عربي21 ترصد خريطة تواجد 5 أقليات في سوريا.. هل تتوحد ضد الأسد؟
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
تشهد محافظة السويداء جنوبي سوريا مظاهرات مستمرة لليوم الخامس على التوالي بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة تطورت بعد ذلك للمطالبة بإسقاط النظام.
واعتمد النظام السوري فكرة "حماية الأقليات" لمواجهة الثورة السورية، في محاولة لتحييدها، ونجح جزئيا في تحقيق ما أراده، لكن بعض هذه الأقليات انخرطت في الثورة.
"سنعيدها سيرتها الأولى"، "الشعب السوي واحد" تجتاح هذه الشعارات مواقع التواصل الاجتماعي، لمواكبة حراك التظاهرات المستمر منذ أسبوع في عدة مناطق سورية وأبرزها مدينة السويداء معقل الموحدين الدروز.
سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ
[ طه - 21 ]#Rawan#الثورة_السورية pic.twitter.com/FfHEvqqz72 — Rawan Alasfer (@RawanAlasfer) August 25, 2023
امتدت التظاهرات من السويداء حتى درعا ثم حلب وبلغت ذروتها اليوم الجمعة حيث خرج آلاف المتظاهرين في جميع أنحاء سوريا مطالبين بإسقاط النظام، وذلك مطلب لم يغب عن الحراك في مناطق المعارضة لكن أن يتصدر تظاهرات السويداء، هنا العلامة الفارقة.
"الشعب يريد إسقاط النظام" من وسط #السويداء الآن: pic.twitter.com/g2rkwQTwwV — عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) August 25, 2023
وسجلت مدن وبلدات الشمال السوري عدة وقفات تضامنية مع التظاهرات في الجنوب السوري ورفعت شعارات عدة أبرزها "ثورة لكل السوريين".
مااشبه البارحة باليوم #الثورة_مستمرة pic.twitter.com/vdsuRR9qTQ — Adnan Alhussein (@Adnan_Alhusen) August 25, 2023
إلا أن تظاهرات السويداء التي اكتسبت زخما شعبيا ودينيا سلطت الضوء على تفاقم الغضب الشعبي من الأوضاع الاقتصادية المتردية فضلا عن الوضع السياسي المأزوم.
#شاهد: "سوريا تجمعنا كلنا.. ووجعنا واحد"، وفد من عشائر الجبل يحلّ في ضيافة الرئيس الروحي للطائفة الدرزية سماحة الشيخ حكمت الهجري في دارة قنوات، اليوم الجمعة. pic.twitter.com/7WQeCaKuA2 — السويداء 24 (@suwayda24) August 25, 2023
وكانت قرارات النظام الأخيرة برفع الدعم عن المحروقات المحرك الأساس للتظاهرات، إلا أنها بدأت تأخذ منحى تصاعدي عقب إعلان الإضراب العام والمناداة العلنية بإسقاط النظام.
ديموغرافية سوريا
يتشكل الشعب السوري من طيف متنوع عرقيا ودينيا حيث تعتبر بلاد الشام من أكثر المناطق حيوية في التاريخ، وأرضا جاذبة للسكان لعدة أسباب على رأسها الموقع الجغرافي الهام فضلا عن طقسها وأرضها الخصبة ومكانتها الجيوسياسية.
ويبلغ عدد سكان سوريا أكثر من 23 مليون نسمة بحسب تقديرات غير رسمية عام 2011, يتوزعون على عدة 14 محافظة، ويتركزون في الحواضر الكبيرة مثل دمشق وحلب وحمص واللاذقية ودير الزور والرقة.
وفي دراسة لمركز "جسور" ذكرت أن سكان سوريا حتى الربع الأول من عام 2023، وصل إلى 26.7 مليون نسمة، منهم 16.76 مليوناً داخل البلاد، و9.12 ملايين سوري خارجها، فضلاً عن 897 ألف مفقود ومغيب.
