رفح، تعرضوا للقصف أثناء بحثهم عن زملائهم المفقودين، وأنكرت إسرائيل في البداية قتلهم، قبل أن تقر بعد شهر بوجود "أخطاء".

وبالفعل قامت مطالبات ملحة بإجراء تحقيقات مستقلة ودولية، ولكن إسرائيل رفضتها باستمرار، وحذرت مجموعة من 12 منظمة غير حكومية دولية من "انهيار تام" للمساعدات الإنسانية، في ظل غياب "ضمانات تمكن فرقنا من أداء عملها بأمان تام"، كما أدانت منظمة أطباء بلا حدود الغارات التي لم تعد تستثنى منها المواقع الإنسانية، وقالت إن "غزة أصبحت مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يهبون لمساعدتهم"، وأضافت "هذا ليس فشلا إنسانيا، بل خيار سياسي وهجوم متعمد على شعب، ينفذ في ظل إفلات تام من العقاب".

وحتى اللجنة الدولية للصليب الأحمر رفعت صوتها في أعقاب القصف الإسرائيلي الذي ألحق أضرارا بمبناها الرئيسي في قطاع غزة مرتين، وقالت إنها تدين "بأشد العبارات" أي إجراء يعوق قدرتها على تقديم "المساعدة والحماية لمئات الآلاف من الأشخاص الذين يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة في بيئة إنسانية متقلصة باستمرار".

وخلص فيليو إلى أن نتنياهو وحكومته يظهران، بمهاجمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، استخفافهم لا بالقانون الدولي الإنساني فقط، بل أيضا بحياة مواطنيهم المحتجزين في القطاع الفلسطيني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

اليونيسف: غزة تحوّلت إلى مقبرة أطفال.. يواجهون الموت والجوع بلا رحمة (فيديو)

حذّر الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، كاظم أبو خلف، من الكارثة الإنسانية التي يعيشها أطفال غزة، مشيرا إلى أن القطاع تحوّل إلى "مقبرة أطفال بشعة".

وأكد أبو خلف، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن "أطفال غزة يواجهون الموت والجوع والمرض بلا رحمة وسط دمار واسع ونقص حاد في الغذاء والدواء، في ظل استمرار الحرب. آلاف الوجوه البريئة أُطفئت أحلامها قسرا، وسط صمت عالمي يثقل قلوب الأمهات الثكالى والأطفال الجرحى".

وقال إن "قطاع غزة شهد مقتل أكبر عدد من الأطفال خلال الحروب في التاريخ الحديث؛ فهناك 15,613 طفلا قُتلوا في غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ومتوسط القتلى اليومي يُقدّر بحوالي 27.9 طفلا".


وأضاف الناطق الرسمي باسم "اليونيسف": "لا يوجد نزاع أو حرب يسقط فيه هذا العدد الهائل من الضحايا بشكل يومي إلا في قطاع غزة. الأرقام صادمة وتتحدث عن نفسها، وتعطي صورة قاتمة جدا لما يجري في القطاع".

وأشار إلى أنه "منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لم يخرج من قطاع غزة لغرض العلاج الطبي سوى 2000 شخص فقط، منهم 690 طفلا فقط، وهو معدل بطيء جدا، ولو استمرت سرعة الخروج لغرض العلاج الطبي بهذا المعدل ربما نحتاج إلى سنين طويلة لعلاج المصابين".

وأوضح الناطق باسم "اليونيسف"، أن "الوضع النفسي للأطفال في قطاع غزة سيء بامتياز؛ فالأطفال لا يسمعون إلا صوت القصف والدمار والاجتياحات، حتى المصطلحات التي أصبحت تجري على ألسنتهم هي مصطلحات لا ينبغي أن تجري على لسان الأطفال، وجميع هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى دعم نفسي بدرجات كبيرة ومتفاوتة".

وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيم مجمل وضع الأطفال في غزة حاليا؟

الوضع في قطاع غزة بشكل عام كارثي بامتياز، ونحن نتجه نحو الهاوية إذا استمر الحال على ما هو عليه اليوم، واليوم يمر أكثر من 58 يوما على توقف دخول المساعدات، والتي توقفت في الثاني من آذار/ مارس الماضي، وهي أطول فترة لا تدخل فيها المساعدات إلى قطاع غزة.

