البوابة نيوز:
2025-02-02@15:39:39 GMT

نشأة وتاريخ الرهبنة اليسوعية

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

تستعرض البوابة القبطية كيف نشأت وظهرت الرهبنة اليسوعيّة وهي رهبنة رجاليّة، وليس لها فرع نسائيّ. 

بيد أنّ هناك رهبنات نسائيّة ارتبطت بعلاقة وثيقة أحيانًا باليسوعيّين، وتبنّت روحانيّتهم، فسمّيَت رهبنات إغناطيّة.
مَن يريد أن يكون يسوعيًّا عليه أن يتواصل أوّلًا مع يسوعيّ، ويعبّر له عن رغبته بتكريس نفسه لخدمة الرب.

حين يرى اليسوعي أنّ طالب دخول الرهبنة يتمتّع بالشروط المطلوبة: العمر والدراسة الجامعيّة، وعدم الارتباط بأشخاصٍ يعيلهم، إلخ، يعيَّن له مرافقًا يدرّبه على أسلوب التأمّل الإغناطيّ، ومراجعة النهار، فيؤدّي هاتَين الصلاتَين يوميًّا، ويحضر القدّاس عدّة مرّاتٍ في الأسبوع، وهو يتابع حياته العاديّة في بيته، ويقابل مرافقة بتواترٍ معيَّن.

حين يرى المرافق أنّ طالب الانضمام إلى الرهبنة يتقدَّم روحيًّا في هذه الرغبة، على الرغم من تقلّبات مشاعره، يقترح عليه رياضة روحيّة تسمّى رياضة اختيار، غايتها تثبيت اختياره أو نفيه. فرياضة الاختيار ليست في بداية طريق التفكير في الدعوة، بل في مساره.
بعد فترة من المرافقة، تتفاوت مدّتها من شخصٍ إلى آخر، على ألّا تقلّ عن ثلاثة أشهر، إذا ظلّ طالب الانضمام عازمًا على أن يصير يسوعيًّا، يقدّم طلبًا خطّيّا للرئيس الإقليميّ. فيعيّن الرئيس الإقليميّ أربعة يسوعيّين ليقابلوه ويبدون رأيهم فيه. فإذا سارت الأمور على ما يرام، يقوم بفحصٍ طبّيّ ونفسيّ للتأكّد من خلوّه من موانع قانونيّة تمنع دخوله الرهبنة، ويقضي فترة أسبوع أو أكثر في أحد الأديرة اليسوعيّة ليتعرّف إلى الرهبنة عن كثب، وتتعرّف الرهبنة إليه.

في شهر  (سبتمبر)، يدخل دير الابتداء. في هذا الدير، يعيش مدّة سنتين مع آخرين يريدون دخول الرهبنة مثله، تحت إشراف معلّمٍ يسمّى معلّم الابتداء. في هاتَين السنتين، يتعمّق في دراسة قوانين الرهبنة، وروحانيّتها، وحياة مؤسّسها، وسير القدّيسين، وبعض الوثائق الرهبانيّة والكنسيّة الهامّة، ويقوم برياضةٍ روحيّة مدّتها ثلاثين يومًا، وهي الرياضة الروحيّة كما كتبها القدّيس إغناطيوس. كما يقضي بضعة أشهرٍ في جماعةٍ يسوعيّة، يقوم فيها بعملٍ رسوليّ متواضعٍ قوامه الخدمة.
إنّ فترة الابتداء هي فترة تشكيل هيكل عظميّ للحياة الروحيّة المكرّسة، وستقوم السنوات التالية بإكساء هذا الهيكل باللحم وتجهيزه بالأعضاء ليصير الشخص إنسانًا روحيًّا. وقوام هذا الهيكل العظميّ هو التواضع أوّلًا (ويتمّ التدرّب عليه من خلال الخدمات الوضيعة)، والعلاقة الحميمة بالربّ (وهي تنمو في الصلاة اليوميّة: التأمّل، ومراجعة النهار، المشاركة بالقدّاس، والاعتراف بتواتر، والرياضة الروحيّة).

