كريمة أبو العينين تكتب: الموت من الداخل
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
فى واحدة من أجمل ما كتب الأديب الأمريكي العالمي إرنست همنجواي ما قاله على لسان أحد أبطال رواياته وهو ينظر إلى المرآة ويقول : بالطبع ما أراه الآن هو ما تبقى منى ، فقد مات كلي جزءا وراء الآخر ، مت يوم إن ودعتني أمي ولم أدر كيف تركتني فى هذا الفراغ العمري، لم أشبع منها بعد ، وازداد موتي حينما لحقها أبي وصرت بلا سند ولا داعم حقيقي، ثم أخذني الموت أخذا حينما مات ابني لم أكن أدرك ولم أتذوق طعما مرا بمثل طعم فقدان فلذة كبدي، والآن أنظر إلى نفسي كي أتأكد أنني خارج القبر مع أنني دخلته منذ زمن … بهذا الوصف العبقري والمشاعر الصادقة تستطيع أن تقيس عليها بعضا من الوجوه بل أكثر من الوجوه وليس بعضا فى الشوارع ووسائل المواصلات والجيران وزملاء العمل ، وبالطبع إذا نظرت إلى نفسك ستجد ثمة عامل مشترك بينك وبين كل هؤلاء وهو أنك وأنهم وأننا كلنا بلا استثناء مات فينا جزء وربما أجزاء وكلنا أموات من الداخل وفي انتظار الموت النهائي وتوديع الحياة وبداية الحياة الأخرى والتي وصفها الخالق بالقول" يا ليتني قدمت لحياتي" فما نعيشه ليس حياة ولكنه موتا بالبطيء يبدأ بالفقد الجزئى فيموت منك عضو وشعور ومقوم من مقومات مواصلة العيش والتأقلم مع ما يسمى بهذه الدنيا.
الموت على أجزاء هو أكثر أنواع الموت ألما وجرحا فهو يفرغك من داخلك فتصبح مجرد شكل بلا قلب لأن قلبك قد مات حزنا مع كل فقد وفقدان.
الموت من الداخل من الممكن ان يحدث بالخذلان وليس بالفقد الموتى ، فالغدر والخيانة سكينا يغرس فى قلب قلبك ويجعلك تنزف من الداخل ويصبح وجهك مكسورا منكسرا وتصاب بكسرة القلب التي تنتزع منك شرايين حياتك وبقاءك متماسكا صلبا ، وحينما يغدر بك أو أن يخونك من وثقت به وسلمت له كل صمام عمرك وسعادتك حينها تصبح قشرة باهتة صدئة بعد أن كنت ذهبا لامعا تشع سعادة وإقبال على الحياة.
الموت من الداخل ليس فقط موت أفراد ولكنه موت دول ايضا فالولايات المتحدة بدأت مرحلة الموت من الداخل منذ طوفان الاقصى وربما قبلها بقليل فرغم التقدم والهيمنة إلا أن المواطن الأمريكي متشقق من الداخل شأنه شأن كل الدول التى تجمع عرقيات كثيرة وغرور أكبر ، الأمريكي بدأ يشعر بالاستنزاف الصهيونى وبأنه مضطر أن يدفع من ضرائبه ومن صورته أمام العالم ليرضي إسرائيل وبني صهيون ، الوضع هناك أصبح يحمل علامة استفهام كبيرة تبحث عن إجابة مقنعة ومرضية لمعظم الأمريكيين والتى قد تكون مسمار فى نعش الامبراطورية الامريكية ومعولا لهدمها وتفككها ليحل محلها امبراطورية اخرى بالطبع الصين تعد نفسا لهذه المرحلة منذ فترة ومن الان فصاعدا . اسرائيل ذلك الكيان المغتصب يموت من الداخل ويحضرني هنا حوار قاله زميل دراسة فى الجامعة الأمريكية كان يهودى الديانة ويحمل جنسية امريكية اسرائيلية مزدوجة . ديفيد قال ان لايوجد من يسمح او يرضى او يوافق على اقامة الدولة الفلسطينية ، لان ذلك معناه تآكل المواطنين اليهود من انفسهم وبأنفسهم ، لان الوضع السكانى فى اسرائيل يجمع طبقات متفاوتة من اليهود ودرجات من التقدير