ظهور متتابع لمعتقلين مصريين مختفين قسريا.. هل هي خطوة لإنهاء هذا الملف؟
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
تظل جريمة الإخفاء القسري التي يمارسها النظام في مصر منذ منتصف العام 2013، وطالت أكثر من 17 ألف معتقل سياسي من أشد الملفات قسوة وايلاما للمختطفين وذويهم، فيما تواصل المنظمات الحقوقية رصد وتوثيق الظاهرة، ومطالبة السلطات بالتوقف عنها والكشف عن مصير مئات المختفين منذ سنوات.
وفي تطور لافت، ووفق رصد "عربي21" للملف، تكرر خلال شهري آذار/ مارس الماضي، ونيسان/ أبريل الجاري، ظهور عشرات المعتقلين المصريين المختفين قسريا لمدد متفاوتة، أمام نيابات أمن الدولة العليا التي تحيلهم إلى المحاكمات في تهم معروفة وثابتة منذ العام 2013.
وهناك نحو 123 مختف قسريا ظهروا في مقرات النيابات خلال شهر تقريبا، ورغم أن ذويهم أبلغوا عن اختفائهم منذ شهور واتهموا أجهزة الأمن بإخفائهم قسريا، وجهت النيابة لم تهم، "الانضمام لجماعة إرهابية" و"بث ونشر أخبار كاذبة" و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" و"التمويل" و"الترويج لأفكار تحض على العنف".
والخميس الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 24 مختف قسريا ظهروا بعد اختفائهم لمدد متفاوتة.
وخلال الأسبوع الماضي ظهرت 8 سيدات من المختفيات قسريا في نيابة أمن الدولة العليا، وجرى حبسهم أيضا على ذمة تلك القضايا، وهن 3 شقيقات تعرضن للإخفاء القسري 3 شهور، وشقيقتين اثنتين، و3 نساء أخريات.
والاثنين الماضي، ظهر 20 معتقلا من المختفين قسريا في النيابة بينهم الفتاة هند محمد صبحي، والشابين المسيحيين أنطونيوس يوسف نجيب ومينا يوسف نجيب، وتم اتخاذ ذات الإجراءات بحقهم.
وفي 15 نيسان/ أبريل الجاري، ظهر المعتقل أحمد صلاح عبد الله قرني (32 عاما) بعد اختفائه قسريا مدة 5 سنوات، بينما ظلت وزارة الداخلية المصرية تنكر علاقتها باعتقال صلاح تعسفيا، أو تعرضه للإخفاء القسري منذ عام 2020.
ليتم في اليوم ذاته الكشف عن مصير 25 معتقلا جرى إخفائهم قسريا لفترات متفاوتة.
وفي 12 نيسان/ أبريل الجاري، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 12 معتقلا بعد ظهورهم من الإخفاء القسري.
وفي 29 آذار/ مارس الماضي، تم حبس 16 مصريا بعد إخفائهم قسريا بينهم 3 أشقاء وفتاتان.
وفي 23 آذار/ مارس الماضي٫ ظهر 16 مختف قسريا في نيابة أمن الدولة العليا، بينهم 3 أشقاء وفتاتان، وتم حبسهم مدة 15 يوما بذات الاتهامات.
وفي 11 آذار/ مارس الماضي، ظهر الطفل بالصف الثالث الإعدادي محمد خالد جمعة، بنيابة أمن الدولة العليا، بعد إخفائه قسريا من جانب جهاز الأمن الوطني لما يقارب شهر.
حينها علقت المنظمة "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" بالقول إن "اعتقال الطفل محمد خالد وإخفائه قسريا تسبب في صدمة كبيرة لأسرته وأصدقائه وجيرانه، خاصة أنه يبلغ من العمر 15 عاما فقط، وقد فقد والده منذ 3 أشهر بعد معاناة طويلة مع المرض، وهي الفترة التي شهدها محمد وعايش تفاصيلها حتى وفاة والده، ما زاد من معاناة أسرته".