في الابتداء يتابع المبتدئ اختبار دعوته، واختبار هل هذا الطريق الذي بدأه هو الأنسب له من أجل خدمة الله ربّنا. ويخوض اختباراتٍ يبيّن فيها قدرته الفكريّة على الدرس، مرونته تجاه الظروف المتقلّبة، تحمّله لحياة التقشّف والزهد، طواعيّته في مسألة الطاعة، قدرته على العيش في جماعة والعمل مع فريق... 
وبما أنّه ما من إنسانٍ كامل، فإنّ الابتداء هو فترة تدريب وتكوينٍ للشخصيّة الرهبانيّة. فمن خلال توجيهات معلّم الابتداء، والدورات التكوينيّة، وبذل الجهد، يحرز المبتدئ تقدّمًا في حياته الروحيّة والعلاقيّة، ويهذّب شخصيّته، ويحسّن طباعة، ويقضي على السلبيّات لديه، بحيث يرى رؤساؤه هل هو أهل لدخول الرهبنة أم لا.

بعد الابتداء، يبرز نذوره البسيطة بأن يعيش في الرهبنة حياة الفقر والعفّة والطاعة. إنّه التزام من طرفه، وستلتزم الرهبنة من طرفها أيضًا بعد حوالى خمس عشرة سنة، حين يبرز نذوره الاحتفاليّة.

تلي سنتَي الابتداء مرحلة طويلة يسمّى مَن هو فيها دارسًا. ويختلف برنامج الدروس بحسب كلّ إقليمٍ يسوعيٍّ في العالم. ففي الشرق الأوسط، في السنة الأولى بعد نهاية الابتداء، يدرس الدارس الآداب العربيّة واللغات الأجنبيّة، خصوصًا الفرنسيّة والإنجليزيّة. فإن كان يتقنهما، يدرس لغةً من اختياره. كما ينال تكوينًا في الديانة الإسلاميّة، وينمّي مهاراته في الكتابة والخطابة وطرائق الاختزال وأساليب البحث. إنّها مرحلة تأسيسٍ للدروس المستقبليّة.

مرحلة دراسة الفلسفة تلي مرحلة التأسيس، وغايتها تنمية فكرٍ نقديٍّ ومنطقيٍّ وتحليليّ لدى الدارس. لا تُمنَع في هذه المرحلة دراسة أفكار أيّ فيلسوف، ولا يُطلَق حكم رافض لأيّ فكرة فلسفيّة، بل يتمّ التدريب على احترامها، ومناقشتها أكاديميًّا، وتبيان نقاط قوّتها وضعفها، ومواطن الحقيقة فيها والخلل.

في نهاية الفلسفة، يوقف الدارس دراسته، ويقضي فترة سنتين أو ثلاث في العمل مع يسوعيّين داخل مؤسّسة. إنّها فترة اختبارٍ لما ينتظره في المستقبل. فيها يتعوّد على العمل في فريق، وكيف يحافظ على حياة الصلاة في خضمّ الانشغالات الرسوليّة، ويشعر بعلامات الأزمنة، أي ما يحتاج إليه عالم اليوم.

بعدها تبدأ دراسة اللاهوت، وهي على مرحلتين. مرحلة البكالوريوس، وهي تتناول كلّ اللاهوت الذي يحتاج إليه مَن يريد أن يصير كاهنًا، ومرحلة الماجستير، وفيها يتخصّص الدارس أكثر في مجالٍ معيّنٍ من مجالات اللاهوت. وبالتشاور مع الرؤساء. قد يرافق هذه المرحلة دروسًا أخرى سوف يتخصّص الدارس فيها لنَيل شهادة الدكتوراه، أو ليخوض رسالته في مجالٍ متخصّص (علم اجتماع، طب، هندسة، رياضيّات، فن، إلكترونيّات.

على الرغم من التشاور، لا يحدّد الدارس لنفسه ما يريد أن يدرسه، أو التخصّص والشهادات التي يريد أن ينالها. إنّه راهب، كرّس نفسه لخدمة الربّ، وروحانيّة رهبنته درّبته على تبنّي موقف عدم الانحياز لأيّ شيء. لذلك يعود للرهبنة، من خلال رؤسائها ومستشاريهم، أن تقرّر ما يفعله لتلبية الحاجات الرسوليّة الملحّة.