العرب السنة
يشكل العرب السنة أكثر من 65 بالمئة من سكان البلاد متوزعين على مراكز المدن وأريافها، مثل حلب، دمشق، الرقة، حمص، حماة، دير الزور، درعا، القنيطرة، اللاذقية، وهم يمثلون الغالبية العظمى من الشعب السوري.
الأكراد
يمثل الأكراد أكبر أقلية عرقية في سوريا حيث تبلغ نسبتهم نحو 10% من سكان البلاد ومعظمهم من المسلمين السنة، مع أقليات علوية ويزيدية ومسيحية.
ويتركز ثقل المكون الكردي في شمال شرقي البلاد بمحافظة الحسكة ويمتد إلى على طول الحدود السورية التركية حيث تقع مدن كوباني وعفرين، كما ينتشرون في عدة أحياء بدمشق وحلب والرقة.
العلويون
تبلغ نسبة العلويين في سوريا نحو 10 بالمئة من نسبة السكان، ويتمركزون في محافظتي اللاذقية وطرطوس بشكل رئيسي، مع أجزاء من محافظتي حماة وحمص الغربية تحديدا.
المسيحيون
تتراوح نسبة المسيحيين في سوريا بين 8 - 10 بالمئة من إجمالي عدد السكّان، غالبيتهم من الروم الأرثوذكس بالإضافة إلى الآشوريين والكلدان والسريان والأرمن والآراميين.
وينتشر المسيحون في دمشق وحلب وحمص وحماة والحسكة، بأحيائهم المعروفة، حيث تعتبر دمشق مقر ثلاث بطريركيات للروم الأرثوذكس الإنطاكيين والروم الكاثوليك وثالثة للسريان الأرثوذكس، كما تعتبر مقر أبرشية لأغلب الطوائف المسيحية السورية الأخرى.
الدروز
يشكل الدروز نسبة 3 بالمئة من سكان سوريا وتعد محافظة السويداء معقلهم الرئيس، والتي تسمى بجبل الدروز، كما يتواجدون في المناطق الريفية والجبلية شرق وجنوب العاصمة دمشق.
وتتحدث بعض التقديرات أن سوريا تضم حوالي 40 - 50 بالمئة من إجمالي الدروز في العالم البالغ عددهم حوالي 1.5 مليون.
الإسماعيلية
لا تتجاوز نسبة الطائفة الإسماعيلية في سوريا 1 بالمئة من عدد السكان ويتركز وجودهم شكل أساسي في حماة وتحديدا في منطقة “السلمية ومصياف” ومحافظة طرطوس.
الموقف من الثورة
شكلت الثورة السورية التي انطلقت في آذار/مارس 2011 حدثا مفصلا في تاريخ البلاد، ألقى بظلاله على التركيبة الديموغرافية وأظهر شرخا حقيقيا في النسيج المجتمعي السوري بدا واضحا في الموقف من التظاهرات التي طافت المدن السنية في سوريا تطالب بالحرية قبل أن يواجهها النظام بالحديد والنار لتتحول بعدها إلى صراع مسلح مستمر حتى الآن.
نجح النظام السوري الذي يشكل العلويون نواته الصلبة بتحييد الأقليات عن الثورة باعتبار أن الأغلبية السنية قد تشكل خطرا عليهم، واستمال عدد كبير إلى القتال دفاعا عنه باسم الطائفة حتى أخذت الثورة في مراحل كثيرة طابعا طائفيا متناسقا مع الاحتقان الطائفي الذي تعانيه المنطقة في العراق ولبنان واليمن.
وتفاقم تخوف الأقليات من الثورة بعد ظهور جماعات سنية مثل تنظيم الدولة مقابل الميليشيات الشيعية التي استقدمها النظام للقتال إلى جانبه.
وعلى الرغم من ذلك فقد شارك عدد من المسيحيين والدروز والأكراد في التظاهرات التي شكلت باكورة الحراك السلمي في أيام الثورة الأولى.
ومع تباين حدة المواقف من الثورة إلا أن إحجام الأقليات عنها بدا واضحا رغم الشعارات التي رفعها المتظاهرون ومن ثم الهيكل السياسي للمعارضة بنبذ الطائفية والدعوة لدولة قانون ومساواة تعتمد قيم المواطنة والعيش المشترك.