ذلك التكرار الذي قرأ فيه حقوقيون بارقة أمل، يدفع للتساؤل هل هذا الظهور المتتابع للمعتقلين المختفين قسريا خطوة من النظام لإنهاء ملف المعتقلين قسريا؟ أم استجابة للضغوط الحقوقية الدولية لتحسين صورة ملف مصر الحقوقي؟
"ثمرة الضغوط الدولية"
من جانبه، قال الحقوقي المصري محمود جابر، إن "ظهور المختفين قسرا خلال الفترة الحالية لا أعتقد أن له علاقة بإنهاء الحكومة المصرية لهذا الملف، ولكن هي فقط ثمرة الضغوط الحقوقية الدولية".
"مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان"، أوضح لـ"عربي21"، أن "ملف حالات الإخفاء القسري الذي مارسته الحكومة المصرية عن طريق الشرطة وضباط مباحث الأمن الوطني خلال السنوات الماضية كبير، فلقد تعرض أكثر من 15 ألف رجل وامراة للإخفاء القسري".
ولفت إلى أن "هناك توثيق غير دقيق لحالات ما زالت رهن الإخفاء القسري، وهم بالمئات"، موضحا أن "التوثيق غير دقيق نظرا لغياب الشفافية في الحصول على المعلومات الحقوقية والانتهاكات التي تحدث في مصر بشكل عام".
وأكد أنه "مازال هناك حتى هذه اللحظة أكثر من 100 مواطن رهن الإخفاء القسري لسنوات عديدة، أبرزهم: عبدالله محمد صادق، الذي اختفى منذ أكثر من 7 سنوات، والدكتور مصطفى النجار، ومن قبلهما نجل المحامي إبراهيم متولي، الذي اختفى منذ أحداث الحرس الجمهوري تموز/ يوليو 2013".
جابر، خلص للقول إن "الإخفاء القسري ما زال مستمرا في مصر، وأنها جريمة لم تنته بعد، ولكن هناك إخفاء لمدة قليلة ليس كبيرة طويلة المدة على إطلاقها كما كان يحدث من قبل، فعملية الإخفاء القسري حاليا تكون لأشهر معدودة ما بين 3 إلى 6 أشهر".
"ظهورهم يبعث الأمل"
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الحقوقي المصري أحمد العطار، إن "الغالبية العظمى، إن لم يكن جميع من ظهروا مؤخرا أمام نيابة أمن الدولة العليا خلال الشهور الماضية، هم من المواطنين الذين قامت قوات الأمن المصرية باعتقالهم تعسفيا من محافظات مختلفة، وإخفائهم قسرا لفترات تتراوح بين 6 إلى 7 أشهر، وليس لسنوات".
المدير التنفيذي لـ"الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، أكد أن "الاستثناء الوحيد كان ظهور المواطن أحمد صلاح من مدينة الفيوم، والذي كانت الشبكة المصرية قد نشرت سابقا عن اعتقاله تعسفيا وإخفائه قسرا منذ ما يقارب 5 سنوات".
وأوضح أنه "كان قد مثل أمام نيابة أمن الدولة العليا 25 شباط/ فبراير الماضي، حيث تم التحقيق معه، وصدر قرار بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيق، وتم ترحيله إلى مركز بدر للإصلاح والتأهيل (بدر 3)".
وبين العطار، أن "أحمد صلاح، كان الاستثناء الوحيد من بين عشرات الحالات التي حققت معها نيابة أمن الدولة، والتي وردت بشأنها محاضر ضبط حديثة مؤرخة بتاريخ سابق ليوم التحقيق بـ24 ساعة فقط".
وأشار إلى أن "ذلك الأمر يمثل مخالفة واضحة للحقيقة التي يعلمها الجميع، وفي مقدمتهم وكيل النائب العام أو المحقق، بحكم البلاغات الرسمية التي يتقدم بها أهالي المختفين قسرا إلى مكتب النائب العام والنيابة العامة، ورغم علمه بذلك، فإن قرارات الحبس تصدر بحقهم، بدلا من إخلاء سبيلهم".
