رغم إعلان المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا “ايكواس” التحضير لعملية عسكرية سريعة تنهي الانقلاب العسكري في النيجر وتعيد النظام الدستوري ممثلا بالرئيس المنتخب محمد بازوم، إلا أن تفاعلات الأيام الماضية أفصحت عن عودة افريقية جماعية إلى خيار الحل الدبلوماسي للأزمة مدفوعة بمخاوف التداعيات الخطيرة للتدخل العسكري التي قد تهدد استقرار دول القارة السمراء بصورة عامة.

 

الثورة / أبو بكر عبدالله

قرار قادة جيوش دول غرب افريقيا المنعقد مؤخرا بالعاصمة الغانية اكرا بالتحضير لتدخل عسكري قصير الأجل في النيجر تحت مظلة “إيكواس” على أنه كان حاسما، إلا أنه أطلق صفارة انذار من الاتحاد الافريقي الذي شرع بتحركات دبلوماسية للحل السياسي كاشفا عن انخراط افريقي جماعي في معادلة توزيع الأدوار وتقاسم المسؤولية في مواجهة ضغوط الحل العسكري. وفي حين وضع اجتماع القادة خيار التدخل العسكري وحيدا على الطاولة، اتخذت قرارات مجلس الأمن والسلم الافريقي مسارا مغايرا بقراره قطع أي نشاطات للمجلس في النيجر، ودراسة وتقييم التداعيات المحتملة للتدخل العسكري قبل الموافقة النهائية عليه. هذا التوجه كان متماهيا مع توجهات أخرى قادها الاتحاد الافريقي غلب عليها الطابع السياسي بعد اعلانه تعليق مشاركة النيجر في نشاطاته بصورة فورية وفرض سياج من العزلة على السلطة العسكرية الانقلابية في نيامي، بعد أن كان قد أخفق للمرة الرابعة في حشد توافق من الدول الأعضاء على قرار بتجميد عضوية النيجر في الاتحاد. تطورات نقلت أزمة الانقلاب في النيجر إلى مسار آخر أفصح عن مرحلة جديدة تناقص فيها الحديث عن التدخل العسكري لإعادة الرئيس بازوم للحكم، لمصلحة خيارات أخرى لن تتجاوز الحصول على تعهدات من المجلس العسكري بمرحلة انتقالية تعيد النيجر إلى الحكم الدستوري، كما حدث مع 7 انقلابات عسكرية شهدتها القارة الافريقية خلال الثلاثة الأعوام الماضية لتلافي تداعيات كارثية تخشاها دول غرب افريقيا ودول القارة بصورة عامة. بالمقابل كان واضحا أن المجلس العسكري الحاكم في نيامي، قد استجاب بصورة غير معلنة لجهود الوساطة النيجرية وكذلك الجهود التي قادتها “إيكواس” بإعلان رئيس المجلس الانتقالي العسكري عبدالرحمن تشياني برنامجا سياسيا لطي صفحة نظام الرئيس المعزول محمد بازوم بدعوة القوى السياسية للمشاركة في حوار لتحديد شكل النظام الدستوري للبلاد في غضون مرحلة انتقالية مدتها 3 سنوات. والقراءة العميقة لهذا التغير في الموقف الافريقي الجماعي كشفت عن حجم الضغوط الدولية التي مورست على دول “إيكواس” خلال الفترة الماضية، كما كشفت عن حجم مخاوف الدول الافريقية من مخاطر الانزلاق في اتون حرب لن تجلب لها سوى المزيد من الأزمات. ذلك أن التدخل العسكري في النيجر لن يكون مشابها لذلك الذي جربته “إيكواس” في ليبيريا وسيراليون وساحل العاج، فهذه الدول كانت صغيرة ولا تمتلك قدرات عسكرية كما في النيجر التي يزيد قوام جيشها عن 25 ألف جندي مضافا اليه جيوش المتطوعين من داخل النيجر وخارجها. وهذه القوة يصعب الاستهانة بها، فالجميع سيتوجهون للحرب محمولين بطموحات التخلص من النفوذ الفرنسي، وشعور جماعي بأن “إيكواس” التي تأسست في العام 1975م للاهتمام بالقضايا الاقتصادية والتنموية وتحقيق التكامل الاقتصادي لبلدان غرب افريقيا، ظلت أسيرة للنفوذ الفرنسي