بوابة الفجر:
2025-04-25@05:31:58 GMT

د.حماد عبدالله يكتب: قرأت لك

تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT

مقال من جماله وروعته قرأته كذا مره وسأحتفظ به في مذكراتي لأعود له ليزيد ايماني بخالقي """
بقلم د.مصطفى محمود
هل سأل أحدكم نفسه عن كمية السباكة داخل جسمه.. مجموع المواسير داخل العمارة التي هي بدنه، بما فيه من آلاف الوصلات والمجاري التي يجري فيها الدم والبول والطعام والفضلات وعوادم التنفس والهضم.
هل يعلم أن طول مواسير الدم في جسمه تبلغ وحدها ثمانية آلاف ميل أي أطول بكثير من المسافة بين القاهرة والخرطوم.

. مواسير أكثر ليونة من الكاوتشوك، وأكثر متانة من الحديد، وأطول عمرًا من الصلب الكروم، وفي بعضها صمامات لا تسمح بالسير إلا في اتجاه واحد.
ثم مواسير الهواء ابتداء من فتحة الأنف إلى الحلق إلى القصبة الهوائية إلى الشعب ثم الشعيبات التي تتفرع وتتفرع وتنقسم حتى تصل إلى أكثر من مليون غرفة هوائية في الرئتين.
ثم مواسير البول التي تجمع البول من الكليتين لتصب في الحوض ثم الحالب ثم المثانة ثم قناة الصرف النهائية.
ثم مواسير الطعام من الفم إلى البلعوم إلى المعدة إلى الاثنا عشر إلى الأمعاء الدقيقة.
ثم مواسير الفضلات من المصران الصاعد إلى المستعرض إلى الهابط إلى المستقيم إلى الشرج.
ثم ممرات الولادة وغرفها ودهاليزها وأنابيبها.
ثم مجاري المرارة وحوصلتها ومواسيرها.
ثم مجاري الليمف.. ومواقف الليمف ومحطاته في الغدد الليمفية.

و هي مواسير تمر إلى جوارها الفضلات وتحميها شبكة من الأوعية الدموية والأعصاب، وجيوش من خلايا المقاومة تلتهم أي ميكروب يمكن أن يتسرب من هذه المواسير في طريق خاطئ إلى الجسم.
و أنابيب العرق.. وبلايين منها تشق الجلد وتفتح على سطحه لترطبه وتبرده بالعرق 
و أنابيب الدموع داخل حدقة العين تغسل العين وتجلوها.
و أنابيب التشحيم داخل جفن العين تفرز المواد الزيتية لتعطي العين تلك اللمعة الساحرة.
هذا الكم الهائل من السباكة الفنية الدقيقة المعجزة التي تعيش مائة سنة ولا تتلف..
و إذا أصابها التلف أصلحت نفسها بنفسها.
نموذج من الهندسة الإلهية العظيمة التي أهداها الله للإنسان منحة مجانية منذ ميلاده وتولى صيانتها برحمته وعنايته.
فهل أدركنا هذه النعمة وهل قدرناها حق قدرها...!
و كثير من الأمراض سببها أعطال وتلفيات في هذه السباكة.
الإسهال والإمساك والغازات وتطبل البطن، هي أعطال وتلفيات في أنابيب صرف الفضلات والزكام انسداد في منافذ الهواء داخل الأنف.
و الناسور هو ثقب في ماسورة الإخراج.
و احتباس البول والمغص الكلوي وآلام الكلى سببها أعطال في أنابيب صرف البول
إن تركيبات (( الصحي )) في جسمك هي التي تصنع لك صحتك بالفعل
بل هي صحتك ذاتها.. إن أي انقباض في ماسورة معوية يساوي صرخة مغص، وأي ضيق في شريان القلب التاجي يساوي ذبحة، وأي ضيق في ممرات الولادة يساوي إجهاضًا وأي انسداد في قنوات فالوب يساوي عقمًا وأي انسداد في مجاري المرارة يساوي صفراء.
هذا غير مجاري الليمف والدم والغدد، وهي تتنوع في الجسم بالآلاف، ولكل غدة توصيلاتها وقنواتها ونظامها ودورها في صناعة الصحة التي نتمتع بها دون أن ندري أنها عملية تركيبية معقدة تشترك فيها مئات الأجهزة.
إن الصحة التي نشعر أنها مجرد استطراد لأمر عادي واقع.. ليست بالمرة أمرًا عاديًا وليست مجرد واقع مألوف، وإنما هي نتيجة تدبير محكم وثمرة عمليات معقدة مرسومة بعناية وقصد. وإنما يحدث المرض حينما تتخلف هذه العناية وهي قلما تتخلف.. فإذا تخلفت فـلتشرح لنا أسرارها.. فما عرفنا معجزة الصحة إلا بدراسة المرض، وما عرفنا معجزة الحياة إلا بالموت.. وبأضدادها عُرِفـَت الأشياء.

