الخليج الجديد:
2025-02-07@11:39:11 GMT

أجواء فوضى دولية وإقليمية

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

أجواء فوضى دولية وإقليمية

أجواء فوضى دولية وإقليمية

هيمنت أمريكا وفي ظل هيمنتها تضررت دول وتدهورت أحوال أمم وتفرقت شعوب.

فرضت أمريكا على الشرق الأوسط وربما على العالم بأسره دولة إسرائيل نموذجاً في الهيمنة الإقليمية والتفوق العنصري وسيادة الرجل الأبيض.

تكشف المقارنة عن الانحدار الذي تدنت إليه مكانة الغرب خلال عقدين وصعود مشاعر الاحتجاج ضده في معظم عواصم آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

السد الأمريكي يتهاوى رغم محاولات أمريكية مستمرة ومتواصلة لتعزيز الهيمنة بإقامة شبكة أحلاف والعودة لتعزيز وزيادة عدد القواعد العسكرية الأمريكية في الخارج.

تحاول أمريكا تعبئة كل الطاقات والسياسات الكفيلة باستدراج الصين إلى مواجهة مبكرة قبل أن تكتمل مكونات القطبية لدى الصين ومكونات نشأة نظام دولي جديد.

مرحلة فاصلة لا إفلات منها إلا إذا توصلت القوى الكبرى لتفاهم ومؤسسات دولية وقواعد عمل تحل وبسرعة محل نظام الهيمنة الذي فرضته أمريكا وكاد يعلن فشله.

نحن أمام محاولة إعادة السباق الاستعماري الغربي على إفريقيا. تحدث الإعادة ولكن في مواجهة مقاومة من جيوش أهلتها ودربتها القوى الأوروبية التي هيمنت على القارة.

* * *

أخشى أنك إن اتجهت شرقاً أو ذهبت غرباً أو بقيت في إقليم يقع بين هذا وذاك فسوف تشعر وكأنك في مكان حاضره مهدد بموجات فساد لعين وهجمات على الحقوق وقيود على الحريات بلا حدود. أما مستقبله فواقع في مهب أعاصير لا تهدأ وحرائق لا ترحم.

تلقيت الفقرة السابقة ضمن رسالة من صديق يعيش في الخارج. أشهد له أنه في كل رسائله الإعلامية ومقالاته الأكاديمية يلتزم الدقة والموضوعية.

قرأت رسالته مرات قبل أن أرد عليها. خيل لي وأنا أقرأها أنه كمن رأى رجلاً دائب التنقل بين دولة وأخرى يصف ما يراه. وليس كل ما رآه كان على ما يرام. لم تفلت من تفاصيل الهموم في رسالته دولة صغيرة أو كبيرة. يمشي مخلفاً في ركابه عالم يتهاوى ومصائب تتوالى.

مرشح رئاسة جمهورية في دولة لاتينية تقتله رصاصات من مجهول. عصابات تتجمع في دولة لاتينية أخرى وتحتل أراضي شاسعة وتقيم حواجز فشلت دبابات جيش الحكومة في إزالتها.

ثلاثة أجيال من شعب كوبا ترث الحصار الأمريكي ولا وعد بقرب نهايته. شعب فنزويلا يعاني قسوة الفقر والمرض والاستبداد في ظل نظام عقوبات تفرضه الدولة الأعظم عليها كما تفرضه على دول أخرى عديدة عصت أو أخطأت أو حتى ترددت.

في أقصى الشمال تواجه كندا أشد حريق غابات عرفته في تاريخها عبأت لإخماده قواتها المسلحة.

إلى الجنوب من كولومبيا البريطانية تحترق غابات في ولاية واشنطن، أما أبشع الحرائق فمشتعلة في جنوب كاليفورنيا. الخسائر باهظة في وقت زادت وتعالت أصوات الاحتجاج على ما يذهب إلى أوكرانيا من أموال وفوائض سلاح وذخائر.

هناك في الشرق الأقصى عادت اليابان لتتسلح بتشجيع من أمريكا وكان أول ضحايا هذا البرنامج رئيس وزرائها الذي قتلته رصاصة من ناشط ينتمي لتيار مناهض للتسلح.

