الناقد الإيطالي آلدو نيقوسيا: أحاول أن أنقل السينما العربية لطلابي في قاعات الجامعة
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
* الرقيب نجيب محفوظ حذف مشاهد من "القاهرة 30"!
* صلاح أبوسيف أضاف مشاهد إثارة حتى يصرف نظر الرقيب عن رسائله السياسية
* السينما المصرية كانت من أهم مفاتيحي لفهم اللغة العربية والولع بها
يُعرَف الأكاديمي والمترجم الإيطالي الدكتور آلدو نيقوسيا بدفاعه القوي عن القضية الفلسطينية في الأوساط الأوروبية، وولعه بالأدب العربي، حيث ترجم عدة أعمال روائية عربية إلى الإيطالية، ومؤخراً أصدر كتابه الجديد "المثقفون والرقابة في السينما المصرية" (1952-1999)، حيث يتتبع فيه تاريخ المعارك بين السينمائيين والرقابة في مصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
آلدو المُحاضِر في اللغة العربية والأدب العربي الحديث بجامعة باري بإيطاليا حصل عام 2004 على درجة الدكتوراه، حيث ناقشت أطروحته دور الرقابة في السينما العربية من عام 1967 إلى عام 1999، وهو ما يعني أن الكتاب جزء من رسالته. يقول: "نعم.. هذا الكتاب هو إعادة صياغة لجزء من رسالتي للدكتوراه التي نوقشت في جامعة نابولي أورينتالي. في تلك الرسالة اخترت نماذج محددة من أفلام تساهم في تفكيك الخطابات السائدة وإزالة الأساطير عن التاريخ الوطني لمعظم الدول العربية. وفي هذا الكتاب اقتصرت على التجربة السينمائية المصرية على مدى نصف قرن تقريباً، من بداية العصر الجمهوري إلى مطلع القرن العشرين، وذلك بحكم تقاليدها الطويلة ووجود مثقفين وصناع سينما جعلوا من أفلامهم أسلحة لمعارضة أو مقاومة خطابات الحكومات والمعايير الموروثة للتقاليد الأخلاقية والدينية، وقد أضفت بطبيعة الحال مراجع جديدة، ومواد أخرى، وحذفت الفصول التي لم تحلل السينما المصرية، وأعطيت أفضلية لأي فيلم حاول أن يعبر بجرأة عن رسالة مضادة لإملاءات القوى القائمة، السياسية والدينية، خاصة بعد التجربة المريرة التي عاشتها الشعوب العربية في نكسة عام 1967، وهي أكبر صدمة في ضمير العالم العربي".
ويضيف: "يمكن أن نعتبر الرقابة على الأفلام السينمائية (أو الرقابة الذاتية) مؤشرًا لوعي وذكاء المثقفين في أي بلد وحالة الحريات التي تُمنَع أو تُمنح في فترة ما. وبالمقارنة مع الأدب فإن الصورة تعد أخطر من الكلمة المكتوبة لأنها مباشرة وموجهة إلى كل فئات المجتمع".
أسأله: كيف حللت شخصية نجيب محفوظ الذي كان مديراً للرقابة في فترة من حياته؟ فيجيب: "حللت بعض الأفلام المقتبسة عن رواياته، خاصة "القاهرة 30" للمخرج صلاح أبو سيف وقد حذف محفوظ نفسه بعض مشاهد هذا الفيلم، وكذلك" ثرثرة فوق النيل" و"الكرنك" و"ميرامار" و"المذنبون" وغيرها من الأفلام. مشكلة الرقابة خلال النصف الثاني من القرن العشرين هي أنها كانت تعتبر "وليَّ أمر" لجمهور يتم التعامل معه كطفلٍ لم يبلغ سن الرشد".
في هذا الكتاب يأتي آلدو على ذكر أقوال مهمة لنجيب محفوظ ويوسف إدريس وصلاح أبو سيف وتوفيق صالح ويوسف شاهين وشادي عبد السلام ولينين الرملي وغيرهم من المثقفين الناشطين على الساحة المصرية، إضافة إلى مخرجين عرب وأجانب آخرين. ويؤكد أن السينما فن اجتماعي بامتياز ولذا شعر المثقفون بأهمية دورها في توجيه الجماهير وأذواقهم.
توقفت رحلة البحث في الكتاب عند عام 1999. يتمنى آلدو أن يتناول السينما في القرن الجديد من خلال كتاب آخر، ويلفت الانتباه إلى أنه تناول قضايا حساسة طرحتها أفلام مُنتَجة بعد عام 2000 مثل "عمارة يعقوبيان"، و"لي لي"، و"بحب السيما"، و"عين الشمس"، و" شرف" في مقالات نشرها خلال السنوات الأخيرة.
