من لم يقتله القصف قتله الجوع.. المجاعة تفتك بقطاع غزة
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
بدأ شبح المجاعة يطل بوجهه القبيح على سكان قطاع غزة المحاصر ويفتك بأطفاله واحد تلو الآخر، وبات سكانه مقبلون على أيام حرجة بعد أن أغلقت المخابز أبوابها لنفاد الدقيق، واستنفد برنامج الأغذية العالمي إمدادات الغذاء لديه مع شُح في مياه الشرب.
حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ عام ونصف العام لا تقتصر على القصف الصاروخي والمدفعي المستمر للبشر والحجر دون تمييز بين صغير أو كبير، بل تخطت ذلك إلى استهداف كل ما يضمن فناء السكان، فمن لم يُستشهد بالقصف قتله الجوع أو نقص العلاج.
فالغارات الإسرائيلية على القطاع لا تتوقف منذ شهرين مع عمليات برية وأوامر نزوح تدفع الناس إلى مغادرة ديارهم باستمرار، إلى جانب اكتظاظ ما تبقى من مستشفيات عاملة، ونفاد الإمدادات الطبية العاجلة، وفوق كل ذلك بدأ الجوع ومعدلات سوء التغذية في الارتفاع بشكل مهول في ظل مستودعات أغذية فارغة ومخابز مغلقة.
وتعمد جيش الاحتلال إغلاق كافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة بأمر مباشر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومنع دخول آلاف شاحنات المساعدات التي تنتظر العبور، وإمعانا في الإبادة استهدف جيش الاحتلال المخابز ومستودعات الطعام ليقتلهم جوعا، بعد أن استهدف من قبل محطات تحلية المياه ليميتهم عطشا.
إعلان قلق دوليهذه الكارثة المقبلة على القطاع، الذي يعاني أصلا من كوارث متراكمة، باتت تقلق المنظمات الإنسانية الدولية، فقد كشفت دراسة جديدة أن سكان غزة فقدوا ما معدله 18 كيلوغراما بسبب سياسة التجويع الممنهجة واضطر الناجون إلى أكل أعلاف الحيوانات وغيرها من البدائل مما تسبب في أمراض وأضرار صحية كبيرة.
فقبل أيام حذر برنامج الأغذية العالمي من أنه استنفد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة جراء الحصار، وكشف عن توقف جميع المخابز الـ25 المدعومة من البرنامج منذ 31 مارس/آذار الماضي، بسبب نفاد الدقيق ووقود الطهي. كما لفت إلى عدم دخول أي مساعدات إنسانية للقطاع منذ أكثر من 7 أسابيع بسبب إغلاق المعابر.
هذا التحذير وجد صداه لدى رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالأمم المتحدة، جوناثان ويتال، الذي صرح بأن الأيام المقبلة ستكون حرجة في غزة في ظل عدم دخول المساعدات، وأكد أن الذين لا يقتلون بالقنابل والرصاص في القطاع يموتون ببطء بسبب إغلاق المعابر.
منسقة الشؤون الإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة أوكسفام، روث جيمس، قالت أيضا إن أوكسفام دعت مع منظمات إنسانية أخرى مرارا إلى إعادة فتح المعابر لتفادي مجاعة وكارثة إنسانية.
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليبي لازاريني، صرح كذلك بأن أطفال غزة باتوا يتضورون جوعا بسبب سياسة التجويع المتعمدة التي تنتهجها إسرائيل من خلال استمرار إغلاق معابر القطاع ومنع دخول الغذاء والأساسيات الأخرى منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، مؤكدا أن ما يحصل هو "تجويع من صنع الإنسان وبدوافع سياسية".
كما أصدر وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا بيانا مشتركا يطالب بإنهاء الحظر على دخول المساعدات الذي يعرض المدنيين، من ضمنهم مليون طفل، لخطر المجاعة، لكن لا حياة لمن تنادي.
إعلان موت جماعيوسط سياسة التجويع والقتل الممنهج التي تتبعها إسرائيل، جاء تحذير حكومة غزة الجمعة من أن فلسطينيي القطاع "على شفا موت جماعي" بسبب توسع رقعة المجاعة وانهيار القطاعات الحيوية بالكامل، وطالبت بفتح ممر إنساني فوري ودون تأخير لإنقاذ أكثر من مليوني إنساء في القطاع.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي من تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة بشكل متسارع ومخيف مع استمرار الحصار الإسرائيلي الكامل وإغلاق المعابر منذ نحو شهرين، وقالت إن المجاعة في غزة باتت واقعا مريرا لا تهديدا بعد تسجيل 52 حالة وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم 50 طفلا.
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بدورها دعت إلى موقف دولي واضح بالإدانة وخطوات "لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ضد الإنسانية"، وقالت إن إعلان البرنامج العالمي عن استنفاد كل مخزوناته الغذائية في قطاع غزة "يعبّر عن المستوى الخطير الذي بلغته الكارثة الإنسانية التي صنعها الاحتلال الفاشي، ويؤكد دخول أهالي القطاع مرحلة المجاعة الفعلية".