ولم تبد أي اهتمام لمعالجة مشكلاتهم الاقتصادية ولم تتدخل في معالجة مشكلاتهم السياسية كتزوير الانتخابات واضعاف حكم القانون ومصادرة الحريات وانتهاك حقوق الانسان. تعقيدات إضافية كل العواصم الافريقية تتحدث اليوم بصوت واحد عن العواقب الوخيمة للتداخل العسكري الذي قد يشعل منطقة الساحل الافريقي برمتها في دوامة حروب طويلة يصعب توقع نتائجها، مع تضاءل فرص أن ينجح بإعادة نظام الرئيس محمد بازوم بالحكم. والتقدير المتفق عليه أن التدخل العسكري سيزيد من تعقيد الأزمة وسيدخل دول الغرب الافريقي في دوامة حرب طويلة، خصوصا مع حالة الاستعداد العسكري التي بلغت ذروتها بالنيجر بالتزامن مع شروع المجالس العسكرية المشابهة في مالي وبوكينافاسو بدعم المجلس العسكري الانقلابي بالمقاتلين والمواد الغذائية والسلاح لمواجهة التدخل العسكري. والسيناريوهات التي تحدثت عن حرب خاطفة أو قصيرة للتدخل العسكري في بلد كبير مثل النيجر، ليست أكثر من أمنيات بعيدة التحقق، فتجارب الازمات الدولية المشابهة تؤكد أن أضعف الدول عسكريا يمكنها مقاومة أكبر التدخلات العسكرية الخارجية لسنوات، ما يجعل النيجر بإمكانياتها العسكرية قادرة على خوض حرب طويلة ربما تمتد لسنوات. وبصورة أبعد فإن المرجح أن يمنح التدخل العسكري سلطة الانقلاب فرصة ذهبية لاستثمار حالة العداء الشعبي للنفوذ الفرنسي، بما سيتيح له توجيه كل موارد الدولة المحدودة لخوض حرب طويلة ستمس آثارها الاقتصادية والإنسانية كل دول القارة، كما ستقود إلى حالة فوضى طويلة في الدول المجاورة التي تحكمها مجالس عسكرية، كون إنهاء الانقلاب في النيجر سيعني خضوع الأنظمة العسكرية في هذه الدول لإجراءات مشابهة. والنتيجة الأكثر قتامة أن التدخل العسكري سيمنح المجلس العسكري فرصا للبقاء في الحكم لفترة أطول وسيؤخر فرص العودة إلى الأوضاع الطبيعية في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية مضطربة ستقود بلا شك إلى فوضى عارمة ليس في النيجر وحسب بل في الدول المجاورة التي تعاني أزمات سياسية وامنية عميقة. المخاوف الافريقية يمكن رصد اجماع افريقي على أن التدخل العسكري لمواجهة أزمة الانقلاب في النيجر لن يعيد نظام الرئيس المنتخب محمد بازوم، بل سيعقد الأزمة وسيدخل دول الغرب الافريقي كلها في دوامة من الحروب والاضطرابات، سيما في ظل حالة التأييد الداخلي للانقلاب التي تجلت بتدافع الآلاف للتطوع في الجيش لمواجهة التدخل العسكري وشروع مالي وبوكينافاسو بإجراءات عملية لدعم سلطة المجلس العسكري.  والتداخل السكاني وتداخل المصالح الاقتصادية بين دول الغرب الأفريقي، سيجعل مشاركة دولها في حرب على دولة تشترك معها في تركيبتها السكانية القبلية والأثنية امرا محفوفا بالمخاطر وسيشعل فتيل الصراع العرقي والاثني الى هذه الدول طاول الوقت ام قصر. هذه القراءة كانت حاضرة بقوة في الموقف الذي أعلنته الجزائر ونيجيريا، فالجزائر رغم أنها ليست عضوا في “إيكواس” فقد شعرت بالقلق من التدخل العسكرية في النيجر، استنادا إلى التحديات التي تفرضها حدودها المشتركة الممتدة لحوالي 1000 كيلومتر. وبعيدا عن مبدأ معارضة التدخّلات الأجنبية واحترام السيادة الوطنية وسياسة حسن الجوار الذي تلتزم فيه الجزائر بسياساتها الخارجية، كانت مخاوف الجزائر على صلة بأمن حدودها وعمقها الاستراتيجي الذي جعل من النيجر ممرا