الناس بحاجة كبرى إلى كل أنواع المساعدات؛ فلا يدخل غذاء ولا ماء ولا دواء ولا أي شيء يخطر على البال، وفي المقابل هناك استئناف للعمل الحربي منذ الثامن عشر من آذار/ مارس.

وفي التاسع من آذار/ مارس أيضا قُطعت الكهرباء عن محطة تحلية المياه المركزية الموجودة في دير البلح، ما أدى إلى خفض ما تنتجه هذه المحطة من مياه صالحة للاستخدام الآدمي بنسبة 85%، وهو ما أثّر على مليون من الناس منهم 400 ألف طفل، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فنحن نتجه نحو نفق مظلم جدا على مرأى ومسمع من الناس، ومَن يدفع ثمن كل هذا بالدرجة الأولى هم الأطفال.

قطاع غزة تحوّل بكل أسف إلى "مقبرة أطفال بشعة"، والأطفال هناك يواجهون الموت والجوع والمرض بلا رحمة وسط دمار واسع ونقص حاد في الغذاء والدواء، في ظل استمرار الحرب. آلاف الوجوه البريئة أُطفئت أحلامها قسرا، وسط صمت عالمي يثقل قلوب الأمهات الثكالى والأطفال الجرحى.

ما آخر الإحصائيات التقريبية للأطفال القتلى والمصابين في غزة؟

نحن في اليونيسيف نحاول دائما أن نتحقق من المعلومات قبل أن نجعلها تصريحات رسمية، وفي أدنىالتقديرات نتحدث عن 15,613 (خمسة عشر ألفا وستمائة وثلاثة عشر) من الأطفال قُتلوا في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولو قُسِّم هذا الرقم على عدد أيام الحرب التي وصلت 18 شهرا تقريبا، فإن متوسط القتلى اليومي يُقدّر بحوالي 27.9 طفلا يسقط يوميا في قطاع غزة منذ أن بدأت الحرب.

أي نزاع في الدنيا يسقط فيه هذا العدد الهائل من الأطفال كل يوم؟، ولو أخذنا في الاعتبار الأرقام التي ترد في بعض التقارير حول عدد الضحايا من الأطفال وغيرهم ثم قسّمنا هذه الأرقام على عدد أيام الحرب فإن متوسط عدد القتلى والجرحى هو 299 شخصا يوميا بين قتيل وجريح منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

لا يوجد نزاع أو حرب يسقط فيه هذا العدد بشكل يومي إلا في قطاع غزة، فضلا عن ضياع العام الدراسي، والحاجة للإخلاءات الطبية، بالإضافة لأعداد المفقودين تحت الأنقاض، والأيتام، ومن فقدوا جميع ذويهم.. الأرقام صادمة وتتحدث عن نفسها، وتعطي صورة قاتمة جدا لما يجري في القطاع.

وماذا عن وضع الأطفال الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية؟

مسألة الأطفال الأسرى في السجون الإسرائيلية سواء كان الوضع في قطاع غزة أو في الضفة الغربية نتركها لجهات مختصة لتتبحر في هذه المسألة من جهة القانون الدولي، والتحويلات في حال تم الإفراج عنهم.

فأحيانا المعلومات تصل متأخرة، وأحيانا تصل مجتزأة، ونحاول التيقن من بعض الأرقام، ولكن ما نستطيع أن نؤكده وفق تعريفات اليونيسيف للأطفال بأن هناك من الأطفال مَن هو أسير لدى الجانب الإسرائيلي سواء من أطفال قطاع غزة أو من الضفة الغربية، وهذا ليس بجديد، وهو مدعاة لنؤكد على أهمية إطلاق سراح الأطفال، بل نتساءل لماذا يؤسر الطفل من الأساس، وهو ما يوضح جانبا آخر مما يجري من تعقيدات في المشهد الغزي أو المشهد الفلسطيني بشكل عام.