"وعلى مدار السنوات الماضية، قامت الشبكة المصرية إلى جانب منظمات حقوقية مصرية ودولية، بكشف بشاعة ملف الاختفاء القسري في مصر، حيث لايزال المئات من المواطنين مختفين لسنوات طويلة، تعود بعض الحالات إلى أحداث (موقعة الجمل) إبّان ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وفق قول الحقوقي المصري.
وأوضح أنه "رغم أن من يظهرون بعد سنوات طويلة يُعدّون قلة، فإن مجرد ظهورهم يبعث الأمل ولا يُحبطنا كحقوقيين، بل يحفّزنا على الاستمرار في الضغط من أجل إنهاء هذا الملف القمعي، ومحاسبة المسؤولين عنه".
وختم بالقول: "يرى النظام المصري أن القمع والاعتقال اليومي للمواطنين بشكل ممنهج هو الحل للهروب من أزماته السياسية والاقتصادية، والتهرب من مسؤولياته في توفير الأمن، وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي".
"تقنين الوضع القائم"
الحقوقي المصري محمد زارع، أكد في حديثه لـ"عربي21"، أنه "لا يوجد حصر دقيق لعدد المختفين قسريا في السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، وأنه لا يوجد حصر دقيق لعدد من ظهروا في الفترة الأخيرة بعد الإختفاء القسري".
مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، استدرك بقوله: "لكن ظهور هذا العدد من المختفين قسريا في نيابات أمن الدولة العليا وإحالتهم للمحاكمات بعد فترات من الإخفاء القسري طويلة، ليس معناه أنهم ينهون بذلك ملف الاختفاء القسري".
وأوضح أن "معناه تقنين الوضع القائم، وأن هناك أشخاص بحوزتهم ولم يكن هناك سبب قانوني لاحتجازهم، والآن يقدمون سببا قانونيا من وجهة نظرهم بأن هؤلاء الأشخاص متهمون في قضية، وأن هناك تحقيقات نيابة معهم، وما يتبعه ذلك من حبس احتياطي لسنوات".
وتمنى زارع، أن "تخلي النيابة أو المحكمة سبيلهم جميعا، لو أن هؤلاء لم يرتكبوا أية جرائم ولم يدعوا للعنف"، مضيفا: "ولذا لا أظن أن ظهورهم في النيابات والمحاكم يعني انتهاء هذا الملف".
ويرى أن "ما يجري هو استمرار لفترة احتجازهم لكن بأسباب جديدة، تحت بند الحبس الاحتياطي على ذمة قضية معينة أو أنه يتم محاكمتهم باتهام محدد، وعندها يكون موجودا لديهم بشكل قانوني".
ومضى يؤكد أنه "يمكن أن أتفق في أن يكون هذا إنهاء للملف بأن يكون عرضهم على النيابة تبعه قرار بإخلاء سبيلهم، والإقرار بأنه لا توجد أسباب منطقية لاحتجاز هؤلاء الأشخاص، هنا اتفق بأن هذا إنهاء للملف، وأن الدولة تحاول الوصول لتبرئة وإخلاء سبيل كل من لم يتورط في عنف ويدعو له".
وختم بالقول: "ولكن طالما أن المسألة لم تتم بهذا الشكل فنحن نعد شهورا وسنوات من جديد عليهم ولكن بأسباب جديدة"، معربا عن أمنيته بأن "ينتهي ملف المعتقلين بإخلاء سبيل كل من بالسجون وتهدئة الأوضاع داخل البلاد كحاجة ملحة الآن".