لم تخف أغلبية الطائفة العلوية منذ أول يوم للثورة موقفها المناوئ للحراك وعبرت عن تضامنها مع النظام السوري، كما رفضت التعامل مع هذه المظاهرات على أنها ثورة شعبية.
وكانت رواية النظام عن "مؤامرة خارجية يقودها إرهابيون وممولون من الخارج" هي الرائجة في أوساط الطائفة التي ينخرط معظم أبنائها في الجيش السوري والمؤسسات الأمنية.
ومع اتساع رقعة الثورة ثم الصراع المسلح انخرط معظم أبناء الطائفة العلوية في صفوف الجيش بالإضافة لميليشيات أخرى مثل "الدفاع الوطني وصقور الساحل وصقور الصحراء"، وغيرها.
وتواجه الميليشيات العلوية اتهامات بارتكاب مجازر ضد المناطق السنية خلال الثورة مثل مجازر حمص والحولة وحماة والتريمسة والقبير وفي بانياس والبيضا وغيرها.
#عاجل
???? الكشف عن فيديو يوثق مجزرة #بانياس ويظهر جثث أطفال.
???? تم تمويه الفيديو لكن المشاهد قاسية.
خلال يومي 2 و3 من أيار عام 2013، شهدت بلدة البيضا، وحي رأس النبع في مدينة #بانياس، مجزرة طائفية، ارتكبها نظام الأسد، راح ضحيتها أكثر من 450 ضحية مدنية، أغلبهم أطفال ونساء.… pic.twitter.com/lf1JucADqv — ZAMANALWSL - زمان الوصل (@zamanalwsl) May 9, 2023
وعلى الرغم من وقوف الكثير من العلويين إلى جانب النظام، برزت العديد من الأصوات المعارضة داخل الطائفة، واتهموا الأسد باختطاف الطائفة وزجها في أتون الصراع بهدف البقاء في السلطة.
ويمكن القول إن غالبية المسيحيين التزموا الحياد تجاه الثورة رغم دعم رجال الدين فق الكنيسة العلني للنظام، كما شارك العديد من الشباب المسيحيين في التظاهرات السلمية خلال الأشهر الأولى للثورة، بالإضافة لمساهمتهم في أعمال الإغاثة.
ويعد ميشيل كيلو أبرز المعارضين المسيحيين الذين وقفوا ضد نظام الأسد وتقلد عدة مناصب في المعارضة السورية.
ومع احتدام الصراع يتهم معارضو الأسد بافتعال أعمال مفبركة بهدف استمالت المسيحيين مثل التفجيرات في المناطق المسيحية وعمليات الخطف التي استهدفتهم.
وشكلت بعض التكتلات السكانية المسيحية ميليشيات داعمة للنظام مثل قوات الغضب في مدينة السقيليية بمحافطة حماة وميليشيات "سوتورو" في القامشلي بالحسكة، المكونة من المسيحيين السريان، وبعض الأرمن.
التعفيش بـ #الحسكة..ميليشيات مسيحية تنهب القرى والبلدات الآشورية https://t.co/UOTMBPGzZE#أورينت #سوريا pic.twitter.com/twHXlS7VR5 — Orient أورينت (@OrientNews) October 22, 2015
وساد التوتر بشكل شبه دائم علاقة الأكراد بالنظام السوري منذ عام 1963، ولعل انتفاضة القامشلي عام 2004 كانت أبرز محطات الصدام مع النظام.
ومع انطلاق الثورة في 2011 شارك الأكراد بشكل واضح في التظاهرات بدءا بمنطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، مروراً بمنطقة عين العرب في ريف حلب الشمال الشرقي، وانتهاء بمحافظة الحسكة، كما نشط الأكراد في العاصمة دمشق، وفي حلب.
