خبير آثار: اليونسكو اكتسبت شهرة دولية مع حملة إنقاذ آثار النوبة
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار أن العلاقات بين مصر واليونسكو تمتد إلى أكثر من 75 عامًا، وكانت مصر من أول 20 دولة صدَّقت على تشكيلها.
وأضاف أن مصر احتفظت بعضوية المجلس التنفيذي لليونسكو منذ عام 1946 باستثناء مرات قليلة مما أعطاها الخبرة غير المتوفرة لدى الكثير من الأعضاء، وتم إعادة انتخاب مصر لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "اليونسكو"، وذلك في الفترة من 2021 – 2025، وذلك عقب حصولها على 130 صوتًا خلال الانتخابات التي عقدت في إطار المؤتمر العام للمنظمة.
يأتي ذلك في إطار زيارة الدكتورة نوريا سانز المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو بالقاهرة لدير سانت كاترين حاليا.
وأوضح الدكتور ريحان لـ"البوابة نيوز" اليوم السبت، أن اليونسكو اكتسبت شهرة كبيرة دوليًا في مجال التراث الثقافي مع حملة النوبة التي بدأت في عام 1960 لنقل معبد أبو سمبل الكبير بعد أن غمرته مياه النيل عند بناء سد أسوان واستغرقت 20 عامًا، نُقل خلالها 22 أثر. وأدى هذا إلى اعتماد اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي في عام 1972. وأنشئت لجنة التراث العالمي في عام 1976، وأدرجت أولى المواقع في قائمة التراث العالمي في عام 1978، ومنذ ذلك الوقت اعتمدت الدول الأعضاء في اليونسكو وثائق هامة في مجال التراث والتنوع الثقافي ففي عام 2003 اعتمدت اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، وفي عام 2005 اعتمدت اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، وأنشىء برنامج ذاكرة العالم في عام 1992 بغية صون التراث الوثائقي المعرض للخطر، وقد وصف بأنه "الذاكرة الجماعية لشعوب العالم" وبعد تنظيم مؤتمر عالمي في فانكوفر في عام 2012، أكد البرنامج بشدة على أهمية ضمان حفظ ذاكرة العالم الرقمية والانتفاع بها لأجل طويل .
ونوه الدكتور ريحان إلى نماذج التعاون بين مصر واليونسكو والذى تجسّد فى إنقاذ منطقة آثار النوبة ومعابد أبو سمبل وفيلة وإعداد الاتفاقية الدولية لحماية التراث غير المادية وإنشاء مركز الدراسات النوبية في متحف النوبة بأسوان وإنشاء المتحف الوطني للحضار المصرية في القاهرة وإحياء مكتبة الإسكندرية. ساهمت اليونسكو في إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة التي دمرت منذ ما يزيد عن عن 2000 سنة، وكان المؤتمر العام لليونسكو في أكتوبر عام 1987 قد أصدر موافقته على صيغة النداء الدولي لدعم مشروع إحياء المكتبة، وصيغ النداء بخمس لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية، وفي يونيو 1988 توج هذا النداء بوضع حجر الأساس لهذا المشروع العظيم ، بحضور فيديريكو مايور المدير العام لليونسكو آنذاك، وقد تم افتتاح المكتبة بشكل تجريبي مطلع أكتوبر 2001، وافتتحت 2002. كما تتعاون اليونسكو مع مصر بشكل أساسي في قطاع التعليم والتعليم العالي و تنقية المناهج والتعاون بشأن وضع نظم جديدة للقبول بالجامعات وتشارك مصر فى العديد من أنشطة المنظمة وفعاليتها فى مختلف المجالات ومنها: التعاون المشترك للحفاظ على منطقة القاهرة التاريخية ، وساعدت المنظمة مصر فى ترميم موقع مدرج على قائمة التراث العالمى المهدد بالخطر وهو موقع أبو مينا بالإسكندرية.
وتابع: أن اليونسكو أسهمت بالتحرك لإنقاذ متحف ملوى بعد نهب مقتنياته، حيث قامت بنشر القطع المنهوبة على موقعها الاليكترونى مما ساعد فى وقف أى محاولة لنقل أو بيع هذه القطع بشكل غير مشروع فى الأسواق الخارجية، كما كانت اليونسكو موجودة من خلال خبرائها فى موقع متحف الفن الاسلامى خلال أيام قليلة بعد تفجيره وأصدرت إدانة دوليه للهجوم الارهابى فى نفس يوم الانفجار وقدمت مساهمة مالية كرسالة سريعة لحث الدول لتقديم المساعدات وهذا ما تم بالفعل حيث قدمت ألمانيا وسويسرا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة مساعدات مالية وفنية ساعدت مصر فى إعادة ترميم المتحف ومقتنياته.
