يجنح عالم اليوم إلى التغيير بخطى متسارعة، ويقود هذا التغيير مجموعة من الدول تحاول رسم خريطة جديدة ومختلفة للعالم، بما تملك من إمكانات بشرية وعلمية واقتصادية هائلة،
من أجل هذا الهدف استضافت جنوب إفريقيا قمة مجموعة دول «بريكس»، وكان على رأس جدول أعمال القمة تقليص هيمنة الدولار على نظام المدفوعات الدولية وإنشاء عملة مشتركة، وانضمام عدد من الدول إلى عضوية «بريكس»، وهو ما تحقق من خلال الاتفاق على ضم ست دول من أصل 23 دولة تقدمت بطلبات للانضمام إلى المجموعة، والدول الجديدة هي الإمارات العربية المتحدة ومصر والسعودية وإيران والأرجنتين وإثيوبيا.
وقد أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، عن تقديره للموافقة على انضمام دولة الإمارات، مؤكداً التطلع إلى «العمل معاً من أجل رخاء ومنفعة جميع دول وشعوب العالم».
ولا يخفى على أحد أن هناك ملامح لتشكل اقتصاد دولي جديد تقوده مجموعة «بريكس»، فقد وضعت دول المجموعة كل الهياكل المالية الضرورية من أجل تنفيذ خططها لقلب المعادلات الدولية. وهناك أسس واقعية ستمكن المجموعة من الوصول إلى أهدافها، وتتمثل تلك الأسس في امتلاك معظم دولها كل المقومات التي تجعلها قوى اقتصادية رئيسية في العالم، وهي بمجموعها تمثل قوة اقتصادية جبارة لا يمكن تخطيها أو مواجهتها. في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الأمريكي نزيفاً مستمراً لا يمكن إيقافه، ويتراجع معه عمل المؤسسات المالية الدولية المرتبطة به؛ ونعني بها صندوق النقد والبنك الدوليين، اللذين تم إنشاؤهما بموجب نظام «بريتون وودز» المالي العالمي.
ومن المعروف أن هاتين المؤسستين تعملان وفق الاستراتيجية الدولية الأمريكية، وقد تجلى ذلك في رفض البنك الدولي، في ستينات القرن الماضي، تقديم أية قروض لمصر عندما قررت بناء سد أسوان المعروف بالسد العالي، من أجل التحكم بمياه نهر النيل وتوليد الطاقة الكهربائية لمصر، وكان ذلك تصرفاً يعكس الطبيعة الحقيقية لتلك المؤسسة، وأيضاً فإن مؤسسات الإقراض الأمريكية تسعى وراء الربح، لأن البنوك، التي هي الممول الرئيسي لتلك المؤسسات، ترفض تقديم أية قروض غير مضمون إعادتها مع الفوائد المترتبة عليها.
وفي الواقع هناك الكثير من الدول التي اقترضت من البنك الدولي وتعثرت في الوفاء، ما ضاعف من حجم الخسائر التي يتكبدها المقرض الرئيسي ونعني به بنوك الاحتياط. الأمر الذي دفع تلك البنوك إلى تجنب الإقراض الخارجي، وقد بدأت مؤسستا الإقراض الدولي بوضع شروط تعجيزية كي توافقا على منح قرض لهذه الدولة أو تلك، وصارتا تتدخلان في السياسات الداخلية للدول المحتاجة للقروض، الأمر الذي أوجد حالة نفور واسعة في العالم من المؤسستين.
العالم أمام واقع جديد، وهناك مستقبل تجري صياغته أمام قوى جديدة تتشكل الآن، من أجل إقامة نظام عالمي تعددي أكثر عدالة وإنصافاً، خصوصاً بالنسبة لدول الجنوب النامية وتمكينها من المشاركة في عملية النمو العالمية واستثمار ثرواتها بعيداً عن منطق الهيمنة والتسلط والعقوبات.
