أُسست العاصمة أبوجا عام 1991 تطبيقًا لقرار حكومي صدر سنة 1976 بهدف إيجاد عاصمة محايدة بين مختلف الولايات المكونة للدولة والأعراق. ومحاولة لتجنب المشكلات التي أحاطت بالعاصمة السابقة. ويقطن العاصمة النيجيرية ما يقارب 4 ملايين نسمة. وهي حاضنة لإدارات الدولة ومؤسساتها الحكومية. ويوجد بها المقر الدائم للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس".
تعدّ مدينة أبوجا مدينة حديثة وُضعت لبنائها خطة محكمة، وشروط من أجل تحديد موقعها لتكون عاصمة للجمهورية الاتحادية، حيث حُدّد الموقع وسط البلاد بمنطقة السفانا الأفريقية، وتحتل مساحة مشتركة بين ولايات عدة عند التقاء نهر النيجر ونهر بينوي.
تحدها من الغرب والشمال ولاية النيجر، ومن الشمال الشرقي ولاية كادونا، ومن الشرق والجنوب ولاية نصراوا، ومن الجنوب الغربي ولاية كوغي.
ويعدّ موقع أبوجا من مميزاتها التي خُطّط لها، الذي يحوي رسائل رمزية، إذ يوفر لها الحماية من العدوان؛ نظرًا لوجودها وسط البلاد بعيدًا عن أي تهديد قد يأتي من حدود الدول المجاورة، على عكس ما كانت عليه العاصمة القديمة لاغوس التي تقع على المحيط الأطلنطي.
واختُير موقع أبوجا بمنطقة السفانا على ارتفاع يوفر مناخًا معتدلًا، أفضل من مناخ العاصمة القديمة الساحلية بمنطقة حارة وذات رطوبة عالية.
منظر عام لمنطقة كارو في أبوجا عاصمة نيجيريا (رويترز)ومن خصائص الموقع -أيضًا- أنه يوفر التوازن العرقي والديني المُشكِّل لغالبية سكان الدولة، وهو من أبرز المشكلات التي عانت منها نيجيريا طيلة العقود السابقة بعد استقلالها.
وتقع أبوجا على مفترق الطرق المؤدية لمختلف ولايات الجمهورية الاتحادية، ومن ثم تشكل نقطة تجميع والتقاء لمختلف الولايات والأعراق والديانات المكونة للبلاد.
على عكس باقي ولايات نيجيريا البالغ عددها 36 ولاية، التي تدار من خلال حكام يُنتخبون من الشعب، فإن إدارة منطقة العاصمة الاتحادية أبوجا تتم من خلال وزير يعيينه رئيس البلاد.
السكانلم يمنع التاريخ الحديث لإنشاء مدينة أبوجا من أن تصبح حاضنة لعدد كبير من السكان، فوفقًا للإحصاءات الخاصة بعام 2023 أصبحت أبوجا مسكنًا لحوالي 3 ملايين و800 ألف نسمة.
ومنذ اتخاذها عاصمة بديلة لمدينة لاغوس، استقبلت أبوجا عددًا من الهجرات من الكوادر الإدارية ذات المستوى التعليمي العالي، المرتبط بانتقال مؤسسات الدولة المركزية إلى المدينة.
تم اختيار أبوجا عاصمة محايدة وتمثل جميع الحساسيات الدينية والعرقية، كما أن المنطقة التي شيدت ضمنها المدينة تعدّ منطقة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين بشكل متساو، وتتميز بمستوى عال من التسامح العرقي بين سكانها الأصليين.
وتميزت نيجيريا بتمايز عرقي مثلته أكبر 3 قبائل هي: قبائل الهوسا المسلمة، وقبيلة اليوروبا، وقبيلة اللإيبو ذات الغالبية المسيحية، التي سجلت تاريخًا طويلًا من الصراع العرقي فيما بينها.
إلا أن العاصمة أبوجا تعدّ مدينة للجميع بحكم تخطيطها وتشييدها الحديث، مما جعل منها مقصدًا لمختلف القبائل بحكم طابعها الجغرافي القريب من مختلف القبائل، وكذلك بحكم طابعها الإداري الذي استقطب الكوادر والموظفين والسكان أصحاب المستويات العليا من التعليم.
صورة لمقر شركة البترول الوطنية النيجيرية المملوكة للحكومة في أبوجا (رويترز) التاريخأُنشئت مدينة أبوجا وفق قرار حكومي صدر سنة 1976 وسط إقليم العاصمة الفدرالية، وأصبحت عاصمة على نحو رسمي سنة 1991.
