سودانايل:
2025-04-29@04:28:49 GMT

حرب السَّفاهة والسُّفَهاء

تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT

الحربُ، حين تُدارُ بأطرافٍ عسكريّةٍ محليّة، وتُخلِّف وراءها الفوضى والخراب، تُشكِّل بلا شكٍّ لحظةً من لحظاتِ الانحطاطِ الكبرى في تجاربِ الشعوب. لكنّ حربنا هذه – كما تثبت الأيام يومًا بعد يوم – ليست مجرّد حربِ انحطاط، بل هي أيضًا حربُ سفاهة، يقودها سُفَهاء، أبت الحركة الإسلامويّة بشقّيها إلّا أن تُقدِّمها لنا كعرضٍ صارخٍ لتدنّي خِدماتها الأخلاقيّة والثقافيّة.



لقد كشفت هذه الحرب، وعبر وسائط التواصل الاجتماعي، عن خروقاتٍ أخلاقيّةٍ غير مسبوقة. فمن تنامي ظاهرة من يُطلَق عليهنّ "القونات"، وما يُقابلها من رجالٍ يَتباهَون بالتماهي مع أنماط سلوكيّة مخنّثة وسوقيّة، إلى مشاهد للسكر والعري، تُبثّ بلا رقابة ولا وازع، وصولًا إلى القمّة: رأس المؤسسة العسكريّة، الذي ظهر على العلن يَكيل السبابَ والشتائم لقادة "الحرية والتغيير"، وغيرهم، بعباراتٍ نابيةٍ، لم تقتصر على اللغة المنطوقة، بل شملت أيضًا لغةَ الجسد، في انحدار غير مسبوق لهيبة القيادة العسكريّة.

بالأمس القريب، تجاوزنا عتبةً أخرى في هذا التدهور، عندما رأينا القائد العام للجيش، في مدينة الدندر، يُعانق أحد رموز الصفاقة والسفاهة الإعلاميّة – شخصًا اشتهر بعباراته المنحطّة وأسلوبه المستفز – ويقول له ضاحكًا: *"أنا أوّل ما وصلت، قلت ليهم شوفوا لي حماد ده!"*
لم يسأل القائد " الهمام " عن مقابر جنوده المدفونين هناك او عن اسرهم لتعزية افرادها المكلومين، بل عن اشهر سفيه في المنطقة لكى يسمعه ما وراء الكاميرات عباراته البذيئة.
لقد كان من الطبيعي، بل من الواجب القانوني والأخلاقي، أن يأمر سيادة القائد العام باعتقال حماد عبد الله – هكذا اسمه- لما صدر عنه من سبّ علني وإساءة للذوق العام، حتى لو كانت موجّهة لخصوم سياسيين وعسكريين كالـ"دعم السريع". فالقانون لا يُفصَّل على مقاس الولاءات، بل يُطبَّق على الجميع دون تمييز. لكن ما حدث كان العكس تمامًا: احتفاء، وربما تكريم، وإكراميّات تُقدَّم في الخفاء.

إنّ ما تفعله هذه القيادات ليس فقط تجاوزًا للقيم، بل تدميرٌ صريح لصورة القيادة نفسها. أولئك الذين سلّطتهم علينا الحركة الإسلامويّة، ما كان لهم أن يتجاهلوا حقوق هذا الشعب، وأهمّها: الأمن، والسلام، والكرامة. لكنّهم، عوضًا عن صون هذه الواجبات، تجاوزوها إلى ما هو أسوأ: نشرُ الفُجور، والترويجُ للرزيلة، وتطبيعُ السفاهة، دون أدنى حياء، أو خجل، أو إحساس بالمسؤولية عن التأثير العميق على الأجيال الناشئة.