المجتمعى وفى المقابل هناك منظومة سياسية تعمل منذ بداية المجتمع اليهودى واقامة الدولة اليهودية تعمل على مفهوم واحد وهو ان هناك عدوا يريد ان يخرجك من هذه الارض ويعود اليها هذا العدو هو الفلسطينى ، فاذا ماتم اقامة دولة لهم وعاشوا فى سلام وامن فان الاسرائيليون سيتفرغون لانفسهم وستقوم فتنة بسبب التنوع الديموجرافى فاليهود درجات منهم المميز ومنهم الخادم الشحات ولذا فحينها سيصبح الوضع مخيفا وستندلع الخلافات والمواجهات التى ستنتهى بنهاية دولتنا . كلام ديفيد اتذكره وانا اتحدث عن الموت من الداخل لان بوادره ظهرت منذ طوفان الاقصى وراينا وقرأنا مايأتى به الداخل الاسرائيلي من نزاعات وتخبط واختلافات .. الموت من الداخل ليس مجرد حالة او شعور او هرمونات ولكنه مرحلة من المراحل التى تشبه القشة التى تقطم ظهر البعير لانها تانى فى وقت وتوقيت يصعب التنبؤ بما سيخلفه هذا الموت الداخلى .. اللهم خفف عنا أقدارنا وخذنا موتة واحدة وليست على اجزاء ولا من الداخل ..
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود.. إلغاء مسيرة العودة السنوية بالداخل الفلسطيني المحتل (شاهد)
للمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، أُلغيت "مسيرة العودة" السنوية التي دأبت جمعية الدفاع عن حقوق المهجَّرين على تنظيمها بمشاركة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الداخل المحتل.
وجاء الإلغاء هذا العام نتيجة "حملة تحريض عنصرية" و"شروط تعجيزية" فرضتها شرطة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب بيان صادر عن الجمعية المنظمة.
وتُعد جمعية الدفاع عن حقوق المهجَّرين، وهي مؤسسة أهلية غير ربحية مسجلة رسميًا في الداخل المحتل٬ الجهة المسؤولة عن تنظيم المسيرة منذ انطلاقها عام 1997 بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وهي الهيئة التمثيلية العليا لفلسطينيي الداخل.
وتختار الجمعية في كل عام إحدى القرى الفلسطينية المهجَّرة منذ نكبة عام 1948، لتنظيم مسيرة إليها مصحوبة بفعاليات ثقافية وتوعوية تهدف إلى ترسيخ الذاكرة الجماعية ونقلها إلى الأجيال الجديدة.
وقد شكل قرار الإلغاء هذا العام صدمة للأوساط الفلسطينية في الداخل، خصوصًا أنه يتزامن مع احتفالات الاحتلال الإسرائيلي بذكرى إعلان قيامه، ما يضفي طابعًا رمزيًا إضافيًا على هذه المسيرة التي تحولت عبر 28 عامًا إلى مناسبة وطنية بارزة للعرب الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة.
وفي بيانها، أوضحت الجمعية أن مساعيها للحصول على التصاريح الرسمية اصطدمت بعراقيل "ممنهجة" وشروط وصفتها بأنها "غير مسبوقة"، شملت منع رفع العلم الفلسطيني خلال المسيرة، وتحديد عدد المشاركين بعدد محدود لا يتجاوز المئات، فضلًا عن تهديد الشرطة بالتدخل لفرض هذه القيود بالقوة خلال الفعالية ومهرجانها الختامي.
وأضاف البيان أن هذه الممارسات أكدت وجود "مخطط مبيّت لاستهداف سلامة المشاركين"، ما دفع الجمعية إلى اتخاذ قرار بإلغاء المسيرة حفاظًا على أرواحهم، مع الإعلان عن تنظيم فعاليات بديلة، تشمل زيارات ميدانية إلى القرى المهجَّرة يوم الخميس المقبل.