منصوري يجدّد مواقفه : الإصلاحات أولاً
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
كتبت كلير شكر في "نداء الوطن": لاءات ثلاث رفعها حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري، في مؤتمر صحافي لم يعتد اللبنانيون على متابعة وقائعه: لا للمسّ بالاحتياطي، لا لتغطية عجز الموازنة العامة عبر إقراض الحكومة لا بالدولار ولا بالليرة، ولا لطبع الليرة لتغطية نفقات الدولة. في سياسة هي النقيض كلياً لسياسية رياض سلامة طوال ثلاثة عقود.
حتى اللحظة، يتصرف الحاكم بالإنابة على نحو مختلف كلياً عن سلامة. سارع إلى قطع حبل السرّة حتى قبل تلقفه كرة النار. حين توجّه و»رفاقه» نواب الحاكم إلى مجلس النواب، حاول الأربعة تقديم نموذج مختلف، متسلحين بخطة اصلاحية، لا بدّ منها مهما طال الزمن، تساعدهم على عبور مرحلة «الموت السريري» للمالية العامة بأقل أضرار ممكنة.طبعاً، ما يقوم به منصوري من تصويب للسياسات النقدية، كان يؤمل أن يكون موضع رصد واضح للعيان من جانب اللبنانيين حين كان خلف الكواليس في المجلس المركزي كنائب أول، ولو أنّ تقرير «ألفاريز أند مارشال» أنصفه بعض الشيء حين ذكر أن «النائب الاول للحاكم كان الاكثر مشاكسة لسلامة». وها هو في مؤتمره الصحافي يعود إلى ألف باء الإصلاح: «لا بد من أن أدق ناقوس الخطر وأن أحذر أن المراوحة الحالية والتأخير في اقرار القوانين الاصلاحية يؤديان إلى تنامي الاقتصاد النقدي ما يؤثر سلباً على الاستقرار الاقتصادي السليم والمستدام ويعرّض لبنان لمخاطر عزله عن النظام المالي الدولي، ولهذا أثر سلبي كبير على الإقتصاد وحياة المواطن ومستقبل القطاع المصرفي».
يتبيّن أنّ أداء الحاكم بالإنابة موضع رصد تفصيلي من جانب الدول المعنية بالملف اللبناني، لا سيّما في ما خصّ خطّه البياني الإصلاحي المطلوب دولياً، على نحو يشكل تقاطعاً، والأرجح أنّه مقصود، مع الأجندة الدولية الداعية لتحقيق هذه الإصلاحات. ولعل هذا المسار هو الذي قد يسّهل عليه عقد لقاءات في الرياض على هامش مشاركته في أعمال مؤتمر المصارف العربية.في إطلالته الثانية، التي كانت بمثابة جردة حساب لشهر آب، تظهر أول ملامح سلوك منصوري وكأنّه يسعى إلى تكريس استراتيجية وتكتيك جديدين. لن يسمح بتحمل مسؤولية ليست من واجباته. والأرجح أنّ شهر ايلول سيكون أيضاً في مساحة الأمان النسبي. لكن من يضمن بعدها بغياب السياسات الاصلاحية؟
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
إعادة هيكلة القطاع العام... تحدٍ كبير ينتظر الحكومة العتيدة!
كتب جاسم عجاقة في" الديار": بحسب تقديراتنا، هناك ما يقارب مئة ألف وظيفة غير قانونية في القطاع العام منها 30 ألفًا تمّ توظيفهم، بعد إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب، والباقي توظيف وهمي
ان ما يزيد على 300 ألف موظّف يقبضون أجورًا من القطاع العام، بكلفة كانت تبلغ ستّة مليارات دولار أميركي قبل الأزمة، أي ما يوازي الـ 11% من الناتج المحلّي الإجمالي، و35% من الموازنة العامّة.
على صعيد المؤسسات، ذهبت الأمور بعيدًا مع وجود عشرات وعشرات المؤسسات العامة والوزارات غير المجدية، لا اقتصاديًا ولا اجتماعيًا. وقد ذكر تقرير لجنة المال والموازنة في العام 2019 هذا الأمر، مشدّدًا على إعادة النظر بجدوى 90 مؤسسة ووزارة، تستهلك موارد الدولة ولا تعود بالفائدة على أحد. أيضًا، لا يمكن إغفال النظر عن مؤسسات تستنزف خزينة الدولة من دون إعادة هيكلتها، كمؤسسة كهرباء لبنان وغيرها من المؤسسات الخدماتية والصناديق، التي شكّلت في الماضي القريب ولا تزال عبئا كبيرا على خزينة الدولة.
إعادة هيكلة القطاع العام تتطلب نهجا شاملاً، يهدف إلى ترشيق القطاع العام وتحسين كفاءته وشفافيته وخدماته، بالتوازي مع محاربة الفساد المتجذّر في الإدارة العامة، وضرب كل أساليب التوظيف المبنية على الزبائنية. لكن هذه المُهمّة تتطلّب حكومة ملتزمة بالإصلاح، تعمد إلى إجراء تغييرات وتحسينات على الأنظمة والمؤسسات وحتى الهيكلية المؤسسية القائمة، معطوفة على إرادة سياسية، لتنفيذ هذه الإصلاحات دون خضوع لضغوط طائفية.
نجاح الإجراءات يتطلّب حكومة قادرة على تنفيذها، والتزاما من قبل القوى السياسية، بالإضافة إلى الحاجة إلى تشريعات وقوانين تدعم هذه الإصلاحات. وقد يتطلّب الأمر من الحكومة إجراء مشاريع تجريبية (Pilot) ، بهدف التأكّد من فعاليتها قبل التوسّع في تطبيقها. أيضا قد يكون من المفيد أن تعمد الحكومة إلى طلب مساعدة دولية (مالية وتقنية)، بهدف تنفيذ هذه الإصلاحات، ومراقبة تطبيقها ، وتقييم أثرها المؤسسي والاجتماعي. أيضا من المهمّ أن يكون هناك مواكبة إعلامية لهذه الإصلاحات، بهدف إظهار أهمّيتها للرأي العام (تحوّل ثقافي) وللموظفين أنفسهم.