ثم كانت الخطوة التالية وهي إقامة حلف عسكري ثلاثي يضم كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، الهدف حلف على نمط حلف الأطلسي لغرض الإحاطة بالصين تمهيداً لحرب باردة ثانية.

هنا في إفريقيا يتعذر تبسيط العرض. نحن هنا أمام محاولة إعادة السباق الاستعماري الغربي على إفريقيا. تحدث الإعادة ولكن في مواجهة مقاومة من جيوش أهلتها ودربتها القوى الأوروبية التي هيمنت على القارة.

عبرت الجيوش عن رأيها في عودة الاستعمار بسلسلة من الانقلابات العسكرية. التعبير منقول عن سلسلة الانقلابات التي وقعت في أمريكا اللاتينية أكثرها بإرادة المهيمن الأمريكي وبعضها ضده.

تحدث الآن في إفريقيا في حضور قوي من ميليشيا روسية يقودها فاغنر بتكليف جديد من الرئيس بوتين. تحدث كذلك في وجود أمريكا، القوة التي لم تكن مهتمة بإفريقيا في ذلك الحين، أقصد في نهاية القرن التاسع عشر. وهي الآن مهتمة ولن تدع الأوروبيين ينفردون بالقارة كما فعلوا من قبل.

من إفريقيا والشرق الأوسط وغيرهما نزوح غير مسبوق من دول تسعى للانضمام إلى الدول الخمس المؤسسة لمجموعة بريكس. أقارن بين حماسة هذه الدول الآن والفتور الذي قوبل به عرض الانضمام عند التأسيس قبل حوالي عشرين عاماً.

تكشف المقارنة عن أمر واحد على الأقل هو الانحدار الذي تدنت إليه مكانة الغرب خلال العشرين عاماً وصعود مشاعر الاحتجاج ضده في معظم عواصم آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

هيمنت أمريكا وفي ظل هيمنتها تضررت دول وتدهورت أحوال أمم وتفرقت شعوب وفرضت على الشرق الأوسط وربما على العالم بأسره دولة إسرائيل نموذجاً في الهيمنة الإقليمية والتفوق العنصري وسيادة الرجل الأبيض.

لكن يجب الاعتراف بأنها، أقصد أمريكا، كانت سداً منيعاً ضد طوفان الفوضى الشاملة في العالم. هذا السد يتهاوى رغم محاولات أمريكية مستمرة ومتواصلة لتعزيز الهيمنة بإقامة شبكة أحلاف والعودة لتعزيز وزيادة عدد القواعد العسكرية الأمريكية في الخارج.

تحاول أمريكا تعبئة كل الطاقات والسياسات الكفيلة باستدراج الصين إلى مواجهة مبكرة قبل أن تكتمل مكونات القطبية لدى الصين ومكونات نشأة نظام دولي جديد.

مرحلة فاصلة تلك التي نعيشها، لن نفلت منها إلا إذا توصلت القوى الكبرى الراهنة والصاعدة إلى صيغة تفاهم ومؤسسات دولية وقواعد عمل تحل وبسرعة محل نظام الهيمنة الذي فرضته أمريكا وكاد يعلن عن فشله.

*جميل مطر مفكر سياسي، دبلوماسي مصري سابق

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا نظام الهيمنة حرب باردة مؤسسات دولية القوى الكبرى عودة الاستعمار الانقلابات العسكرية

إقرأ أيضاً:

باحث علاقات دولية لـ «الأسبوع»: ترامب يحاول تمرير تهجير الفلسطينيين عبر مصطلحات تجميلية تتقبلها الشعوب

قال الدكتور محمد ربيع الديهي، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، إن استخدام مصطلح نقل السكان أو أهالي غزة بديلا عن «التهجير» هو محاولة لتجميل وجه التهجير، واستخدام أو صك مصطلح جديد في تتقبله بعض الشعوب، وكذا تحويل قطاع غزة إلى ريفييرا.

وأضاف محمد الديهي، في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، أن الشعوب العربية لا زالت والشعب المصري وشعوب العالم واعية لفكرة ما يخطط له ترامب، وهو فكرة أنه يحاول صك مصطلح لتجميل الوجه أو تجميل فكرة التهجير بصورة أو بأخرى.