"تبعات قاسية"
جريمة الإخفاء القسري وما يتبعها من انتهاكات للقانون من جرائم تعذيب بدني وصعق بالكهرباء وتعليق بالأسقف ونزع الأظافر والتكبيل بالسلاسل الحديدة لانتزاع الاعترافات نتج عنها إصابة العديد من المعتقلين بالعجز والأمراض البدنية والنفسية، بحسب حقوقيين.
وتلفت "عربي21"، إلى حالة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بمحافظة الشرقية (شمال القاهرة)، ومرشح مجلس الشورى سابقا الشيخ عزت غريب، الذي تعرض للاعتقال أكثر من مرة وللإخفاء القسري بالتبعية، ليفقد عقله نتيجة التعذيب، ثم يفقد حياته لاحقا، نتيجة ما أصابه من أمراض نفسية وبدنية، وفق شهادات مقربين من عائلته.
وتحذر منظمات حقوقية من نتائج جريمة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، على نتائج التحقيقات في القضايا، كما تدين قيام الأمن الوطني المصري باقتحام منازل المواطنين، وترويع المدنيين، واعتقال النساء والأطفال، وإخفائهم قسريا، ومن ينتج عن ذلك من أضرار نفسية واجتماعية جسيمة تحتاج إلى سنوات من العلاج والتأهيل.
وفق رصد مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، فهناك 17 ألفا و103 معتقلا تعرضوا لجريمة الإختفاء القسري منذ العام 2013، كما وثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أكثر من 4760 حالة اختفاء قسري بين أعوام (2011 و2014).
ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبدالفتاح السيسي، على الرئيس الراحل محمد مرسي، منتصف العام 2013، أطلق النظام المصري يد السلطات الأمنية والقضائية، في اعتقال آلاف المصريين وإخفائهم قسريا في مقرات تابعة للأمن الوطني، يصفها المعتقلون والحقوقيون بـ"سلخانات التعذيب".
وفي العام 2015، أصدر السيسي "قانون مكافحة الإرهاب" (94 لسنة 2015)، والذي أعطي النيابة العامة الحق في حبس المتهم دون تهمة، مع الحق في عزله عن العالم الخارجي ومنع التواصل مع أسرته ومحاميه، ما تبعه توسع كبير في عمليات الإخفاء القسري، وفق المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
ورغم أن "الشبكة المصرية لمعلومات حقوق الإنسان"، كانت قد حصلت على حكم من المحكمة الإدارية العليا نيسان/ أبريل 2017، بإلزام وزارة الداخلية بالإفصاح عن مصير المختفين قسريا، إلا أن السلطات تتجاهل الحكم، ولا تعترف من الأساس بوجود مختفين قسريا لديها.
وفي آذار/ مارس الماضي، قالت لجنة العدالة (كوميتي فور جستس)، إن مصر تواجه "تحديات داخلية كبيرة في محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، نتيجة ضعف الأنظمة القانونية والمؤسساتية"، مؤكدة أن "الإفلات الممنهج من العقاب أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيق العدالة في حالات الإخفاء القسري".
"تطور خطير"
وتشير، الوقائع إلى استمرار الجهات الأمنية المصرية بحملات الاعتقال التعسفي، ومطاردة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ومعاودة اعتقال من جرى الإفراج عنهم خاصة من جماعة الإخوان المسلمين، وتعريضهم مجددا لجرائم الإخفاء القسري.
وكان الحقوقي أحمد العطار، قد تحدث عن تطور مهم في ملف الإخفاء القسري، مؤكدا أنه "خلال الشهور الأخيرة بدأ الأمن المصري في اعتقال أكثر من فرد من الأسرة الواحدة، وأغلب المعتقلين من النساء.
وأشار لاعتقال الناشطة غادة عبدالسلام وشقيقتها الكبرى آمال، و4 من أسرتها بالإسكندرية (شمال غرب)، و4 أشقاء من محافظة الجيزة (غرب القاهرة) بينهم مريض بالصرع وشقيقتيه، واعتقال 3 شقيقات من مدينة بنها بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة).
