صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-30@07:40:38 GMT

حرب السَّفاهة والسُّفَهاء

تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT

حرب السَّفاهة والسُّفَهاء

 

حرب السَّفاهة والسُّفَهاء

وجدي كامل

الحربُ، حين تُدارُ بأطرافٍ عسكريّةٍ محليّة، وتُخلِّف وراءها الفوضى والخراب، تُشكِّل بلا شكٍّ لحظةً من لحظاتِ الانحطاطِ الكبرى في تجاربِ الشعوب. لكنّ حربنا هذه – كما تثبت الأيام يومًا بعد يوم – ليست مجرّد حربِ انحطاط، بل هي أيضًا حربُ سفاهة، يقودها سُفَهاء، أبت الحركة الإسلامويّة بشقّيها إلّا أن تُقدِّمها لنا كعرضٍ صارخٍ لتدنّي خِدماتها الأخلاقيّة والثقافيّة.

لقد كشفت هذه الحرب، وعبر وسائط التواصل الاجتماعي، عن خروقاتٍ أخلاقيّةٍ غير مسبوقة. فمن تنامي ظاهرة من يُطلَق عليهنّ “القونات”، وما يُقابلها من رجالٍ يَتباهَون بالتماهي مع أنماط سلوكيّة مخنّثة وسوقيّة، إلى مشاهد للسكر والعري، تُبثّ بلا رقابة ولا وازع، وصولًا إلى القمّة: رأس المؤسسة العسكريّة، الذي ظهر على العلن يَكيل السبابَ والشتائم لقادة “الحرية والتغيير”، وغيرهم، بعباراتٍ نابيةٍ، لم تقتصر على اللغة المنطوقة، بل شملت أيضًا لغةَ الجسد، في انحدار غير مسبوق لهيبة القيادة العسكريّة.

بالأمس القريب، تجاوزنا عتبةً أخرى في هذا التدهور، عندما رأينا القائد العام للجيش، في مدينة الدندر، يُعانق أحد رموز الصفاقة والسفاهة الإعلاميّة – شخصًا اشتهر بعباراته المنحطّة وأسلوبه المستفز – ويقول له ضاحكًا: “أنا أوّل ما وصلت، قلت ليهم شوفوا لي حماد ده!”
لم يسأل القائد ” الهمام ” عن مقابر جنوده المدفونين هناك او عن اسرهم لتعزية افرادها المكلومين، بل عن اشهر سفيه في المنطقة لكى يسمعه ما وراء الكاميرات عباراته البذيئة.
لقد كان من الطبيعي، بل من الواجب القانوني والأخلاقي، أن يأمر سيادة القائد العام باعتقال حماد عبد الله – هكذا اسمه- لما صدر عنه من سبّ علني وإساءة للذوق العام، حتى لو كانت موجّهة لخصوم سياسيين وعسكريين كالـ”دعم السريع”. فالقانون لا يُفصَّل على مقاس الولاءات، بل يُطبَّق على الجميع دون تمييز. لكن ما حدث كان العكس تمامًا: احتفاء، وربما تكريم، وإكراميّات تُقدَّم في الخفاء.

إنّ ما تفعله هذه القيادات ليس فقط تجاوزًا للقيم، بل تدميرٌ صريح لصورة القيادة نفسها. أولئك الذين سلّطتهم علينا الحركة الإسلامويّة، ما كان لهم أن يتجاهلوا حقوق هذا الشعب، وأهمّها: الأمن، والسلام، والكرامة. لكنّهم، عوضًا عن صون هذه الواجبات، تجاوزوها إلى ما هو أسوأ: نشرُ الفُجور، والترويجُ للرزيلة، وتطبيعُ السفاهة، دون أدنى حياء، أو خجل، أو إحساس بالمسؤولية عن التأثير العميق على الأجيال الناشئة.

هذه – بلا شك – ليست حربًا عسكريّة فقط، بل حربُ انهيارٍ أخلاقيّ، حربُ غياب القدوة، وضياع الحكماء، وتقدّم الفُجّار على المنابر، يُشكّلون الذوق العام، ويصوغون سلوك المجتمع بأسوأ النماذج. وهي، في غيّها هذا، لا تهدّد الحاضر فحسب، بل تنذرُ بخطرٍ عظيم على المستقبل: خطر الفساد الخُلقيّ الذي يهدّ أركان البلاد من الداخل، ويجعلها مستباحة لكلّ رياح الفوضى والانهيار.