ما تداعيات العدوان الإسرائيلي على الحالة النفسية لأطفال غزة؟

الوضع النفسي للأطفال في قطاع غزة هو سيء بامتياز؛ فالأطفال لا يسمعون إلا صوت القصف والدمار والاجتياحات، حتىالمصطلحات التي أصبحت تجري على ألسنتهم هي مصطلحات لا ينبغي أن تجري على لسان الأطفال، فبدلا من تعلم الأبجدية والحساب والعلوم.. إلخ، تراهم يتحدثون عن أنواع الطائرات الحربية، وأنواع القصف، وهل هذا قصف جوي أم قصف مدفعي؟
  
بالمناسبة هناك 650 ألف طفل تقريبا في سن المدرسة في قطاع غزة، وإجمالي عدد الأطفال بحسب اليونيسيف 50% من سكان قطاع غزة، وجميعهم يحتاجون إلى دعم نفسي بدرجات متفاوتة، إلى هذا الحد المشهد الغزي مُعقّد بالنسبة للأطفال.

لو تحدثنا عن جهود اليونيسف الحالية في مواجهة الأزمة التي يعانيها أطفال غزة؟

منظمة اليونيسيف، وغيرها من المنظمات القائمة على عملية الاستجابة الإنسانية، سواء في المنظومة الأممية كمنظمة الصحة العالمية، أو برنامج الغذاء العالمي، أو الأونروا، وحتى المؤسسات الإنسانية غير المنتمية للمنظومة الأممية، الجميع يحاول جاهدا تقاسم الأدوار بحيث تقدم الخدمات بشكل أكثر فعالية.

في اليونيسيف لدينا ما نسميه «مساحات التعليم المؤقتة»، وهي عبارة عن خيام كبيرة تُقام في وسط تجمعات خيام النازحين، وندعو إليها الأطفال حتى يستعيدوا بعضا من ملامح الحياة الطبيعية للطفل. نود أن نعيد الطفل إلى المربع الذي يستيقظ فيه من النوم ليقول:"أنا ذاهب إلى المدرسة"، حتى لو كانت هذه المدرسة عبارة عن خيمة كبيرة، ولكن أحد التحديات الكبرى في هذا المجال أن تقع هذه الخيمة -التي نسميها مجازا مدرسة- في نطاق إخلاء جديد فنعود بانتكاسة في العملية التعليمية.

من التحديات أيضا عدم دخول الأدوات المدرسية، مثل الكراسات (القرطاسية) والأقلام وغيرها، وهي موجودة على الجانب الآخر من الحدود لكن لا يسمح لها بالدخول.

ومن المساعدات التي تقدمها اليونيسيف هي زيادة نسبة التطعيمات في قطاع غزة؛ فعدد أنواع التطعيمات الروتينية للأطفال 11 نوعا، وكانت متوفرة بنسبة 98% قبل الحرب، والآن انخفضت النسبة إلى ما دون 85%، وهذا ينذر بكارثة كبرى. لذا، سارعنا في القيام بثلاث جولات للتطعيم ضد شلل الأطفال دون سن العاشرة، وتمكنا من تطعيم 603 ألف من الأطفال المحتاجين لهذا النوع من التطعيم.

من جهة أخرى، تركزمنظمة الصحة العالمية على الإخلاءات الطبية؛ فحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية من 11 إلى 13 ألف شخص يحتاجون إلى إخلاء طبي، بينهم 4500 طفل (أربعة آلاف وخمسمائة).

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لم يخرج من قطاع غزة لغرض العلاج الطبي سوى 2000 شخص فقط، منهم 690 طفلا فقط، وهو معدل بطيء جدا، ولو استمرت سرعة الخروج لغرض العلاج الطبي بهذا المعدل ربما نحتاج إلى سنين طويلة لعلاج المصابين، وذلك فضلا عن الإصابة بالأمراض الأخرى كالإسهال، والنزلات التنفسية والمعوية، والحصبة والجدري، ولو نظرنا لوضع البنية التحتية والصرف الصحي، فالوضع سيء للغاية، فحدث ولا حرج.

هل تعرّضت فرق اليونيسف في غزة لانتهاكات مباشرة من قِبل إسرائيل؟

فرقنا بفضل الله حتى الآن لم تتعرض لحادث، ولكن هناك فرق كثيرة تعرضت لحوادث من قِبل الجانب الإسرائيلي.

