«عمر» يبدع في نحت التماثيل الفرعونية بالأقصر.. «أعماله تنطق جمالا»
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
في ورشة شمال الأقصر، يتألق النحات عمر محمد خضري، الذي يحول بإزميله الصخور والحجارة الصماء إلى أعمال فنية تنطق جمالا، لكل منها قصة وفكرة.
ورث فن النحت من والده«عمر» ابن منطقة الكرنك، ورث فن النحت من والده، بالإضافة إلى موهبته الفطرية التي تظهر جليا في أعماله الفنية، «أحببت الحجر منذ صغري، فصنعت أول تمثال منه عندما كنت في عمر 17 عاما، لكنه لم يكن بهذه الاحترافية، إذ كنت حينها في مرحلة التدرب والتعلم، وبعدها بـ4 سنوات وتحديدا عام 2012 استطعت نحت أول تمثال للملك الفرعوني رمسيس الثاني، بشكل احترافي»، هكذا يقول لـ«الوطن».
لم يدرس «عمر» فن النحت في أي أكاديمية متخصصة، «أصقلت موهبتي بالتعلم الذاتي، فلم أتلق أية دراسة أكاديمية في فن النحت، لكن تواجدي وعيشي في منطقة الكرنك بجوار معابد الكرنك الخالدة، استطعت من خلاله استلهام منحوتاتي من التماثيل الموجودة في المعبد، فعرفت النسب التشريحية للتماثيل، فلكل تمثال أو إنسان نسبة تشريحية للجسم والوجه، بدونها لا تستطيع نحت أي تمثال».
النحت يخرج الطاقة السلبيةيعشق الفنان الأقصري فن النحت بغض النظر عن العائد المادي، والذي لا يكون بشكل دائم، فهو يتخذ هذا العمل هواية، يخرج فيه طاقته السلبية عندما يرى ما نحتته يداه، حينها يشعر بالسعادة، لافتا إلى أن نحت المنحوتات الفرعونية تختلف فيما بينها، فلكل أسرة فرعونية شكل فني، فهناك أسر كانت تهتم بالشكل الواقعي للإنسان، سواء كان حزينا أو سعيدا أو وسيما أو غيرها، في وجهه ندوب أو عيوب خلقية، وهي أصعب أنواع المنحوتات أن تنحت منحوتة فرعونية لملك فرعوني كما هي، فلا تبالغ في السعادة أو الحزن.
طول المنحوتات يصل إلى ثلاثة أمتاريتابع «عمر» حديثه: «أجلب الأحجار التي أنحت منها منحوتاتي، مثل أحجار الجرانيت والألباستر، من أسوان والقاهرة، لوجود أفضل أنواع الأحجار بها»، مؤكدا أنه ينحت تماثيل مختلفة الأحجام والأنواع، يصل طول بعضها إلى 3 أمتار، كما ينحت تماثيل صغيرة، مشيرا إلى أن السائحين يعشقون اقتناء تماثيل الملوك الأقوياء، مثل رمسيس الثاني والثالث وأمنحتب الثالث، وكذا تمثال حتحور وسخمت والجعران.
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
تمثال أميرة سبأ في مزاد فيينا.. ذاكرة اليمن المنهوبة تُباع في العلن
في مشهد يعكس حجم المأساة التي تعيشها الهوية الحضارية اليمنية المنهوبة، كشف الباحث المتخصص في شؤون الآثار اليمنية عبدالله محسن، عن عرض تمثال نادر لرأس أميرة من سبأ ضمن مزاد تنظمه جاليري "زاكي" في العاصمة النمساوية فيينا في 21 نوفمبر 2025، ضمن مجموعة تُعد من أثمن مقتنيات اليمن القديم.
ويأتي هذا المزاد في وقتٍ تتزايد فيه عمليات تهريب وبيع الآثار اليمنية في الأسواق الدولية، مستغلة حالة الحرب والفوضى التي تعصف بالبلاد منذ نحو عقد من الزمن، في حين تظل السلطات اليمنية عاجزة عن استعادة إرثها المنهوب، رغم المناشدات المتكررة للمجتمع الدولي بوقف هذه الانتهاكات الثقافية الجسيمة.