الرسامة الكهنوتيّة تأتي في أواخر هذا المسار، وتليها سنوات خدمة، يوقف بعدها اليسوعيّ كلّ نشاطاته، ويعود إلى حالة المبتدئ لمدّة سنة. إنّها السنة الثالثة للابتداء. فيها يقوم برياضةٍ روحيّة لثلاثين يومًا كما في الابتداء الأوّل، ويدرس بعمقٍ جميع قوانين الرهبنة وحياة المؤسّس وأهمّ وثائق مجامع الرهبنة. إنّ إعادة دراسته لهذه الأمور التي اطّلع عليها في الابتداء تجعله يتعمّق أكثر فيها، خصوصًا مع خبرته في عيشها لمدّةٍ تزيد عن اثنتيّ عشرة سنة. ويبرز بعدها النذور النهائيّة. لقد انتهت فترة الخطوبة، وتمّ الزواج إن جاز لنا التعبير، اليسوعيّ والرهبنة مرتبطان الآن إلى الأبد.

هناك مَن يطلبون دخول الرهبنة، ولا يريدون أن يصيروا كهنة، بل أن يظلّوا رهبانًا. وتسمّيهم الرهبنة: إخوة. تختلف شروط قبولهم عن شروط الكهنة، فلا يُشترط أن يكونوا من حملة الشهادة الجامعيّة، أو أن تكون لديهم قدرات فكريّة للدروس. إنّهم يتبعون المسار نفسه حتّى نهاية سنة التأسيس التي تلي الابتداء. وبعد ذلك، يتمّ توجيههم نحو دروسٍ معيّنة، وتكوينٍ خاصّ، من أجل عملهم الرسوليّ المستقبليّ. ومع أنّ القانون الكنسيّ يعفيهم من سنوات دروس الفلسفة واللاهوت القانونيّة، يستطيعون أن يدرسوا كلّ المواد مثل الّذين سيصبحوا كهنة، إذا اقتضت الحاجة ذلك، وكانوا قادرين عليها.

لحياة الإخوة ميزة خاصّة وهي أنّهم متحرّرون من التزامات العمل الكهنوتيّ، ويطوّرون عمومًا مهاراتٍ يدويّة أو عمليّة، ويكونوا بحكم تحرّرهم ومهاراتهم أقرب إلى الناس بمختلف أعراقهم وطوائفهم. وقد اشتهر الإخوة اليسوعيّون عبر الزمن ببساطتهم وتواضعهم، وحيازتهم على قلوب الناس. إنّهم الودعاء الّذين يرثون الأرض. فدعوة الأخ في الرهبنة اليسوعيّة هي دعوة خاصّة يشعر الإنسان بأنّ الربّ يدعوه إليها، وفيها يجد سعادته وملء انشراحه.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط الروحی ة یرید أن روحی ة

إقرأ أيضاً:

ما الصلاة التي يجوز فيها ترك القبلة؟ عالم أزهري: في هذه «الصلوات فقط»

هل استقبال القبلة من واجبات الصلاة؟ استقبال القبلة شرط في صحّة الصلاة، وقال الله تعالى: «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» (البقرة: 144).

الديليل استقبال القبلة في الصلاة من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه: «أنَّ رجلًا دخَلَ المسجدَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ في ناحيةِ المسجدِ، فصلَّى ثم جاءَ فسَلَّم عليه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وعَليكَ السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصلِّ، فرجع فصلَّى، ثم جاء فسَلَّم، فقال: وعَليكَ السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصلِّ، فقال في الثانية، أو في التي بعدَها: عَلِّمْني يا رسولَ الله، فقال: إذا قُمتَ إلى الصَّلاةِ فأَسْبِغِ الوضوءَ، ثم استقبلِ القِبلةَ فكبَّر... ».


عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، قال: لَمَّا دخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم البيتَ، دعا في نواحيه كلِّها، ولم يُصلِّ حتى خرَج منه، فلمَّا خرج ركَع ركعتينِ في قُبُل الكَعبةِ، وقال:«هذه القِبلةُ»


عنِ البَراءِ بن عازبٍ: «أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أوَّلَ ما قَدِمَ المدينةَ نزَلَ على أجدادِه - أو قال: أخوالِه - من الأنصارِ، وأنَّه صلَّى قِبلَ بيتِ المقدسِ سِتَّةَ عَشرَ شهرًا، أو سَبعةَ عَشرَ شهرًا، وكان يُعجِبُه أن تكونَ قِبلتُه قِبلَ البيتِ، وأنَّه صلَّى أوَّلَ صلاةٍ صلَّاها صلاةَ العصرِ، وصلَّى معه قومٌ، فخرَج رجلٌ ممَّن صلَّى معه، فمرَّ على أهلِ مَسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهدُ باللهِ لقدْ صَليتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قِبلَ مَكَّةَ، فدَاروا كما هم قِبلَ البيتِ... ».