إذ أدت أسباب عدة بالحكومات النيجرية، إلى التفكير في إيجاد عاصمة جديدة للبلاد منها:
الرغبة في البحث عن عاصمة محايدة تكون مشتركة بين مختلف الأعراق والديانات المكونة للمجتمع النيجري، فقد عانت نيجيريا طويلًا من ويلات الصراعات الدينية والعرقية بين الشمال ذي الغالبية المسلمة، والجنوب ذي الغالبية المسيحية. أن العاصمة القديمة لاغوس الواقعة على الساحل للمحيط الأطلنطي، كانت ذات مناخ شديد الحرارة ومرتفع الرطوبة، وتقع في منطقة تتميز بانتشار المستنقعات مع مستوى مرتفع من التلوث البيئي. عانت العاصمة القديمة لاغوس من ازدحام سكاني واختناق مروري شديدين، نتيجة للعدد المهول للسكان وارتفاع نسبة الهجرة نحوها، إذ كانت لاغوس من أكبر المدن المليونية بأفريقيا. أدى التكدس السكاني في لاغوس إلى مشكلات اجتماعية واقتصادية وبيئية، مع عدم وجود تخطيط مسبق لتطور المدينة. وجود لاغوس العاصمة السابقة في جنوب البلاد ذي الغالبية المسيحية، وفي جو مشحون بالصراعات العرقية والدينية، جعل بعض مكونات المجتمع النيجيري يرى فيها عاصمة غير محايدة، ولا تمثل كل مكونات المجتمع.فكانت مختلف هذه المشكلات دافعًا للحكومات من أجل التفكير في إيجاد عاصمة بديلة، تقوم على مقومات تستطيع تجاوز مختلف الأوضاع السلبية التي كانت تعاني منها العاصمة السابقة لاغوس، فكانت مدينة أبوجا هي الحل الذي خُطّط له بعناية.
مقر البنك المركزي النيجيري في أبوجا (رويترز) الاقتصادقبيل اختيار منطقة أبوجا عاصمة سياسية لنيجيريا عرفت المنطقة بانتشار بعض الصناعات التقليدية، ووجدت فيها منطقة لاستخراج بعض المعادن؛ مثل: القصدير. كما عُرفت كونها مفترق طرق بين مختلف الأقاليم.
لكن بعد تسميتها عاصمة سياسية وبدء نقل الإدارات الحكومية ومختلف المؤسسات الرسمية وسفارات الدول، أصبح الطابع الغالب على المدينة هو الجانب الإداري، وما يرتبط به من أحياء سكنية ونشاطات تجارية وخدمية بالأساس.
وتستفيد أبوجا اقتصاديًا من العائدات الكبيرة لنيجيريا، بوصفها إحدى أكبر الدول الأفريقية من حيث المخزونات من المحروقات، وتمثل حصة قدرها 3% من إجمالي احتياطيات أوبك حتى نهاية 2021.
معالم و أعلام المدينةتماشيًا مع رمزية العاصمة أبوجا، التي توحد مختلف الحساسيات العرقية والدينية لنيجيريا، فقد أُنشئت وفق هندسة معمارية متنوعة، وبها معالم تخص المسلمين، وأخرى تخص المسيحيين؛ من أهمها:
المسجد الوطنييعدّ أكبر مساجد البلاد وتقام به نشاطات دينية وتعليمية متنوعة، وقد بُني عام 1984، وافتُتح عام 1991 في اليوم الذي تم فيه الإعلان عن أبوجا عاصمة سياسية لنيجيريا.
ويتسع المسجد لـ15 ألف مصلّ، وصمم على شكل مربع تتوسطه قبة ذهبية محاطة بأربع قباب صغيرة.
ويضم مجمع المسجد مكتبة كبرى وسوقًا للأقمشة والسجاد وقاعة محاضرات، ومكاتب تابعة لمنظمات المجتمع المدني.
ويمكن مشاهدة المسجد من مختلف مناطق مدينة أبوجا وضواحيها.
المسجد الوطني بأبوجا صمم على شكل مربع تتوسطه قبة ذهبية مركزة محاطة بأربع قباب صغيرة (شترستوك) المركز المسيحي الوطنيويسمى -كذلك- بالكنيسة الوطنية، وهو مكان عبادة المسيحيين، بُني عام 2005، وقد تم بناؤه على الطراز القوطي الجديد، وله أقواس محورية عدة تؤدي إلى المذبح، وهو النقطة المركزية في الكنيسة، ويمكن للمصلين إكمال الدوران حوله في غضون 10 دقائق.
وتحيط بالمركز نوافذ ملونة بالأحمر والأصفر والأخضر، ويعرض أعمالًا فنية ومعمارية تتميز بحرفيتها وجمالها، وتوجد به مدرسة دينية ومركز للمؤتمرات ومرافق سكنية ومكاتب ومكتبة.
من بين أبرز المعالم الطبيعية التي تتميز بها أبوجا "صخرة آسو"، وهي عبارة عن صخرة ضخمة يصل ارتفاعها حوالي 400 متر، تشكّلت نتيجة لعوامل التعرية الطبيعية.