مهما لتعزيز صادراتها إلى القارة السمراء، ومشاريعها العابرة للصحراء التي تربط الجزائر بنيجيريا عبر النيجر في خط الألياف البصرية، وأنبوب نقل الغاز من نيجيريا إلى أوروبا. الحال كذلك مع دولة الجوار الكبيرة والقوية نيجيريا التي قرر برلمانها رفض التدخل العسكري في النيجر، استنادا إلى مخاوف كبيرة من تداعيات قد تمس امنها القومي كونها ترتبط مع جارتها النيجر بشريط حدودي مفتوح يصل إلى حوالي 800 كيلومتر تتداخل فيها القبائل من البلدين بما يجعل المشاركة في حرب ضد النيجر محفوفة بالمخاطر. يشار في ذلك إلى التشابك السكاني بين البلدين من خلال سكان قبيلة الهوسا التي تعد أكبر قبيلة في الغرب الافريقي وسكانها يمثلون نحو 40% من سكان نيجيريا ويتقلد أبناؤها مناصب سياسية وعسكريه رفيعة في كل مؤسسات الدولة النيجيرية المدنية والعسكرية. وبالمقابل فإن سكان هذه القبيلة يمثلون نسبة كبيرة من سكان النيجر والكثير من قادة جيش النيجر هم من أبناء هذه القبيلة، بمن فيهم قائد المجلس العسكري عبدالرحمن تشياني، ما يجعل مشاركة الجيش النيجيري في حرب ضد جيش النيجر مسألة محفوفة بالمخاطر كونها ستولد نزاعات مسلحة طويلة الأمد قد تزعزع استقرار نيجيريا التي تعاني من أزمات ومشكلات اثنية ناهيك عن مشكلاتها مع جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “القاعدة”. وتمتد مخاوف التدخل العسكري في النيجر إلى السودان التي لا ترتبط بحدود من النيجر، لكنها تخشى من الامتدادات القبيلة للانقلابين من قوات الدعم السريع من أبناء قبيلة المحاميد التي تمتد من السودان إلى جنوب النيجر فضلا عن المقاتلين المنحدرين من قبائل مترابطة عرقيا أو مذهبيا، ما يجعل أي انهيار للنيجر مغذيا رئيسيا للحرب في السودان. الحال كذلك مع ليبيا التي دعت إلى وضع حد فوري للتحركات العسكرية في الجارة الجنوبية وسط مخاوف من أن تؤدي الحرب في النيجر إلى انتعاش ظاهرة تجنيد المرتزقة للقتال في صفوف الأطراف المتصارعة في ليبيا، ناهيك عن المشكلات التي ستواجه ليبيا من جراء تزايد عمليات الهجرة غير الشرعية وموجات النزوح الكبيرة إلى الأراضي الليبية. وتداعيات الحرب التي يخشاها الأفارقة لا تقتصر على هذه الدول فقط، بل تمتد إلى مصر وتشاد وموريتانيا وغيرها من الدول الافريقية التي أعلنت في وقت مبكر تأييدها للحل السياسي ورفضها التدخل العسكري استنادا إلى ادراكها للمخاطر والتأثيرات التي يمكن ان تجلبها الحرب في تفاقم ظاهرة اللاجئين وعرقلة التنسيق والتعاون القائم بينهما في مكافحة الإرهاب. مزايا الحل السياسي استنادا إلى المخاوف الافريقية من مخاطر التدخل العسكري في النيجر، فإن أكثر السيناريوهات المرشحة هو أن تخلص أزمة الانقلاب إلى تفاهمات سياسية يقودها الاتحاد الافريقي ومنظماته مع المجلس العسكري الحاكم حاليا، لتأمين حياة الرئيس المخلوع محمد بازوم وأفراد عائلته وأركان نظامه السياسي، والحصول على التزامات من القيادة العسكرية بمرحلة انتقالية من شأنها إعادة الأوضاع في البلد إلى الحالة الطبيعية عوضاً عن المجازفة بحرب قد تعيد هذا البلد الفقير والمضطرب عقودا للوراء وتزيد من حالة الاضطراب في الغرب الافريقي بصورة عامة. ومن شأن الحل السياسي الذي يطوي صفحة نظام الرئيس بازوم دون خسارة التجربة الديموقراطية الهشة في هذا البلد الذي شهد في السنوات الأخيرة نجاحات