ما الصلاة التي يجوز فيها ترك القبلة؟

أكد الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أن ما ورد عن سيدنا عبد الله بن عمر في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أثناء رحلاته الطويلة، حيث كان سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستغل أوقات السفر الطويلة في العبادة، حيث كان يصلي النوافل على راحلته، سواء كان يركب الجمل أو الحمار أو الفرس.

وأوضح العالم الأزهري، خلال حلقة برنامج “اعرف نبيك”، أن هذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ملزمًا باتجاه القبلة في صلاة النفل، لأن اتجاه القبلة يتحدد بناءً على اتجاه راحلته.

وأضاف أن هذا الاستثناء في صلاة النافلة لا ينطبق على الصلاة المفروضة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقف الركب كله عندما يحين وقت الصلاة، ثم ينزل ليصلي من قيام، متوجهًا نحو القبلة، مشيرا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ييسر الصلاة للمسافرين، حيث كان يصلي ركوعًا وسجودًا بإيماء في صلاة النفل، دون أن يلمس الراحلة أثناء السجود، مما يعكس التيسير والمرونة في تعاليم الإسلام.

وفيما يخص الصلاة المفروضة، قال الدكتور يسري جبر، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانًا يجمع بين صلاتي الظهر والعصر أو المغرب والعشاء في السفر، إما تقديمًا أو تأخيرًا، مع قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، تيسيرًا على الأمة في السفر.

سنة صلاة الجمعة البعدية في المسجد أم البيت؟.. ماذا فعل حضرة النبي؟دار الإفتاء توضح أماكن لا يجوز فيها الصلاة وأسباب المنع الشرعي

حكم صلاة المسافر في وسيلة المواصلات
 

قالت دار الإفتاء، إنه أجمع الفقهاء على أنه يجوز للمسافر أن يصلي صلاة النافلة على الراحلة حيثما توجهت به؛ والدليل على ذلك قول الله تعالى: «وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ» [البقرة: 115]… وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: "نَزَلَت في التطوع خاصةً". وقد عمَّم الجمهور ذلك في كل سفر، خلافًا للإمام مالك الذي اشترط كون السفر مما تُقصَر فيه الصلاة.

وتابعت: أما الصلاة المكتوبة فلا يجوز أن تُصَلَّى على الراحلة من غير عذر بالإجماع.. قال العلامة ابن بطال في "شرح البخاري" (3/ 90، ط. مكتبة الرشد): [أجمع العلماء أنه لا يجوز أن يصلي أحد فريضةً على الدابة من غير عذر] اهـ. فإن استطاع المكلَّف أداء الفريضة على الراحلة مستوفيةً لأركانها وشروطها -ولو بلا عذر- صحت صلاته عند الشافعية والحنابلة وعند المالكية في المعتمد عندهم.


وواصلت: قال الحنابلة: وسواء أكانت الراحلة سائرة أم واقفة، لكن الشافعية قيدوا ذلك بما إذا كان في نحو هودج وهي واقفة، وإن لم تكن معقولة، أما لو كانت سائرة فلا يجوز؛ لأن سيرها منسوب إليه.. وقد عدَّد الفقهاء الأعذار التي تبيح الصلاة المفروضة على الراحلة؛ فمما ذكروه: الخوف على النفس أو المال من عدو أو سبع، أو خوف الانقطاع عن الرفقة، أو التأذي بالمطر والوحل، غير أن الشافعية أوجبوا عليه الإعادة؛ لأن هذا عذر نادر. وفي معنى ذلك: عدمُ القدرة على النزول من وسيلة المواصلات للصلاة المكتوبة مع فوات وقتها إذا لم يُصلِّها المكلَّفُ فيها.


وأكملت: وعلى ذلك فالمسافر في وسائل المواصلات -من سيارة وطائرة وقطار وغيرها- بين حالين:


 إما أن يكون متاحًا له في وسيلة المواصلات التي يسافر بها أن يصلي فيها قائمًا متجهًا إلى القبلة مستكملًا أركانَ الصلاة وشروطَها، فالصلاة حينئذ صحيحة عند الجمهور بشرط أن تكون وسيلة السفر واقفة، وهي جائزة عند الحنابلة (الصلاة) مع كونها سائرة أيضًا، ولا مانع من الأخذ بقولهم عند الحاجة إليه إذا لم يمكن إيقاف وسيلة السفر.


