قال اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المرتقبة إلى منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 13 إلى 16 مايو المقبل تمثل محطة فارقة في مسار العلاقات الأمريكية مع دول المنطقة، ولها أهداف استراتيجية متعددة تتجاوز الأطر التقليدية للدبلوماسية إلى إعادة رسم التحالفات وترتيب الأولويات السياسية والأمنية والاقتصادية في الإقليم.

إلام تهدف زيارة ترامب؟

وأوضح «فرحات» في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، أن ترامب يسعى من خلال هذه الزيارة إلى تحقيق عدة أهداف رئيسة، أولها تعزيز التحالفات التقليدية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط في مواجهة التهديدات الإقليمية، وعلى رأسها مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد، وضمان أمن إسرائيل، بالإضافة إلى دعم جهود مكافحة الإرهاب، خاصة بعد التحديات التي طرأت خلال السنوات الماضية بفعل تمدد الجماعات المتطرفة مما يجعل من تحركات الولايات المتحدة محورا رئيسيا في موازين القوى الإقليمية خلال المرحلة المقبلة بعدما شهد هذا الدور تراجعا نسبيا خلال السنوات الماضية.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن ترامب يحمل معه رؤية مختلفة للسلام في الشرق الأوسط ترتكز على مفهوم «السلام الإقليمي» أكثر من التركيز فقط على الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، عبر محاولة إحداث تقارب بين الدول العربية وإسرائيل لمواجهة تهديدات مشتركة مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تركز على إبرام اتفاقات تطبيع إضافية لتعزيز الاستقرار الظاهري، مع تقليل الانخراط المباشر في النزاعات، والاعتماد بشكل أكبر على تحالفات إقليمية تقود بنفسها الملفات الأمنية.

ما الذي تحمله زيارة ترامب للشرق الأوسط؟

وأكد «فرحات» أن ترامب أيضا يسعى اقتصاديا إلى فتح آفاق أوسع أمام الاستثمارات الأمريكية في أسواق الشرق الأوسط، وضمان صفقات تجارية وعسكرية ضخمة تدعم الاقتصاد الأمريكي، خاصة في ظل تحديات داخلية يواجهها على صعيد الأداء الاقتصادي والبطالة وبالتالي، فالزيارة تحمل أبعادا مزدوجة، فهي من جهة رسالة دعم لحلفاء واشنطن التقليديين، ومن جهة أخرى وسيلة لدفع المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة.

لماذا تأتي زيارة ترامب في هذا التوقيت

كما أشار إلى أن توقيت الزيارة يأتي في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة، في ظل تصاعد التوترات في المنطقة والملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى القضايا المزمنة مثل القضية الفلسطينية وأزمات اليمن وسوريا وليبيا موضحا أن ترامب يحاول استثمار هذه اللحظة لتعزيز صورته كرئيس قادر على عقد صفقات كبرى وإنجاز تسويات تاريخية، ما ينعكس على فرصه السياسية داخليا أيضا.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن نجاح أو فشل هذه الزيارة سيعتمد على مدى قدرة الإدارة الأمريكية على تحقيق توازن دقيق بين تأكيد التزاماتها الأمنية لحلفائها التقليديين وبين عدم الانجرار إلى صراعات جديدة تستنزف القدرات الأمريكية كما أن موقف شعوب المنطقة ومقدار قبولهم أو رفضهم للسياسات الأمريكية سيكون عاملا حاسما في تحديد تأثير هذه الزيارة على المدى الطويل، مشيرا إلى أن الشرق الأوسط اليوم أكثر وعيا وإدراكا بمصالحه، ولن يقبل بسهولة أن يدار بنفس الأدوات التقليدية التي اتبعت لعقود.