واستطرد: كما نجحت مصر عام 2016 فى استصدار قرار بالإجماع عن المجلس التنفيذى للمنظمة بوضع المركز الإقليمى للتدريب والدراسات فى مجال المياه فى المناطق القاحلة وشبه القاحلة تحت مظلة اليونسكو ليكون أحد مراكزها من الفئة الثانية فى إطار تعزيز دور المراكز العلمية والبحثية التابعة لوزارة الموارد المائية والرى خاصة لتقديم الدعم الفنى لدول حوض كما سيتم ربط هذا المركز بجميع المعاهد والمراكز المماثلة التى تعمل تحت رعاية اليونسكو، وذلك بغية دعم التأثير والأهمية المتزايدين للتعاون الذى تقيمه شبكة ومراكز معاهد الفئة الثانية لليونسكو على الأصعده المختلفة سواءً الإقليمية أو العالمية.
تأتي اللغة العربية من ضمن اللغات التى تسعى المنظمة للحفاظ عليها ولذلك تم تخصيص يوم 18 ديسمبر من كل عام ليكون يومًا عالميًا للغة العربية. وتحرص المجموعة العربية باليونسكو على إقامة احتفالية خاصة فى هذا اليوم لنشر الثقافة العربية والأدب العربى والموسيقى العربية داخل المنظمة. كما تهتم اليونسكو بصون وحماية مواقع التراث المغمور بالمياه في الإسكندرية منذ أكثر من أربعين عامًا بعد أن تنبهت إليها بفضل بعض الدراسات العلمية فى علم الآثار الغارقة، كما أسهمت اليونسكو بخبراء فى مشروع ترميم وصيانة وحماية تراث المهندس حسن فتحي المعماري في قرية القرنة الجديدة. وفى إطار الاستعانة بالشخصيات المصرية تم تعيين الدكتورة إقبال السمالوطي أمين عام الشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار فى 2016 في منصب نائب رئيس اليونسكو الإقليمي في بيروت، وعينت اليونسكو سفراء النوايا الحسنة لها فى مصر لدعم أنشطة ومهمات اليونسكو من قبل مجموعة بارزة من الشخصيات الذين تبرعوا باستخدام موهبتهم وشهرتهم العالمية لرفع مستوى الوعي العالمي لمهمات المنظمة ومنهم صفية العمرى وعادل أمام وحسين فهمى ويسرا وليلى علوى.
وأشار الدكتور ريحان إلى أن مصر لها 14 ممتلك مسجل تراث عالمى استثنائى باليونسكو موزعة منها ستة ممتلكات تراث ثقافى، وممتلك تراث طبيعى، وخمسة ممتلكات تراث ثقافى لامادى، وممتلكان تراث ثقافى لامادى مشترك ويشمل التراث الثقافى خمسة ممتلكات سجلت تراث عالمى عام 1979 وهى ممفيس ومقبرتها منطقة الأهرامات من الجيزة إلى دهشور، منطقة طيبة ومقبرتها "الأقصر"، معالم النوبة من أبو سمبل إلى فيلة،منطقة أبومينا غرب الإسكندرية، القاهرة الإسلامية، وممتلك سجل عام 2002 وهى مدينة سانت كاترين، ويشمل التراث الطبيعى موقع واحد هو وادى الحيتان أدرج عام 2005، والتراث الثقافى اللامادى يشمل خمسة ممتلكات هى السيرة الهلالية أدرجت عام 2008، ولعبة التحطيب أدرجت عام 2016، والأراجوز أدرج عام 2018، والنسيج اليدوى فى صعيد مصر أدرج عام 2020، والاحتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة 30 نوفمبر 2022 . وبخصوص التراث الثقافى اللامادى المشترك يشمل النخلة كتراث ثقافى لامادى مشترك سجل عام 2019 مع 14 دولة هى مصر، الإمارات، السعودية، البحرين، العراق، الأردن، الكويت، سلطنة عمان، فلسطين، اليمن، تونس، المغرب، موريتانيا، السودان، والخط العربى الذى تم تسجيله عام 2021 تراث ثقافى لامادى مشترك مع 16 دولة هى مصر، السعودية، البحرين، العراق، الأردن، الكويت، سلطنة عمان، فلسطين، لبنان، اليمن، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا، السودان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: التراث العالمي فی عام
إقرأ أيضاً:
التسامح في رمضان.. تراث أصيل عند اليمنيين
يعتبر شهر رمضان المبارك شهر الصفح والعفو وبالتسامح يتحقق السلام الداخلي والمجتمعي وعلى مر الزمان ارتبط شهر رمضان المبارك بالتسامح والتعايش بين أبناء المجتمع بمختلف توجهاتهم
تقرير /زهور عبدالله
التسامح في العرف القبلي
في بلد قبلي مثل بلادنا ما كان ليستقر أو يشهد نشوء حضارات إنسانية ذائعة الصيت عبر تاريخه العريق ما لم يكن أبناؤه يؤمنون بمبدأ التسامح والتعايش ويُعلون من شأن هذا المبدأ الإنساني العظيم في حياتهم وشئونهم العامة والخاصة
لقد ارتبط التسامح بشهر رمضان المبارك حيث لا يحل هذا الشهر الكريم في كثير من القرى إلا وقد تسامح الخصوم وكانت اليمن ولاتزال إلى يومنا هذا من أكثر الدول العربية من حيث نفوذ القبيلة التقليدي ويقدَر باحثون ومهتمون نسبة اليمنيين الذين ينتمون مباشرة لإحدى القبائل بأكثر من 85 % من إجمالي عدد السكان فيما يشير الباحثون الاجتماعيون إلى أن أعداد القبائل اليمنية تبلغ نحو خمسمائة قبيلة ومنها ينحدر معظم أبناء البلاد وكلهم يحتكمون لأعراف وتقاليد القبيلة وطقوسها الخاصة والتي تنطوي في معظمها على قيم العفو والتسامح والتسامي فوق الجراحات والآلام.
