توقع بنك قطر الوطني "QNB" أن يحقق الناتج الإجمالي المحلي الصيني نموا بحدود 5 %، العام المقبل، مدعوما بتوسع عمليات التصنيع العالمي، والسياسات التحفيزية لمنع دورات الازدهار والكساد.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن الاقتصاد الصيني يتعافى بقوة، ومعدلات نموه فاقت توقعات المحللين، بعد أن بدأت الصين عملية إعادة الانفتاح الاقتصادي، في أعقاب الرياح المعاكسة السلبية المتتالية، وفي مقدمتها موجات "كوفيد-19"، والإغلاقات المتواصلة للمدن الكبرى، والأزمة العقارية.

. مشيرا إلى أن الصين كانت في وقت مبكر من العام الجاري، أحد الأسباب الرئيسية وراء توقعاته التي تفوق إجماع التوقعات بشأن النمو العالمي لعام 2023، فقد هيمنت الرؤى السلبية من قبل المستثمرين والمحللين على الأجندة الاقتصادية، وأشارت توقعات "بلومبرغ" إلى تعاف صيني بطيء تبلغ نسبته 4.8 % ، بعد أداء ضعيف في 2022.
وذكر التقرير بأن توقعات النمو المنخفضة جاءت في أعقاب رياح معاكسة متتالية، كموجات "كوفيد-19" الجديدة، والدعم الضعيف عبر السياسات، وعدم اليقين في القطاع الخاص المرتبط بالإجراءات التنظيمية الصارمة على شركات الابتكار، ورغم هذه الرياح في 2022، توقع البنك أن تشهد الصين تعافيا دوريا أكثر قوة في العام الجاري، حيث كانت البلاد تستعد للابتعاد عن الإجراءات الصحية، والسياسات الاقتصادية المشددة.
وأضاف: لم يمض وقت طويل حتى تغير الوضع بالصين، حيث بدأت بعملية إعادة الانفتاح الاقتصادي، ونتيجة ذلك، زادت توقعات النمو بمقدار 70 نقطة أساس لتصل إلى 5.5 %، ورغم الضعف المستمر في قطاع التصنيع، ازدهر استهلاك الخدمات حتى تجاوز المستويات السائدة قبل الجائحة، وبعد مرور 7 أشهر، أبقينا توقعاتنا عند 5.5 % في 2023.
وتابع: وفي الفترة المقبلة ونظرا لانتهاء إعادة الانفتاح، فإن السيناريو يتسم بقدر أكبر من عدم اليقين، ويتضح ذلك في التناقض بين الحدين الأقصى والأدنى لتوقعات النمو الصيني في 2024،حيث يتوقع المحللون الأكثر تفاؤلا نموا بنسبة 6.4 %، بينما يشير أولئك الأكثر تشاؤماً إلى نمو بنسبة 2.8%، والاختلاف جوهري ليس فقط بالنسبة للصين، ولكن بالنسبة للاقتصاد العالمي بأسره، فإذا ثبتت صحة التوقعات المتفائلة، ستضيف الصين تريليونا واحدا و300 مليار دولار للاقتصاد العالمي، أما إذا تحقق سيناريو الهبوط، فستضيف 542 مليار دولار، فالفجوة بين النتيجتين، البالغة 750 مليار دولار، هي ما يفصل الناتج المحلي الإجمالي لدولة كبيرة نسبيا كإسبانيا عن دولة أصغر كالنمسا.
ورجح التقرير أن تخيب توقعات المتشائمين والمتفائلين معًا، بتوقعه المحافظة على نمو معتدل يبلغ 5 % العام المقبل، استنادًا إلى عاملين رئيسيين، الأول يرجح أن تخيب التوقعات المتشائمة لأن قطاع التصنيع الصيني مهيأ للتوسع على خلفية تحسن الدخل الحقيقي عالميا، وتراجع أزمة الطاقة، والحاجة لتجديد مستويات المخزون بعد فترة طويلة من خفضها، وستكون هذه العوامل داعمة للقطاع، الذي يعاني حاليا من ضعف الطلب العالمي، رغم التعافي المستمر بالاقتصاد المحلي.
أما العامل الثاني بحسب تقرير بنك قطر الوطني QNB فيتمثل في التعامل مع حقيقة أن عملية تعافي قطاع الخدمات الصيني بدأت تفقد زخمها، وأي دعم رسمي يرجح أن يكون محدودا، فالحوافز المالية والنقدية مقيدة إلى الآن، وقد عدلت للحفاظ على المستوى الطبيعي للنشاط، وليس لإنتاج طفرات استثمارية كانت جزءا من دورات التيسير بالماضي، في حين أنه يتوقع حوافز إضافية من الآن حتى 2024.
واختتم بنك قطر الوطني QNB تقريره بالقول إن السلطات الصينية تحرص على رؤية الاقتصاد يتكيف مع نموذج نمو أقل اعتمادا على توسع رأس المال الثابت، ومشروعات البنية التحتية الضخمة، والتطوير العقاري، وبدلا من ذلك، هناك توجه لتفضيل التصنيع والاستهلاك عالي التقنية، وفي خضم هذا التحول، يرجح أن يعتدل النمو طويل الأجل بشكل طبيعي.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: بنك قطر الوطني بنک قطر الوطنی