اقرأ أيضاًرضا فرحات: كلمة الرئيس في الندوة التثقيفية تعكس تقدير الدولة لتضحيات الشهداء

اللواء رضا فرحات: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية عكست بوضوح موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية

«اللواء رضا فرحات»: لولا إصرار الرئيس السيسي على تسليح الجيش لكانت مصر تحت خطوط النار الإسرائيلية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أستاذ العلوم السياسية الإدارة الأمريكية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارة ترامب زيارة ترامب للشرق الأوسط الشرق الأوسط زیارة ترامب رضا فرحات أن ترامب

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط: ديناميكيات قديمة وآفاق جديدة

لقد تم استحضار مفهوم "الشرق الأوسط الجديد" مرارًا وتَكرارًا ردًا على الأحداث الإقليمية الهامة. ربطت كوندوليزا رايس – وزيرة الخارجية الأميركية ومستشارة الأمن القومي في ولاية جورج بوش الابن – الأمرَ بحرب لبنان عام 2006، في حين أن اتفاقيات التطبيع التي أُطلق عليها اتفاقيات أبراهام عام 2020 أعادت إحياء المفهوم.

وقبل ذلك، كان كتاب شيمون بيريز – رئيس الوزراء الإسرائيلي عام 1993 – وأخيرًا، وليس آخرًا، كان "طوفان الأقصى" عام 2023، وما نتج عنه من سقوط نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024، ومأزق إيران الإستراتيجي بعد تراجع "محور المقاومة" عام 2024، ومجيء ترامب في ولايته الثانية عام 2025، قد دفع من جديد المناقشات حول حقبة جديدة للمنطقة.

المنطقة – وفق الوصف الجديد الذي يُعاد إطلاقه بشكل دائم – في حالة تحول دائم وتغير مستمر، يُرجعه البعض إلى تاريخ طويل من التدخل الخارجي، يعود على الأقل إلى أواخر القرن الثامن عشر مع غزو نابليون مصر عام 1798. كان هذا التدخل المستمر من قِبل القوى العالمية الكبرى عاملًا مهمًا في تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.

شكّل الشرق الأوسط الحديث، ولا يزال، تفاعلًا معقدًا بين ديناميكيات القوة التاريخية، والتدخلات الخارجية المستمرة، والأوضاع الداخلية. وقد أثّرت هذه العوامل على صعود وسقوط القوى الإقليمية والعالمية، وساهمت في الصراعات المستمرة، وعززت مشهدًا يتميز بتحالفات معقدة، وتأثير كبير للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية.

إعلان

لقد شهدت المنطقة تدخلات مستمرة من قوى داخل حدودها وخارجها؛ لقد تدخلت القوى العظمى باستمرار في شؤون دول الشرق الأوسط في القرنين التاسع عشر والعشرين. ولا يزال هذا التدخل مستمرًا في هذا القرن.

مارس النظام الاقتصادي العالمي، الذي كان مدفوعًا في البداية بالرأسمالية التجارية والصناعية، ثم بالمالية، تأثيرًا كبيرًا على المنطقة. هذه التدخلات لا تنفي دور الهياكل الداخلية، لكنه تفاعل مركّب بين هذه العوامل جميعًا.

وعلى الرغم من تصاعد الحديث عن "شرق أوسط جديد"، لا تزال العديد من الديناميكيات الموروثة قائمة، مثل أوجه القصور في حقوق الإنسان، والمساءلة، والشفافية، وسيادة القانون في الدول العربية. لا يزال الاستبداد طافحًا، وسوء توزيع الدخول والفرص والثروات متفشيًا، والخُلْف البَيِّن بين تطلعات الشعوب وبين سياسات الحكام ظاهرًا.

لا يزال التدخل الخارجي المكثف من القوى العالمية والإقليمية يشكل سمة مميزة لـ"الشرق الأوسط الجديد". غالبًا ما تدعم هذه الجهات الخارجية مجموعات محلية مختلفة، مما يزيد من تعقيد الصراعات، حيث قد لا تتوافق مصالحها دائمًا مع مصالح عملائها.

لقد ساهم عدم الاستقرار الذي أعقب الانتفاضات العربية في نمو الدول الفاشلة، وصعود الجهات الفاعلة غير الحكومية المؤثرة. تعمل هذه الجهات الفاعلة بقيود أقل، وأصبحت لاعبًا مهمًا، مما أدى إلى تغيير الديناميكيات الإقليمية بسرعة.