إقرار إسرائيليولا يخفى حتى على الإسرائيليين أنفسهم أن جيشهم مسؤول عن تجويع سكان قطاع غزة وقتل أطفاله ونسائه جوعا إن لم يقتلهم قصفا وحرقا، فقد خرجت في وسط تل أبيب الخميس الماضي، مظاهرة دعت إليها منظمة "آباء ضد اعتقال الأطفال" الحقوقية، احتجاجا على سياسية التجويع المتعمدة التي تمارسها إسرائيل ضد سكان القطاع.
وحملت المظاهرة شعار "الأواني الفارغة" ورفع المشاركون فيها أواني طعام فارعة، في إشارة رمزية إلى ما يعيشه سكان غزة من مجاعة نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم كل ذلك تواصل إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية بحق سكان غزة، عبر إغلاق المعابر الرئيسية أمام دخول الغذاء والدواء والوقود، متسببة بشلل شبه كامل في مختلف القطاعات الحيوية وبموت بطيء لسكان القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية غير مسبوقة بحق الفلسطينيين في غزة، أوقعت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إغلاق المعابر قطاع غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
الجوع ينتشر ويتفاقم ومخزون الغذاء في غزة نفد بالكامل
#سواليف
أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي هينسلي ماكين إرسال آخر شحنة من الغذاء إلى قطاع غزة، وأنه لم يتبق لدى البرنامج أي مخزون يرسله إلى منكوبي القطاع.
وحذرت ماكين من الظروف الكارثية التي يعيشها سكان غزة، حيث يواجه الناس وضعا مأساويا ويتضورون جوعا بسبب النقص الحاد في الإمدادات الغذائية.
وأوضحت أن هناك مخاوف جدية من تفاقم الأزمة الإنسانية ووقوع مجاعة شاملة، نتيجة عجز البرنامج عن الوصول إلى القطاع وتقديم المساعدات الضرورية.
مقالات ذات صلةوأشارت إلى أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى تعرض المزيد من السكان للمجاعة، مما يشكل تهديدا خطيرا لحياة مئات الآلاف من المدنيين.
وفي هذا السياق، دعت إلى ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والسماح للعاملين في المجال الإنساني بالدخول دون معوقات لتوفير الدعم العاجل وإنقاذ حياة السكان الذين يعانون بشدة.
ومن جانبها أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) انتشار الجوع وتفاقمه في قطاع غزة مع توقعات بأن ينفد ثلثا الإمدادات الطبية الأساسية في أقل من شهرين.
وفي تصريح صدر في 22 أبريل، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إن نحو 3 آلاف شاحنة مساعدات محملة بالإمدادات المنقذة للحياة تقف على حدود القطاع بانتظار السماح لها بالدخول، محذرا من “انتشار الجوع وتحول غزة إلى أرض يأس”، داعيا في الوقت ذاته المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لرفع الحصار واستئناف وقف إطلاق النار.
وفي وقت سابق، وحذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، مؤكدًا أن نحو مليوني شخص، غالبيتهم من النازحين، يعيشون حاليا من دون أي مصدر دخل ويعتمدون كليا على المساعدات الإنسانية لتأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء.
وفي سلسلة بيانات صدرت خلال الساعات الماضية، نبّه البرنامج إلى ما وصفه بـ “الخطر المتزايد” الذي يهدد مئات الآلاف من سكان القطاع، في ظل التناقص الحاد للمخزون الغذائي، مما يُنذر بحدوث كارثة إنسانية وشيكة.
وأشار البرنامج إلى أن هذا الوضع الخطير يتزامن مع استمرار إغلاق المعابر الحدودية، ما يعيق بشكل كامل وصول الإمدادات الغذائية الضرورية إلى داخل القطاع المحاصر. وأكد أن غزة بحاجة ماسة إلى تدفق فوري ومستمر وغير منقطع للغذاء لتفادي انهيار كامل في الأمن الغذائي.
كما حذّر من عواقب وخيمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مشيرًا إلى أن المدنيين الفلسطينيين في غزة يواجهون بالفعل ظروفًا إنسانية كارثية ونقصًا حادًا في جميع مقومات الحياة.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي، سابقا، عن إغلاق جميع المخابز التي كان يدعمها في القطاع، وعددها 25 مخبزًا، بسبب نفاد الطحين والوقود.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 90% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويعتمدون على مساعدات محدودة من مطابخ خيرية تقدم وجبات بسيطة تفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية. كما تم تسجيل حالات سوء تغذية حادة بين الأطفال، مع إغلاق 21 مركزًا للتغذية بسبب نقص الموارد.
ومنذ بداية مارس، لم تدخل أي مساعدات إنسانية إلى غزة، حيث تتكدس الإمدادات على المعابر دون السماح بدخولها. وهذا الحصار أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، مما زاد من معاناة السكان.
دعت منظمات الأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لفتح ممرات إنسانية آمنة وتسهيل دخول المساعدات لتجنب كارثة إنسانية وشيكة.