فهل تنجح دول بريكس في تشكيل نظام عالمي جديد وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة وحلفائها ومؤسساتها، أم أن الولايات المتحدة ستكشر عن أنيابها لم تسمح لأحد حتى بمجرد منافستها.؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني من أجل
إقرأ أيضاً:
جوتيريش يدعو إلى تكثيف الجهود الدولية لمحاربة آفة الإسلاموفوبيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى تكثيف الجهود الدولية لمحاربة آفة الإسلاموفوبيا، مناشدًا العالم التمسك بقيم المساواة وحقوق الإنسان والكرامة، وبناء مجتمعات شاملة، حيث يمكن لكافة الناس العيش في سلام ووئام بصرف النظر عن الديانة التي يعتنقونها.
وذكر مركز إعلام الأمم المتحدة، أن جوتيريش قال إن شهر رمضان المبارك أقبل فيما يعيش العديد من المسلمين في جو من "الخوف من التمييز والإقصاء، بل وحتى الخوف من العنف"، مؤكدا أن ظاهرة التعصب ضد المسلمين تتنامى، وهي تتجسد "في إجراءات التصنيف العنصري، والسياسات التمييزية المنتهكة لحقوق الإنسان وكرامته"، والعنف ضد الأفراد ودور العبادة.
وشدد جوتيريش على أن هذا الواقع ليس سوى مظهر من آفة أوسع نطاقا قوامها التعصب والأيديولوجيات المتطرفة والاعتداءات ضد الطوائف الدينية والفئات المستضعفة.
وقال أمين عام الأمم المتحدة "ولكن كلما تعرضت فئة من الفئات للاعتداء، أصبحت حقوق وحريات جميع الفئات الأخرى عرضة للخطر، لذا يجب علينا، بوصفنا أسرة عالمية، أن ننبذ التعصب ونستأصل شأفته، ويجب على الحكومات أن تعزز التماسك الاجتماعي وأن تشمل الحرية الدينية بالحماية ويجب أن تكبح المنصات الإلكترونية جماح خطاب الكراهية والتحرشات، ويجب علينا جميعا أن نجهر بمناهضة التعصب وكراهية الأجانب والتمييز".
من جانبه، دعا المتحدث باسم المجموعة العربية بالجمعية العامة للأمم المتحدة، السفير الأردني محمود ضيف الله الحمود، إلى إيجاد إطار قانوني دولي لمحاربة الإسلاموفوبيا، وإنشاء آليات مساءلة لمحاسبة مرتكبي جرائم الكراهية وضمان دعم الضحايا، وقال إن المجموعة العربية تتطلع إلى تعيين "ميجيل مارتينز" مبعوثا خاصا للأمم المتحدة معنيا بمكافحة الإسلاموفوبيا، بما يسهم في تنسيق الجهود الدولية للتصدي لهذه الظاهرة المتفاقمة.
وأوضح المركز أن المتحدث باسم المجموعة العربية، أضاف أن هناك تزايدا مقلقا في خطاب الكراهية والتحريض على العنف والتمييز ضد المسلمين، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشددا على أن حرية التعبير "لا ينبغي أن تستخدم أداة لنشر التعصب وتأجيج الفتن".
وأشار إلى أن المجموعة العربية تؤكد على أهمية رصد وتحليل محتوى الإعلام والمنصات الرقمية لمكافحة الصور النمطية السلبية بالتعاون مع شركات التواصل الاجتماعي، ووضع مدونة سلوك تحظر التحريض على الكراهية.
وأكد أن الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام، يمثل محطة جوهرية في تعزيز الجهود الدولية لمواجهة تصاعد موجات الكراهية والتمييز ضد المسلمين، وترسيخ مبادئ احترام الأديان، والتسامح والتعايش السلمي.
كانت الجمعية العامة قد حددت يوم 15 مارس للاحتفال باليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام في عام 2022، وبهذه المناسبة تبنت قرارا العام الماضي بعنوان "تدابير مكافحة كراهية الإسلام"، ويدعو القرار، من بين أمور أخرى، إلى تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة معني بمكافحة الإسلاموفوبيا، كما يدين أي دعوة إلى الكراهية الدينية والتحريض على التمييز أو العداوة أو العنف ضد المسلمين.