يتميز الشرق الأوسط حاليًا بالعديد من السمات البارزة، بما في ذلك إعادةُ تنظيم إقليميةٌ كبيرة بعد فترة من الصراع المكثف كان عنوانه فلسطين، وسوريا. تتضمن إعادة التنظيم ظهور قوى محورية جديدة كالسعودية وتركيا، وتراجع أخرى كإيران.

لا تزال المنطقة تعاني من الصراعات الممتدة، والتأثير المستمر للجهات الفاعلة غير الحكومية، فضلًا عن إستراتيجيات القوى الخارجية المتغيرة. وفي حين أن هناك هيمنة عسكرية إسرائيلية واضحة؛ إلا أن هناك إجماعًا متزايدًا في المنطقة على ضرورة الحماية من التوسع والعدوان الإسرائيلي، في ظل استشعار كثير من الحكومات العربية خطرَه على الأمن القومي لبلدانهم.

إعلان

طوفان الأقصى: أولويات إقليمية جديدة

لقد أعاد "طوفان الأقصى" تشكيل الأولويات الإقليمية في الشرق الأوسط بشكل كبير، حيث قدم ديناميكيات جديدة، وغيّر حسابات مختلف الجهات الفاعلة. في حين أنه قد لا يعكس الاتجاهات السابقة تمامًا، إلا أنه أدى بالتأكيد إلى إعادة معايرة المصالح والنُهُج.

قبل "طوفان الأقصى"، كان هناك توجه واضح نحو تهميش القضية الفلسطينية في سعي الأطراف الإقليمية لتحقيق المصالح الوطنية والتنمية الاقتصادية. إن التركيز على التقارب الاقتصادي، والسياسات الخارجية غير الصراعية، أدّى إلى تأجيل أو إعادة تعريف قضايا مثل الحقوق الفلسطينية.

على سبيل المثال، استمرت اتفاقيات التطبيع المعروفة باسم اتفاقيات أبراهام عام 2020 حتى دون حلّ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. إن مفهوم الاستقرار الذي تمّ الترويج له في ذلك الوقت كان يتجاوز تطلعات الشعب الفلسطيني؛ إلا أن "طوفان الأقصى" أعاد التأكيد بشكل كبير على أهمية القضية الفلسطينية وترابطها بالمنطقة.

إن مستقبل التطبيع بين الحكومات العربية وإسرائيل أصبح الآن مرتبطًا بشكل أوثق بوقف العدوان على غزة، وإقامة مسار موثوق نحو الدولة الفلسطينية. لقد أدى الغضب الشعبي الشديد، والتركيز المتزايد على القضية الفلسطينية، إلى زيادة التكلفة الدبلوماسية للتطبيع.

أصبحت شرعية الأنظمة العربية الآن أكثر تأثرًا بموقفها من القضية الفلسطينية. لقد زاد الوعي العام، حيث أدرك المواطنون مسؤولية حكوماتهم ليس فقط عن سوء معيشتهم، بل أيضًا عن نتائج القضية الفلسطينية. وقد أدَّى هذا إلى وضع أصبحت فيه الحكومات العربية محاصرة بين مصالحِها الذاتية (بما في ذلك الحفاظ على السلطة)، ومشاعر شعوبها تجاه فلسطين.

علاوة على ذلك، أصبح هناك رأي عام عربي وإسلامي قوي يدعم فلسطين ويرفض التطبيع على حساب الحقوق الفلسطينية. في حين أن قدرة الرأي العام على إملاء السياسة بشكل مباشر تظل مقيدة بالمخاوف الاجتماعية والاقتصادية ونقص الحرية؛ ومع ذلك، فإنه يشكل عاملًا مهمًا يجب على الحكومات أن تأخذه في الاعتبار.

إعلان

إن إمكانية تراكم الغضب الشعبي بشأن القضية الفلسطينية، على غرار الانتفاضات العربية، تشكل مصدر قلق للحكومات العربية.