ويعتبر المعارض "مشعل تمو" أيقونة للمعارضة الكردية للنظام حيث أشعل اغتياله في القامشلي عام 2011 تظاهرات في المناطق ذات الغالبية الكردية تتهم النظام بالوقوف وراء مقتله.
الرحمة لروح شهيد الحرية مشعل تمو ..في ذكرى استشهاده
كان وسيبقى رمزاً لوحدة سوريا وتحررها وطناً لجميع السوريين pic.twitter.com/yjhQA4RD4d — عمار آغا القلعة (@Ammaraghaalkala) October 6, 2020
عقب مقتل "تمو" شكل حزب "الاتحاد الديمقراطي" النسخة السورية من حزب "العمال الكردستاني"، وحدات حماية الشعب، وهي قوات عسكرية تولت إدارة المناطق الكردية بعد تسليحها من قبل النظام.
ومع تفاقم الأزمة وبدء الحرب على تنظيم الدولة أخذت وحدات حماية الشعب طابعا أكثر استقلالية بعد تلقيها الدعم الأمريكي لتتطور إلى "قوات سوريا الديمقراطية" التي تدير مساحات واسعة من شمالي شرقي البلاد وتتمتع بعلاقات جيدة مع النظام ودخلت في صراعات مع المعارضة السورية قبل وبعد التدخل التركي.
مجزرة في سوق مدينة #الباب بريف #حلب صباح الجمعة، تسعة شهداء حتى الآن.
القصف بالصواريخ مصدره منطقة سيطرة قسد والنظام في قرية شعالة pic.twitter.com/TmiYYLqIOX — أحمد أبازيد (@abazeid89) August 19, 2022
ودخل ما تعرف اختصارا بـ "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) بمحادثات مع النظام خلال السنوات الأخيرة إلا أنه لم يخرج بنتائج تذكر بسبب إصرار النظام على استعادة مناطق شرقي نهر الفرات مقابل "حقوق ثقافية" للأكراد.
استهزاء بالصلاة وتدنيس المساجد وشركاء ل حزب الله والنظام السوري #ما_لا_تعرفه_عن_قسد pic.twitter.com/I0RdgJxdYW — دلخواز قامشلي (@DL___Q) October 11, 2019
أما الدروز، فقد شاركوا أيام الثورة الأولى في المظاهرات ضد النظام، لكن سرعان ما تلاشى الحراك ولم يأخذ ذات البعد الذي كان واضحا في المناطق السنية.
وفي عام 2011 زار الرئيس السوري بشار الأسد محافظة السويداء بحجة إقامة مشاريع في بعض القرى التي تعاني من الجفاف، في محاولة على ما يبدو لكسب تأييد الطائفة ضد الثورة السورية.
وخلال أعوام 2012 2013 ظهرت احتجاجات محدودة للدروز في السويداء، لكن اغتيال الشيخ وحيد البلعوس المعروف بتقاربه مع الثورة عام 2015 مثل حدثا مفصليا، حيث تفجرت تظاهرات حاشدة في السويداء كما هاجم أنصار البلعوس عدة نقاط لقوات النظام.
وأخيراً السويداء تنتفض
حان الوقت لأخذ الثأر من طاغية الشام
اليوم سيرتاح الشهيد الشيخ وحيد البلعوس ورفاقه فقد انتفضت السويداء .
وها هم يرددون قوله : يا فوق الأرض بكرامة يا تحت الأرض بكرامة . pic.twitter.com/PKxqSm4tRa — waed walid (@wa3d_walid) June 7, 2020
وانتهت الأزمة بعد تعهد النظام بتقديم المتورط بقتل البلعوس للعدالة، وسادت حالة من التوتر بين النظام والطائفية خلال السنوات الماضية لعدة أسباب على رأسها الأزمة الاقتصادية ومقتل الكثير من أبناء الدروز بصفوف جيش النظام خلال حربه ضد المعارضة المسلحة.