وتابع الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، أن الهدف المتكرر من تهجير الفلسطينيين، نابع عن قناعة ترامب بصورة كبيرة جدا حول ضرورة إعطاء الأراضي الفلسطينية لدولة الاحتلال بصورة واضحة، مشيرا إلى أن هذا ما فعله ترامب في ولايته الأولى، والعالم كله شاهد على ذلك حينما أصدر قرارا بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس، في مخالفة واضحة لقواعد القانون الدولي وتحدي واضح للبيئة الدولية والمجتمع الدولي.

وأكد «الديهي»، أن ترامب يحاول تحقيق طموح دولة الاحتلال في فكرة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية كاملة، أو فكرة تحطيم وجود دولة أو حل الدولتين، لافتا إلى أنه عندما تحدث عملية التهجير يتم تحطيم طموح القوانين الدولية والقرارات الدولية التي أشارت إلى فكرة حل الدولتين، خاصة أنه لا يتحدث عن التهجير فقط من داخل القطاع ولكن حتى من داخل الضفة الغربية.

وواصل، أن قرار أو فكرة التهجير، مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني بصورة واضحة، خاصة أن دولة الاحتلال ليس من حقها أو بناء على قواعد القانون الدولي هناك فصل كاملا تحدث عن حقوق المواطنين والأهالي في ظل الاحتلال.

وشدد الدكتور محمد الديهي، على أنه ليس من حق دولة الاحتلال نقل المواطنين قصرا تحت أي ظروف من مكان إلى مكان آخر، لأن ذلك من سببه أو من شأنه أو حتى فكرة أن يحدث عملية تغيير ديموغرافي، هذا الأمر سيؤدي بطبيعة الحال إلى تغيير ديموغرافي للمنطقة. وبالتالي هو مرفوض طبقا لقواعد القانون الدولي الإنساني المتعلق حتى بالحروب ووضع المواطنين أو السكان في ظل الاحتلال.

ونوّه بأن الموقف العربي والمصري واضح للغاية، مشيرا إلى أنه يرفض فكرة التهجير، ويرفض فكرة تصفية القضية الفلسطينية، وينادي منذ بداية اليوم الأول ومنذ وجود حتى الصراع العربي الإسرائيلي بأن أي حديث عن السلام في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية.

واختتم الدكتور محمد ربيع الديهي حديثه لـ «الأسبوع»، أن الحل الحقيقي لأزمة قطاع غزة هو الاعتراف بدولة فلسطينية وإقامة دولة فلسطينية على كامل التراب الوطني، تتمتع بسلطة مستقلة لها سيادتها ولها احترامها، وأن تحترم دولة الاحتلال الإسرائيلي هذه الدولة، وأن لا تتعدى عليها وتنتهك قواعد القانون الدولي كما شاهدنا، مؤكدا أن هذا هو الحل الأفضل لقضية أزمة قطاع غزة.

اقرأ أيضاًإندونيسيا ترفض بشدة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين بالقوة

«الخارجية الألمانية»: تهجير الفلسطينيين من غزة أمر غير مقبول و يتعارض مع القانون الدولي

نائبة: الإصرار أمريكي على تهجير الفلسطينيين انتهاك صارخ لحقوق الإنسان

مقالات مشابهة

  • أستاذ علاقات دولية عن "أونروا": أمريكا لن توفر الدعم من أجل فلسطين(فيديو)
  • بعد أمريكا.. دولة جديدة تنسحب من «منظمة الصحة العالمية»
  • ترامب يعتزم طرح قانون في الكونجرس لمراقبة الحركة الجوية
  • باحث علاقات دولية لـ «الأسبوع»: ترامب يحاول تمرير تهجير الفلسطينيين عبر مصطلحات تجميلية تتقبلها الشعوب
  • الإمارات والأرجنتين تستكشفان فرصا جديدة للتجارة والاستثمار
  • في ظل رئاسة ترامب.. خبير سياسات دولية يحلل مستقبل العلاقة بين أمريكا وإيران
  • تعرّف على الرئيس الذي ساهم بقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل
  • الإمارات والأرجنتين تستكشفان فرصاً جديدة للتجارة والاستثمار
  • أمريكا تختبر سلاح الليزر المدمر HELIOS لتدمير الطائرات بسرعة الضوء .. فيديو
  • حل لغز الغبار المشع الذي جاء إلى أوروبا من إفريقيا