إقرأ أيضاً:

مونيكا وليم تكتب: التعريفات الجمركية.. ما بين فرصة للاقتصاد المصري وتهديد للاقتصاد العالمي

منذ عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، بات واضحًا أن العالم يشهد اضطرابًا حادًا على مختلف الأصعدة، لا سيما في الملفات الجيوسياسية والاقتصادية. فقد تفاقمت التوترات الدولية وتصاعدت الصراعات التجارية ، وازدادت حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، مما انعكس على استقرار العديد من الدول والسياسات، وإعادة تشكيل التحالفات، وتغيير الأولويات في السياسة الخارجية، جميعها تؤكد أن مرحلة جديدة من عدم الاستقرار قد بدأت، مما يفرض على الدول والشركات وحتى الأفراد إعادة تقييم استراتيجياتهم المستقبلية لمواجهة هذه التحديات.

وفي هذا الإطار، أثارت التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات -التي كانت تشمل الصين والمكسيك وكندا قبل رفع الاخيرتين- ،  تساؤلات واسعة حول تأثيرها على الاقتصاد الأمريكي، إذ تشهد الأسواق العالمية اضطرابات حادة بعد أن تعاطت الصين بقوة على التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات الصينية، وتشمل التدابير المضادة فرض ضريبة بنسبة 15% على واردات الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وضريبة بنسبة 10% على النفط الخام والآلات الزراعية والشاحنات الصغيرة والسيارات ذات المحركات الكبيرة.

 وهو الأجراء الذي ينذُر بتصعيد سريع في الحرب التجارية يضع الاقتصاد العالمي أمام تحديات جديدة، مما يزيد من تقلبات الأسواق المالية إذ تشير التجارب السابقة إلى أن مثل هذه السياسات الحمائية تؤدي غالبًا إلى مفاوضات لاحقة، لكن مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، يبدو أن مسار المواجهة ما زال هو الأقرب في المرحلة الحالية. وستتحدد ملامح هذه المواجهة بناءً على قدرة الأطراف على التفاوض وإيجاد حلول وسط.

وعلي هذا الأساس، سوف ينطلق هذا المقال من تناول هذا الملف من 3 توجهات، الأولي تأثير هذه الإجراءات على الأسواق والشركات الأمريكية وقدرتها على المنافسة، ثانيا على الخريطة التجارية العالمية مع الولايات المتحدة والتبعات علي مسارات الاقتصاد العالمي، وأخيرا استقراء تأثير ذلك على الاقتصاد المصري؟ 

أولاً: على صعيد تبعات هذه الإجراءات على الداخل الأمريكي، علي الرغم من أن قرارات رفع التعريفات الجمركية قد يُنظر إليها كونها قرارات سياسية وتسُتخدم كأداة لمعالجة مشاكل لا تتعلق بالتجارة فقط، إلا أن ترامب يعزي ذلك إلى خفض عجز الميزان التجاري لبلده الذي يميل لصالح دول عدة وتكتلات اقتصادية في المعاملات البينية، علاوة على ذلك يهدف إلى استعادة المصانع التي افتتحت في دول أخرى لاستغلال عوامل الإنتاج الأرخص، فضلا عن توفير المزيد من فرص العمل في الاقتصاد الأميركي.

 حيث اتجهت العديد من التقديرات إلى أن هذه السياسات قد تضعف قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة، كما أنها ستنعكس سلبًا على علاقات التجارة الدولية للولايات المتحدة، فوفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز"، فإن هذه الرسوم الجمركية، التي اقترحها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، قد تؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي الأمريكي المتوقع بنسبة 2.3% في عام 2025، بمقدار 0.9% إضافية حال تنفيذ إجراءات رد فعل من الدول المتضررة.

أما على مستوي الاقتصاد العالمي، فإن فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية شاملة بنسبة 10% قد يؤدي إلى تقليص النمو الاقتصادي العالمي، الذي يعاني بالفعل من تباطؤ، بنسبة 2.7% في عام 2025، خاصة إذا واجه الشركاء التجاريون الولايات المتحدة بإجراءات انتقامية مماثلة. وهو ما حدث بالفعل من قبل الصين التي صرحت ببعض الإجراءات الانتقامية في هذا الإطار. 

ورغم ذلك، فإن الأزمات بطبيعتها تفُتح آفاقًا جديدة لمن يملك أدوات وآليات التعامل معها، فباستذكار مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي: “ عند صياغة كلمة أزمة باللغة الصينية، فإنها تتكون من حرفين: أحدهما يمثل الخطر، والآخر يمثل الفرصة.” وهو ما ينطبق تمامًا على الوضع الحالي، حيث تحمل كل أزمة في طياتها فرصًا للنمو وإعادة هيكلة.