ويؤكد آلدو أنه في ما يخص أفلام الفترة الناصرية تابع باهتمام الدور الرائد للمخرج توفيق صالح الذي استقبله بحفاوة خلال إقامته في مصر. ويقول: "طبعاً بعض أفلام يوسف شاهين أثارت جدلاً كبيراً في مصر من ناحية الرقابة الدينية، لكن أخطر قضية كانت بمناسبة إنتاج فيلم "البريء" لعاطف الطيب في الثمانينيات، وهي أكبر من قضية فيلم "الكرنك" أو "زائر الفجر" مثلاً".
أسأله كيف تحايل المثقفون لتمرير إنتاجهم؟ فيقول: "أظن يأتي على رأس أذكى المخرجين في الفترة الناصرية صلاح أبوسيف الذي صار خبيراً بتكتيكات لتمرير رسائل أفلامه، مثلاً بإضافة مشاهد فيها إثارة جنسية للفت انتباه الرقابة عن المحتوى السياسي".
ويقول آلدو إنه اعتمد على مراجع مهمة لنقاد ومخرجين منهم سمير فريد وهاشم النحاس وسعيد مراد وكمال رمزي وأمير العمري ودرية شرف الدين وفيولا شفيق وخميس الخياطي ورفعت محمد وأحمد يوسف ودينا جلال، على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك شهادات مهمة وملهمة لعلي أبو شادي ورقباء آخرين.
الكتاب صدر بالإيطالية فلماذا لم يفكر آلدو في إصداره بالعربية؟ يجيب: "بكل صراحة، كتابة بحث عن الرقابة وحرية التعبير الفني في مصر باللغة الإيطالية تبدو عملًا غير مفيد. فأنا واعٍ بمحدودية السوق الإيطالية، لذلك أتمنى أن يترجمه أحد إلى العربية في القريب، وللعلم فإن أكثر من نصف مصادر بحثي ترجمتها أنا من العربية إلى الإيطالية".
وحول سر ولعه بالثقافة العربية، خاصة المصرية، يقول: "السينما المصرية كانت من أهم مفاتيحي لفهم اللغة العربية والتمتع بتحف الأدب العربي المعاصر. لذا فأشكرها وأشكر المخرجين والمخرجات العرب ممن جعلوني متحمسًا لاكتشاف الروح المصرية والعربية على اختلاف تعابيرها وأنواعها. والآن أحاول أن أنقل السينما العربية لطلابي في قاعات الجامعات التي أدرِّس فيها الثقافة العربية. يقال إن السينما تخلق الذاكرة في حين أن التلفزيون يخلق النسيان، وأنا أضيف أن السينما تخلق عوالم ومشاعر مشتركة، ولو أن أوروبا شاهدت بشكل جيد أفلاماً عربية تنقل حكايات ومعاني جديدة لشهدنا في الشرق الأوسط مذابح وحروباً أقل، لكن على العكس، فقد صار مواطنو العالم العربي من أكبر مستهلكي المشاهد الغربية وذلك يشرح الانفتاح الكبير والمبالغ فيه على أنماط الحياة الغربية. أنا ضد هذا الاجتياح الأمريكي وأتمنى أن ينهل المشاهدون العرب من مصادر أخرى. الكرة في ملعب موزعي المصنفات الفنية وصناع القرار ووعي المشاهدين".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السینما المصریة فی مصر
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية:قمة بغداد ستبحث الملفات السياسية والتنموية ذات الأولوية على الساحة العربية
آخر تحديث: 24 أبريل 2025 - 2:08 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن القمة العربية المقرر انعقادها في بغداد بتاريخ 17 آيار المقبل ستبحث عددًا من الملفات السياسية والتنموية ذات الأولوية على الساحة العربية.وأوضح زكي في تصريحات لوسائل الإعلام، أن “القمة المرتقبة، وهي القمة العادية ضمن اجتماعات الجامعة العربية، يسبقها سلسلة من الاجتماعات التحضيرية الفنية واللوجستية، بما يضمن جاهزية الوفود والملفات كافة، ويعكس الجدية في الإعداد لأعمالها”.وأشار إلى أن” جدول الأعمال يتضمن قضايا سياسية محورية، على رأسها القضية الفلسطينية بكافة أبعادها، بالإضافة إلى أوضاع الأزمات في سوريا، ليبيا، اليمن، السودان ولبنان، إلى جانب ملفات التضامن العربي، والتحديات التنموية والاجتماعية”.كما أعلن عن انعقاد الدورة الخامسة للقمة التنموية العربية في اليوم نفسه، 17 مايو آيار، والمخصصة بالكامل للموضوعات الاجتماعية والتنموية، وذلك في إطار دعم جهود التنمية المستدامة وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول العربية.وأكد زكي أن “الاستعدادات اللوجستية والفنية مستمرة على كافة الأصعدة، بما يضمن انعقاد القمة في أجواء تنظيمية مثالية، تعكس أهمية هذا الحدث في تعزيز العمل العربي المشترك في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة”.