إجمالي عدد العاملين في المجال الإنساني الذين سقطوا في قطاع غزة منذ بداية الحرب 408 شخصا، وكان النصيب الأكبر منهم من العاملين في الأمم المتحدة؛ فلم يسقط من العاملين في الأمم المتحدة منذ إنشائها في أي نزاع في العالم كما سقط في قطاع غزة.

قبل فترة قريبة قُصف مكتب تابع لمؤسسة تابعة للأمم المتحدة في قصف مدفعي إسرائيلي، نتج عنه إصابة 5 من الزملاء الأجانب، وقُتل أحدهم، والمصابون أصيبوا بجراح ستغير حياتهم؛ فمنهم مَن فقد يده، ومنهم مَن فقدقدمه.

منظمة الأونروا وحدها سقط منها ما لا يقل عن 300 من العاملين لديها، كما سقط في هذه الحرب عاملون من الصليب الأحمر، وصندوق التنمية الإنمائي التابع للأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية.

وحتى الآن في اليونيسيف -بفضل الله- لم نفقد أحدا، ولكن هذا أمر غير مضمون في غزة؛ فلا يوجد مكان آمن أو شخص آمن في هذا القطاع.

كيف تقيم دور المنظمات الدولية في مساعدة أطفال غزة وأبرز الصعوبات التي تواجه عملها؟

المنظمات الدولية في غزة تقتسم الأدوار؛ فنحن في اليونيسيف نركز بطبيعة تخصصنا على موضوع الأطفال، وتعليمهم، وصحتهم النفسية، أما منظمة الصحة العالمية فتركز على إخراجهم لغرض العلاج، أما الأونروا فتوزع التطعيمات.

نحن –على سبيل المثال- مثلا نستجلب التطعيمات ونقدمها للأونروا، وتقوم فرقها العاملة في العيادات، ومراكزها الصحية على تقديم التطعيمات للأطفال، أما برنامج الغذائي العالمي فيحاول الحصول على المكملات الغذائية من منظمة الصحة العالمية.

ونحن في اليونيسيف نحاول أن ندخل الأدوية والمستلزمات الطبية، ونحاول التركيز على الأطفال، لكن يجب أن نفرق بين ما يُعرف بأنه عملية استجابة إنسانية شاملة، وممنهجة، ومخطط لها وفق خطط معروفة ذات مغزى،وعملية استجابة إنسانية قائمة على إنقاذ الحياة فقط.

ما يجري الآن في قطاع غزة، ونتيجة لاستمرار إطلاق النار، تعتبر عملية استجابة إنسانية مُشوّشة تعتمد فقط على إنقاذ الحياة.

العملية الإنسانية الشاملة تكون وفق أصول وشروط، منها: وقف إطلاق النار، أو تخصيص مناطق آمنة، أو طرق آمنة لدخول الموارد والمساعدات، وحركة حرة للعاملين في المجال الإنساني، ودخول الوقود، وتوفير شبكة اتصالات.. كل هذه الأمور غير موجودة مطلقا في قطاع غزة، فلا يمكن لليونيسيف، أو غيرها من المؤسسات العاملة، الإدعاء بأنها تقوم بعملية استجابة إنسانية شاملة ذات مغزى، ومن هنا تحوّلنا إلى ما نسميه "عمليات إنقاذ حياة" في مجال الاستجابة الإنسانية.

برأيكم، مَن يمكنه التدخل لتوفير ما يكفي من الغذاء لأطفال غزة؟

الغذاء، والدواء، والوقود، والملابس، والأحذية، والتطعيمات، والمعدات الطبية، والحفاضات.. وكل ما يخطرببالك متوفر على الجانب الآخر من الحدود،ولكنه يتعفن في انتظار أن يُسمح له بالدخول؛ فالموارد موجودة ولكن ليست ذات فائدة إذا لم تدخل.

والسؤال هنا: مَن الذي يجب أن يدفع باتجاه دخول المساعدات حتى نستلمها نحن في المؤسسات الإنسانية، ومن ثم نقدمها لمَن يحتاجها، الجواب هو المجتمعالدولي، الذي على ما يبدو لا يزال يُصر على ألا يحرك ساكنا فيما يجري في غزة، ويكتفي بتصريحات إدانة تخرج من هنا وهناك على استحياء، بدلا من فرض الأمور فرضا، وزيادة الضغط على أطراف النزاع من أجل تحقيق وقف نهائي لإطلاق النار، أو على الأقل هدنة، وإلا فأضعف الإيمان توفير مناطق آمنة للمدنيين، وطرق آمنة وحركة سهلة للعاملين في المجال الإنساني.