ومن ثم، وعلى نطاق محاولة استقراء التأثير على الاقتصاد المصري، فإن توجه الإدارة الأمريكية نحو إعادة تفعيل تعريفات جمركية جديدة بموجب الأقسام 201 و232 و301 من قوانين التجارة الأمريكية، والتي تستهدف واردات الصين بشكل رئيس، تبرز فرص غير مسبوقة أمام الاقتصاد المصري. 

فمن المتوقع أن تؤدي تلك الإجراءات إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية، مما يفتح المجال أمام مصر لتعزيز مكانتها كبديل تنافسي في الأسواق الدولية، من خلال تفنيد ابرز القطاعات والسلع التي تتأثر بشكل مباشر ومحاولة توطينها في مصر أو توطين أحد مكوناتها، وقد يهدف هذا التحليل إلى استكشاف القطاعات الواعدة وآليات الاستفادة من تلك التحوّلات لتحقيق مكاسب استراتيجية لمصر.

وترتكز تلك الفرصة في صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة بالنظر إلى أن النسبة الأكبر من صادرات الصين وبعض الدول الآسيوية إلي الولايات المتحدة تتمثل في المنسوجات، حيث تقدر وفقاً لإحصائيات وزارة التجارة الأمريكية عام 2022 بنحو 300 مليار دولار سنويا، بالإضافة إلي ذلك قد حققت صادرات مصر من القطاع نحو 3.5 مليار دولار عام 2023 

هذا بالإضافة إلى أنه وفقاً لبيانات المجلس التصديري للغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر، بلغت صادرات القطاع حوالي 3.5 مليار دولار عام 2023، إلى جانب القطاع الزراعي الذي يبرز فرصة استراتيجية لمصر في ظل مواجهة الصين تعريفات على بعض صادراتها من الخضروات والفاكهة للولايات المتحدة، وذلك بالنظر إلي أن مصر تعد من ابرز الدول المتنامية في تصدير الفاكهة كالفراولة والموالح وخاصة البرتقال؛ إذ بلغت قيمة صادرات الموالح نحو 900 مليون دولار سنوياً عام 2022 وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. 

وأخيرا، فهناك فرص تكمن في القطاع الصناعي الذي يُنظر له في الكثير من الخطط الاستراتيجية علي أنه قاطرة التنمية الاقتصادية والتنمية الشاملة، لاسيما أن مصر تمتلك مناطق صناعية مؤهلة عديدة (QIZ) في العاشر من رمضان، وبرج العرب، وبور سعيد، إلي جانب توافر حوافز ضريبية تصل إلي إعفاءات 5-10 سنوات في بعض المناطق، كما يُقترح في هذا الصدد تعزيز فكرة التصنيع المشترك (JOINT MANUFATURING) )  علي غرار تجربة الصين في مصر لانشاء خطوط انتاج للسيارات. 

ختاماً، في ظل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة وفرض ترامب تعريفات جمركية على الواردات الصينية، تجد مصر نفسها أمام فرص استراتيجية لتعزيز موقعها الاقتصادي، من خلال تطوير قطاع التصنيع المحلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن بدائل تنافسية للصين، وتعزيز مكانتها كمركز لوجستي يربط الأسواق العالمية، ومن ثم يمكن لمصر الاستفادة من هذه التغيرات لتعزيز النمو الاقتصادي، ومع اتباع سياسات مرنة وداعمة للاستثمار، إلى جانب تطوير البنية التحتية وتحفيز التصنيع، بما يمكن مصر ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في سلاسل التوريد العالمية، ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • مونيكا وليم تكتب: التعريفات الجمركية.. ما بين فرصة للاقتصاد المصري وتهديد للاقتصاد العالمي
  • حزب المصريين: الحوار الوطني حقق أكثر مما كانت تحلم به بعض القوى
  • موقع الماني يتوقع انخفاض الإنفاق الحكومي في العراق إلى 45% في عام 2029
  • بعد التوجيهات الرئاسية.. نواب: التحول الرقمي يضع مصر على خريطة الاقتصاد العالمي
  • الشرطة الصيني بطلاً لتحدي الإمارات للفرق التكتيكية
  • برلماني: تطوير الاتصالات يضع مصر على خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي
  • مجلس الذهب العالمي يتوقع استمرار الإقبال من البنوك المركزية
  • “بروج” تدرس إنشاء مجمع لإنتاج البولي أوليفين في الصين بطاقة إنتاجية 1.6 طن سنوياً
  • وزير الاتصالات: الابتكار محرك الاقتصاد العالمي وتوسع الشركات العالمية في مصر
  • برلماني: نجاح جهود الدولة في جذب الاستثمارات يعزز النمو الاقتصادي