علماء يحددون العدد اللازم من البشر لبناء وصيانة مستعمرة المريخ
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
كشف العلماء، في دراسة جديدة نشرت في مجلة arXiv، عن الحد الأدنى لعدد رواد الفضاء اللازم لبناء وصيانة مستعمرة المريخ.
وأفادت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن الدراسة التي أجراها فريق من العلماء، بما في ذلك جامعة جورج ماسون في الولايات المتحدة، تشير إلى أنه يمكن بناء مستعمرة على المريخ واستدامتها بعدد قليل يصل إلى 22 شخصا فقط.
وتتحدى هذه النتيجة التقديرات السابقة، التي أشارت إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى ما بين 100 إلى 500 شخص من أجل إقامة مستوطنة مستدامة ذاتيا على الكوكب الأحمر.
وأخذ العلماء في الاعتبار السلوك الاجتماعي والنفسي البشري، بالإضافة إلى استمرارية التفاعلات بين الأشخاص لإجراء هذا التقدير الجديد.
ومن خلال دمج هذه العوامل، توصل الفريق إلى استنتاج مفاجئ مفاده أن 22 شخصا فقط قد يكونون كافين لبناء مستعمرة على المريخ والحفاظ عليها.
وتوصلت عقود من استكشاف الكوكب الأحمر من قبل وكالات الفضاء في جميع أنحاء العالم بشكل قاطع إلى أن بناء أي مستوطنة بشرية على المريخ سيكون مشكلة هندسية معقدة بشكل لا يصدق.
ويقول العلماء إن الطبيعة غير المضيافة للكوكب الأحمر تتطلب أيضا أن يكون أي موطن يتم بناؤه هناك مكتفيا ذاتيا إلى حد بعيد.
وأشار الفريق إلى أن المستعمرين المستقبليين سيتعين عليهم تحمل تحديات السلوك النفسي والإنساني، لذلك سعى علماء البيانات إلى فهم أفضل للتفاعلات السلوكية والنفسية لمستعمري المريخ المستقبليين.
وكتب الفريق: "إننا نسعى إلى تحديد المجالات التي يجب مراعاتها عند التخطيط لبناء المستعمرة، بالإضافة إلى اقتراح الحد الأدنى لحجم السكان الأولي المطلوب لإنشاء مستعمرة مستقرة".
ولإجراء حساباتهم، حلل العلماء البيانات السابقة عن فرق عالية الأداء تعمل في بيئات معزولة وعالية الضغط مثل الغواصات، واستكشاف القطب الشمالي، ومحطة الفضاء الدولية، بهدف وضع نموذج لأنواع التفاعلات التي تحدث بين العملاء بأربعة ملفات نفسية مختلفة.
إقرأ المزيدواستخدموا نوعا من المحاكاة الحاسوبية يسمى النمذجة المستندة إلى الوكيل (ABM) والتي تُستخدم لتحليل الأنظمة المعقدة والتنبؤ بظهور أنماط وظواهر أكبر بقواعد وسلوكيات بسيطة.
وباستخدام النموذج، أجرى الفريق محاكاة لبقاء موطن بشري على المريخ في ظل ظروف عمل مختلفة، بما في ذلك عندما تؤثر الأحداث العالمية مثل الحوادث أو التأخير في إعادة إمداد الأرض على المستعمرة.
وابتكر العلماء نماذج للمستوطنين المريخيين بمستويات فردية متفاوتة من العوامل مثل التمثيل الغذائي، والمرونة، والمهارات ومستوياتها، والإجهاد، بالإضافة إلى مراعاة واحدة من أربع سمات نفسية.
وأشارت الدراسة إلى أن المحاكاة أخذت في الاعتبار أيضا المتغيرات البيئية التي قد يواجهها المستوطنون.
ونظرا لأن مستعمري المريخ النموذجيين ينامون ويتحركون ويتفاعل بعضهم مع بعض وينتجون أو يستهلكون الموارد، فقد يفقدون أيضا صحتهم وقد يموتون ويتم إخراجهم من المحاكاة دون موارد كافية.
ووجدت خمس عمليات تشغيل للنموذج لمدة 28 عاما مع أحجام سكانية أولية في المحاكاة تتراوح من 10 إلى 170 أن "عدد السكان الأولي البالغ 22 كان الحد الأدنى المطلوب للحفاظ على حجم مستعمرة قابل للحياة على المدى الطويل".
المصدر: إندبندنت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا الفضاء المريخ كواكب معلومات علمية على المریخ إلى أن
إقرأ أيضاً:
لمن تألف الروح؟
محفوظ بن راشد الشبلي
mahfoodh97739677@gmail.com
يُحدثني زميل بأن روحه ينتابها الفرح والسرور والسعادة عند رؤيته لشخص ما وتألف له روحه عن سائر البشر؛ بل وودها تقضي جميع أوقاتها معه وبرفقته وكأن به سحر غريب بينه وبين روحه، فسألته هل به شيء من التوافق والترابط الفكري معك فقال لا غير أنه بلا إرادة تشدني إليه جوارحي.
بينما هناك شخص آخر حدثني بأن جوارحه كلها منذُ سنين متعلقة بشخص ما، وكلما تقرب له بوده وعاطفته لا يعير مشاعره أي اهتمام مهما حاول شرح شعوره تجاهه، ويقول بأنه يبقى أسيره مهما كانت ردة فعله وعدم اكتراثه لمشاعره الجيّاشة تجاهه وهو بالمقابل بلا بوادر تلوح في الأُفق منه كي يرق قلبه له ويلين عليه.
إذن.. الأمر هنا يحتاج لوقفة تأمّل كونه خارج استطاعة الإنسان ومقدرته، بل ويبقى الإنسان منزوع الإرادة كي يستطيع التحكّم بمشاعره تجاه الغير، نعم المغريات كثيرة وبالمقابل المنفّرات كذلك كثيرة والدوافع مختلفة ولكن تبقى هناك دوافع تُحرك المشاعر تجاه الغير من عدمها، ورُبما يستطيع البعض قتل مشاعره إن وجدها في المسار المسدود والبعض لا يستطيع ذلك، فالمشاعر تبقى مشاعر وهي خارج إرادة البشر والتحكم بها يبقى فوق طاقتهم.
البعض في هذا الأمر يسلك طريق عِزّة النفس وعدم تعرضها للمهانة من طرف آخر إن وجد صدود من قِبله تجاهه، ونعم هو شعور محمود وفيه رفعة للنفس وسمو للذات وحشمة للكرامة، ولكن يبقى على حساب المشاعر، وكما قيل عز نفسك عن مهانة الغير حتى ولو كانت مشاعرك هي التي نزّلتك لذلك المستوى وبعزم الإرادة ستتجاوز المرحلة.
لكن السؤال: هل لكل إنسان قوة عزم وإرادة لجعل كل شيء له حدود ولكل معنى له مفهوم ولكل مبتغى له مدلول؛ فالعيش بدون كرامة وتقدير واحترام في قلب من تُحب أفضل منه الموت بكرامة ولو أن تدوس على مشاعرك.
توجد خصلة غير محمودة في بعض البشر، وهي إذلال من يأتي يحمل له الحب ويُقدمه له على طبق من ذهب بتعمُّد إذلاله واحتقاره واستنقاصه، خلاف لو قدَّم هو ذلك الحب للغير، فإنه سيتودد له لكي يقبله منه، أما و إن يأتيه الغير فإن خِصلة الإذلال يمتهنها الكثير من البشر والدلائل كثيرة في هذا المنحى وواضحة ومتعددة وغريبة شكلًا ومضمونًا، وهذا عامل نفسي خطير وغريب يدفع بصاحبه للتعنّت في وجه من أحبه وابتغاه، وقد يخلط البعض صِدق المشاعر التي قُدمت له بسوء ظن منه على أنها غير صادقة ويعتبرها تلاعب بمشاعره وبمفاهيمه فيُكشّر عن أنيابه في وجه صاحبها ويظلمه ويقتل فيه حُبه الذي أتاه يحمله له، ويُحطّمه ورُبما يُدخله في حالة نفسية عصيبة تُحوّله إلى شخص مكسور ومُحطم في داخله ويتحول ذلك الحب المُهدى إلى نقطة انكسار بينهما يصعب جبرها وينتهي بقتل مفهوم الحب وخذلان صاحبه وحامله.
نستخلص من هذا الموضوع أن المشاعر وحدها لا تُبرر بأن يبقى الإنسان ذليلًا ومُهانا في قلب الغير، ولا يمكن كُبتها إذا استباحت المنظور والمفهوم ولكن إرادة الإنسان تبقى هي الرادع الحقيقي والوحيد لها، كما إنه لا خلاف في قبول شخص بغيرك وعدم قبوله بك، فلكلٍ دوافعه وميوله في ما يشده ويبتغيه في الغير حتى لو وجدت أن غيرك أقل منك في بعض مزاياك ولكنك لا تعلم المزايا التي يفوق بها غيرك عليك والتي تبدو مجهولة لديك، ولأن اختيارات البشر لا تجري كما هي في منظورك، لذا عليك القبول بها، فكم من ميزة تفرّد بها الغير وشدّت بها الكثيرين وأنت تفتقر لها، وكم من جانبٍ سيء ظهرتَ به وغيرك خلا منه، وكم من طبعٍ حميد تَطبّع به الغير وافتقرته في طباعك.
هكذا تجري أمور البشر فيما تراه ويعجبها وأخرى تنفر منه، فلا تُبدي في نفسك حسرات إن لم يقبل بك أحدٍ ابتغيته ومالت نفسك وجوارحك تجاهه وفضّل غيرك عليك، ولا تحسد الغير وتغبطه إن استحسنه البشر وفضله عليك وكلًا عند اختياره ومزاجه في ما يراه ويُناسبه، وتآلف الأرواح أحيان يبدو غريبًا وأحيان يفوق الاستيعاب والفهم وأحيان يبدو مخالفًا حتى في السائد والمعروف، فسبحان من جعل للأرواح تقارب من لا شيء كما أنه جعل للتآلف بين القلوب سِمات وغايات لا يعلمها سواه سبحانه.