قصص من واقع حرب السودان.. فواجع وصمود وسط الدمار
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
الخرطوم– كانت الساعة تقترب من الواحدة ظهر الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد نحو 5 أشهر ونصف الشهر من اندلاع الحرب في السودان، عندما تلقى طه حمدنا الله عباس، من سكان حي الثورة بمدينة أم درمان، اتصالًا هاتفيًا حمل إليه خبرًا صاعقًا.
وبينما كان يستقل وسيلة مواصلات عامة داخل المدينة، جاءه صوت يخبره بأن قذائف سقطت على الحي الذي يسكنه، وطُلب منه العودة فورًا.
وعند وصوله إلى منزله، فوجئ بمشهد مأساوي، فقد سقطت دانة (قذيفة) على منزله مباشرة، وأودت بحياة ابنه أحمد (24 عامًا) وابنته هنادي (26 عامًا) وطفليها مصطفى (6 أعوام) وهيام (نحو عام واحد) وتحولت الأخيرة إلى أشلاء تحت قوة الانفجار.
وكانت قوة الانفجار هائلة لدرجة أنها أحدثت حفرة واسعة في الأرض وأزالت جدارًا كاملًا من المنزل، ولم يقتصر أثر الدمار على البناء، بل امتد إلى نفوس الأهالي الذين تدافعوا إلى المنزل، والوجوم يعلو وجوههم مع انتشار الحزن والخوف.
ورغم فداحة المصاب، أذهل طه حمدنا الله الحاضرين بثباته ورباطة جأشه منذ اللحظات الأولى، مؤكدًا مرارًا أنه لن يغادر منزله مهما كانت الخسائر، حتى لو فقد جميع أفراد أسرته، بحسب روايات شهود العيان الذين التقتهم الجزيرة نت.
إعلان اختبار الصبرلم تختلف قصة آسيا الفاضل يحيى كثيرًا عن مآسي الحرب الأخرى، فالمعلمة المتقاعدة التي تسكن حي أبو كدوك بأم درمان، قررت منذ بداية الحرب البقاء في منزلها، رافضة مغادرته رغم توسلات أشقائها وأقاربها.
ورغم استمرار القصف العنيف من مواقع قريبة لقوات الدعم السريع، فقد اعتادت آسيا على أصوات المدافع والرصاص حتى باتت قادرة على تمييز أنواع الأسلحة من دويها، كما قالت للجزيرة نت.
وكانت آسيا تعيش مع بناتها الثلاث وأسرتين أخريين بالمنزل نفسه، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه المتواصل، لجؤوا إلى الجلوس تحت الأشجار المحيطة بالمنزل للتهوية، مستفيدين من وجود قوات من الجيش السوداني والمستنفرين الذين كانوا يتمركزون قرب الحي.
لكن ذلك أثار استياء عناصر الدعم السريع الذين أطلقوا الرصاص عدة مرات صوب الأشجار لتحذير الأسر من التجمع هناك.
وفي أحد الأيام، وبينما كانت آسيا تتحدث مع شقيقتها عبر الهاتف بعد صلاة المغرب، أصابتها رصاصة طائشة اخترقت يدها، ونزفت بغزارة قبل أن تُسعف إلى مستشفى قريب.
ورغم هذا الحادث، وتمسك أسرتها بمغادرتها أم درمان، بقيت آسيا مصرة على قرارها بالبقاء في منزلها، ولا تزال مرابطة فيه حتى اليوم.
نزوح تحت تهديد السلاحفي مشهد آخر من مشاهد الحرب، عايش عبد الودود يوسف عبد القادر، من قرية تمبول شرقي ولاية الجزيرة، يومًا عصيبًا في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما تعرضت قريته لهجوم عنيف شنته قوات الدعم السريع، ردًا على انشقاق قائد قطاع الجزيرة التابع لها، بقيادة أبو عاقلة كيكل، وانضمامه إلى صفوف الجيش السوداني.
عبد الودود، الذي كان ضمن مئات النازحين من القرية، وصف للجزيرة نت مشاهد مأساوية حيث "دخل عناصر الدعم السريع إلى المنازل وهم يصوبون أسلحتهم نحو الرجال والنساء والأطفال، مارسوا النهب والحرق والاغتصاب، وطالبوا السكان بتسليم الأموال والذهب، ومن اعترض على ذلك قُتل على الفور".
إعلانواضطر عبد الودود مع 17 أسرة أخرى إلى الفرار باستخدام شاحنة متهالكة، وسط موجات بشرية هائلة من الفارين على الطرقات.
وكانت أولى محطاتهم بمنطقة أبو دليق حيث استقبلتهم قبيلة البطاحين، وواصلوا طريقهم صوب مدينة شندي شمالي السودان التي قدم أهاليها لهم التكايا والمبادرات الخيرية المساعدة، ثم أكملوا رحلتهم إلى أم درمان بحثًا عن الأمان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
القاهرة: حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الخميس من أن مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان أصبح “شبه خال”، بعد أقلّ من أسبوعين على سيطرة قوات الدعم السريع عليه في خضم الحرب الدائرة بينها وبين الجيش، وأفاد المكتب بفرار مئات آلاف الأشخاص هربا من المجاعة التي تضرب المخيم إلى مناطق مجاورة، ولا سيما مدينة الفاشر التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ أشهر والتي تُعدّ آخر مدينة كبرى في إقليم دارفور (غرب) ما زال الجيش يسيطر عليها.
وجاء في بيان لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن “مخيم زمزم للنازحين والذي كان يؤوي 400 ألف شخص على الأقلّ قبل النزوح، أصبح شبه خال”، وأضاف أن صورا التقطتها أقمار اصطناعية تظهر اندلاع حرائق هناك، مع ورود تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع تمنع البعض من المغادرة.
ووفق البيان فإن “النزوح من زمزم بصدد التمدّد إلى وجهات عدة… ووصل نحو 150 ألف نازح إلى مدينة الفاشر، كما انتقل 181 ألف شخص آخرين إلى طويلة”.
واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان 2023، وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم ولايات البلد المترامي الأطراف.
وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى، وأدت إلى تشريد 13 مليون شخص، وتسبّبت، وفق الأمم المتحدة، بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق.
ومخيم زمزم كان أول مكان تعلن فيه المجاعة في السودان في أغسطس/ آب الماضي.
وبحلول ديسمبر/ كانون الأول امتدت المجاعة إلى مخيمين آخرين في دارفور وفق تقييم مدعوم من الأمم المتحدة.
واشتدت المعارك في إقليم دارفور غرب السودان بعد إعلان الجيش استعادته السيطرة على العاصمة الخرطوم.
(أ ف ب)