خلاصة القول: سوف يتشكّل مستقبل التطبيع العربي الإسرائيلي من خلال التفاعل بين المصالح الإستراتيجية المستمرة للدول العربية في مجالات مثل الأمن، والاقتصاد، وعودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة كقضية مركزية، والديناميكيات المعقدة للعلاقات السعودية الإيرانية ومنظورهما المشترك بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والاستقرار الإقليمي الأوسع، وتأثير المشاعر العامة.

سلط الصراع الضوء على الترابط بين القضايا الإقليمية، مما يجعل من الصعب معالجتها بمعزل عن بعضها البعض. لقد أثرت الإبادة الجماعية في غزة بشكل مباشر على الأمن القومي المصري، وهددت اتفاقية السلام، مما يؤكد الحاجة إلى حل. لقد اكتسبت الأبعاد الإقليمية العربية والإسلامية أهمية كبيرة، مما يوفر غطاءً ودعمًا محتملين لمعالجة مثل هذه القضايا المترابطة.

في حين تظل المصالح الوطنية هي العامل الأساسي الذي يحدد السياسة الخارجية، فقد توسع تعريفها ليشمل موضوعات كانت مهمشة في السابق.

التركيز على التقارب والتكامل الاقتصادي كان اتجاهًا مهمًا في السنوات التي سبقت "طوفان الأقصى"، ولقد تم اختباره معه. كشف الصراع عن هشاشة مثل هذه التحالفات، إذ يمكن بسهولة تعطيلها من قبل جهات غير حكومية حتى لو كانت ضعيفة.

كما أبرز التناقضات المتأصلة في الأجندات السياسية. على سبيل المثال، التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل يخلق تناقضًا مع إيران التي تعارض وجود إسرائيل.

كما أدت الحرب في غزة إلى تعطيل خطط الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، مما سلط الضوء على كيفية تأثير عدم الاستقرار الإقليمي على تقويض الأهداف الاقتصادية.

وعلى الرغم من ضعف شبكة وكلاء إيران في المنطقة؛ فإن هذه الجماعات لا تزال تملك عناصر قوة وقدرات متعددة، مما قد يؤدي إلى زيادة نفوذها المحلي حتى في ظل تراجع دورها الإقليمي.

إعلان

أكد هذا على ضرورة معالجة الصراعات والحروب الأهلية المستمرة في البلدان التي تعمل فيها هذه الجماعات لتحقيق الاستقرار الإقليمي الشامل.

في الختام، في حين أن القضية الفلسطينية ربما تكون قد تم تهميشها في حقبة ما قبل "طوفان الأقصى" من "الدبلوماسية الإقليمية الواقعية"، أعاد الصراع الأخير تأكيد أهميتها المحورية. هي الآن تمثل عدسةً حاسمة تُرى من خلالها الديناميكيات الإقليمية، بما في ذلك جهود التطبيع واستقرار الأنظمة العربية، والعلاقات الإقليمية.

إن ترابط القضية الفلسطينية مع الاستقرار الإقليمي الأوسع، والمشاعر القوية لدى الشعوب العربية والإسلامية، يضمنان بقاءها عاملًا حاسمًا في تشكيل "الشرق الأوسط الجديد".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الشرق الأوسط: ديناميكيات قديمة وآفاق جديدة
  • محمود جبر: الحوار الوطني نقطة تحول فارقة في مسار الحياة السياسية
  • أعضاء بالحزب الديمقراطي يطالبون ترامب بوقف الهجمات في اليمن
  • مصطفى بكري يحذر: زيارة ترامب قد تُعيد تشكيل الشرق الأوسط
  • مصطفى بكري يحذر من تطورات خطيرة بعد زيارة ترامب للمنطقة
  • «مصطفى بكري» يكشف سيناريوهات زيارة ترامب المرتقبة: ستقلب الموازين في المنطقة
  • صندوق النقد: تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية على اقتصادات المنطقة قد يكون متوسطًا
  • صندوق النقد: مخاطر اقتصادات الشرق الأوسط الأزمات السياسية والصراعات
  • ترامب وحقبة الشرق الأوسط الجديد