في خوض تجارب انتخابية وتجربة انتقال سلمي للسلطة في نهاية العام 2020م بتسليم الرئيس الأسبق محمدو إيسوفو السلطة سلميا إلى الرئيس المنتخب محمد بازوم بعد ولايتين دستوريتين، وهي تجارب رغم كل ما شابها من مشكلات فقد حملت آمالا كبيرة للشعب النيجري بالتغيير الديموقراطي ومغادرة حالة الفوضى التي خلفتها 6 انقلابات عاشتها النيجر منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960م. ومن جانب آخر فإن الحل الدبلوماسي سيعزز من فرص دول جنوب افريقيا في مكافحة الإرهاب والحد من توسع رقعته في دول الساحل والصحراء التي تعاني من تهديدات الإرهاب المتمثل في الانتشار الكبير لتنظيمي القاعدة وداعش والجماعات المتطرفة الأخرى، خصوصا أن أي حرب في النيجر ستمثل بيئة خصبة لتوسع التنظيمات الإرهابية التي تنتشر بكثافة في مناطق نيجرية شاسعة جعلت النيجر تمثل نقطة عبور رئيسية للعناصر المتطرفة بين معاقلها الرئيسية في العراق وسوريا وبين معاقلها الجديدة في غرب افريقيا. ولا يختلف اثنان على أن غياب الاستقرار في النيجر التي ظلت لسنوات تلعب دورا محوريا في قضايا الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب، سيعني إفساحا في المجال للفوضى التي ستقود إلى زيادة عدد النازحين، كما سيحول البلد إلى بؤرة رئيسية للهجرة غير الشرعية وبؤرة بالغة الخطورة لتصدير المجموعات المسلحة والمرتزقة والإرهابيين.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

رسالة إلى التجار وأصحاب تحويلات بنكك لا تقتلوا الضمير الإنساني مرتين!

موسى بشرى محمود

ظللنا نتابع ونراقب عن كثب الوضع الإنساني الكارثي الذي خلفه حرب الخامس عشر من أبريل 23 بين طرفي الحرب«القوات المسلحة وقوات الدعم السريع» وبعض المنظمات الثورية التي خرجت عن الحياد و إنحازت للقتال في صف الجيش وفق قرارات مؤسساتها التنظيمية الداخلية بالرغم من الرفض والإستهجان والتحفظ من بعض منسوبيها ما بين هنا وهناك وفريق آخر آثر الحياد ورفض الخروج عنه وفق قناعات مؤسساته الداخلية التي تحكم طبيعة قراراتها مما خلق طيف من الإنقسامات داخل أروقتها التنظيمية الي فريقين«مؤيد وغير مؤيد للحياد» وهلمجرا من الأحداث التي تتسارع والحرب ما زالت مستمرة وتقضي على الأخضر واليابس والأزمة الإنسانية في إستفحال وبلغت ذروتها من المعاناة ووصلت حد المرونة ولكن لا حياة لمن تنادي من رجاءات العقلاء والمنظمات الإنسانية الدولية العاملة في الحقل الإنساني ومنظمات المجتمع المدني بالتحكم لصوت العقل وعدم التقاتل والإقتتال لتقديم الأبرياء قربانا" لمحرقة الحرب والبحث عن آلية لايقاف الحرب عبر التفاوض في المنابر المطروحة حديثا" جنيف وقبلها جدة وبينهما المنامة «طاولة التفاوض السري» بالإضافة لمنابر التفاوض التي دعت إليها آليه إيغاد، الآلية الأفريقية برئاسة الدبلوماسي الغاني السابق السفير/محمد بن شمباز رئيس بعثة اليوناميد الأسبق ومدير مكتب الأمم المتحدة في غرب أفريقيا-السنغال سابقا"،الإتحاد الأفريقي،الأمم المتحدة وغيرها من المحاولات المستمرة المحلية،الإقليمية والدولية ولكن لم تجد هذه النداءات أذنا" صاغية ربما لأن بعض تجار الحروب ووكلائها سيفقدون تجارتهم الكاسدة التي تدر عليهم أرباحا" جمة عند إنتهاء الحرب لذلك لا يريدون لها أن تضع أوزارها وهو ما جعل الحرب لم يبارح مكانه بعد!.