ما يجب أن يكون عليه القادة:

في الأوقات العصيبة، تتعلّق أعين الشعوب بقادتها، لا لتسمع خطبهم فحسب، بل لترى فيهم القدوة. القائد السياسي أو العسكري ليس مجرّد مُنفِّذ للقرارات أو متحدِّث باسم الدولة، بل هو رمزٌ للقيم العليا: الانضباط، الترفّع، النزاهة، السموّ في اللفظ والسلوك. عليه أن يُمثّل كرامة الدولة لا أن يهدمها، أن يُربّي الأجيال لا أن يُفسدهم، أن يكون حارسًا للوعي، لا تاجرًا في سوق الابتذال.

القيادة مسؤولية أخلاقيّة قبل أن تكون منصبًا. وحين يفقد القائد اتزانه الأخلاقي، ينفرط عقد المجتمع، وتُكسر هيبة الدولة، ويُفتَح الباب واسعًا أمام كل من هبّ ودبّ ليعتلي المشهد ، فيَسُبَّ ويَلعَنَ كما يَشاء.

الوسومالترويج للرزيلة السفاهة السفهاء الفجور القائد القدوة القيادة القيم حرب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السفاهة السفهاء الفجور القائد القدوة القيادة القيم حرب

إقرأ أيضاً:

محافظة صنعاء تحيي الذكرى السنوية للصرخة

يمانيون../
نظّمَ القطاعُ التربوي بمحافظة صنعاءَ، اليوم الأحد، فعاليةً خِطابيةً وثقافيةً؛ إحياءً للذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبِرين.

وخلال الفعالية، أكّـد أمينُ عام المجلس المحلي بالمحافظة عبدُ القادر الجيلاني، على أهميّةِ إحياءِ ذكرى الصرخة لترسيخِ المشروعِ القرآني الذي جاء به الشهيدُ القائدُ السيد حسين بدر الدين الحوثي، وتجسيده في الواقعِ وتعزيز مفهوم الولاءِ لله ورسولِه والمؤمنين.

وأشَارَ الجيلاني إلى أن “الشهيدَ القائدَ أعاد الأُمَّــةَ إلى مسارِها الصحيح بوقوفِه في وجه قوى الاستكبار”، مبينًا أن “شِعارَ الصرخة كشف أعداءَ الأُمَّــة”، داعيًا إلى فَهم معاني الشعار وتجسيده عمليًّا كمشروع نهضوي في مختلف الجوانب.

وخلال الفعالية تطرّق وكيلُ المحافظة لقطاع التربية والشباب طالب دحَّان إلى منطلقاتِ ودلالاتِ ومعاني الشعار وأثرِه على أعداء الأُمَّــة، مبينًا أن “الشعارَ انطلق من واقع الشعور بالمسؤولية والمعاناة والبراءة من أعداء الله”، لافتًا إلى أن “الشهيد القائد استطاع من خلالِ المشروعِ القرآني الذي أسَّسَه وشعار الصرخة، تحطيمَ جِدار الصمت والخوف في زمن كانت الأُمَّــةُ تعيشُ في خنوعٍ وخضوعٍ لقوى الهيمنة والاستكبار”.

ولفت دحان إلى أن “الشعارَ يمثِّلُ سلاحًا وموقفًا في مواجهةِ الأعداءِ المستكبرين”، مُشيرًا إلى أن “الأعداء حاولوا القَضاءَ على هذا المشروع منذُ أن صَدَحَ به الشهيدُ القائدُ السيد حسين بدر الدين الحوثي، وأنه لا يزال يشكِّلُ لهم مصدرَ قلقٍ وإزعاجٍ حتى يومنا هذا”.

مقالات مشابهة

  • ثورة ديسبمر لا تملك أي رصيد أخلاقي
  • أبرز ما ورد في خطاب رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الخدمة المدنية
  • القوّات تفتح النار على عون… والسّجال يتخطّى حدود السياسة!
  • منفذ مجزرة الصالحة، القائد في مليشيا الدعم السريع، يخرج للدفاع عن فعلته!
  • محافظة صنعاء تحيي الذكرى السنوية للصرخة
  • عفة القائد وفساد الزبانية ..!
  • بالصور | الفريق صدام خليفة يطلع على استعدادات قوة العمليات الخاصة 87 لحماية الشريط الحدودي
  • القائد وفهم سيكلوجيا الجماهير