وإما أن يكون ذلك غير متاح، كأن لا يكون فيها مكان للصلاة مستوفيةً لأركانها ولا حيلة للمكلَّف إلا أن يصلي قاعدًا على كرسيه مثلًا، وإذا انتظر حتى ينزل من وسيلة السفر فإن وقت الصلاة سينقضي أو سيفوته الركب، فإذا كانت الصلاة المكتوبة مما يُجمَع مع ما قبلها أو مع ما بعدها فالأفضل له أن ينويَ الجمع -تقديمًا أو تأخيرًا- ويصليها مع أختها المجموعة معها عند وصوله؛ عملًا بقول من أجاز ذلك من العلماء، أما إن كانت الصلاة مما لا يُجمَع مع غيرها، أو كان وقت السفر يستغرق وقتي الصلاتين كليهما، فحينئذٍ يتحقق في شأنه العذر في الصلاة في وسيلة المواصلات على هيئته التي هو عليها، ولا حرج عليه في ذلك، ويُستَحَب له قضاء هذه الصلاة بعد ذلك؛ خروجًا من خلاف الشافعية في ذلك.

متى يسقط استقبال القبلة؟

استثنى من ذلك العلماء ثلاث حالات، يسقط فيها وجوب استقبال القبلة في الصلاة، وتصح الصلاة فيها لغير القبلة.

أولها: إذا كان المسلم عاجزًا، مريض وجهه إلى غير القبلة ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة ، فإن استقبال القبلة يسقط عنه في هذه الحال.

واستندوا في ذلك بلقوله تعالى: « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم » التغابن/16 ، وقوله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا » البقرة/286 ، وكذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» رواه البخاري (7288) ومسلم (1337).

الحالة الثانية: هي إذا كان في شدة الخوف كإنسان هارب من عدو، أو هارب من سبع، أو هارب من سيل يغرقه، فهنا يصلي حيث كان وجهه، ودليلهم قوله تعالى: «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ» (البقرة:239).

وقوله: « فَإِنْ خِفْتُمْ» عام يشمل أي خوف، وقوله: « فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ» يدل على أن أي ذِكْرٍ تركه الإنسان من أجل الخوف فلا حرج عليه فيه، ومن ذلك: استقبال القبلة، ويدل عليه أيضًا ما سبق من الآيتين الكريمتين، والحديث النبوي في أن الوجوب معلق بالاستطاعة.

الحالة الثالثة: تكون في النافلة في السفر سواء كان على طائرة أو على سيارة، أو على بعير فإنه يصلي حيث كان وجهه في صلاة النفل، مثل : الوتر، وصلاة الليل ، والضحى وما أشبه ذلك.

والمسافر ينبغي له أن يتنفل بجميع النوافل كالمقيم تمامًا إلا في الرواتب، كراتبة الظهر، والمغرب ، والعشاء ، فالسنة تركها، فإذا أراد أن يتنفل وهو مسافر فليتنفل حيث كان وجهه، ذلك هو الثابت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 

مقالات مشابهة

  • لسابقة الفصل فيها.. عدم جواز نظر قضية انضمام متهم لجماعة بالبدرشين
  • 9 حالات تصل فيها عقوبة الهجرة غير الشرعية إلى السجن المشدد بالقانون
  • أدعية شهر شعبان.. فيها مفاتيح الجنان
  • أعرف حالات يسقط فيها حق الدعم السكني 1446
  • ما الصلاة التي يجوز فيها ترك القبلة؟ عالم أزهري: في هذه «الصلوات فقط»
  • قاهرة المُعز…مقاطع انطباعية لخطاب الحياة فيها.
  • «ترامب» يعلّق على سحب القوات من سوريا: فيها ما يكفي من الفوضى!
  • سنن الجمعة الأولى من شعبان الواردة عن رسول الله.. اغتنمها فيها خير كثير
  • بعد 4.5 مليار سنة.. بينو يحمل أدلة على نشأة الحياة
  • شركة المنطقة الحرة السورية الأردنية ‏تبحث آخر ‏المستجدات بعد استئناف العمل فيها