اتهم #ليث_البلعوس ابن القائد المؤسس #وحيد_البلعوس لحركة رجال الكرامة, #إيران و ميليشيا #حزب_الله بالوقوف وراء مقتل والده، كما اعتبر أنهما المسؤولان الرئيسيان عن إشعال الفتنةبين أبناء #محافظة_السويداء وجارتها #درعا وأبناء البدو في القرى المحيطة, وإغراق المنطقة بالمخدرات.#سورية pic.twitter.com/K6KKZtDzBC — Nabil Said (@nabilsaidsweden) August 8, 2021
وتوجه اتهامات لقيادات درزية في جيش النظام بالإضافة لمجاميع مسلحة تابعة للطائفة بارتكاب جرائم ضد المدنيين في المناطق الساخنة، لاسيما منطقة اللجاة في درعا.
لبنان.."سرايا التوحيد" ميليشيات درزية جديدة مؤيدة للأسد pic.twitter.com/YXRaUuA3bO — أخبار العالم العربي (@arabworldengli1) November 21, 2016
حراك الساعة
أشعلت التظاهرات التي عمت عدة محافظات سورية جذوة الثورة لدى الكثير من المعارضين خصوصا مع اشتراك الدروز فيها، بالتزامن مع تعالي أصوات الكثير من الناشطين العلويين انتقادا للنظام بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة.
وبين من يرى في الحراك مرحلة جديدة من الثورة أو تظاهرات جياع سرعان ما ستنتهي، تبرز تساؤلات عديدة حول انعكاس ومستقبل هذه التظاهرات على المشهد السوري.
ثورو يا حفاد البلعوسي
نطرد المحتل الروسي
الله محي #السويداء
من مارع الأبية اليوم ... pic.twitter.com/pcI7A7pxJU — مهند السعيد (@muhanad_alsaeid) August 25, 2023
يقول الأكاديمي السوري والباحث في مركز حرمون للدراسات سمير العبد الله، "إن النظام الذي روج لنفسه منذ وصول حافظ الأسد للحكم بأنه حامي للأقليات في سورية، وازدادت هذه الرواية بعد بدء الثورة عام 2011، يشعر بالتخوف في حال تطور الأوضاع في السويداء لأن ذلك يسقط من يده تلك الورقة، ولهذا لا يلتجأ للعنف أبدا ردا مع المتظاهرين".
وأضاف العبد الله في حديثه لـ "عربي21”, “أن سياسة النظام تقوم بشكل أساسي على عدم المواجهة العسكرية خشية تطور الأمور في المحافظة، لكنه يهدد الدروز بالفتن وبالتنظيمات المتطرفة كما حصل سابقاً، بالتزامن مع محاولة كسب بعض الدروز لصفه، مما يشعر مشيخة العقل في المحافظة بالخوف من فتنة في الجبل، عسى أن تغير موقفها".
ويتابع الأكاديمي السوري، "النظام لا يقدر على فتح جبهات جديدة لا سيما أن معظم قواته في الشمال والشرق بإلإضافة إلى أن اسخدامه للعنف ضد السويداء يسقط دعايته بحماية الأقليات أمام المجتمع الدولي، فالمحافظة لها خصوصية في تكوينها الديمغرافي، إذ لا يستطيع النظام اتهام المتظاهرين بأنهم دواعش أو متطرفين على سبيل المثال ليبرر قسوة التعامل معهم في حال حدوثها".
وردا على سؤال حول تشابه الحراك الحالي بما جرى سابقا في السويداء، أجاب، "إذا قارنا الحراك الحالي في السويداء بالتظاهرات السابقة فهذا الحراك هو الأكبر وخاصة أنه حظي بدعم اثنين من مشايخ العقل الدروز، وهذا يعطيه بعدا آخر، من ناحية مازال محصورا في السويداء ودرعا ولم ينتقل لمناطق أخرى تحت سيطرة النظام كالساحل السوري أو دمشق".
وعن المآلات يرى العبد الله أن هناك ثلاث سيناريوهات للأحداث:
الأول: استمرار المظاهرات لفترة من الزمن دون أن تنتقل لمناطق جديدة، وتخف وتيرتها شيئا فشيئا، وخاصة في حال عدم مواجهة النظام لها، وهذا مايفعله حتى الآن، وهو السيناريو المفضل للنظام في ظل ظروفه الحالية.