وبحسب ما نشره الباحث عبدالله محسن على صفحته في "فيسبوك"، فإن ثلاثة من أجمل آثار اليمن ستُعرض للبيع في مزاد "الآثار الجميلة والفنون القديمة" الذي تنظمه جاليري "زاكي" في فيينا.
وأوضح أن القطع المعروضة تنتمي إلى مصادر مرموقة ومجموعات تاريخية مثل متحف موجان للفنون الكلاسيكية في الريفييرا الفرنسية، ومتحف زيلنيك استفان للذهب في جنوب شرق آسيا، إضافة إلى مقتنيات لتجار تحف مشهورين في أوروبا والولايات المتحدة.
ومن بين هذه القطع، رأس منحوت لامرأة من المرمر يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، يُرجح أنه يمثل أميرة من مملكة سبأ. يتميز التمثال بأنف مستقيم وشفتين بارزتين وذقن مدبب، وعينين لوزيتين كبيرتين، ما يعكس الأسلوب الفني المتقن لحضارات جنوب الجزيرة العربية القديمة. يبلغ ارتفاع التمثال 18.5 سم ويزن 4 كيلوجرامات.
ويصف كتالوج المزاد هذه القطعة بأنها كانت تُثبت على لوحة من الحجر الجيري المنقوش، موجهة لمواجهة المشاهد مباشرة، حيث كانت تُستخدم في طقوس جنائزية أو تُنصب كـ شواهد قبور لأفراد من الطبقة الملكية أو النخبة الاجتماعية في ممالك اليمن القديم، مثل سبأ وقطبان وحضرموت.
وفقًا لوثائق المزاد، فإن ملكية هذه القطعة تعود إلى جوزيف أوزان، صاحب معرض "ساماركاند" في باريس، الذي قال إنها مقتناة من مجموعة سويسرية خاصة، مع إقرار خطي بأن القطعة كانت ضمن مقتنيات والده قبل عام 1971م.
ويشير الباحث عبدالله محسن إلى أن هذه الادعاءات تتكرر في معظم المزادات الأوروبية لتبرير بيع الآثار القادمة من مناطق النزاعات، عبر ثغرات قانونية تتيح للمزادات التلاعب بتاريخ الملكية لتفادي الملاحقة القانونية.
ويؤكد محسن أن مثل هذه المزادات لا تراعي القيم الأخلاقية ولا الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية اليونسكو لعام 1970 الخاصة بمنع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، مشددًا على أن استمرار بيع الآثار اليمنية بهذه الطريقة يُعد جريمة نهب علني لتراثٍ إنساني لا يقدّر بثمن.
في تعليق لأحد خبراء المزاد، جرى تذكير المشترين بأن مملكة سبأ كانت مركزًا رئيسيًا لتجارة اللبان والمر والبخور، تسيطر على طرق القوافل الممتدة من مأرب إلى البحر الأحمر، ما جعلها واحدة من أكثر الممالك ازدهارًا في العالم القديم. وأشار إلى أن فن سبأ الجنائزي يعكس تأثرًا بالعصور الهلنستية والرومانية، لكنه يحتفظ بخصوصيته الجمالية التي تمجد المرأة كرمز للخصب والحياة والسلطة.
إلا أن هذا الوصف الفني، بحسب مراقبين، لا يخفي التناقض الأخلاقي في تسويق القطع اليمنية المنهوبة باعتبارها "قطعًا فنية نادرة"، بينما هي في حقيقتها شواهد قبور وأجزاء من ذاكرة أمة فقدت سيادتها الثقافية.
ومنذ اندلاع الحرب الحوثية 2014، فقد اليمن آلاف القطع الأثرية التي نُهبت من المتاحف والمواقع الأثرية، وتم تهريبها إلى الخارج عبر شبكات منظمة. وتشير تقارير اليونسكو ومنظمات دولية إلى أن السوق السوداء للآثار اليمنية تشهد نشاطًا متزايدًا في أوروبا والولايات المتحدة.
ورغم الجهود المحدودة التي تبذلها الحكومة اليمنية لاستعادة بعض القطع، إلا أن غياب التنسيق الدولي الفاعل وتعقيدات إثبات الملكية القانونية، جعلت معظم القطع تباع بشكل علني في المزادات العالمية دون محاسبة تُذكر.