قوات الدعم السريع بعد أن بسطت سيطرتها في«4» من ولايات دارفور الخمس تعمل بكل وسعها وطاقتها القصوى للسيطرة على الولاية الخامسة«ولاية شمال دارفور» وحاضرتها «الفاشر» التي إحتمى بها الناجين من كل صوب وحدب من نيران الولايات الأربعة وبعض من مواطني الخرطوم والولايات المتاخمة لشمال دارفور يضاف اليهم سكان مدينة الفاشر والنازحين بمعسكرات النزوح لأكثر من عقدين من الزمان جميعهم يفترشون الأرض ويلتحفون رحمة السماء ولا أعلم لماذا الفاشر بالتحديد؟
-لماذا كل هذا التجهيز والإعداد اللا منتناهي من الرتل العسكري عدة&عتادا"؟
-هل الفاشر أكثر أهمية من الخرطوم مثلا"؟
-هل يوجد بالفاشر قصر غردون باشا«القصر الجمهوري»؟ أم دائرة أو حاكورة للنخب المركزية الحاكمة أصحاب الإمتيازات التاريخية؟
-لماذا الإصرار على تدوين الفاشر وإحراق كل من فيها وعليها بالكامل؟
-لماذا تم ضرب حصار كامل على المدينه ومنع حتى المنظمات الإنسانية من دخول معسكرات زمزم وأب شوك والمعسكرات الأخرى لتقديم أدوية ومعدات طبية وإنسانية للمحتاجين؟
-لماذا منعت منظمة مثل« أطباء بلا حدود MSF من دخول معسكر زمزم؟
-لماذا توضع القيود ضد المنظمات الإنسانية الدولية؟
-هل هذه المنظمات الإنسانية طرف من أطراف الصراع؟
-ألا يستحق إنسان الفاشر أن يعيش مثله والاخرين ولو للحظة من عمره؟
-لماذا القصف والتدوين العشوائي ضد الأبرياء العزل؟
-هل هؤلاء المدنيين العزل داخل المدينة ومعسكرات النزوح هم الهدف المشروع في حربكم؟
إذا كانت الإجابة نعم فأنتم مخطئون وإذا كانت الإجابة لا فعند هذه الحالة يجب أن تتقيدوا بقواعد الحرب وفق معاهدة جنيف التي تنص على إحترام المدنيين الأبرياء وعدم التعرض لهم أو جعلهم وقود حرب أو دروع بشرية بل يجب منازلة ومقارعة الخصم وفق قواعد الإشتباك كما يحق للخصم الدفاع عن نفسه ورفع الضرر عن كاهله وفق تقديراته المتوفرة لديه وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!
يجب إحترام المدنيين الأبرياء وعدم تعريض حياتهم وممتلكاتهم للخطر والباقي«أبو القدح بعرفي محل بعضي أخيو»!
رسالة للتجار وأصحاب تحويلات تطبيق بنككBOK
الكل عانى من الحرب بدرجات متفاوته فالبعض فقد أرواح أعز الناس إليه «أسرة بالكامل» والبعض الاخر فقد بيته،ممتلكاته،عمله ومنا من مات بفعل نقص الغذاء والدواء والبعض الاخر في فيافي الصحراء والغابات وسهولها هربا" من أجل البحث عن ملاذ امن وغالبية الشعب السوداني في الولايات التي أصابها الحرب أصبح متشرد بين نازح ولاجيء في البلاد المجاورة أو في بلاد العم سام وبعضهم إلتقمه الحوت في المتوسط فأصبح جزأ" من طعام التونة والساردين التي تباع في المطاعم والدكاكين والسوبرماركات وغيرها من الحالات التي لا يمكن سردها في المقال وشاهدنا في ذلك أن عاقبة الحرب هي من فعلت بنا و أوصلتنا إلى مهاوي الردى!
هناك ظاهرة«إستغلال مادي» لم تكن موجودة من قبل في أدبيات السودانيين ولكنها ظهرت بعد الحرب وقد تكون هذه ضمن الأقنعة المزيفة لدى الشعب السوداني المعروف ب«إغاثة الملهوف،الكرم،النبل....الخ» من الصفات السردية التي كشفها الحرب!
الملاحظ أن الكثير من التجار والذين يمتلكون الكاش ويتعاملون بتطبيق بنكك في حدود إقليم دارفور وخاصة الفاشر يستغلون أصحاب الحاجات إستغلال أقوى من الذي تحدثه آله الحرب ذاتها !
تؤكد الشواهد والمعاملات المالية في الأرض أن التجار يأخذون عمولة وقدرها«30%» لكل«100,000»ج يأخذون«30,000» ويعطوا صاحب الطلب مبلغ«70,000» وبعضهم يوعدك للحضور في اليوم التالي وعند حضورك يتعامل معك بإبتزاز رخيص حيث يطلب منك أن تأخذ ما تريد بمبلغك بضاعه من طرفه لأنه لا يملك كاشا" والإ عليك الإنتظار إلى أجل غير مسمى!
-هل يعلم هذا التاجر لأي الأغراض تم إرسال هذه الأموال؟
-هل يعلم إذا كان بغرض علاج لإنقاذ روح بني آدم يرقد على فراش الموت أم لغرض آخر؟
-لماذا يتعامل هؤلاء التجار هكذا؟
-ما الذي أصاب الأمة؟
صدقوني هذا المشهد يجري حاليا" في الفاشر وضواحيها من دون رحمة ولا تأنيب ضمير!
-قل لي بربك أليست حرب الإبتزاز هذه أشد إيلاما" من الأخرى؟
-كيف يمكن لإنسان يعيش أزمة حرب طاحنة لمدينة محصورة من كل الإتجاهات ويمتلك المال ويبتز من يشاء بحجة عدم وجود سيولة؟
-ألا يتوقع هذا المحتكر والمبتز أنه يمكن أن يفارق الدنيا في أقل من لمحة بصر بسبب طلقة طائشة وعندها لن تشفع له أمواله التي كنزها بغير حق؟
-أليس هذا قتل للضمير الإنساني؟
-لماذا هذا الإستغلال والإبتزاز المهين؟
-الا يعلم هؤلاء أن من يرسلون هذه الأموال يسهرون الليالي والنهار من أجل توفير هذه المبالغ لذويهم؟
-هل يعلم التجار أن أصحاب هذه الأموال يمرون بأكثر من عملية إبتزاز حتى تصل لهم عبر بنكك؟
قد لا يعلم الكثيرين من الناس ولكن شهادتي لله تتم إرسال هذه الأموال ب«اليورو» وبعض أصحاب التحويلات يتعاملون مع هذه المعاملة «الرأس بالرأس» أي «مئة يورو مقابل مئة دولار» والكل يعلم أن اليورو أعلى سعرا" من الدولار هذه محطة الإبتزاز الأولى.
المحطة الثانية تكمن في أن سعر الدولار أقل من رصفائهم في معاملات السوق السوداء من الدول الأخرى وهذا النموذج يتمثل في أوربا«منطقة اليورو».
المحطة الثالثة والأخيرة هى محطة إبتزاز التجار والمتعاملين بتحويلات بنككBOK ولك أن تتخيل درجات الإبتزاز ومراحلها المختلفة ولكن مع ذلك أرى المرحلة الثالثة أشد خطورة من «الأولى والثانية».
الجميع أمام تحدي صعب وفي مفترق طرق نحتاج أن نساعد بعضنا ونعين المحتاجين الذين لا ناقة ولا جمل لهم بالحرب وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها في أتونها ولا مناص من مد يد الإنسانية لهم.
على التجار والمتعاملين بتحويلات بنكك أن يعلموا أن هذا الأسلوب من التعامل إبتزاز وعمل ممحوق لا بركة فيه.
جاء في الأثر أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه قاضيا" لحاجياته مضمدا" لجراحه لا مستغلا" لظروفه الإقتصادية القاهرة.
أرجو أن يعدل التجار عن قبضتهم ويوسعوا في التعامل ومد أياديهم بيضاء للمحتاجين في مثل هذه الظروف الهالكة حتى يوسع الله لهم من فضله اللامحدود.
«لنا لقاء»

musabushmusa@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • عن كثب.. ما هي جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل؟
  • لماذا الفرح ولو توهماً؟
  • رسالة إلى التجار وأصحاب تحويلات بنكك لا تقتلوا الضمير الإنساني مرتين!
  • قد يتساءل شخص لماذا لم يتقدم الجيش هذه التقدمات منذ بداية الحرب ؟
  • بوريل: أي مزيد من التدخل العسكري في لبنان سيفاقم الوضع بشدة
  • مقتل نصر الله.. لماذا امتنعت دول عربية عن إصدار بيانات الإدانة؟
  • روسيا اشتعال الحرب مـِْن جديد وبطريقة نوعية ..طائرات مسرة استهدف كييف
  • لماذا يظهر الناس ابتهاجا باخبار انتصارات الجيش؟
  • أهداف وحصاد التدخل الدولي في السودان
  • النفط يقفز مع اشتعال التوترات في المنطقة