كيف تُفسّر تقاعس المجتمع الدولي عن إدخال المساعدات إلى غزة؟

لا يوجد مَن يستطيع أن يُفسّر هذا التقاعس، وهذا الشلل الذي أصاب المجتمع الدولي تجاه يجري لنا، وكنا نراقب -وما زلنا- تبني الإعلام الغربي منذ اللحظة الأولى وبشكل عجيب للرواية الإسرائيلية، وانحيازه لها، ثم بدأ بعد ذلك شيئا فشيئا يتجه إلى حد ما نحو الحياد، بالرغم من كون الحياد الآن لم يعد يكفي؛ فالأصل أن تسلط الضوء بكل مهنية واستقلالية على أساس المشكلة، وعلى الاحتياج وما هو المطلوب.

رافق ذلك عجز عربي رسمي غريب، وربما غير مُستغرب، ومعه استكانة شعبية عربية هي الأغرب، لأن عادة الشعوب العربية أنها نابضة بالتعاطف لما يحصل في قطاع غزة؛ فما يحصل في القطاع يجلب التعاطف الإنساني من كل العالم، ومن المؤسف أننا نرى نشاط شعبي أجنبي في بلدان أوروبية، ولا نراها في بلدان عربية، وإن كانت فهي على استحياء وليست بالمستوى المطلوب.

في النهاية: القرار بيد القوى الوازنة، والفاعلة في المجتمع الدولي، التي بإمكانها فرض الأمور، وبالمناسبة ونحن بهذا الصدد نذكر الضغط الذي مارسه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عندما قال قبل استلام منصبه في كانون الثاني/ يناير الماضي: "أود أن أرى وقفا لإطلاق النار"، وقد تحقق وقف إطلاق النار حينها بالفعل.

فإذا كانت الأمور تتحقق بهذه السهولة فما الذي يمنع دفع الأمور دفعا لتحقيق ذلك، وإلى أن يحدث ذلك لا يوجد أمام في المؤسسات الإنسانية إلا الاستمرار في تقديم ما تستطيع تقديمه من استجابة إنسانية حتى تتهيأ الظروف لوقف إطلاق النار، أو وقف تام لهذه الحرب.

كيف تنظرون لمستقبل أطفال غزة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب؟

عندما تنتهي الحرب سيعكف الكثير من الناس على الاهتمام بالأطفال؛ لأنهم هم المستقبل، وهذا يحتاج إلى وقت طويل، وإلى موارد، ونعوّل كثيرا على "الروح" السائدة في قطاع غزة؛ فهو شعب يود أن يحيا، ولا يرى ذلك خيارا، لكنهم بحاجة إلى وقت، وبخاصة فيما يتعلق بمسألة الدعمالنفسي، والعمل على ترميم نفسية الأطفال؛ فقد رأوا في هذه الحرب -التي لم يبدأوها ولايستطيعوا إيقافها- ما لا يجب أن يراه أي طفل؛ فكل ما لا يجب أن يراه الأطفال رآه أطفال قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • العدل الدولية تواصل جلساتها لتقييم مسؤولية إسرائيل بشأن عمل المنظمات الإنسانية بفلسطين
  • غزة تواجه المجاعة: 700 ألف بلا طعام وتحذيرات من تحول القطاع إلى مقبرة جماعية
  • الجزائر: "إسرائيل" ملزمة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • منظمة العفو الدولية: “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية على الهواء مباشرة
  • العفو الدولية: “إسرائيل” ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في قطاع غزة
  • اليونيسف: غزة تحوّلت إلى مقبرة أطفال.. يواجهون الموت والجوع بلا رحمة (فيديو)
  • ممثلة مصر أمام العدل الدولية: إسرائيل قامت بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل ممنهج
  • عاجل - فلسطين أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل تنفذ إبادة جماعية بحق أطفال غزة
  • عاجل - محكمة العدل الدولية تبدأ جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين