تحت ظلال واشنطن.. أنظمة العمالة والانبطاح تنحر فلسطين وتبيع سوريا
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
يمانيون/ تقارير من قلب مجلسِ الأمن الدولي، وفي أول ظهورٍ علني لمسؤولٍ سوريٍّ رفيعٍ في واشنطن منذ سقوط النظام السابق، جاء التصريح الصاعق: “سوريا لن تمثِّلُ تهديدًا لأية دولة، بما فيها (إسرائيل)”.
هكذا صرّح أسعد الشيباني، وزير الخارجية في سلطة الأمر الواقع بقيادة أحمد الشرع (الجولاني)، في رسالةٍ لم تكن موجهةً للعالم بقدر ما كانت بلاغَ ولاء معلَن لمِظلة الاحتلال الأمريكي الصهيوني.
تصريحٌ لا يُفهَمُ خارجَ سياق مشروع إقليمي يُدارُ من غرفٍ مظلمة، ويعاد تشكيلُه على جثث الشهداء وركام المدن؛ فالمنطقةُ اليومَ تشهدُ تحوّلًا جذريًّا في مفهومِ “العدوّ الحقيقي”، حَيثُ أصبحت المقاومةُ تُقمَعُ لا تُكرَّم، والجهاد يُجرَّمُ لا يُحتفَى به، باسم “الشروط الأمريكية” لرفع العقوبات، أَو بالأحرى: شروط الولاء والخنوع.
سوريا ما بعد السقوط.. مشروعٌ أمريكي على مقاس “إسرائيلي”:
في مشهدٍ لا يفسَّرُ إلا بميزانِ الخِيانة والارتهان، أطلَّ وزيرُ الخارجية السوري الجديد، “أسعد الشيباني”، ليعلن أن “سوريا لن تمثل تهديدًا لـ (إسرائيل)”، في تصريحٍ يُعد أول ثمرة علنية لحكم أحمد الشرع (الجولاني)، الرئيس الانتقالي لسوريا ما بعد الأسد.
هذا التصريح -وما سبقه من مواقفَ وتحَرّكاتٍ- يكشفُ عن مشروعٍ خطير يُرادُ له أن يُغطِّيَ المشهدَ السوريَّ والوطن العربي الكبير، قائمٍ على إعادة تأهيل أدوات الإرهاب المسلح ببدلات دبلوماسية، وإلحاق سوريا رسميًّا بمحور التطبيع.
هذه ليست مُجَـرّد مواقفَ سياسية، بل إرهاصات تحولات استراتيجية تقودُها واشنطن بتواطؤ تركي سعوديّ، ومجسَّات “تل أبيب” تعملُ ليلَ نهارَ على ضبط إيقاع المرحلة القادمة بما يخدُمُ أمنَها الاستيطاني ومشروعَها التوسعي.
فبعد أن أصبح أحمد الشرع الوجهَ “المدني” الجديدَ للمشهد السوري، ها هو الجولاني -الذي تقمص عباءة الرئيس- يُمنِّي النفسَ بلقاء مع ترامب بترتيبٍ سعوديٍّ، معلِنًا استعدادَه لـ “التطبيع الكامل مع الكيان الغاصب إذَا توفرت الشروط”.
لكن ما هذه الشروط؟ هل هي العدالة، أَو الحرية، أَو وقف العدوان على غزة؟ لا.. إنها ببساطة: قمع الفلسطينيين، اعتقال المقاومين، وإظهار حُسن النية للاحتلال الصهيوني.
وما بين سطور هذا التحول، يتجلَّى المشهدُ أن “الشرعَ” ووزيرَ خارجيته “يلعبان لُعبةً مزدوجة”، في محاولةٍ لتمريرِ مشروعهم دونَ صدمةٍ مفاجئة للشعب السوري المغلوب على أمره، عبر خطابٍ مموَّه حتى تكتملَ ترتيباتِ اللحظة الحاسمة.
الكيان الصهيوني على أبواب دمشق.. والخيانة ترتدي بدلةً رسمية:
ليس عبثًا أن يعادَ تأهيلُ الجولاني –أحد رموز الجماعات المسلحة سابقًا– ليكون رأس السلطة الانتقالية في سوريا؛ فالرجل لا يمثل مشروعًا وطنيًّا، بل خطة أمريكية مركَّبة لتحويل سوريا من قلعة مقاومة إلى ساحة نفوذ يتقاسمُها الوكلاء.
عودةُ دونالد ترامب إلى المشهد السياسي تعني أَيْـضًا عودةَ الرؤية النفعية التي ترى في التطبيع عربونَ ولاء يجب دفعُه مقدَّمًا، وفي تصريحٍ لافت، أشار ترامب إلى نيته “استكمالَ اتّفاقيات أبراهام”، واضعًا سوريا ضمنَ قائمة الدول المرشَّحة للحاق بالركب.
ووسط هذا المسعى، يتعهَّد محمد بن سلمان بتنسيق لقاء بين “الشرع وترامب” خلال فترة الزيارة القادمة، فيما يبدو أنه ترتيبٌ تتقاطع فيه مصالح التطبيع مع أهداف إخراج سوريا من الحصار، ولكن بثمن الوطن والسيادة.
وبينما تتغنَّى واشنطن بـ”توسيع اتّفاقيات أبراهام”، وتدفع أنظمتها الوظيفية إلى حظيرة التطبيع، يختلطُ المشهد السوري بأصوات تركية وسعوديّة وصهيونية، تتصارع على الغنائم، وتتصادم على التمثيل، غير أن هناك مَن حسم الأمر.
تركيا –كما يؤكّـد ترامب– هي الوكيل الأجدر، والشريك العقائدي للجماعات المسلحة، والوجه المقبول لأمريكا وللداخل الشعبي في المشهد السوري، أما السعوديّة، فتلعب دور المهرِّب السياسي الذي ينسِّقُ اللقاءاتِ بين التائبين الجدد للهيكل الصهيوني.
لكن اللُّعبة أعقدُ مما تبدو، فـ”إسرائيل الكبرى” لا تحتمل وكلاءَ مختلفين، والمجرم نتنياهو الذي يرقُبُ التمدُّدَ التركي في الشمال السوري بدعمٍ أمريكي، لا يرى في هذا التموضع إلا تهديدًا استراتيجيًّا لمشروعه؛ ما ينذر بصدامٍ غير مباشر –وربما مباشر– على الساحة السورية.
الخِذلان العربي الإسلامي.. حين تُذبَحُ غزةُ في صمت الحلفاء:
وسط هذا الانهيار المتسارع، تغيب غزة عن المشهد السياسي العربي والإسلامي الإقليمي، إلا حين تُستخدَمُ ورقةً لتبرئة الخيانة، وبينما يتقاتل الوكلاء على تمثيل المشروع الأمريكي الصهيوني في سوريا، تُذبح غزة كُـلّ يوم على مرأى من أنظمة فقدت شرفَ النصرة وشجاعة الموقف.
بعضُ الأنظمة العربية، التي تجاهر بعدائها لإيران أَو للمقاومة عُمُـومًا، تجنِّدُ نفسَها وإعلامها لقتل الروح الفلسطينية بالوكالة، وتبث سموم التمزيق والتفرقة والفتنة فيما تغسل عارَها في حفلات الترفيه، ومهرجانات التطبيع، أَو محاربة “فلول النظام السابق” كما في سوريا الجديدة.
أما جيش الاحتلال الصهيوني، فيواصل الزحف ويقضمُ كُـلَّ يوم جزءًا من الأرض والشرف السوري، ويطرُقُ أبوابَ دمشق بصمت؛ لأَنَّ الطريق ممهدة؛ ولأن “السلطةَ” تلهو بجولاتها الدبلوماسية؛ فهي من تؤكّـد أنها لا تمثِّلُ تهديدًا للكيان؛ ما يعني أن الكَيانَ أَيْـضًا لا يمثِّلُ تهديدًا لها حتى ولو دخل إلى دمشق.
وفيما الصراعُ على تمثيلِ الدور الأمريكي في سوريا لا يقتصرُ على الشرع والأنظمة المطبِّعة، بل يمتدُّ ليشملَ الوكلاءَ الإقليميين المتنافسين، يترسَّخُ مشهدٌ قادمٌ من التصعيد، تتداخل فيه سيناريوهات حروب الوكالة، حَيثُ لكُلِّ طرف طموحاتُه الاستعمارية، وكلهم يتاجرون بالأرض السورية ويقايضونها في مزاد الدم.
تحوُّلاتٌ خطيرة.. لكنها ليست قدرًا:
في ضوء هذه الوقائع، يمكن القول إنّ المنطقة مقبلة على مرحلةٍ أكثر خطورة وتعقيدًا؛ فالأنظمة العميلة –وإن بدت قويةً– تعيشُ على الأوكسجين الأمريكي، ومشروعها غيرُ قادر على الصمود طويلًا أمام الوعي المتصاعد، والمقاومة المتجددة.
سوريا ليست للبيع، وفلسطين ليست ورقة تفاوض، والأيّام القادمة –رغم كُـلّ التنازلات– ستشهد ارتدادَ هذه الخيانات إلى صدور أصحابها؛ لأَنَّ الحق لا يموت، والمقاومة لا تُهزم إلا إذَا قرّر أصحابُها الانبطاح.
هذه ليست نهايةَ الحكاية، ورغم هذا السواد؛ فَــإنَّ المشروع الأمريكي لن يصمد طويلًا على أنقاض الشعوب الحرة، فالسلطات التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية، ورضعت الولاءَ من أعداء الأُمَّــة، لا يمكنُ أن تمثِّلَ إرادَةَ الجماهير.
وسوريا –التي تترنَّحُ اليومَ– ستنهَضُ من جديد؛ لأَنَّ روحَ المقاومة لا تُغتال؛ ولأنَّ مَن تآمروا عليها وعلى فلسطين، سيأكلهم التاريخُ عاجلًا أم آجلًا؛ ولأنها معركة وعي وصمود، وميزان الحق بدأ يميلُ من جديد نحوَ الشعوبِ التي لم تنكسر، ولم تتخلَّ، ولن تفرِّط.
نقلا عن المسيرة نت
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی سوریا تهدید ا
إقرأ أيضاً:
الرئيس السوري يعزّي برحيل البابا فرنسيس.. ونائب أمريكي يكشف تفاصيل لقاءه «الشرع»
تقدّم الرئيس السوري أحمد الشرع بالتعازي، “في رحيل البابا فرنسيس”، معربا في برقية تعزيته عن “أصدق التعازي للطائفة الكاثوليكية الرومانية” مؤكدًا أن “البابا وقف إلى جانب الشعب السوري على مدار السنوات، رافعًا صوته ضد العنف والظلم في أحلك أوقات الأزمة السورية”.
وأشار الشرع في بيان نشرته الرئاسية السورية، إلى أن “دعوات البابا فرنسيس “تجاوزت الحدود السياسية، وسيبقى إرثه في الشجاعة الأخلاقية والتضامن حيًا في قلوب السوريين”.
زيارة كوري ميلز إلى دمشق: تفاؤل حذر وشروط أميركية لرفع العقوبات
أعرب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، كوري ميلز، عن تفاؤله “الحذر” بعد لقاءه مع الرئيس السوري أحمد الشرع الأسبوع الماضي.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ” عن ميلز قوله “إنه ناقش مع الشرع سبل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وهو ما يسعى الرئيس السوري لتحقيقه لإنعاش الاقتصاد”.
وأشار ميلز إلى “أن إدارة الرئيس ترامب تضع عدة شروط لهذا الأمر، أبرزها تدمير الأسلحة الكيميائية المتبقية في سوريا، إضافة إلى ضرورة التنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب”. كما أكد ميلز “أن سوريا يجب أن تقدم ضمانات أمنية لإسرائيل كشرط آخر لتحسين العلاقات ورفع العقوبات”.
وتأتي زيارة ميلز “عقب إعلان الولايات المتحدة سحب مئات من جنودها من سوريا”، في خطوة وصفها البنتاغون بأنها “إعادة تمركز” ضمن إطار التغيرات الأمنية في المنطقة.
مديرية أمن دمشق تعلن القبض على “مجرم حرب” في طرطوس
أعلن المقدم عبد الرحمن الدباغ مدير مديرية أمن دمشق “أن قوات الأمن تمكنت من القبض على “مجرم الحرب” تيسير محفوض في مدينة طرطوس، بعد عملية أمنية دقيقة”.
وأوضح الدباغ “أن المعلومات الاستخباراتية أكدت وجود المتهم في طرطوس، مما دفع فرق الأمن للتعاون مع مديرية أمن المحافظة لتنفيذ كمين ناجح أدى إلى اعتقاله”.
وذكر المسؤول الأمني “أن المحفوض كان يعمل سابقا في فرع الأمن العسكري المعروف بـ”سرية المداهمة 215″، متورطا في جرائم حرب ضد المدنيين في مناطق المزة وكفرسوسة بدمشق”.
وتشير التحقيقات الأولية إلى “تورط الموقوف في حالات اختفاء قسري لأكثر من 200 مواطن من أحياء المزة وكفرسوسة، حيث كان يعمل على إخفائهم في سجون النظام السابق”.
وأكد الدباغ “استمرار الحملات الأمنية لملاحقة كل المتورطين في جرائم ضد الشعب السوري”، معتبرا “أن العدالة ستطال جميع المجرمين دون استثناء”.
بريطانيا ترفع عقوبات طالت وزارتين وأجهزة مخابرات سورية
رفعت بريطانيا، الخميس، “تجميد الأصول الذي سبق أن فرضته على وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين وكذلك عدد من أجهزة المخابرات”.
ومطلع الشهر الفائت، أعلنت الحكومة البريطانية “أنها قررت رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا بهدف مساعدة الشعب السوري”.
كانت بريطانيا قد “حذفت 24 كيانا سوريا من قائمة العقوبات من بينها البنك المركزي وبنوك أخرى وشركات نفط”.
وكشفت الحكومة البريطانية أن “الكيانات المرفوعة من قائمة العقوبات لم تعد خاضعة لتجميد الأصول”.
وذكرت الحكومة أنها قررت “رفع بعض العقوبات عن سوريا في إطار الالتزام بمساعدة الشعب السوري على إعادة بناء البلاد والاقتصاد”.
وأضافت: “سنواصل متابعة أداء السلطات الانتقالية في سوريا وسنحكم على الأفعال وليس الأقوال”.
مئات الشاحنات والآليات العسكرية الأمريكية تغادر قواعدها من سوريا باتجاه العراق
غادرت أمس “المئات من الشاحنات الثقيلة التابعة لقوات “التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية الأراضي السورية باتجاه العراق”.
وبحسب جريدة الوطن، “خرجت القوات الأمريكية من قاعدتها العسكرية الموجودة في محيط مدينة الشدادي “جنوب الحسكة”، إضافة إلى آليات عسكرية أمريكية متنوّعة باتجاه محاور الأراضي العراقية عبر مدينة الحسكة”.