السيناريو الثاني: اتساع المظاهرات لمناطق جديدة، لاسيما الساحل السوري والذي يخشى النظام منه، لذلك بدأ بإخراج مسيرات مؤيدة هناك، وفي حال حصول ذلك سيتغير مسار الأحداث كلها في سوريا.
السيناريو الثالث: قيام النظام بمواجهة هذه التظاهرات وبالتالي الصدام المباشر مع أهالي السويداء، ومايعنيه ذلك من سقوط دعاية النظام بحماية الأقليات، وتطور الأوضاع في المنطقة الجنوبية بشكل غير متوقع.
وعن حراك الساحل وارتفاع وتيرة انتقاد النظام بين الناشطين العلويين يرى العبد الله، "صعوبة تطور الحراك هناك لعدة أسباب على رأسها استمرار النظام بتخويفهم من الانتقام الذي قد يتعرضون له من الشعب السوري، بالإضافة لخلو تلك المناطق من الشباب الذين يمكنهم القيام بتحرك، فأغلبهم في جيش النظام أو متطوعين أو ضمن ميلشياته".
من جهته يقول الناشط السوري محمود الحموي، "إن النظام ورط الأقليات بالحرب والأزمة الاقتصادية"، عادا ما يجري لحظة صحوة للطائفة العلوية تحديدا لا سيما أن الدروز كانوا على علاقة غير جيدة بالنظام طوال السنين الماضية.
وأضاف في حديث لـ "عربي21”, أن النظام فشل بضم الدروز لصفه، مشيرا إلى أن التظاهرات الحالية تدعم توحيد الجهود ضد النظام.
وردا على وصف ما يجري بثورة الجياع، قال الحموي، "إن مطالبهم كانت سياسية واضحة تجلت بهتاف إسقاط النظام"، مردفا "أن الثورة تجمع مختلف شرائح وطلبات المجتمع من اقتصادية إلى حقوقية وسياسية فالثورة واحدة والمطلب بات واضحا بإسقاط النظام".
#سوريا #السويداء
"ثورتنا ليست ثورة جياع... ثورتنا ثورة كرامة" ... الشيخ سليمان عبد الباقي أحد وجهاء مدينة السويداء خلال مظاهرات مناهضة للنظام في المحافظة؟!! pic.twitter.com/rmSrPg1Ep8 — علي بن غذاهم (@RevoltAli) August 23, 2023
لكن هناك من يرى استنادا لتجارب سابقة أن فكرة التباين الأيديولوجي وحالة انعدام الثقة بين مكونات المجتمع السوري بعد الثورة، أفرزت لكل مكون مطالب معينة قد لا تلتقي بالضرورة مع الثورة التي خرجت منذ 12 عاما.
كم مرة انتفض اهل السويداء بمظاهرة نصرة لأهالي مارع او حلب ؟!! https://t.co/TjvHGiOGpy — Wael Essam وائل عصام (@WaelEssam77) August 25, 2023
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات السويداء سوريا الأقليات الثورة سوريا الثورة الأقليات السويداء سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محافظة السویداء النظام السوری بإسقاط النظام فی السویداء العبد الله فی المناطق الکثیر من مع النظام بالمئة من من الثورة pic twitter com فی سوریا فی حال عام 2011 إلا أن
إقرأ أيضاً:
لماذا تخشى المعارضة السورية تولي تولسي الاستخبارات الأمريكية؟
أجج ترشيح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تولسي غابارد لإدارة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، استياءً وقلقاً كبيراً في أوساط المعارضة السورية.
ومرد ذلك، مواقف غابارد السابقة في الملف السوري، وتحديداً لجهة انتقادها دعم إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما المعارضة السورية، وكذلك زيارتها دمشق واجتماعها برئيس النظام السوري بشار الأسد، في العام 2017، عندما كان الأخير في أشد عزلته.