طبيعيًا تتميز أبوجا بمناخها المعتدل وبتنوعها البيئي، حيث توجد بها غابات وأنهار وغطاء نباتي، يوفر الحياة الملائمة للحيوانات البرية والنهرية.
أما على المستوى الإقليمي، فتأوي العاصمة أبوجا المقر الدائم للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس".
أحداثبكونها عاصمة لإحدى كبريات الدول الأفريقية، التي تؤثر بشكل فعال في السياسة الأفريقية، ولأنها مقر لمجموعة "إيكواس"؛ فإن أبوجا تحتضن باستمرار الاجتماعات ذات المستوى العالي، لا سيما ما يتعلق بالدول الأفريقية عامة، ودول غرب أفريقيا خاصة.
ولعل أبرز ما طغى على الأحداث في أبوجا، هو تسوية نتائج الانقلابات التي تعرفها دول غرب أفريقيا، وعلى رأسها انقلاب النيجر نهاية يوليو/تموز 2023.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غرب أفریقیا فی أبوجا
إقرأ أيضاً:
الجوع يهدد الملايين في دول جنوب القارة الأفريقية
شعبان بلال (القاهرة)
أخبار ذات صلة 2024.. مواجهة التنظيمات الإرهابية مستمرة منطقة الساحل: الأمن الغذائي والتطرف المناخي.. وتداعيات الهجرة إلى الشمال!يواجه ملايين الأشخاص في دول جنوب قارة أفريقيا خطر الجوع نتيجة الجفاف غير المسبوق، الذي دمر قسماً كبيراً من المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، وسط تحذيرات أممية من استمرار هذه الأزمة في التسبب بكارثة إنسانية واسعة النطاق.
وخلال الفترة الماضية، أعلنت 5 دول في جنوب القارة هي ليسوتو وملاوي وناميبيا وزامبيا وزيمبابوي حالة الكارثة الوطنية، بعد أن تسبب الجفاف في دمار مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية، فيما أعلن برنامج الأغذية العالمي أن أنغولا وموزمبيق تضررتا بشدة من موجة الجفاف، محذراً من أن استمرا الأزمة في التفاقم حتى موسم الحصاد المقبل، في مارس أو أبريل 2025.
وأوضح أستاذ التغيرات المناخية، الدكتور محمد علي فهيم، أن أزمة الجفاف الحادة تجتاح جنوب قارة أفريقيا، مما يعرض ملايين البشر لخطر الجوع الحاد، وأن هذه الأزمة تتفاقم بشكل خاص في دول مثل ليسوتو، مالاوي، ناميبيا، زامبيا، زيمبابوي، أنغولا، والموزمبيق، ما ينذر بكارثة إنسانية.
وشدد فهيم في تصريح لـ«لاتحاد»، على ضرورة توفير الدعم العاجل للأعداد المتضررة من الجوع، وتدخل المجتمع الدولي بشكل سريع لتقديم المساعدات الغذائية والطبية للمتضررين، إذ يمكن للمؤسسات مثل برنامج الأغذية العالمي ومنظمات الإغاثة الإنسانية الأخرى توفير مواد غذائية تكفيل لاحتياجات الطارئة خلال الشهور المقبلة حتى موسم الحصاد، على أن يشمل الدعم المساعدات الصحية، حيث تتزايد مخاطر انتشار الأمراض بسبب سوء التغذية ونقص المياه النظيفة.
وذكر أنه للتخفيف من حدة الأزمة ومنع تكرارها، يجب الاستثمار في بناء أنظمة زراعية مستدامة قادرة على تحمل الجفاف وتغير المناخ، بما يتضمن التوسع في تكنولوجيا الري وتقنيات تجميع مياه الأمطار لتقليل الاعتماد على الأمطار الموسمية، وتحسين جودة البذور، ما يساعد المزارعين على زيادة الإنتاجية، وتعزيز الممارسات الزراعية الذكية التي تقلل من استهلاك الموارد وتزيد من كفاءة الإنتاج.
وفي السياق، يرى الخبير الإثيوبي في الشأن الأفريقي، أنور إبراهيم، أن مناطق جنوب الصحراء تتعرض من وقت لآخر للجفاف بسبب تغير المناخ ومناطق أخرى تعرضت للفيضانات والأمطار، وقد أدى تغير المناخ لتحديات خطيرة لسكان تلك المناطق.
وأوضح إبراهيم في تصريح لـ«الاتحاد»، أن سكان تلك المناطق يعملون في الزراعة ويعتمدون على إنتاج غذائهم منها، ومع نقص الإنتاج بسبب موجات الجفاف بدأت أزمة انعدام الأمن الغذائي والجوع، بخلاف فقدان سبل العيش.