وللقبيلة اليمنية وأعرافها الأصيلة حيث يجعلون من شهر رمضان شهرا للتسامح والعفو والتي تعد بمثابة القوانين غير المكتوبة حضورا واسعا في الوقت الراهن كما كان في الماضي البعيد على صعيد إرساء السلام وتعزيز الأمن والسكينة العامة بين القبائل وأفرادها والتغلب على كثير من التحديات والصعوبات الناجمة عن الصراعات والثارات وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية السلبية التي عادة ما تكون من أعظم العوائق والعقبات أمام استقرار وتقدم الأمم والشعوب.
وظل ذلك الحضور الإيجابي بالتسامح في شهر رمضان -كما يقول الدكتور محمد السعيدي أخصائي علم النفس التربوي- موجودا ومازال في كل المناطق.
ويضيف الدكتور السعيدي بأن التسامح والعفو قبل شهر رمضان في العرف القبلي ظل على الدوام الرديف والداعم الفعلي للاستقرار على صعيد إصلاح ذات البين وإنهاء الخلافات بين أبناء المجتمع وصيام شهر رمضان ببدن خال من الأحقاد.
ويلجأ معظم اليمنيين إلى العرف القبلي وأحكامه السريعة والحاسمة لحل خلافاتهم وخصوماتهم نظرا لما يوفره هذا القانون غير المكتوب من معالجات عاجلة ومرضية لكل الأطراف مع تغليب قاعدة التسامح وجبر الضرر ونزع البغضاء وتصفية القلوب قبل الصيام
هذه الأعراف القبلية لا يقتصر وجودها وسريان مفعولها على أبناء القبائل وشيوخ العشائر وإنما تمثل ثقافة مجتمعية واسعة، ويقول الشيخ/ حميد الضاوي -وهو احد مشايخ منطقة الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء- إن أي مسؤول في القضاء أو الأمن لا يمكن أن يباشر النظر في أي قضية خصومة إلا بعد أن يعرض على المتخاصمين الصلح والاحتكام إلى العرف القبلي كونه اكثر نجاعة في الحسم والفصل وهذا العرض بمثابة النصيحة الثمينة للفرقاء لتوفير كثير من الجهد والمال، ويشير الشيخ الضاوي إلى أن غالبية قضايا الخصومات يتم حلها قبليا بعد وصولها مباشرة إلى الأقسام والمحاكم بسبب ما يحققه العرف القبلي من حلول وسطية تعلو فيها قيم ومبادئ التسامح الإنساني وذلك بقناعة وتراض من قبل جميع الأطراف وعادة لا يحل شهر رمضان إلا وقد انتهت العديد من القضايا.
الضرورة الغائبة
وعلى كل مناحي الحياة العامة والخاصة يجب أن يكون التسامح هو المبدأ الإنساني الذي نستقبل به شهر رمضان المبارك وجعل هذا الشهر الكريم تذكيرا للتسامح وجعله واقعا معاشا في حياة الناس ليعم السلام والاستقرار كل ربوع البلاد التي عُرفت على مدى العصور بأنها بلاد العربية السعيدة
ويؤكد المختصون الاجتماعيون أن اليمن في الوقت الحالي في حاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بثقافة التسامح في جميع المجالات وبالتالي توحيد الجهود للعمل في سبيل نشر وإشاعة ثقافة التسامح مشيرين إلى أنه لا يمكن فهم ثقافة التسامح بمعزل عن إطار الحياة العامة والمجتمعية والفكرية باعتبار أن التسامح يؤدي إلى السلام وإنهاء النزاع والخلاف بين الناس وإزالة البغضاء وليكون الجميع يدا واحدة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن الذي يتطلب تكاتف جهود جميع أبناء اليمن الشرفاء.