هذه – بلا شك – ليست حربًا عسكريّة فقط، بل حربُ انهيارٍ أخلاقيّ، حربُ غياب القدوة، وضياع الحكماء، وتقدّم الفُجّار على المنابر، يُشكّلون الذوق العام، ويصوغون سلوك المجتمع بأسوأ النماذج. وهي، في غيّها هذا، لا تهدّد الحاضر فحسب، بل تنذرُ بخطرٍ عظيم على المستقبل: خطر الفساد الخُلقيّ الذي يهدّ أركان البلاد من الداخل، ويجعلها مستباحة لكلّ رياح الفوضى والانهيار.

ما يجب أن يكون عليه القادة:
في الأوقات العصيبة، تتعلّق أعين الشعوب بقادتها، لا لتسمع خطبهم فحسب، بل لترى فيهم القدوة. القائد السياسي أو العسكري ليس مجرّد مُنفِّذ للقرارات أو متحدِّث باسم الدولة، بل هو رمزٌ للقيم العليا: الانضباط، الترفّع، النزاهة، السموّ في اللفظ والسلوك. عليه أن يُمثّل كرامة الدولة لا أن يهدمها، أن يُربّي الأجيال لا أن يُفسدهم، أن يكون حارسًا للوعي، لا تاجرًا في سوق الابتذال.

القيادة مسؤولية أخلاقيّة قبل أن تكون منصبًا. وحين يفقد القائد اتزانه الأخلاقي، ينفرط عقد المجتمع، وتُكسر هيبة الدولة، ويُفتَح الباب واسعًا أمام كل من هبّ ودبّ ليعتلي المشهد ، فيَسُبَّ ويَلعَنَ كما يَشاء.

wagdik@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

نعيم قاسم: الاعتداء على الضاحية الجنوبية جاء لتثبيت قواعد للاحتلال

أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، اليوم الإثنين، أن الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس جاء لتثبيت قواعد إسرائيلية معينة وميزة هذا الاعتداء أنه نفذ "بإذن أمريكي".

وأعلن نعيم قاسم أن حزب الله يدعم رئيسي الجمهورية والحكومة في لبنان لوقف الاعتداءات وإعادة الاعمار وبناء الدولة ولن نستمع لمروجي الفتنة.

وأشار الأمين العام لحزب الله إلى أن الدولة تأخرت في إعادة الإعمار وعدم الإعمار يعني استهداف "مكوّن أساسي" في البلاد، مضيفا أن بعض المسؤولين يقولون للمبعوثين إننا حاضرون لحصر السلاح في وقت لم يطبق الطرف الآخر ما عليه.

ولفت إلى أن الغارة الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداء سياسي من دون مبرر، منوها بأن تحرك الدولة اللبنانية "ناعم" بوجه الاعتداءات الإسرائيلية وعليها التحرك بشكل أوسع.

وأوضح قاسم أن الأولوية اليوم هي لوقف العدوان الإسرائيلي والانسحاب من جنوب لبنان والافراج عن الأسرى.

طباعة شارك نعيم قاسم الاعتداء على الضاحية الجنوبية تثبيت قواعد إسرائيلية قواعد إسرائيلية الأمين العام لحزب الله إعادة الإعمار حصر السلاح الغارة الإسرائيلية

مقالات مشابهة

  • رفض تسليم السلاح يعيق انطلاقة الدولة ويهدِّد الاستقرار العام
  • 6.2 مليون شخص يستفيدون من أضاحي «الهلال الإماراتي» 2025
  • سلطان بن حمدان: إنجازات هجن الرئاسة ثمرة دعم القيادة الرشيدة
  • نعيم قاسم: الاعتداء على الضاحية الجنوبية جاء لتثبيت قواعد للاحتلال
  • حزب الله: الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت "اعتداء سياسي"
  • عفة القائد وفساد الزبانية ..!
  • بالصور | الفريق صدام خليفة يطلع على استعدادات قوة العمليات الخاصة 87 لحماية الشريط الحدودي
  • بعد 6 سنين عشرة.. حمو بيكا يتعرض للخـ..يانة والسـ..رقة