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الإخفاء القسري مصر التعذيب السيسي الاعتقال مصر السيسي التعذيب الإخفاء القسري الاعتقال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نیابة أمن الدولة العلیا الحقوقی المصری الإخفاء القسری الشبکة المصریة المختفین قسریا لحقوق الإنسان مارس الماضی هذا الملف العام 2013 قسریا فی أکثر من فی مصر
إقرأ أيضاً:
مرصد حقوقي: إسرائيل تنفذ تهجيرا قسريا للفلسطينيين بغزة وسط صمت دولي
شدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بلغت ذروة مشروعها الاستعماري في قطاع غزة، لافتا إلى شروع الاحتلال بتهجير الفلسطينيين بشكل قسري خارج أرضهم تحت ذريعة "الهجرة الطوعية".
وقال المرصد في تقرير نشره عبر موقع الإلكتروني الرسمي، إن "المشروع الإسرائيلي في قطاع غزة بلغ ذروته الكاشفة، إذ لم تَعُد إسرائيل تُخفي نواياها بشأن خطتها لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، بل باتت تعلنها بصراحة وبخطاب رسمي من أعلى المستويات".
وأضاف أن دولة الاحتلال تنفذ مشروعها "عبر سلسلة من الإجراءات الميدانية والمؤسسية التي تُعيد صياغة الجريمة وتُقدّمها على أنّها هجرة طوعية، مستغلة صمتا دوليا مطبقا وفر لها بيئة آمنة لمواصلة ارتكاب الجريمة، وبلوغ هذا المستوى من الإفلات من العقاب دون رادع أو مساءلة".
وحسب المرصد، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تمضي قدما في تنفيذ المرحلة النهائية من جريمتها وهدفها الأصلي؛ وهو الطرد الجماعي للفلسطينيين خارج فلسطين، تحديدا خارج قطاع غزة، بعدما أمضت عاما ونصف في ارتكاب جرائم إبادة جماعية".
وأشار المرصد إلى أن التهجير القسري يعد جريمة مستقلة بموجب القانون الدولي، وتتمثل في طرد الأشخاص من المناطق التي يوجدون فيها بشكل شرعي، باستخدام القوة أو التهديد بها، أو من خلال وسائل قسرية أخرى، دون مبررات قانونية معترف بها.
وقالت مديرة الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، ليما بسطامي، إن "إسرائيل ارتكبت بالفعل جريمة التهجير القسري بحق سكان قطاع غزة، حين دفعتهم قسرا إلى النزوح داخل القطاع دون أي مسوغات قانونية، وفي ظروف تتعارض كليًا مع استثناءات القانون الدولي التي لا تُجيز الإخلاء إلا بصورة مؤقتة، ولأسباب عسكرية قاهرة، ومع ضمان مناطق آمنة تحفظ الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وهو ما لم يحدث على الإطلاق".
وأضافت أن "إسرائيل وظفت هذا النمط الوحشي، والمتكرر، وواسع النطاق من التهجير كإحدى أدوات الإبادة الجماعية، بهدف تدمير السكان وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة".
ولفتت بسطامي إلى أنه "رغم أن الجريمة اكتملت من الناحية القانونية، إلا أن إسرائيل ماضية في تصعيدها إلى مستوى أشد فتكا بالشعب الفلسطيني، يُجسّد منطقها الاستعماري الاستيطاني القائم على الطرد والإحلال، من خلال تنفيذ المرحلة الثانية من التهجير القسري خارج حدود الوطن".
وأوضحت أن دولة الاحتلال "تحاول تسويق هذه الجريمة على أنها هجرة طوعية، في خداع مكشوف لا ينطلي إلا على مجتمع دولي اختار التواطؤ بدلا من المواجهة، والصمت بدلا من المساءلة".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ في 25 كانون الثاني /يناير الماضي في الترويج لمخطط تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.
وتقول منظمات إغاثة إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الإنساني الدولي.