وأبعد من ذلك، تتحدث مصادر المعارضة بتوجس عن علاقة "قوية" تربط غابارد بالأسد، وتدل على ذلك برفض غابارد المنشقة عن الحزب الديمقراطي التدخل الأمريكي العسكري في سوريا، ورفضها وصف الأسد بـ"عدو أمريكا".
ولا تستبعد المصادر ذاتها، أن تفتح غابارد قنوات حوار مع النظام السوري، وخاصة أن ذلك من مهام منصبها الجديد (مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية).
مؤيدة للنظام السوري
وفي هذا السياق، يلمح رئيس "المجلس السوري الأمريكي" فاروق بلال، إلى مواقف غابارد السابقة، ويقول: "من المعروف عنها تأييدها للنظام السوري، وقربها من روسيا حليفة النظام الأبرز".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يشير إلى حساسية منصب غابارد الجديد، ويقول: "رغم القلق نبحث في المجلس السوري عن صيغة للتعاون مع الإدارة الجديدة"، وخاصة أن من ضمن تشكيلة ترامب الوزارية شخصيات لها مواقف قوية من النظام، مثل المرشح لحقيبة الخارجية ماركو روبيو، الذي له مواقف ثابتة ضد النظام السوري، ويمكن تلمس ذلك من خلال دعمه ورعايته لأكثر من قانون أمريكي يخص سوريا، ومنها "مناهضة التطبيع مع نظام الأسد".
بذلك، يرى بلال أن الإدارة الأمريكية تحتوي شخصيات من القطبين (المؤيد والمعارض للنظام)، ومن المؤكد أن الفترة المقبلة ستشهد تجاذبات في البيض الأبيض بخصوص سوريا، مستدركاً بقوله: "هنا تأتي أهمية العمل المتوازن من المجلس السوري والمنظمات السورية الأمريكية الأخرى".
تعيين إشكالي
بدوره، وصف مدير البرنامج السوري في "المجلس الأطلنطي" (مؤسسة بحثية أمريكية)، قتيبة إدلبي، تعيين غابارد في منصب مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية بـ"الإشكالي"، وقال لـ"عربي21": "لكن من الصعب الحكم مبكراً على شكل تأثير وجود غابارد على الملف السوري".
وأكد أن منصب غابارد ليس له تأثير مباشر على صنع القرار في الشأن السوري، وقال: "من الواضح أنها ستجد نفسها في موقف أصعب للدفاع عن الأسد كون المنصب يحتم عليها تنسيق جمع المعلومات الاستخباراتية من الأجهزة الأمنية ووضعها أمام الرئيس، بمعنى لا يمكنها تغيير الحقائق الأمنية التي ستصلها من الوكالات المختلفة".
وأنهى إدلبي بقوله: "من الصعب الحكم على تأثيرها وتداعيات تعيينها قبل 20 كانون الثاني/يناير القادم، أي قبل تولي ترامب منصبه".
في المقابل، يرى المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية حازم الغبرا أن "من الصعب الحكم على شكل العلاقة التي تجمع غابارد بالأسد، وكل ما نعرفه أنها زارت دمشق".
تغيير المواقف
وأشار الغبرا إلى انشقاق غابارد عن الحزب الديمقراطي الأمريكي، وقال: "لا يمكن الوثوق بمواقفها السابقة في الملف السوري، لأنها مواقفها قد تختلف باختلاف توجهها السياسي".
وتابع المستشار بالإشارة إلى "الإجماع الأمريكي" في الملف السوري، وقال: "قد لا تستطيع تغيير هذا الإجماع، مهما كانت مواقفها من النظام، بحيث لا زالت واشنطن رافضة لتعويم النظام السوري".
يذكر أن غابارد بررت زيارتها سوريا ولقاءها بشار الأسد في العام 2017، بقولها "لأنني شعرت أنه من المهم إذا كنا حقاً نهتم بالشعب السوري ومعاناته، أن نكون قادرين على مقابلة أي شخص نحتاج إليه إذا كان هناك احتمال لتحقيق السلام"، وذلك رداً على الانتقادات بحقها.