وفي محاولاتنا البدائية في بيوتنا وعماراتنا التي نبنيها وهي مجرد ماكينات رمزية صغيرة لا تصل إلى واحد في المليون من العمارة البشرية..

غرقنا في " شبر ميه "..
طفحت مجاري القاهرة، وتلوث البحر بعوادم المصانع، واختنق النيل بالفضلات التي تُلقى فيه، ووقفنا أمام السيفون التالف ننادي على سباك، واختلط الساخن بالبارد والطاهر بالملوث، وفشلنا في صناعة أصغر ماكيت سباكة لا تزيد مواسيره على بضعة أمتار، وغرقنا في بانيو نصف متر..
وهذه صناعتنا وتلك صناعته..
وهذه سباكتنا وتلك سباكته..
وهذه عمارتنا وتلك عمارته..
وهذا خلقنا وذاك خلقه.
" فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "المؤمنون ( 14 )

و كأنما يتحدانا الله بصنعته المبهرة وآياته الخالدة في عمارة الجسم البشري:
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }الإسراء 88
و هو تحد ينسحب على كل آية من آيات الله.. في الكتاب.. أو في الآفاق..
أو في أنفسكم.
و النفس كُبرى المعجزات.
مقال: الصانع العظيم للــ د. مصطفى محمود رحمه الله..
من كتاب: الإسلام.. ما هو ؟

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

حسين خوجلي يكتب: حصريا على أحرار كردفان

كانت أهم وصية لمحمد علي باشا لابنه وصهره وقادة جيشه متجهون لفتح السودان (عليكم بكردفان فإن كردفان هي السودان) والوصية تدل أن الرجل عارف وعليم باسرار الجغرافيا والتاريخ. وستظل وصيته هذه صادقة في الماضي والحاضر والمستقبل، فعندما انتصرت الأبيض للمهدي بانت مشارف الخرطوم، وعندما انتصرت الآن برجالها ونسائها وهجانتها قتالاً وصموداً، انتصرت بعدها سنجة ومدني والعاصمة واندحرت عصابة دقلو وانهارت المؤامرة الخارجية. وبهذا الصمود الاسطوري الجبار سوف يستعيد السودان الموحد الفاشر والضعين ونيالا وكاودا وجبل مرة والجنينة وفي قول آخر عاصمة جاحدةٌ مجاورة.

وستقف الولايات المتحدة السودانية تحت الشمس إضافة حقيقية لافريقيا والعالم العربي والانسانية قاطبة فهذه الأيام أيام الظهور وعصر ميلاد الحضارات من تحت رماد الانكسار والهزائم.

وقياسا للأحداث السالفة والراهنة فإن أحرار كردفان إن لم ينتبهوا بالوعي والرجال والمبدئية فإنهم سيدفعون الثمن أولاً وغاليا، وسيدفع السودان الكبير الثمن ثانياً وفادحا، ولكن تظل كردفان الغر ام خيراً جوة وبرة تعلمنا دائما أنها أرفع من الأمل وفوق الجراحات وأعلى من بشارات الاستشراف الواثقة الموعودة وترفع شعار المساندة الربانية “اذا جاء (نصر) الله (والفتح) ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا”

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. بعد أن بحث عنه في مسقط رأسه.. قائد الجيش “البرهان” يلتقي بالمواطن حماد عبد الله صاحب المقولة الشهيرة (نهنئ الجيش ليوم القيامة)
  • حسين خوجلي يكتب: حصريا على أحرار كردفان
  • سامح قاسم يكتب | رنا التونسي.. شاعرة الحافة التي تنزف جمالًا
  • العصائب تطالب “القضاء” بفتح تحقيق عن كيفية بيع قناة خور عبدالله العراقية للكويت
  • د.حماد عبدالله يكتب: من أهم أسباب تخلفنا !!
  • رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب عن ترتيب الإمارات في تقرير السعادة العالمي 2025: ما المطلوب لتكون ضمن قائمة العشرة الأوائل؟
  • د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!
  • حسين خوجلي يكتب: أيام الله السبعة
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: خلق آخر